دائمًا نشكو ونكثر من التباكي على الماضي وعلى الحاضر، نرفض واقعنا الذي نعيشه بحجة أننا لم نحقق كل ما نحلم به من أشياء بسيطة تنقصنا، ومع ذلك نجد أنفسنا محاصرين بشتى أنواع الأحزان والآلام. لماذا؟ لأننا صورنا لأنفسنا هذه الأحزان، ولم نحاول أن نتجاهلها وهي بسيطة ولا تحتاج إلى كل ما نحن فيه. هناك في الزاوية تجد شخصًا وسيمًا أنيق الملبس، مظهره يدل على أنه من الوجهاء، ولكن يلفت نظرك بعبوسه ،فتراه يحملق بعينيه في السماء، وبدا عليه الهم والحسرة، فيأخذك الفضول لتسأله ماذا بك؟ فيجيبك بكلمات بسيطة قائلاً: لقد تلفت سيارتي في حادث ولحسن الحظ أني لم أكن داخل السيارة وقت حدوث هذه الكارثة، فيدهشك السبب الذي جعل الرجل يعيش هذا الحزن والتحسر ،مع أنه سؤال لا يستحق كل هذا.. أسباب عديدة وتافهة نجدها سببًا في تعاسة الكثيرين من الناس الذين فقدوا الإيمان بالقدر والصبر على ما أصابهم من مكروه. والسؤال الذي يفرض نفسه ، ما الحال يا ترى لو أن أحدًا منهم فقد يديه أو فقد بصره لا سمح الله.. ماذا ستراه سيفعل؟ أين له الصبر وهو لم يستطع ان يتحمل أتفه الأمور فقط. علينا أن نكون صابرين أمام كل ما يواجهنا من أمور، انظروا إلى من حولكم من الناس، انظروا إلى من يعيش حياته كفيفًا، انظروا إلى من فقد والديه وعاش يتيمًا، من يعيش مريضًا يقاسي شتى أنواع المرض ، من يعيش بعيدًا عن أهله ويتجرع مرارة الغربة في كل حين، انظروا إلى كل من هم أسوأ منكم في ظروفهم، وقتها فقط تشعرون بكل النعم التي لم تحسوا بها ولم تحمدوا الله عليها . والمشكلة أنكم لا تشعرون بها إلا عندما تفقدونها، فلماذا لا ندرك أن ما نحن فيه يجعلنا نعيش الحياة في سعادة مهما كانت الظروف؟ ولو لم تحقق كل احلامنا فالله من فضله دائماً يعوض الانسان عما فقده. اننا لا نشعر بكل مانحن فيه من خير وسعادة، فلقد طغى علينا الجشع والأنانية حتى أصبحنا نضيق من أنفسنا كثيرا، لأننا لم نحقق الكمال في كل شي وهذا لن يتحقق، لأن الكمال لله وحده عز وجل، فيكفينا فقط القناعة لكي نعيش سعداء جدًا إذا كنا نبحث عن السعادة.