تراجع أسعار النفط بأكثر من 1% عند التسوية    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تباين    «متحف طارق عبدالحكيم» يختتم المخيم الصيفي للأطفال    ارتفاع ضحايا الأمطار والسيول في شمال باكستان إلى أكثر من 200 قتيل    الكرملين: انتهاء محادثات بوتين وترامب في ألاسكا    رسمياً .. النصر يعلن تعاقده مع الفرنسي"كومان"    نيوم يضم المالي "دوكوري"    ماسكيرانو يؤكد جهوزية ميسي لسلسة مباريات إنتر ميامي المهمة    ليفربول يدين الإساءة العنصرية التي تعرض لها سيمنيو    ناشئو أخضر اليد بين كبار العالم.. ضمن أفضل 16 في مونديال مصر    ترامب: أحرزنا تقدما كبيرا في المحادثات مع بوتين    نونو سانتو: فورست يحتاج لتعزيز صفوفه بصورة عاجلة    جيسوس يرحب برحيل لاعب النصر    قرار مفاجىء من إنزاغي بشأن البليهي    إغلاق 84 منشأة في حي منفوحة بالرياض وضبط مخالفات جسيمة    هيئة المياه تطالب بسرعة تحديث البيانات    القبض على شخص في حائل لترويجه مواد مخدرة    "سلمان للإغاثة" يوزّع (2,200) سلة غذائية في عدة مناطق بباكستان    أمير عسير يستقبل سفير بلجيكا    المملكة تعزي وتواسي باكستان في ضحايا الفيضانات والسيول    تطبيق نظام "حضوري" لضبط دوام منسوبي المدارس في 13 منطقة تعليمية    تكليف الدكتور محمد الغزواني مساعدًا لمدير تعليم الحدود الشمالية للشؤون التعليمية    النفط يتراجع وسط مخاوف الطلب وتوقعات فائض المعروض    مستشفى جازان العام وجمعية التغذية العلاجية يحتفيان بأسبوع الرضاعة الطبيعية    الشيخ عبدالله البعيجان: استقبلوا العام الدراسي بالجد والعمل    الشيخ بندر بليلة: احذروا التذمر من الحر فهو اعتراض على قضاء الله    أمين جازان يتفقد مشاريع التدخل الحضري ويشدّد على تسريع الإنجاز    جامعة جازان تعلن نتائج القبول في برامج الدراسات العليا للفترة الثانية    مقصورة السويلم تستضيف المهتم بعلوم النباتات عبدالله البراك"    بيع 3 صقور ب 214 ألف ريال    الاستثمار الأهم    النوم عند المراهقين    السعال الديكي يجتاح اليابان وأوروبا    المملكة تتوّج بالذهب في الأولمبياد الدولي للمواصفات 2025 بكوريا    محمد بن عبدالرحمن يعزي في وفاة الفريق سلطان المطيري    أمير منطقة الباحة يستقبل الرئيس التنفيذي لبنك التنمية الاجتماعية    الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تنظم حلقة نقاش بعنوان: (تمكين الابتكار الرقمي في العمل التوعوي للرئاسة العامة)    نائب أمير جازان يستقبل مدير مكتب تحقيق الرؤية بالإمارة    اليوم الدولي للشباب تحت شعار"شبابُنا أملٌ واعد" بمسرح مركز التنمية الاجتماعية بجازان    أحداث تاريخية في جيزان.. معركة أبوعريش    نائب أمير جازان يلتقي شباب وشابات المنطقة ويستعرض البرامج التنموية    زراعة أول نظام ذكي عالمي للقوقعة الصناعية بمدينة الملك سعود الطبية    استقرار معدل التضخم في السعودية عند 2.1% خلال شهر يوليو 2025    في إنجاز علمي بحثي.. خرائط جينية جديدة تُعزز دقة التشخيص والعلاج للأمراض الوراثية    حظر لعبة «روبلوكس» في قطر    الصين تطلق إلى الفضاء مجموعة جديدة من الأقمار الصناعية للإنترنت    «البصرية» تطلق «جسور الفن» في 4 دول    الإطاحة ب 13 مخالفاً وإحباط تهريب 293 كجم من القات    الشيباني: نواجه تدخلات خارجية هدفها الفتنة.. أنقرة تتهم تل أبيل بإشعال الفوضى في سوريا    19 % نمواً.. وإنجازات متعاظمة للاستدامة.. 3424 مليار ريال أصول تحت إدارة صندوق الاستثمارات    اطلع على أعمال قيادة القوات الخاصة للأمن البيئي.. وزير الداخلية يتابع سير العمل في وكالة الأحوال المدنية    رئيس الوزراء النيوزيلندي: نتنياهو فقد صوابه وضم غزة أمر مروع.. «الاحتلال» يصادق على الهجوم .. وتحرك دبلوماسي للتهدئة    موسكو تقلل من أهمية التحركات الأوروبية.. زيلينسكي في برلين لبحث القمة الأمريكية – الروسية    تمكين المدرسة من خلال تقليص المستويات الإدارية.. البنيان: 50 مليار ريال حجم الفرص الاستثمارية بقطاع التعليم    انطلاق ملتقى النقد السينمائي في 21 أغسطس    استخراج هاتف من معدة مريض    أمير جازان يعزي في وفاة معافا    مباهاة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أبو ذر الغفاري.. الصحابي المثقف!
نشر في الشرق يوم 22 - 06 - 2012

يعلم الجميع أن هذا الاسم هو لصحابي جليل من أصحاب النبي الأعظم، غير أنهم قد لا يعلمون أن هذا الصحابي الجليل قد مات وحيداً في بيداء المدينة المسماة بالربذة، بعد أن سئم العيش في المدينة، وبعد أن رأى التفاوت الطبَقي الرهيب بين الأغنياء والفقراء، وبعد أن ظلّ متمسكاً بمثاليته ومبادئه! وهو بهذه النهاية المُحزنة –لي شخصياً- يصبح موته تصديقاً لنبوءة خليله النبي الأعظم، الذي قال فيه: يرحم الله أبا ذر يمشي وحده، ويموت وحده، ويُبعث يوم القيامة وحده!
لقد سمّيت أبا ذر باسم المثقف، وبصرف النظر عن مفهوم المثقف، وما يتنازعه من تعريفات، إلا أنه يمكن إدراك المثقف كمفهوم من خلال ما طرحه غرامشي حول المثقف العضوي، الذي لم يزل دائباً في بث الوعي، وتغيير العقول، أو من خلال وصفه الذي ورد عند جوليان بيندا في كتابه «خيانة المثقفين»، بأنه مفهوم يُطلق على كل من استبقته البشرية لبناء ضميرها! فهو رجل الدين الحقيقي، حتى وإن لم تكن له سيمياء رجل الدين! المثقف هو كل من يقول بأن هذا العالم ليس عالمه، وأن عالمه الحقيقي هو غير هذا العالم! وذلك بوصفه يقف على الضد دوماً من واقعه.
وكل هذه المحددات التي تحدد لنا مفهوم المثقف، ولتطابقها على أوصاف هذا الصحابي الجليل، فقد جاز لنا وسم هذا الصحابي بأنه الصحابي المثقف! ذلك أنه شخص قلقٌ جداً، نزّاع إلى المثالية، توّاق إلى الحق أينما كان، يكره النزوع المادي والغرائزي للإنسان! وهو فوق ذلك، رجلٌ صادق بشكل يبعث على الدهشة، صادق مع نفسه، ومع غيره، حتى أن نبي الرحمة قد جاء على لسانه أنه قال فيه: «ما أقلّت الغبراء، ولا أظلّت الخضراء أصدق لهجة وأوفى من أبي ذرّ»!
أسلم أبو ذر في مكة، فكان من السابقين الأولين إلى الإسلام، ولربما كان من أول عشرة رجال في الدنيا آمنوا برسالة النبي الأعظم عليه الصلاة والسلام. ثم هاجر مع خليله المصطفى إلى المدينة، وحين توفاه الله، كان أبو ذر من كبار الصحابة في العهد الراشدي، غير أن الأمور تبدّلت في هذا العهد بالنسبة إلى أبي ذر، حيث بدأ الفصل الأخير من فصول حياة هذا الصحابي الجليل، الذي كان الفصل الأكثر تراجيدية، وبؤساً، وتعَبَاً لهذا الصحابي الصادق! ذلك أن هذا العهد بدأت فيه الفتوحات الإسلامية للعراق والشام ومصر، ونتيجة لتحقيق الانتصارات الكبيرة، فقد تفرّق الصحابة والتابعون في تلك الأقطار المليئة بالخيرات، تاركين جزيرة العرب الجرداء وراء ظهورهم، كما نتج عن هذه الانتصارات أن تكدّست ثروات طائلة في يد هؤلاء الصحابة والتابعين، وقد قدّرت المدوّنات التاريخية أموال بعض هؤلاء بالملايين! وكان حينها أبو ذرّ ساكناً في دمشق، ورأى بعينه هذه الثروات، وهذه الأموال الوفيرة في يد البعض، في حين أن البعض الآخر كان يعيش في فقر مدقع، بحيث لم يكن يملك عُشر معشار ما يملكه أولئك الأغنياء.
من هنا بدأ أبو ذرّ يشن حملة اجتماعية على أولئك الأغنياء، متأولاً قول الله: ((والذين يكنزون الذهب والفضة ثم لا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم))، ويبدو أن حملته قد لقيت صدى واسعاً على المستوى الاجتماعي، وإيماناً من الطبقات الفقيرة كادت أن تودي بولاية معاوية بن أبي سفيان في دمشق، مما جعله يكاتب الخليفة عثمان بن عفان في المدينة، وهذا ما حدا بالخليفة إلى استدعائه وفرض الإقامة الجبرية عليه في المدينة، غير أن أبا ذر لم يستمر في المدينة، إذ سُرعان ما غادرها إلى الربذة، وهي بيداء تقع إلى الشرق من المدينة، وكانت إقامته هناك أمراً مختلفاً فيه، إذ يُقال بأن الخليفة عثمان قد نفاه إليها بسبب تمسكه برأيه، ويقال أيضاً أن أبا ذرّ قد فضّل العيش في هذه الصحراء بعد أن رأى المدينة تماثل دمشق من حيث التفاوت الطبقي الرهيب بين الفقراء والأغنياء.
ظل أبو ذر مقيماً في هذه البيداء حتى مات في خلافة عثمان، تاركاً الدنيا وراء ظهره، ومتعلّقاً بمثاليته، وصدقه.
ما أحوج مجتمعنا إلى رجل كأبي ذرّ الغفاري.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.