إسرائيل تراجعت عن شن هجوم جديد على إيران    إعلان نتائج القبول بالبورد السعودي    ولي العهد يؤكد لرئيس إيران موقف المملكة الداعم لتسوية الخلافات عبر الدبلوماسية    ضبط 6 إثيوبيين في عسير لتهريبهم (516) كيلوجرامًا من نبات القات المخدر    نائب أمير منطقة جازان يتسلّم التقرير السنوي لسجون جازان للعام 2024م    أول ورشة متنقلة لصيانة مساجد وجوامع مكة في "جمعية تعظيم"    أمير قطر يشكر قادة دول مجلس التعاون الخليجي على تضامنهم ومواقفهم    الغطاء النباتي وأرامكو ينثران 50 مليون بذرة في الربع الخالي    إقفال طرح يونيو من الصكوك المحلية ب 2.355 مليار ريال    أمير حائل يطّلع على آخر مستجدات المشاريع التنموية بالمنطقة    جامعة الإمام عبد الرحمن تعتمد مقرر الذكاء الاصطناعي كمتطلب جامعي للعام 1447ه    صور إنسانية من الماضي عن مدينة أبها    إنريكي: المنافسة الحقيقية في «مونديال الأندية» تبدأ الآن    بعد وقف إطلاق النار مع إيران.. إسرائيل تقتل 71 فلسطينياً في غزة    مكاسب الهلال المالية قبل ملاقاة باتشوكا    8 اتفاقيات لتنمية القدرات البشرية في القطاع الصناعي السعودي    الكعبة المشرفة تتزين بكسوتها الجديدة لعام 1447 ه    قفزة هائلة في سوق الأسهم السعودية ب 254 نقطة    محافظ الأحساء يشيد بخيرية الجبر وبذلها نصف مليار ريال    42.5 مليون عملية إلكترونية عبر "أبشر" في مايو 2025    الشؤون الإسلامية بالمدينة تكثف جهودها التوعوية    تسجيل محمية عروق بني معارض في القائمة الخضراء للاتحاد الدولي لحماية الطبيعة    الاتفاق يحصد جائزة الملك عبدالعزير للجودة والتميز    بواكير تمور المدينة المنورة تُنعش أسواق المملكة بأكثر من 58 صنف مع انطلاق موسم الحصاد    السعودية ترحب بإعلان ترمب وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل    قاضية أميركية تعرقل خطة ترمب لإغلاق أبواب «هارفارد» أمام الطلاب الأجانب    أمير تبوك يطلع على تقرير أعمال فرع وزارة التجارة بالمنطقة    أمين منطقة القصيم يوقع عقد مشروع صيانة الشوارع غرب مدينة بريدة بأكثر من 17 مليون ريال    في لبنان.. بلدة ريفية تحظر صياح الديوك    قطاع خميس مشيط الصحي يُنظّم فعالية "الإسعافات الأولية"    حرارة شديدة ورياح على أجزاء من عدة مناطق في المملكة    "غرفة نجران :تستعد غدًا لإنطلاقة فعاليات منتدى نجران للاستثمار 2025"    جامعة أم القرى توقّع مذكرة تفاهم مع هيئة جامعة كامبردج لتعزيز التعاون الأكاديمي والبحثي في تعليم اللغة الإنجليزية    الهيئة الملكية تطلق حملة "مكة إرث حي" لإبراز القيمة الحضارية والتاريخية للعاصمة المقدسة    الرواشين.. ملامح من الإرث المدني وفن العمارة السعودية الأصيلة    الإسلام دين الرحمة والتسامح لا مكان للكراهية والعنف    موعدنا في الملحق    الأخضر السعودي لرفع الأثقال البارالمبية يحقق إنجازات عالمية في كأس العالم بالصين    البرتغال وإسبانيا تجهزان الاتفاق للموسم الجديد    أمير القصيم : عنيزة تمتاز بالسياحة الريفية والعلاجية    حكاية مؤرخ رحل    التوتر اضطراب طبيعي واستمراره خطر    دراسة تحذر من تأثير ضربات الرأس في كرة القدم    نيفيز: فرطنا في فوز مستحق    واشنطن تصدر «تحذيراً عالمياً» للأميركيين    الاستثمار في سوريا    وطن الشموخ    "البحوث والتواصل" يستقبل وفداً إعلامياً صينياً    السدو.. نسيج الذاكرة ومرآة الهوية    6000 موقع عمراني جديد في السجل الوطني للتراث العمراني    محمد بن سلمان: رؤية تُحوِّل الأحلام إلى حقائق    يرجى عدم المقاطعة!    الجوازات تواصل إنهاء إجراءات مغادرة الحجاج عبر كافة المنافذ    أمانة الشرقية تقيم حملة تطوعية لمنسوبيها للتبرع بالدم بالتعاون مع بنك الدم المركزي    وزير الداخلية يستقبل سفير المملكة المتحدة    علقان التراثية    أمراء ومسؤولون يؤدون صلاة الميت على مشعل بن عبدالله    الجبهة الداخلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عام الإسلاميين الأول في السلطة
نشر في الشرق يوم 24 - 03 - 2012

استنفذت الكثير من التعليقات على وصول الإسلاميين للسلطة في المقالات والبرامج الفضائية والحوارات، فقد انتهت مرحلة المفاجأة والانطباعات الأولية، وبدأت محاولة التكيف مع الأمر والانتظار إلى أين تسير الأمور؟ وما بين التهويل والتقاط الأخطاء بموقف هنا أو تصريح هناك، وجدت دعوات لتفهم أكثر «وإعادة التفكير في الإسلاميين» كما طالب بذلك خليل العناني (الحياة 7 مارس 2012) حيث يرى أننا «عشنا عقودا طويلة نرى الإسلاميين إما (شرا مستطيرا) يتربص بالبلاد والعباد وذلك وفق منطق أهل السلطة، وإما (ملائكة لا يخطئون) وفق منظور أتباعهم وأنصارهم». وإذا كانت الحالة التونسية اتضحت فيها الأمور أكثر من غيرها، ففي الحالة المصرية اقتربت المرحلة الأهم لحسم الرئاسة حيث ستغلق قريبا أبواب الترشيح. اللافت أن الإسلاميين أكثر ارتباكا في اختيار مرشحيهم، فقد برزت خلافات كثيرة بين اتجاهاتهم المختلفة، ما بين أولوياتهم في المواصفات الإسلامية المطلوبة وبين التفكير بدعم مرشح توافقي تكنوقراط لا ينتمي لأحد للخروج من المأزق.
خلال هذه الفترة من تجربة الممارسة السياسية في دول الربيع العربي، فقد أظهرت هذه المجتمعات انضباطا معقولا، بالرغم من بعض مظاهر الفوضى والارتباك والقلق في ظل غياب الدولة ومؤسساتها للسيطرة على كثير من الأمور، ومع ذلك لم يحدث عند صناديق الاقتراع حوادث معطلة لسير العملية السياسية. لقد تفوق المجتمع حتى الآن على القوى السياسية التقليدية والثورية الحديثة في انضباطه وشعوره بالمسؤولية. مقابل ذلك عجزت الكثير من القوى عن التوحد والاتفاق والتفاهم فيما بينها، بمن فيهم الإسلاميون الذين تزداد خلافاتهم بمرور الوقت.
تعامل البعض مع القوى الإسلامية وكأنها اتجاهات غامضة لا أحد يعرف عنها شيئا عندما خرجت من مخابئها، والواقع خلاف ذلك فالاتجاه الإسلامي معروف بمختلف أطيافه في العالم العربي ويمكن التفريق بين كل طيف وآخر بأرائه الفقهية الدينية ومواقفه السياسية والاجتماعية ومدى تشدده وتسامحه، فقد تراكمت العديد من الدراسات والأبحاث منذ نصف قرن عنهم، وإذا كان البعض يجهل هذه التفاصيل فهي مشكلته هو. إذا كانت هناك قوى مجهولة وغامضة فهي الأسماء الجديدة والقوى الثورية الصاعدة التي أسهمت في تغيير المشهد السياسي في الميادين وعبر الإعلام الجديد، ولهذا كان اختيار المجتمع منطقيا في هذه المرحلة من الناحية الواقعية والسياسية، فقد اختار من يعرفه على من لا يعرفه.هناك الكثير من المبررات لارتباك التيارات والقوى السياسية بحكم حداثة التجربة غير المسبوقة في الإطار العربي والحذر الشديد والحسابات المعقدة. لم يواجه التيار الإسلامي صعوبات في تنظيم نفسه للمجتمع لأنه كان حاضرا ليس بسبب الذكاء التكتيكي وإنما لأن طبيعة الشأن الدعوي والخيري والأعمال التعبدية اليومية المفروضة على كل مسلم تتطلب وجودهم اليومي مع المجتمع مقارنة بغيرهم من الاتجاهات. لهذا اتضحت قيمة هذا الحضور الإسلامي في المجتمع فورا مع أول عملية انتخابية نزيهة فقد حافظ المسجد على مصداقيته أكثر من المنابر الإعلامية التقليدية وإعلام الأنظمة السابقة.
لقد استفاد الإسلاميون من أبرز نقاط قوتهم السابقة، لكن في المراحل التالية بدأت تظهر صعوبات في الخلافات فيما بينهم، ولا زال التيار الإسلامي قابلا للانشقاقات المستمرة والتفتُّت بصورة أكبر من مرحلته السابقة، وآثار مثل هذه الاختلافات تظهر حتى خارج نطاق دول الربيع العربي، لأنه مع كل خطوة سياسية ستظهر خلافات جديدة في الرأي الديني، فمن يتنازل عن مبدأ بسبب الضرورة السياسية سيجد إسلاميا آخر يزايد عليه، وستؤثر هذه الخلافات على الإسلاميين في دول أخرى لأنها تؤصل لإعادة تقييم بعض المفاهيم والمواقف والآراء الفقهية التقليدية. يصعب على أي تيار التحكم بمثل هذه الاختلافات المتوقعة في كل الاتجاهات العلمانية والإسلامية عند أي ممارسة سياسية، لكن في حالة التيار الإسلامي ستبدو إشكالية الصراع على التفسير الصحيح للإسلام أكثر خطورة. محمد الحداد في «رسالة مفتوحة إلى راشد الغنوشي» (4 مارس 2012 جريدة الحياة) لا تخلو من توتر الكاتب، أشار إلى إشكالية فشل حزب النهضة ذي المرجعية الدينية في إدارة الشأن الديني، وضرب عددا من الأمثلة والممارسات الخارجة عن سيطرته.
أظهرت تجربة الإسلاميين حتى الآن بعض المشكلات الجانبية في الأداء والتصريحات، لكنها لا زالت غير معطلة للعملية السياسية، حيث برزت بعض الصدامات والاختلافات التي تبدو أحيانا طريفة ومثيرة للتعليقات الساخرة، مثل كلام النائبة الإخوانية في البرلمان المصري عزة الجرف حول موضوع الطلاق بأنه في ظل حكومة الإخوان المسلمين ستنحسر حالات الطلاق! ويبدو أن نواب حزب النور هم الأكثر وقوعا بتصريحات وتصرفات غير موفقة بسبب الخبرات السياسية الضعيفة مما جعل المتحدث الرسمي باسم الحزب يقدم اعتذارات متكررة عنها، وقد وفرت مثل هذه الأخطاء أمثلة لبعض الكتاب للسخرية من الإسلاميين ففي واقعة «رفع الأذان» التي قام بها النائب السلفي، يسخر فالح عبدالجبار في جريدة الحياة (18 مارس 2012) منها ويعتبرها «أول الغيث إطلاق الأذان في قاعة البرلمان المصري بعد صعود عدد من مؤذني الجوامع إلى مرتبة نواب، الذين لم يتلبسوا مهمتهم كمشرعين وبقوا في جبة المهنة السابقة» لكنه لم يستحضر كيف تعامل معه بحزم رئيس المجلس سعد الكتاتني ورفض مثل هذه المزايدة الدينية وهدده بالمحاسبة وهو إسلامي إخواني.
التيار الإسلامي ليس الصانع الوحيد للثورة الشعبية، وهذا سيفرض عليه قدرا من الاحترام للرأي الشعبي في كل خطوة سياسية. الإعلام الجديد كما ساهم في إسقاط أنظمة فهو بدأ يسقط القوى الأخرى بما فيها الرموز الدينية، ولا زالت أمام الإسلاميين الكثير من التحديات في قضايا اقتصادية واجتماعية وسياسية وغيرها. في الإعلام مثلا: ما هو الأفق الرقابي وفق مبادئهم في دولٍ الفن والسياحة من أهم دعامات اقتصادها؟ كثيرون يخافون من وصول الإسلاميين إلى السلطة، لكن هناك من يخاف من نجاحهم، وهناك من يخاف من فشلهم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.