من الممكن أن تحيا هي أو يحيا هو على الهامش! يكون ذلك فقط عندما يقرران ذلك، أو يقرر لهما الواقع الذي يعيشانه. قبل أيام.. تواصلت معي فتاة مبتعثة هربت من جحيم الظلم والاضطهاد العائلي ولكنها بقيت وحيدة في غربتها.. تذكر أنها: ما زالت مستقيمة لم ترتكب أي جريمة ولم تستجِب لإغراءات، لكنها تخشى من أن لا يستمر هذا الصمود..! حينها عرفت: أن من الانتصار أن لا تعيش مثل كثيرين! واجهوا نفس الظروف وعاشوا الأحوال المماثلة.. إن من الفوارق العظيمة بين أفراد الناس أن يعرفوا أين هي منطقة الأمان الحقيقي؟! ومتى يكونون أقوياء؟! وكيف يصنعون قوتهم ومن أين يستمدونها؟! إن الوقوف الخاطئ يكلف كثيراً، كما السير باتجاه خاطئ..! هذا الأمر ليس رصفاً لكلمات مع بعضها، ولا هو من قبيل التنطع المبالغ فيه..لا.. بل هو الحقيقة. إنه أو إنها -كلاهما أمام الحقيقة سواء- عندما يقفان في المنطقة الخاطئة بسبب حالة ضعف أو إحباط فسيكلفهما هذا كثيراً.. ويفوتهما الأكثر. الثقة بالنفس، وانتهاز الفرص، والإيمان العميق بأن لكل فعل نتيجة.. يصنع معنى للوجود، لا ككثيرين عاشوا على الهامش.. من الصور التي تؤلمني: أن تجده أو تجدها في حالة انحناء مقيت بسبب الضغوط أو خور شديد بسبب إغراءات تسرق العين والفؤاد معاً على حين غرة! فإذا هناك ما فات. ثم إنني أقول: اليوم.. شبابنا وشاباتنا عماد هذه البلاد، عندهم أسئلة، وتساورهم هموم.. يحتاجون من الدوائر المتتابعة الأسرة، التعليم، الإعلام، المجتمع.. لإيجاد بيئة تنهض بهم وتحتوي أخطاءهم وتجيب على تساؤلاتهم بكل وضوح! سبر أغوار النفس، والإحاطة التامة بما تحمله الفتوة من طاقة، والخطط المدروسة لتحقيق أحلامهم.. كلها تصنع لنا بلداً متماسكاً، يشعر بالأمان الدائم تجاه مستقبله.. إن فتياتنا وفتياننا ليسوا كرة من اللهب يتقاذفها كل فصيل عاجز عن احتوائهم.. كما شاهدناه في السابق (!!).. صدقوني إن الوضع تغير، والحال تبدل وأصبحنا مضطرين للإجابة على تساؤلاتهم صادقين تجاههم.. نساعدهم، ونمد يد العون لهم.. هم كنزنا! وإلا فتجربتهم القاصرة ستجعلهم فريسة!.. وقد تحولهم لخناجر مسمومة. بقي أن أقول: إن الأسرة التي لا تطلق في ردهات منزلها آفاقاً للحوار والاحترام.. ستوجِد بيئة مأزومة! وسيُبحث عن البيئة الآمنة خارج الأسوار. وإن المجتمع الذي لا تبني نظمه برامج وخططاً تُعنى بهذه النسبة العالية من الشباب ستعيش هي وهم على الهامش.. وسيبحث عن هذه الخطط والبرامج خارج الحدود.. وللمعلومية: الشباب والشابات أصبحوا أكثر وعياً، وأقدر على امتلاك المعلومة.