توقعت مصادر لبنانية تصاعد المواجهات المسلحة بين الميليشيات الإيرانية، بما فيها حزب الله، والقوات التابعة للنظام السوري، في أكثر من منطقة سورية، كتعبيرعن الصراع الخفي الذي يدور على خلفية الهيمنة والسيطرة على المعابر والاستفادة من عمليات التهريب والتجارة غير الشرعية والسرقات وغيرها من الممارسات التي تلجأ إليها الميليشيات العسكرية لتثبيت هيمنتها، كذلك توجيه رسائل سياسية بعد قمة هلسنكي بين الرئيسين الأميركي والروسي، والتي قضت تفاهماتها بانسحاب القوات الإيرانية وميليشياتها من الأراضي السورية، وهو الأمر الذي يرفضه الإيرانيون. ميليشيات حزب الله كانت اشتباكات قد اندلعت، السبت الماضي، بين ميليشيات «حزب الله» وقوات الدفاع الوطني التابعة للنظام السوري، شرقي دير الزور، وتحديدا في مدينة العشارة في ريف دير الزور الشرقي، وترددت معلومات ذكرها ناشطون سوريون أن قوات الدفاع الوطني حاولت منع أعضاء «حزب الله» من سرقة أرصدة وأموال وسيارات السوريين في دير الزور، تمهيدا لانسحابهم، فدارت اشتباكات للمرة الثالثة بين الطرفين عند المعابر. وقال مراقبون إن هذه الاشتباكات تسببت في زيادة التوتر في المنطقة مع استقدام المزيد من التعزيزات العسكرية للميليشيات الطائفية الشيعية التي تفرض سيطرتها بشكل شبه كامل على البوكمال وتحاول الهيمنة على المنطقة من خلال طرد قوات الدفاع الوطني التابعة للنظام السوري وهو ما أدى إلى تكرار الاشتباكات بسبب الخلافات على إدارة المعابر النهرية التي توفر أموالا وإتاوات من المدنيين العابرين لنهر الفرات على الحدود العراقية، وعند معبر البوكمال.
تباين المواقف
قال المحلل السياسي أحمد كامل، إن الاشتباكات الأخيرة التي اندلعت ما بين ميليشيات حزب الله وقوات النظام السوري في دير الزور هي تعبير عن التباين في المواقف، فالنظام السوري إلى جانب روسيا وحزب الله و20 فصيلا عسكريا طائفيا من ميليشيات عراقية وغيرها يتشاركون في السيطرة على نحو 57 % من الأراضي السورية الخالية من الثروات، والتي لا يوجد فيها «نفط وغاز أو قمح وقطن»، بمعنى أن النظام موجود مع حلفائه في النصف الفقير من سورية، فضلا عن تحكم الجهات الثلاث «روسياوإيران والنظام» في القرارات المتخذة بهذه المناطق. وأضاف أحمد كامل أن التطورات الأخيرة كشفت عجز النظام السوري، أمام الوجود العسكري الإيراني، ومخاوفه في في نفس الوقت من مطالب إخراج الإيرانيين من سورية وحزب الله هو جزء من إيران وتابع لها.
مشكلة بقاء الأسد ذكر كامل أن المشكلة الحقيقية التي تحتاج إلى حل هي إنهاء وجود نظام الأسد الاستبدادي والطائفي، والذي يحكم 5 % من الشعب السوري فيما 95 % خارجه، مبينا أنه لم تحل هذه المشكلة فالحرب مستمرة بطرق وأشكال لا نهاية لها، والحديث عن دستور جديد الآن لسورية هو هروب من المشكلة. ولفت كامل إلى أن «الأميركيين لن ينسحبوا من سورية، فهم يسيطرون على ثلث الأراضي السورية في مناطق فيها ثروات نفط وماء وغيرها، ومن ثم فهم باقون في 11 قاعدة والكلام عن انسحاب مجرد تصريحات لن يتم تنفيذها». أحداث البوكمال
وحول الأحداث التي وقعت عند معبر البوكمال قال كامل: «بالنسبة إلى معبر البوكمال ما حصل يأتي ضمن هذا الإطار، هي محاولة من الولاياتالمتحدة لإخراج إيران من سورية ومحاولة إيران تخريب هذا التوجه». وأشار كامل إلى قول إيران «بأنها دفعت 41 مليار دولار في مساعدتها للنظام السوري وقتل آلاف المقاتلين الذين استجلبتهم إلى سورية، فمن حزب الله وحده قتل 3000 عنصر في سورية، بينهم عدد كبير من القياديين» مبينا أن النظام استدعى قوى لإنقاذه هي إيران وأميركا وإسرائيل وروسيا وتركيا، والآن هذه القوى تتصارع داخل سورية. وأضاف كامل: «لا يوجد أي حل في سورية، اليوم، إلا بالاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب السوري في وقت تريد كل من روسيا والنظام وإيران تريد استسلام الشعب السوري استسلاما تاما، وهذا أمر مستحيل».
مأزق نظام الأسد وحسب كامل، فإن الإيرانيين يعتبرون أنهم أنفقوا كثيرا على النظام السوري ومن الصعب عليهم أن يتركوا سورية، ومن ثم فهذه الاشتباكات هي تعبير إيراني عن الغضب والضيق ومحاولة إفشال كل الخطط للخروج من سورية، ولذلك تحصل هذه الاشتباكات وينفيها الطرفان لأن قواعد اللعبة تتطلب ذلك، والهدف منها إيصال كل طرف رسالة إلى الآخر، وليس رسالة إلى العالم ولذلك لا يجري الحديث عنها، مضيفا «ظاهريا يقول الطرفان نحن حلفاء وأحباء ونحن ندعمكم وضمنيا هم يتصارعون». وذكر كامل «تلك رسائل ما بين الجانبين، النظام السوري اليوم في مأزق كبير، حيث إنه يحتاج إلى مجموعة من الجيوش والدول لكي يكون موجودا للسيطرة على نصف سورية، كما أن النظام الإيراني يواجه ضغوطا كبيرا للخروج من هذا البلد».
أسباب الاشتباكات سيطرة حزب الله على المعابر والاستفادة من عمليات التهريب. الهيمنة على المنطقة من خلال طرد القوات التابعة لنظام الأسد. تعبير إيراني عن الضيق لمساعي خروج طهران من سورية. تضارب المصالح بين الميليشيات الإيرانية وقوات الأسد. ظهور صراع خفي بين الجانبين لأجل الاستحواذ والسيطرة.