الخرطوم – فتحي العرضي الشعب السوداني «مسيّس» وسيلتف حول خطة الانتقال السلمي للسلطة. نجل الصادق المهدي ليس محسوباً على الحزب لانتمائه لمؤسسة الرئاسة. اعتبر الأمين العام لحزب الأمة القومي المعارض في السودان، الدكتور إبراهيم الأمين، أن بلاده الآن تقع تقريبا تحت وصاية المجتمع الدولي، محذرا مما أسماه «سيناريوهات كارثية تواجه البلاد من بينها انقلابات عسكرية وغزو خارجي وتفتيت للتراب السوداني». ورأى إبراهيم الأمين، في حواره مع «الشرق» في الخرطوم، أن تغيير النظام الحاكم أصبح واجباً لحماية السودان من التفتت، مطالباً بتطبيق برنامج البديل الديموقراطي الذي صاغته المعارضة لحماية وحدة البلاد، وإلى نص الحوار: * أين موقع حزب الأمة وجماهيره من الاحتجاجات الحالية في السودان؟ - حزب الأمة في صدارة التحركات في الشارع السوداني ومع المنتفضين في كل المواقع، نحن موجودون على الأرض. * كنتم تنادون بإصلاح النظام والآن تدعون إلى التغيير، فما المستجد؟ - لم ندع إلى إصلاح النظام بل إلى تغييره والتأسيس لنظام جديد وفترة انتقالية تتشكل فيها حكومة قومية ومؤتمر دستوري، وهي نفس مطالب الجماهير المحتجة، التغيير الآن واجب لحماية المجتمع السوداني من مزيدٍ من التفتت بعد عدم نجاح الحكومة الحالية في حل قضايا المواطنين. * ألا تعتقد أن فجائية التغيير ستحدث أوضاعا كارثية على البلاد؟ - ندعو إلى تغيير سلمي وإلى وضع خارطة طريق لتفادي أي تبعات قد تكون فجائية يمكن أن تؤثر على وحدة السودان، خصوصاً أن في البلاد الآن مناطق لا تخضع لإدارة الحكومة، ومناطق كثيرة بها عمليات عسكرية وفيها وجود لحركات حملت السلاح ضد المركز، نحن نتحدث بصوت عال عن تغيير سلمي بمشاركة واسعة من كل فئات الشعب للوصول إلى معادلة جديدة لحكم السودان تقوم على إنشاء نظام ديموقراطي لا مركزي تعددي في دولة مدنية. * هناك حديث عن ضبابية موقف حزب الأمة من التغيير، أنتم تارة مع الحكومة وأحيانا مع المعارضة، بالعامية السودانية «كراع جوه وكراع بره»؟ - حزب الأمة معارض له موقف واضح، وبالأمس القريب شارك في التوقيع على برنامج وثيقة البديل، وهو الآن مشروع مطروح على الشعب، هذا هو موقفنا الرسمي، قد يكون هناك بعض الأفراد من الحزب لهم آراء مختلفة، لكن عليكم الأخذ بما يصدر رسميا عن الحزب. * هناك حديث عن مشاركة حزب الأمة في نظام البشير بمنصب مساعد نائب الرئيس؟ - نعم، الأخ عبدالرحمن الصادق المهدي مشارك على مستوى رئاسة الجمهورية، وهو ابن السيد الصادق المهدي ومنتم إلى الأسرة، ولكن هو الآن ليس له أي علاقة بمؤسسات حزب الأمة، بالتالي يتحمل هو كفرد تبعات التحاقه بهذا المنصب بإرادته الحرة وتبعات انتمائه لمؤسسة رئاسة الجمهورية، أما الحزب فلا علاقة له بهذا. * كنتم تتحدثون عن طريق ثالث، أين وصلتم؟ - نعم نتحدث عن طريق ثالث، نحن نعتقد أن هناك سيناريوهات عديدة ذات خطورة على السودان، هناك سيناريو للتفتت، وهناك سيناريو لانقلابات عسكرية، هناك سيناريو لغزو من الأطراف، هناك سيناريو لتدويل القضية السودانية تحت البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة بما يسمح بتدخل عسكري، وهو ما قد يترتب عليه كثير من المضاعفات على مستقبل السودان، نحن نتحدث عن الحل السلمي الذي يبدأ بالاحتجاجات والمظاهرات والعصيان المدني، هي خطوات كلها مشروعة وتعد استباقية لتجنيب البلاد مضاعفات قد تؤدي إلى مزيد من التفكك. * ما هو الحل الأقرب للواقع لإحداث التغيير؟ - هو نفس طرحنا، السيناريو السلمي، ولأن الشعب السوداني مسيَّس بفطرته سيلتف في لحظة مناسبة حول التغيير السلمي. * في حال انهيار النظام، هل تتوقع أن تنشأ صراعات ذات خلفية عرقية إثنية، هل نرى عودة صراع أولاد البحر والغرب مجددا كما كان في إبان المهدية؟ - للأسف الشديد هذا النظام حاول كما هو الحال في معظم أو كل الأنظمة الشمولية السعي لهدم البديل، بهذه الفكرة يتم محاربة الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني وكل المؤسسات القومية بما فيها الخدمة المدنية والقوات النظامية، مع تشجيع العودة إلى الكيانات الأولية القبلية والجهوية، والحل في فترة انتقالية تحتوي كل الأطراف وتعزز الهوية الجامعة. * ألا تخشى أن تؤدي فجائية التغيير في ظل عدم تجانس المعارضة وتسلح كيانات أخرى إلى بداية النهاية لوطن اسمه السودان؟ - الآن ثلث السودان أُزِيل من خريطة البلاد وأصبح دولة أخرى، وهناك حروب كثيرة في مناطق جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق ودارفور، وهناك أيضاً درجة عالية من عدم الرضا في مناطق كثيرة، لذا فإن استمرار النظام بشكله الحالي يعني ما تتحدث عنه من مزيدٍ من التفكك، لذا أقول إن تماسك الجبهة الداخلية لابد وأن يرتبط بطرح القضايا الكبرى على طاولة الحوار بشفافية مطلقة وأن يتفق الجميع على فترة انتقالية تحفظ لكل طرف على الأقل الحد الأدنى من متطلباته في إطار سودان موحد، هذا هو المناخ الملائم لاستمرار السودان موحدا، أما إذا استمر حملة السلاح في قناعاتهم، واستمرت الحكومة في التزام سياسة القبضة الحديدية، وواصل المجتمع الدولي اقتناص الفرص لفرض الوصاية على السودان، فلن يؤدي ذلك إلا إلى مزيد من التدهور والانقسام، الآن الحكومة تقريبا تحت الوصاية الدولية، كثير من الاتفاقيات خاصة اتفاقية أبيي لم يضف إليها الجانب الحكومي أو جانب الحركة الشعبية أي شيء، هذه الاتفاقية بأكملها وضعها المبعوث الأمريكي السابق دانفورث، وهذا دليل أن هناك بعض القرارات تُفرَض تحت الضغوط ونتيجة لتنازلات الحكومة الحالية. * ألا تعتقد أن عدم تجانس مكونات المعارضة سيؤدي إلى فشل مبكر لحكومة ما بعد نظام البشير؟ - المعارضة اتفقت على برنامج البديل الديموقراطي، وهذا البرنامج وضع خطة تتمثل في تكليف حكومة انتقالية بتنفيذ 24 نقطة محددة تم الاتفاق عليها، نتحدث عن برامج تطوير بسقوف زمنية، وفي ظل الرقابة الشعبية قطعا ستكون هناك فرصة لإيجاد حكومة قومية تتولى إدارة الحكم خلال الفترة الانتقالية وتمهد لانتخابات جديدة ستكون الكلمة الفاصلة للشعب.