شكَّلت موافقة مجلس الوزراء على إنشاء هيئة عليا لتطوير المنطقة الشرقية بادرة أمل نحو تمكين المنطقة الشرقية من ثقلها السياحي والتنموي، خاصة وأن القرار أشار إلى أن واحدة من أهداف الهيئة المساهمة في التطوير الشامل للمنطقة، وتوفير احتياجاتها من المرافق العامة والخدمات، ولعل من أهمها، العناية بهويتها التراثية التي غابت بأمر الإهمال خاصة لما للتراث والمعالم الأثرية من قدرة فائقة على الجذب السياحي ومنح الدمام، حاضرة المنطقة، وبقية مدن ومحافظات المنطقة العريقة صبغتها التراثية والأثرية. الدمام، ولمن لم يطلع على ماضيها، قد لا يصدق أنها كانت تذخر بالقلاع والقصور والبيوت الفاخرة والمزارع، ومدينة الحضارات التي لامست حضارة دلمون وثلاثة قرون من تاريخ المملكة، فتاريخها العريق يجعلها الأحق بأن يعلو صوتها لتقول بكل كبرياء: «هنا الدمام ذاكرة الشرق بأسره». الدمام عرفت بأنها هي موطن « اليامال»، فإليها كانت تجلب البضائع من شتى بقاع الأرض، قلعتها المزالة كانت معلما حضاريا عرفت به قديما قبل أن تندثر وتختفي عن الوجود وتتحول بقاياها لمقر مركز سلاح الحدود في وقتنا الراهن. ذاكرة المدينة حافلة بالكثير، فحي القزاز كان لكثرة مزارع كبار العائلات يتميز بطغيان اللون الأخضر ، فهي ليست عاصمة منطقة النفط فقط، بل هي مرسى أهل الفكر والإرث الشعبي الأصيل. جاءت تسمية الدمام بهذا الاسم كما يقول العم سالم حمد الدوسري وهو أقدم ساع للبريد في المملكة ومن سكان الدمام القدماء، اشتقاقا من «الدمدمة» وهي الصوت المدوي القوي، حيث كان هناك قرع شديد لطبول ضخمة موضوعة في قلعة الدمام لتحذير سفن الصيد والغوص والتجارة في البحر عند اقتراب خطر ما. وأضاف أن بعض المصادر التاريخية ذكرت اسم الدمام على أنها قلعة على الساحل موقعها الحالي في المكان الذي يقع فيه مقر الإمارة القديم. لكن على أي حال استمرت الدمام قلعة حربية يسيطر عليها القوي فقط ولا يحيط بها أي تجمع سكاني سوى بعض الرعاة والصيادين والمسلحين الذين يقيمون في قلعتها. وأضاف الدوسري: منازل الدمام قديما كانت عبارة عن عشش تبنى من سعف النخيل، لتتحول بعدها إلى الحصى والفروش، وكانت الجهة الشرقية من حي الدواسر أول الأماكن التي ظهرت فيها المباني بالدمام. أما أول طريق أنشئ فكان شارع الإمارة (طريق الملك عبدالعزيز)، وكانت هناك بئر واحدة في منطقة قريبة من شاطئ الخليج، هي التي تغذي الجميع بالمياه. أما حييا الدواسر والعمامرة فهما من أقدم الأحياء وكانا قريبين من الشاطئ، لدرجة أن مياه الخليج كانت تصل إلى منازل السكان أحيانا وتغطي أحيانا أغلب المناطق القريبة من الحيين عند ازياد منسوبها وتسمى «ماء الهلال». واستطرد الدوسري قائلا: ارتبطت أسماء الأحياء السكنية بشخصيات وظواهر جغرافية ومعالم صناعية، فبدأت بعض المزارع لشخصيات وأعلام من المنطقة تتحول إلى أحياء سكنية متكاملة بعد أن بيعت وقسمت إلى قطع صغيرة تجاوبا مع التوسع العمراني بالمدينة، مثل الطبيشي (أسرة قدمت من الرياض) والجلوية وبورشيد. وهناك أسماء شعبية مغايرة لأسماء الأحياء المعتمدة حاليا ومنها الصبانية والكهرباء (الباطنية)، والمريكبات والمشايخ، والبديع، وعبدالله فؤاد وهذه الأسماء الشعبية المتعارف عليها نابعة من دلائل وعلامات ساهمت في التسمية، فحي الصبانية سمي بذلك لأنه عبارة عن مساحة كبيرة من الأراضي كانت في ذلك الوقت خارج المدينة ووصلها العمران في عام 1406ه وكانت مملوكة لوزير المالية السابق محمد سرور صبان، وبعد إعمارها اعتمد لها اسم الفيصلية، أما الحي الآخر فتوجد له (3) مسميات أحدها رسمي والآخران شعبيان، الرسمي هو الخليج، أما الشعبيان فكان الأول الكهرباء، وسمي بذلك لوجود مولد الكهرباء الذي يمد مدينة الدمام في طور نشأتها بالطاقة، وبعد فترة وفي بداية الثمانينيات عرف باسم الباطنية. * أصلها: قلعة حربية * التسمية: اشتقاقا من الدمدمة وهي الصوت المدوي * أعرق الأحياء: الدواسر وهو الحي الأول، والعمامرة * طبيعة منازلها: عشش من سعف النخيل والحصى والفروش * أبرز معالمها: إلى جانب قلعتها الشهيرة كانت هناك بئر واحدة وسط البحر هي التي تغذي الجميع بالماء.