كان الطريق ممتلئا بالغادين والرائحين وللأسف لم يكن فيه مثقال ذرة من.. نخوة! لطم رجل امرأةً أمام الجميع ولم تكن تعرفه ولم يكن يعرفها.. فسقطت على الطريق، وقد تعثرت بحجابها على الأرض على مرأى من الرجال دون.. نجدة! كان العرب في الجاهلية لديهم كمّ هائل من النخوة والغيرة، ثم هذّب الإسلام هذه النزعات الجميلة! ثم نرى في زماننا هذا عمومًا على صعيد الفرد أنه يهتم بحياته الخاصة وينطوي على نفسه، فإذا هو اغتنى من الدنيا فلا مجال من النخوة والمروءة في قلبه! نعم، فإن النقود (فائضة) في حسابه؛ ورصيده في حساب المروءة (فاضٍ)! بل إنني في يومٍ من الأيام جالستُ رجالا يُضرب بهم المثل، وربما زاد منسوب الغرور لديهم فتفرعنوا على النساء! أسدٌ عليَّ وفي الحروب نعامة! وكل واحدٍ منهم يعزز الآخر.. فيقول ذاك: "لم أدخل ذاك السوق الكبير مثلكم تهرولون خلف زوجاتكم (يقصد أنه لا يحقق رغبة زوجته)". ثم تجرأ الآخر يريد طمس فعل صديقه البطولي، ويظهر هو على القمة.. فقال: "المرأة الله يكرمك"! اسمع ماذا يقول: "الله يكرمك"، أليست هذه المرأة التي تقول هي أمك وأختك وزوجتك؟! فهل ذُكِر هنا ضربٌ من المهانة، أو وَرَد اسم الخلاء عرضًا في الحديث؟! أما الآخر، فإن كانت لديه وليمة فيقدم الرجال على الصحن أولاً ثم الرجال كرّة ثانية ثم الأطفال ثم ما تبقى من الطعام يرسل به للنساء.. لأنهن نساء! حتى لو كان هذا الرجل ميسور الحال! بعض الليبراليين دخلوا علينا مع هذا الباب لأنهم وجدوا بعض الثغرات في ثقافتنا وعاداتنا، وخصوصا مع موت النخوة والتعامل الدنيء مع النساء، فأرادوا أن يمرروا أهدافهم بصوت رخيم وحجة واهية – لستُ علمانيا – ولكن عندنا كل من تحدث عن حقوق المرأة المسلوبة أصبح علمانيًّا! فكان الله بعون النساء! رغم تراكُمِ مسؤوليات البيت على عاتقها، تجد أن العمالقة يقضمون من حقها تارة ومن الإسلام الذي أعطاها حقها تارة أخرى! ومع بالغ الأسى من المقطع الذي تداوله الناس في المواقع الاجتماعية، وظهر فيه جمود الحاضرين؛ فبعد رؤية المقطع قد اشتعل مقالي من جذوة النار التي أوقدها قلبي وعقلي فأتيت بجزل الحطب من تقصيرنا، فرميته في كنف النار! ولم يزل هذا المشهد مرتسمًا في ذهني طيلة هذا اليوم! عزيزي الرجل.. هل تعرف المعتصم؟ رجل من ظهر رجل.. رجل شهم! أوَما سمعتَ أنه سيّر الجنود بسبب صرخة امرأة قالت: وامعتصماه! وهؤلاء الرجال الذين يتظاهرون بالرجولة والقوة تراهم تحت المكيف مادِّي أقدامهم متكئين على الأريكة، يستصغرون ويبخسون حق المرأة وكأن الكون خُلِق لهم وحدهم! * ومضة: لنا في سيرة الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، كان يعطي النساء حقهن ولم يأتِ بمنهجٍ جديد اسمه: أَهِنِ المرأةَ لتَكونَ رَجلًا! اقرأوا عن سيرته في بيته مع أهل بيته، فإننا والله بحاجة لذلك، لينجلي عن الجامد غبار الفتوّة ويسد باب الأفكار من تدليس العلماني! رابط الخبر بصحيفة الوئام: ما بين "الفائض" و"الفاضي"؟