وصول الطائرة السعودية ال 61 لإغاثة الشعب الفلسطيني في غزة    بجوائز 60 ألف ريال.. انطلاق بطولة موسم جدة للشطرنج الجمعة    حقيقة السباق بين الاتحاد والنصر لضم صديق رونالدو    خطباء المملكة يخصصون خطبة الجمعة للحديث عن مكانة كبار السن وحقوقهم    خطيب المسجد النبوي: الظلم يُذهب الأجر ويقود للهلاك    بمرسوم ملكي.. تعديل المادة 74 من نظام المرور    خطيب المسجد الحرام: الحسد من أعظم ما يُنغص على العبد طمأنينته    طقس ممطر ورياح مثيرة للأتربة على عدة مناطق    استقرار الدولار و اسواق السندات    انخفاض أسعار النفط    ارتفاع أسعار الذهب    المعمرون أقل عرضة للأمراض    الأهلي يجدّد عقد مدربه"يايسله" حتى عام 2027    نائب وزير الخارجية يلتقي وزير خارجية موريتانيا    الدوري السعودي لكرة القدم قوة ناعمة عالمية    عدنان المعيبد: مشكلة اتحاد الكرة أنه لا يعلم ماذا يُدار في لجانه    استعداداً لكأس آسيا .. "الأخضر تحت 23" يواجه روسيا ودياً    وزارة الرياضة تختتم مشاركتها في جناح "واحة الإعلام" بالعاصمة الرياض    الجنرال.. الجوال    انكسار القناع    حملة الدراسات العليا بين الموارد والتعليم    الرواية.. سحر الحكاية وشغف القراء    وزارة الثقافة تحمي التراث وتترجِم رؤية 2030    الرؤية والزمن    التربية بين الأنْسَنة والرقْمَنة    ملامح عامة في شعر إيليا أبو ماضي    إنهم يشوهون المثقفين 2/2    مفردات من قلب الجنوب 19    لقاء الثلاثاء بغرفة الشرقية يناقش صناعة السينما في السعودية    هل الروبوتات أكبر خطر يُهدِّد البشريّة؟    كيف ستغير رسوم الأراضي البيضاء مسار السوق العقارية ؟    من قلب الأحساء إلى العالمية... حكاية اللومي الحساوي    كل عام وأنت بخير    اضطراب المساء عند كبار السن (متلازمة الغروب)    النوم عند المكيّف يسبب الخمول    إتاحة الدراسة عامين لخريجي الثانوية الراغبين في رفع معدلاتهم التراكمية    إحباط تهريب (105,000) قرص خاضع لتنظيم التداول الطبي و(31.5) كجم "حشيش" في جازان    الجوف تشهد انطلاقة أعمال السجل العقاري    محافظ الخبر يدشن المؤتمر الدولي الخامس لمستجدات أمراض السكري والسمنة    بالدمام إحالة مقيم إلى النيابة لبيعه مستحضرات غير مسجلة    السعودية تفرض قيوداً على لعبة روبلوكس لتعزيز الأمان الرقمي    غرفة الرس تستعرض منجزاتها في الدورتين الثالثة والرابعة    استخدام الإنترنت في السعودية يقفز ل 3 أضعاف المعدل العالمي    الطريق البري بين المملكة وعُمان إنجاز هندسي في قلب الربع الخالي    أوروبا تعتبر لقاء بوتين وشي وكيم تحدياً للنظام الدولي.. لافروف يتمسك ب«الأراضي» وكيم يتعهد بدعم روسيا    الواحدي والدغاري يحتفلان بزفاف محمد    المليحان في ذمة الله    لا أمل بالعثور على ناجين بعد زلزال أفغانستان    احتجاجات إسرائيلية قرب منزل نتنياهو للمطالبة بصفقة غزة    القيادة تعزّي رئيس مجلس السيادة الانتقالي بجمهورية السودان    100 % امتثال تجمع جدة الصحي الثاني    حُسنُ الختام    اليوم الوطني السعودي.. عزنا بطبعنا    فضيلة المستشار الشرعي بجازان "التماسك سياج الأوطان، وحصن المجتمعات"    أربعون عاما في مسيرة ولي العهد    ميلاد ولي العهد.. رؤية تتجدد مع كل عام    نائب أمير تبوك يستقبل مدير فرع وزارة الرياضة بالمنطقة    المملكة تعزي السودان في ضحايا الانزلاق الأرضي بجبل مرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تطورات الأزمة السورية.. مذبحة الحولة بداية التحول
نشر في الوطن يوم 13 - 06 - 2012

تعيش الأزمة السورية مرحلة محورية، خاصة بعد طرد دبلوماسيين وسفراء سوريين من مجموعة من الدول الغربية مؤخراً. وقد نشر "معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" تحليلاً كتبه جيفري وايت، وهو ضابط استخبارات كبير سابق، حول تطورات الأزمة السورية في ضوء التطورات الأخيرة. يقول تقرير معهد واشنطن إن مذبحة الحولة التي راح ضحيتها أكثر من 100 شخص من المدنيين ألقت الضوء على تحركات النظام السوري أثناء وقف إطلاق النار الذي تم بوساطة مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية المشترك، كوفي عنان. فقد وافق الرئيس السوري بشار الأسد على خطة عنان الشاملة، لكن منذ أن دخلت تلك الخطة حيز "التنفيذ" في 12 أبريل تجاهلت قوات الأسد بشكل منهجي بنود تلك الاتفاقية التي شملت وقفا لإطلاق النار وتعليق تحركات القوات باتجاه التجمعات السكانية، بالإضافة إلى سحب القوات العسكرية منها، فضلاً عن حظر استخدام الأسلحة الثقيلة ضدها. وعلى العكس من ذلك، صعَّد النظام السوري حملة العنف التي يقوم بها ضد المعارضة، حيث ارتفعت وتيرة الغارات باستخدام المدرعات على التجمعات السكنية والقمع الوحشي للمتظاهرين وقذف المناطق المدنية بالمدفعية والمروحيات العسكرية الهجومية، قبل مذبحة الحولة الدامية ولم تكن هناك أي مؤشرات على تراجعها منذ ذلك الحين.
العمليات العسكرية
استمر النظام السوري في القيام بالعمليات العسكرية عبر مناطق عديدة في سورية أثناء وقف إطلاق النار المزعوم، وإن كان مع تركيز خاص على محافظات إدلب وحلب وحماة وحمص ودرعا وريف دمشق ودير الزور المضطربة باستمرار. وقد شملت أساليب النظام ما يلي:
• محاولات انتزاع المناطق التي تقع تحت قبضة الثوار (مثل الرستن وأجزاء من محافظتي إدلب وحلب) بالإضافة إلى تدمير تشكيلات "الجيش السوري الحُر" هناك.
• محاولات عزل معاقل المعارضة والمقاومة عن طريق قطع الخدمات الأساسية (الماء والكهرباء والاتصالات) وقطع الطرق المؤدية لها، بالإضافة إلى إنشاء قواعد لإطلاق النار لقذف تلك المناطق فضلاً عن استخدامه للعديد من الطرق الأخرى.
• قذف المناطق المدنية بما في ذلك الرستن وحماة وحمص وخان شيخون وجسر الشغور وأجزاء متعددة من محافظات حلب وريف دمشق ودرعا.
• محاولات إغلاق طرق التهريب ونقاط العبور غير الشرعي القائمة على طول الحدود مع تركيا ولبنان والأردن، مما نتج عنه وقوع مواجهات مسلحة مع عناصر من الجيش السوري الحُر والمهربين، فضلاً عن وقوع بعض حالات إطلاق النار عبر الحدود.
• جهود إحكام السيطرة على المناطق المتنازع عليها عن طريق نشر عدد كبير من القوات النظامية وغير النظامية (الشبيحة) والقوات الأمنية (المخابرات والشرطة) وإنشاء نقاط تفتيش ثابتة ومتنقلة.
وقد اعتمدت عمليات النظام السوري العسكرية على استخدام الأسلحة الثقيلة ضد المناطق المدنية وفي محيطها. كما تم توثيق ظهور واستخدام دبابات من طراز (T-27 وT-62 وT-55) وعربات مشاة BMP المقاتلة ومدافع الهاون والمدفعية داخل المدن وحولها منذ أن دخلت خطة عنان حيز التنفيذ، مع قيام النظام بتغيير نمط تحركاتها للحد من تعرضها للملاحظة. كما أشارت التقارير إلى أن النظام السوري قد صعَّد من استخدام الطائرات المقاتلة خلال الأسبوعين الماضيين. فقد كانت المروحيات المقاتلة على وجه الخصوص تقوم بقصف المدن والمناطق الريفية، خاصة في محافظتي إدلب وحلب فضلاً عن محافظة اللاذقية. كما شن النظام السوري حملة خداع مصاحبة لتلك الحملات العسكرية تهدف إلى الحد من ظهور قواته وإرباك المراقبين بشأن حقيقة أنشطتها. ولتجنب الملاحظة المباشرة أخفى النظام الأفراد والمركبات في زي الشرطة والقوات شبه العسكرية، كما أخفى الأسلحة الثقيلة وراء الجدران والسواتر والأغطية العلوية. كما قام أيضاً بتنفيذ عمليات بعيداً عن أعين مراقبي الأمم المتحدة. وحينما اكتشف المراقبون الأسلحة الثقيلة، حاول النظام السوري أن يصورها لهم تارة على أنها عربات إسعاف وتارة على أنها نظم منزوعة السلاح أو على أنها "غير ثقيلة".
قمع المنشقين
يستعمل النظام السوري مجموعة من التدابير العنيفة بصورة متكررة لإرهاب المعارضة وكسر الإضرابات وتفريق وردع المظاهرات وعرقلة عمل قواعد التنظيم والدعم للمقاومة المسلحة وغير المسلحة. وتضم تلك التدابير: القصف العشوائي للمدنيين من نقاط التفتيش والقناصة؛ وفض المظاهرات باستخدام الرصاص الحي والغاز المسيل للدموع والاعتداء الجسدي؛ بالإضافة إلى إنهاء الإضرابات عن طريق فتح المحال التجارية المغلقة بالقوة وسرقتها وضرب أصحابها والعاملين بها؛ فضلاً عن الهجوم المنظم على أفراد ومنشآت الخدمات الطبية التي تقدِّم الرعاية الطبية للثوار المحتملين. كما حاول النظام السوري منع مؤيدي المعارضة من عقد مقابلات مع أفراد الأمم المتحدة؛ وعند النجاح في عقد أي لقاءات قام النظام في بعض الأحيان بالرد عن طريق القصف والاعتقالات. كما تنتشر حالات الاعتقال والتوقيف على نطاق واسع، فضلاً عن الاجتياحات والمداهمات والقبض على أشخاص بعينهم بصورة يومية. كما قام النظام في بعض الحالات باحتجاز وتهديد أقارب أو أعوان رموز المعارضة المشهورين لإجبار الأشخاص المطلوبين على تسليم أنفسهم للسُلطات. كما تم أيضاً توثيق عمليات تعذيب المحتجزين بشكل جيِّد. وفضلاً عن ذلك، تستعين الحكومة بشكل متزايد بسياسة الأرض المحروقة في مناطق الانشقاق، مثل حرق المنازل والأماكن التجارية ونهبها، بالإضافة إلى إضرام النار في المزارع وبساتين الزيتون وقتل الماشية. ولا تجذب مثل تلك العمليات أو غيرها من الممارسات القمعية للنظام نفس القدر من الاهتمام الذي تجذبه العمليات العسكرية الأوسع نطاقاً، إلا أنها جزء لا يتجزأ من رد النظام العنيف على الثورة.
العمليات المعلوماتية
حاول النظام أن يروِّج روايته عن الموقف والتي تصور أن النظام يحظى بدعم الشعب في مواجهة "الإرهابيين المسلحين" المدعومين من الغرب والعناصر الجهادية وبأن الأقليات السورية في خطر. ولتحقيق هذه الغاية، استغل النظام بصورة علنية الهجمات الكبرى ذات الطابع الإرهابي التي ضربت دمشق وحلب لتشويه المعارضة. كما أجرى انتخابات برلمانية هزلية ل "إظهار" دعم الشعب للحكومة. أما بخصوص مذبحة الحولة وغيرها من الأحداث الدامية، فقد حاول النظام جاهداً تبرير عملياته العسكرية والأمنية بتصوير المقاومة المسلحة على أنها السبب الرئيسي وراء اندلاع العنف. كما تلقت دمشق المساعدات في هذه الجهود من حلفائها - روسيا وإيران وحزب الله - الذين يرددون نفس الشعارات الدعائية التي يطلقها النظام السوري.
التداعيات
يتضح جلياً من مأساة الحولة أن نظام الأسد مستعد لاستخدام جميع وسائل العنف التي يراها ضرورية لقمع المعارضة، كما أن بعثة الأمم المتحدة لم تحدث تغييراً جوهرياً في الديناميات العسكرية المستخدمة. فلا ترى دمشق في مراقبي الأمم المتحدة إلا مجرَّد عائق تكتيكي جديد تحاول الالتفاف حوله لإجهاض الثورة السورية. وقد ردت المعارضة المسلحة وفقاً لذلك مع تصاعد المواجهات بين النظام ووحدات "الجيش السوري الحُر" والتي تقترب الآن من المستويات التي كانت سائدة في مطلع أبريل الماضي. فالثوار الآن يربطون أفعالهم على وجه التحديد بالهجمات التي يشنها النظام، بما في ذلك مذبحة الجمعة.
وفي المرحلة المقبلة، يُرجح أن النظام السوري سيعمد إلى تصعيد عملياته العسكرية بشكل أكبر. ومنذ دخول خطة عنان حيز التنفيذ وقوات الأسد تقتل ما يقرب من 40 شخصاً أو أكثر يومياً، وفقاً للبيانات الصادرة عن "لجان التنسيق المحلية" و"قاعدة بيانات شهداء الثورة السورية." وعلى الرغم من هذا التناقص الكبير في أعداد القتلى التي بلغت 90 شخصاً في اليوم قبل إعلان وقف إطلاق النار، عندما كان النظام يشن هجمات موسعة ضد المعارضة، إلا أن ذلك يدل على استمرار استخدام الأسد للعنف على نطاق واسع. وعلى الرغم من أن الثوار المسلحين يساهمون في هذا العنف، إلا أن النظام وقواته هم المحرك الرئيسي في عمليات القتل، ولذا يُرجَّح أن تفقد خطة عنان أي معنى نتيجة تزايد عدد الضحايا وسحب المراقبين. ومتى حدث ذلك فسيقوم النظام في الغالب بتصعيد عملياته الهجومية، مما ينتج عنه خسائر أكبر في الأرواح. كما يُرجَّح أن تتم إضافة أسماء مذابح جديدة إلى مذبحة الحولة مستقبلاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.