انطلاق فعاليات شهر التصلب المتعدد بمسيرة أرفى بالشرقية    باكستان تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة    توافق سعودي – أذربيجاني على دعم استقرار "النفط"    مصر: الفنانة السورية نسرين طافش تستأنف على الحكم بحبسها 3 سنوات.. الأربعاء    جيرارد: محبط بسبب أداء لاعبي الاتفاق    غاياردو يغيب عن المؤتمر الصحفي بعد ثلاثية أبها    جوتا: لا نفهم ماذا حدث.. ونتحمل مسؤولية "الموسم الصفري"    توقعات بهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    التسمم الغذائي.. 75 مصاباً وحالة وفاة والمصدر واحد    رحل البدر..وفاة الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن عن عمر ناهز ال75 عاما    "زرقاء اليمامة" تفسر أقدم الأساطير    "تسلا" تقاضي شركة هندية لانتهاك علامتها التجارية    الذكاء الاصطناعي يبتكر قهوة بنكهة مميزة    3 مخاطر لحقن "الفيلر" حول العينين    بدء إجراءات نقل السيامي "عائشة وأكيزا" للمملكة    إغلاق مؤشرات أسواق الأسهم الأمريكية مرتفعة    انخفاض أسعار النفط في أكبر خسارة أسبوعية في ثلاثة أشهر    الجنيه الإسترليني يرتفع مقابل الدولار الأمريكي وينخفض مقابل اليورو الأوروبي    بيان «الصحة» عكس الشفافية الكبيرة التي تتمتع بها الأجهزة الحكومية في المملكة    "الترفيه" تنظم عروض "سماكداون" و "ملك وملكة الحلبة" في جدة الشهر الجاري    محمية عروق بني معارض.. لوحات طبيعية بألوان الحياة الفطرية    «الأونروا»: الصراع في غزة مستمر ك"حرب على النساء"    بأمر الملك.. إلغاء لقب «معالي» عن «الخونة» و«الفاسدين»    اليوم المُنتظر    «النصر والهلال» النهائي الفاخر..    جريمة مروّعة بصعيد مصر.. والسبب «الشبو»    أمانة الطائف تنفذ 136 مبادرة اجتماعية بمشاركة 4951 متطوعًا ومتطوعة    عقد المؤتمر الصحفي لبطولة "سماش السعودية 2024" في جدة    رئيس مجلس القيادة الرئاسي يوجه بسرعة العمل على فتح الطرقات وتقديم المساعدة    إدانة المنشأة الغذائية عن حادثة التسمم الغذائي وإغلاق فروعها بالرياض والخرج    ميتروفيتش: لم نحسم لقب الدوري حتى الآن    "درع الوقاية 4".. مناورات سعودية – أمريكية بالظهران    توسيع نطاق الاستثناء الخاص بالتصرف العقاري    تركي الفيصل يرعى حفل جائزة عبد الله بن إدريس الثقافية    غداً.. منع دخول المقيمين لمكة دون تصريح    «الدفاع المدني» محذراً: التزموا البقاء في أماكن آمنة وابتعدوا عن تجمُّعات السيول    الشرطة تفرق اعتصاما مؤيدا للفلسطينيين في معهد الدراسات السياسية بباريس    «البيئة»: 30 يومًا على انتهاء مهلة ترقيم الإبل.. العقوبات والغرامات تنتظر غير الملتزمين    رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء    سحب لقب "معالي" من "الخونة" و"الفاسدين"    المملكة: صعدنا هموم الدول الإسلامية للأمم المتحدة    وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل الجوية    " عرب نيوز" تحصد 3 جوائز للتميز    "تقويم التعليم"تعتمد 45 مؤسسة وبرنامجًا أكاديمياً    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    وزير الطاقة: 14 مليار دولار حجم الاستثمارات بين السعودية وأوزبكستان    الخريجي يشارك في الاجتماع التحضيري لوزراء الخارجية للدورة 15 لمؤتمر القمة الإسلامي    136 محطة تسجل هطول الأمطار في 11 منطقة بالمملكة    انطلاق ميدياثون الحج والعمرة بمكتبة الملك فهد الوطنية    كيفية «حلب» الحبيب !    قصة القضاء والقدر    أمير جازان يطلق إشارة صيد سمك الحريد بجزيرة فرسان    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على عبداللطيف بن عبدالرحمن آل الشيخ    مباحثات سعودية فرنسية لتوطين التقنيات الدفاعية    ما أصبر هؤلاء    هكذا تكون التربية    اطلع على المهام الأمنية والإنسانية.. نائب أمير مكة المكرمة يزور مركز العمليات الموحد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدستور العراقي الجديد صاغته الولايات المتحدة وفقاً لمصالحها.. وهو غير شرعي قانوناً
محمد الدوري سفير العراق السابق لدى الأمم المتحدة في حوار مع «الرياض»:
نشر في الرياض يوم 24 - 08 - 2005

تقف كل من الحكومة العراقية المؤقتة والادارة الامريكية هذه الأيام أمام تحد جوهري قد يعصف بكل الدعاية الأمريكية الرامية إلى إلصاق الديمقراطية وفق المواصفات الأمريكية بالدولة العراقية بأي شكل كان، ويتمثل هذا التحدي بضرورة اقرار الدستور العراقي والذي نقلا عن «الواشنطن بوست» تم فرضه من قبل واشنطن على لجنة صياغة الدستور العراقي في محاولة لتمرير دستور عراقي بأي حال كان عليه وبأي ثمن، خاصة بعد أن تعثرت لجنة صياغة الدستور على الدوام في صياغة «مستقبل العراق»، وقد كانت هذه اللجنة منذ تأسيسها وحتى في مسألة نسبة تمثيل العرب السنة فيها، مثار جدل وخلاف، حتى انها توسعت مراراً وتكرارا إلى أن بلغت أكثر من سبعين عضوا، وساور العديد الشكوك في امكانية ان تنجز عملها قبل 15 من اغسطس وهذا ما حصل بالفعل.
والنقاشات الدائرة هذه الأيام داخل المجلس الوطني العراقي المؤقت أدت إلى تأجيل التصويت على الدستور مرتين على التوالي نتيجة صعوبات داخل المجلس الذي يفتقد للتوافق بين تياراته المختلفة لأسباب مصلحية واخرى عقائدية، كما انتقل هذا الجدل المحتدم إلى الشارع العراقي الذي انقسم بحدة فيما بينه حول نقاط رئيسية في الدستور أهمها الفدرالية ومكانة الاسلام كمصدر للتشريع ومبدأ تقسيم الثروة، فتباينت الآراء بين الأكراد ذاتهم وانقسم الشيعة فيما بينهم أما هناك أطراف سنية أخرى أصبحت تتطالب بتدخل أممي مغبة عدم حدوث الأسوأ في عراق ما زال وضعه الامني متردياً، ورغم أهمية هذه المسألة وضرورة انجاز دستوري عراقي يلبي آمال وطموحات الشعب العراقي، الا أن الخلافات القائمة بين قادة الكتل السياسية في العراق تؤكد انها لم تكن على مستوى المسؤولية لانجاز هذه المهمة، فضلا عن أن التدخل السافر للسفير الامريكي زلماي خليل زاده ألقى بظلاله على مشروعية هذا الدستور.
ومسودة الدستور العراقي الدائم لا يمكن أن تنجز ما لم تحصل معجزة، لأن أيا من النقاط الخلافية الثماني عشرة لم تحسم بشكل تام، واذا ما أقرت أي صيغة توافقية للدستور في المجلس الانتقالي فلن يكون هذا الدستور ناجزاً الا بعد الاستفتاء عليه في منتصف اكتوبر القادم، وبحسب قانون ادارة الدولة العراقية فاذا ما رفضه ثلثا ثلاث محافظات أو أكثر يعتبر الدستور ملغى وتصبح الدولة بحاجة إلى انتخابات مجلس وطني جديد وحكومة جديدة الأمر الذي يكرس العجز والفشل الأمريكيين ومخاوف بعض القوى السياسية الحالية في العراق من ان تفقد مكاسبها السياسية والسلطوية، ويبقى في النهاية الخاسر الكبير هو الشعب العراقي الذي لم يكن لديه أي دستور دائم منذ العام 1958.
وضمن كل هذه المعطيات توجهت «الرياض» إلى الدكتور محمد الدوري الخبير في القانون الدولي وسفير العراق السابق في مجلس الأمن من أجل الوقف على أبرز النقاط الخلافية في الدستور وماهية النتائج التي سيترتب عليها بالتالي رسم معالم العراق سواء في اقرار الدستور أو عدمه.
ويعتبر الدكتور محمد الدوري أن العراق بعد التاسع من ابريل (نيسان) 2003 أصبح بلدا محتلا وبالتالي فهو ناقص للسيادة القانونية والسياسية، وكونه كذلك فإن جميع التصرفات التي تتم تحت ظل الاحتلال وفي زمنه تفتقد إلى الشرعية ولا يمكن أن تصب في مصلحة العراق ومستقبله بل أنها تصب كلا أو جزء في مصلحة دول الاحتلال، ومن بين هذه التصرفات والأعمال وضع وثيقة دستور دائم للعراق، فالعملية برمتها مرفوضة سياسيا وغير شرعية قانونيا.
وأضاف الدوري: «إن وضع دستور دائم لأي بلد يعتبر عملا استراتيجيا مهماً جدا بل الأهم في حياة الدولة العصرية كونه يؤسس لمستقبل الدولة والمجتمع ولذلك لا بد من خلق وتهيئة جميع الظروف الموضوعية لإنجازه ويبدأ ذلك في عملية توافق اجتماعي على الأهداف الأساسية، وهذه العملية تتطلب السلام الأهلي بما يعنيه من أمن وهدوء ومصالحة ومصارحة ورؤية موحدة مستقبلية.. وإذا ما أصبح الدستور مجرد فرصة يتوجب اقتناصها، كما هو الحال بالنسبة لبعض الفئات المتنفذة حاليا في العراق والمستقوية بالاحتلال والقوى الاقليمية، عند ذاك يكون الدستور معلما استعماريا بالرغم من كل ما قد يحمله من رؤى متقدمة بدون قيمة وطنية عليا وبدون مستقبل ومهدد بالتلاشي حاله في ذلك حال أية وثيقة قانونية عادية قابلة للالغاء والتعديل بمجرد حصول أي اختلال ظرفي في موازين القوى المجتمعية وهو ما سيحصل قطعا في عراق المستقبل بعد استعادته لسيادته واستقلاله، وحينها سوف ينهار دستور الاحتلال بسبب رفض المجتمع العراقي له».
فالدستور لا يحمي المجتمع من عبث الحكومات بقدر ما يتمتع هو بحماية المجتمع إذا ما كان يعبر حقا عن إرادته ودستور الاحتلال ليس كذلك قطعا. ولذلك، وحتى لو افترضنا جدلا بأن «قبولا» من نوع ما سيحصل لدستور الاحتلال فإنه سيبقى جزءا من سياسته، وسيزول بزواله حاله حال العديد من الدساتير التي وضعتها القوى الاستعمارية لمستعمراتها ومحمياتها، وتم الغاء العديد منها بعد استقلالها.
واعتبر الدوري أن موقف الولايات المتحدة الامريكية باعتبارها الأب غير الشرعي لهذا الدستور صعب ولا تحسد عليه لسببين الأول، كونها تعرف قبل غيرها، وهي صاحبة تجربة دستورية يعتز بها الشعب الامريكي تدرس كنموذج في كليات القانون ومراكز البحوث الدستورية والسياسية ويمكن أن يحتذى به، أن ما تريد فرضه على العراق يعتبر مرفوضا بجمع المقاييس لذلك تم توجيه انتقادات عديدة وشديدة من جانب خبراء قانونيين وسياسيين أمريكيين وأوروبيين اولا لقيام الحكومة الامريكية بوضع نموذج الدستور الذي تريد فرضه على العراق إن لم يكن الدستور نفسه مع إعطاء هامش لبعض التعديلات لكي يقال بأن من وضع المشروع هم عراقيون. والشيء الذي يؤكد ما نقول هو أن ملامح مشروع الدستور وأسسه قد أرسيت في «قانون إدارة الدولة الانتقالية» الذي تمت صياغته من قبل قانونيين وسياسيين من الولايات المتحدة الامريكية على عهد السفير الامريكي بول بريمر لكي يكون عراق المستقبل على وفق الرؤية الامريكية. أما السبب الثاني فهو أن الرئيس بوش يريد أن يقدم «إنجازا» ما حتى ولو كان مشوها، ويكون بمثابة طوق نجاة هو في أشد الحاجة إليه، بعد أن تبين للشعب الأمريكي والعالم عدم صحة الاسباب التي قدمها لتبرير حربه العدوانية ضد العراق أولا، وثانيا فشله في تقديم أي إنجاز للوعود التي قطعها على نفسه أمام العالم والشعب العراقي في إنشاء الدولة النموذج في التنمية والرفاهية والحرية والديمقراطية، وقدم بدلا من ذلك الخراب والدمار والقتل والفقر والمرض والفوضى التي سموها «الفوضى البناءة» وقدم للعراق الطائفية والتقسيم، وثالثا فشله الأكيد عسكريا في وقف المقاومة الوطنية العراقية الباسلة التي تمكنت من قواته بشكل فاق كل التوقعات والحديث الآن هو عن فشل ذريع ومستنقع عراقي للقوات والحكومة الامريكية وعن فيتنام ثانية تثير الرعب لدى الشعب الامريكي والاشمئزاز لدى شعوب العالم كافة. وباستعراض أفكار وآراء الدكتور محمد الدوري حول الوضع العام في العراق، كان ل «الرياض» معه هذا الحوار بشأن وثيقة الدستور الدائم.
عروبة العراق
٭ من بين خمسة اقتراحات لتسمية العراق تم نزع الصفة العربية منها جميعا، فهل هذا يعني نهاية عهد عروبة العراق؟
- إن تسمية أي دولة أو إجراء تعديل عليها أو تغييرها لا يمكن أن يأتي من فراغ أو نتيجة لرد فعل عاطفي أوطائفي أو عرقي اقتناصا «لفرصة» مواتية وهي الاحتلال، وفيما عدا عن التسميات التي وضعها المستعمرون لبعض المستعمرات والتي استعادت تسمياتها الاصلية بعد حين من نيلها استقلالها، إذ لا بد للتسمية من أساس جغرافي وتاريخي ومجتمعي ولا بد من أساس فكري ثقافي ذي علاقة مباشرة بالذاكرة الجمعية والقيم الثقافية ليس فقط بالنسبة لمجتمع الدولة المعنية بل للمنطقة التي تحيط بها والعالم أجمع . الكل يعرف أن العراق عربي الانتماء ارتبط تاريخه العريق القديم والحديث بذاكرة العالم ولا أريد أن أدخل في النظريات التاريخية لأصول السومريين والبابليين والآشوريين ولا أريد الحديث عن الحروب الفارسية العربية قبل ظهور الاسلام وبعده أي منذ نشوء دولة الخلفاء الراشدين، دفاعا عن عروبة العراق من المطامع الفارسية مرورا بالدولة الاموية والدولة العباسية ومجيء الدولة العثمانية.
أن ما نسمعه اليوم من محاولات لتغيير اسم العراق يحمل في طياته حقدا شعوبيا على العرب الذين هم المكون الرئيسي للشعب العراقي، كما يبشر بالتقسيم الذي يعتبر هدفا للعديد من القوى الدولية والاقليمية وبعض القوى العربية التي تتمنى التعامل مع عراق هش ضعيف ومستضعف قابل للتقسيم في أية لحظة إن لم يكن مقسما أصلا. وتغيير اسم العراق له الكثير من الدلالات والمعاني السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسايكولوجية والاثار المستقبلية الضارة ليس على العراق فحسب بل على الوطن العربي والأمة العربية . إن فصل العراق من الجسد العربي لا يعني فقط القضاء عليه جغرافيا وتوصيله إلى دويلات صغيرة ضعيفة غير قادرة على حماية نفسها وقبولها بالضرورة الخضوع لنفوذ القوى الاقليمية المجاورة، بل يعني كذلك نجاح مشروع التقسيم الأكثر خطورة على الوطن العربي في اطار المشروع الصهيوني الامريكي الذي سمي (الشرق الاوسط الكبير) والذي يهدف مسح كل شيء من ذاكرة الأمة بحيث يشمل حتى مسمياتها وأسماءها.
٭ أعلنت المصادر من داخل لجنة صياغة الدستور اختيار اسم (جمهورية العراق الاتحادية) للدولة العراقية فلماذا برأيكم تم اقرار هذه التسمية في النهاية، وما هي دلالاتها، وهل تصب في خانة ضمان تحقيق الديمقراطية وحق تقرير المصير؟
- إن إضافة «الاتحادية» إلى جمهورية العراق، لا يجب أن يؤخذ هذا المصطلح بالبساطة والسذاجة والبراءة التي قدم بها للرأي العام العراقي والعربي خصوصا بحيث بات له مدافعون عرب لايمكن تبرئتهم فهم إما جهّال لا يقدرون حجم الاخطار الهائلة المستقبلية على العراق وعلى الأمة وإما سيئو النية من الحاقدين عليهما. وذلك لأن العراق كان دائما بلدا واحدا موحدا لم تطرأ على حدوده تغييرات بسبب ضم أراض أو مناطق تعود لأمم أخرى مجاورة ولم نعرف دولا اندمجت مع العراق قسرا أو طوعا لا في شماله ولا في جنوبه عبر التاريخ يمكن الاستناد اليها لتبرير الافراح التي تقام تمهيدا لتوصيل العراق وتوزيع أشلائه فهؤلاء الذين يرقصون على أشلاء العراق عليهم أن لايفرحوا كثيرا فالعراق أبن حي لأمة حية لا تقبل بالهزيمة وسرعان ما تستعيد ذاتها وحيويتها وكينونتها .
ولكن ما يمكن قوله أيضا ان الدول الحديثة بدأت منذ أكثر من نصف قرن تنأى بنفسها عن الحكم المركزي وبات سكان الاقاليم عموما بسبب وعيهم بمصالحهم ومعرفتهم بالاثار الضارة للمركزية يرنون لحكم محلي يتدبرون من خلاله شأنهم الداخلي وأمورحياتهم اليومية في إطار من الحرية واللامركزية بدون تدخل مباشر من المركز وهذا أمربات مطلبا مشروعا لكن لا يمكن أن يصل إلى حد المطالبة بتقرير المصير والانفصال كما يحدث اليوم في العراق.
الحرية والديمقراطية والمساواة وضمان حقوق الاقليات طائفية كانت أم عرقية أم لغوية والتعددية والرأي والرأي الآخر والتمثيل الحقيقي والشفافية كلها أمور أصبحت من بديهيات العصر والتجاوز عليها يحاسب عليه الدستور الذي يجب أن يضمن جميع هذه الحقوق إضافة إلى الواجبات المثبتة في الدستور وأهمها واجب الولاء للوطن واحترام دستوره لكن هل يمكن لدستور احتلال طائفي عرقي أن يضمن جميع هذه الحقوق؟ الجواب طبعا بالنفي .
والدولة الاتحادية عادة ما تكون مشروعا لدول قائمة مستقلة تتمتع بسيادة تامة ترغب بالاتحاد لتحقيق مصالح مشتركة اقتصادية سياسية أو حتى عسكرية ليحمي بعضها بعضا ولا يمكن أن يكون الاتحاد مشروعا لدولة موحدة لم تعرف التقسيم والتجزئة يوما ما مثل العراق .هناك خلط متعمد بين اللامركزية التي لا يمكن أن يعترض عليها أحد وبين الفيدرالية وكذلك يوجد خلط متعمد بين الفيدرالية التي تهدف التوحيد وهو الامر المتعارف عليه وبين الفيدرالية التقسيمية التجزيئية التي تستهدف وحدة البلد وهو أمر يحدث لأول مرة في التاريخ. فاللامركزية نظام قانوني تم اعتماده في دول موحدة أصلا في حين ان الفيدرالية وإن اختلفت مضامينها فإنها تعني في النهاية التوحد في الهدف وفي المصلحة المشتركة بين دول مستقلة أصلا الواحدة عن الاخرى أو أنها بنيت من البداية على أساس فيدرالي بسبب سعة وشساعة مساحات الدولة ووجود قوميات وأقليات ولغات مختلفة وتاريخ مختلف وأسباب أخرى لا يسع المجال لتحليلها . وتجدر الأشارة إلى أنه لا يوجد نظام فيدرالي جغرافي وآخر سياسي كما لا يوجد نظام فيدرالي يشبه نظاما فيدراليا آخرفلكل فيدرالية شكلها ومضامينها الخاصة بها بحسب ظروفها الجغرافية والسياسية والاجتماعية والثقافية وكذلك اختلاف الاسباب التي دعتها لاختيار النظام الفيدرالي ولكن لايوجد قطعا دولة واحدة موحدة قد تحولت إلى فيدرالية عليه لا يوجد أي مبرر قانوني او تاريخي لدفع العراق الموحد تاريخيا وجغرافيا وسياسيا ومجتمعيا وثقافيا وفكريا لأن «يتفدرل» على أساس طائفي أو على أساس عرقي قومي إلا تحقبقا لهدف واحد هو جعله بلدا قابلا للتجزئة في الوقت المناسب وإذا ما اقتضى الآمر.
٭ في باب هوية العراق هناك خمسة اقتراحات رئيسية أحدها عدم ذكر هوية العراق في حين أن الاقتراحات الأربعة الباقية تتسم بالضبابية فكيف سيترتب على دولة بلا هوية أن تحدد طبيعة علاقاتها السياسية مع محيطها الإقليمي؟
- هنالك أطراف تسعى لأن يكون العراق بلا هوية وبلا انتماء، وفي كل الأحوال لا يكون ذا هوية عربية بالرغم من أن أكثرية سكانه هم من العرب حتى وإن اختلفوا في الطائفة في إطار الدين الواحد، كي يسهل تقسيمه وضم دويلاته المستقبلية إلى الشرق الاوسط الكبير وفي ذلك تهديد مباشر لبقية الاقطار العربية في حالة عدم انصياعها أوتمردها على المشروع الامريكي الصهيوني للمنطقة. أن يكون العراق أي شيء عدا عن أن يكون عربيا هذا مطلب سوف لن يتم التنازل عنه من قبل أعداء العراق العربي إلا في حالة واحدة وهي أن يتمكن عرب العراق من أن يثبتوا وجودهم في مقاومة هذا التيار الشعوبي الذي بدأ يهدد كالسرطان جسم الوطن وتطلعاته في حياة حرة كريمة.
الدين والدولة
٭ اثارت اقليات دينية في العراق ازمة علاقة الدين بالدولة العراقية، وهناك اتجاه يرمي إلى اعتبار الدين هو المصدر الاساسي بالتشريع من دون تحديد هذا الدين، أو اعتبار الاسلام أحد مصادر التشريع ولكن ليس الرئيسية، وجميع هذه الصيغ عامية، فماذا يترتب عليها في الدولة العراقية التي تكثر فيها الطوائف رغم أن الأغلبية العظمى فيها للمسلمين بصرف النظر عن المسألة المذهبية؟
- الكل يعرف بأن الغالبية العظمى من الشعب العر اقي يدين بالاسلام وهناك في الوقت نفسه أقليات دينية ولم يحدث أن عرف التعايش الديني والقومي وعلى مدى الاف السنين تهديدا جديا لطائفة دينية على حساب أخرى لا في الحقوق ولا في الواجبات فالتسامح الديني يعتبر جزءا من سمات تاريخ العراق الحديث .واعتماد الدين الرسمي للدولة العراقية لا يضر بالاقليات الدينية الاخرى طالما كان هناك احترام تام لهذه الاقليات يضمنه لها الدستور وكما كان الامر دائما.أما بشأن اعتبار الدين الاسلامي مصدرا رئيسا للتشريع فهو أمر لا غبار عليه هو الآخر على اعتبار أن الاسلام هو فعلا دين الأغلبية العظمى من الشعب العراقي ولكني قد اختلف مع الذين يطالبون باعتبار الدين الاسلامي المصدر الوحيد للتشريع في العراق على أساس أن هناك مصادر أخرى متفق عليها عالميا ومنها العرف والمبادئ العامة للقانون وقد أثبتت فائدتها العملية لمعالجة أمور ومستجدات قد تثير جدلاً بين الفقهاء المسلمين في مدى مواءمتها للدين الاسلامي في حالة اعتماده كمصدر وحيد للتشريع الأمر الذي قد يؤثر على الاستجابة لحاجات المجتمع التكنولوجية والاقتصادية والعلمية المتسارعة بسبب الثورة التكنولوجية عامة وثورة الاتصالات التي مست بالصميم حاجات المجتمعات والافراد اليومية. وعلى أية حال فإن الديقراطية كطريق للحياة هي الكفيل بعدم القفز على ارادة الشعب المقررة لطبيعة التشريع المراد اتخاذه وهنا يتم ضمان عدم المساس أو حتى مجردالتعارض مع مبادئ وقواعد الدين الاسلامي. ولذلك فإن ما يطرح من قبل بعض الأحزاب الطائفية في هذا الخصوص لا يعدو أكثر من مزايدة سياسية فهم يعتقدون بأن اتخاذ مثل هذا الموقف يخدم أغراضهم السياسية وحسب لأن ما يقترفونه من جرائم وفي مقدمتها جريمة التعاون مع قوات الاحتلال ومحاولة تقسيم العراق إنما يتعارض بالصميم مع الشريعة الاسلامية الغراء .
٭ هل سيصبح للمرجعية الدينية الشيعية في العراق وفق هذا الدستور المقترح سلطة دينية مساوية للسلطة السياسية في بغداد، هذا اذا لم تتعداها كما في دولة ايران المجاورة؟
- لا نعتقد بأن المرجعية الدينية في النجف وكربلاء أو القوى الطائفية المرتبطة بالنظام السياسي الايراني لا تتمنى ذلك أو لا تعمل على تحقيقه ولكن في الوقت نفسه لا يمكن من حيث المبدأ أن يحظى ذلك علنا بموافقة دولة الاحتلال ولكن لا نعتقد بأن الموقف الامريكي غير قابل للتغيير في حالة حصولها على تطمينات من أن مصالحها ستكون مضمونة تماما خاصة أن العلاقات الايرانية الأمريكية لا يمكن أن تصل إلى نقطة اللاعودة لسبب بسيط هو أن العراق أصبح ساحة مساومات وصراعات نفوذ بين الدولتين. وطبقا لمبدا لا توجد عداوات دائمة في العلاقات الدولية بل هناك مصالح دائمة، فإنه سيتم قطعا التوصل إلى توفيق بين مصالح الدولتين خاصة وأن هناك من يقوم بلعب دور الوسيط بينهما من الأحزاب الطائفية السياسية الشيعية في العراق التي تربطها مع الطرفين علاقات متميزة. ومن مجمل هذه العلاقات تستفيد المرجعية الدينية الشيعية وتفيد في الوقت نفسه كما حصل في مرات سابقة خاصة إبان الانتخابات الآخيرة التي كان الرئيس الأمريكي يحرص على أجرائها بأي ثمن، التي حظيت بفتوى من جانب المرجعية الشيعية .لكن وفي كل الأحوال فإنه لا يبدو لنا بأن المرجعية الشيعية في العراق سوف يكون لها نفس دور شقيقتها في ايران بسبب اختلاف الظروف الموضوعية في كلا البلدين وانها قد أعلنت أكثر من مرة في اعداد الدستور عدم تدخلها في الشأن السياسي ولكن من يدري إذا ما طلب منها لعب دور سياسي فهل سيكون بمقدورها أن تبقى على موقفها المعلن هذا؟
انفصال كردستان
٭ ذكر في بند تعريف مكونات الشعب العراقي أنه مكون من عدة قوميات وأديان ومذاهب دون الاشارة إلى القومية العربية على اساس انها المكون الرئيس لهذا الشعب، وفي اقتراح ثان اعتبر العرب والأكراد قوميتين رئيسيتين وكأنهما متساويتان من حيث الحجم والثقل الثقافي، فهل هذا يعني أن الدولة العراقية لن تعد دولة عربية ولا شعبها جزء من الأمة العربية؟
- عروبة العراق مستهدفة منذ قرون من أطراف عديدة يأتي في مقدمتها الشعوبية والصهيونية والاستعمار انضم اليهم خلال ا لقرن الماضي شعوبيون عراقيون ينتمون لاقليات عرقية وطائفية وسياسية وهناك فئات جديدة عراقية ودول جارة عربية وغير عربية ودول أجنبية انضمت عن قصد إلى المد المعادي للعروبة لأسباب سياسية ظرفية أو مصلحية بحتة. كل هؤلاء الأعداء تآمروا في الماضي وما زالوا يتآمرون بشراسة ضد عروبة العراق وقد تتوج ذلك باحتلال العراق عسكريا بمساندة مباشرة من قبل الدول التي تناصب العداءللعروبة ولكن بتنسيق محكم بين مجموعات وأحزاب شعوبية دينية بمساندة فارسية أو أحزاب قومية كردية أمعنت في كره العرب والعروبة أو أحزاب شيوعية معروفة بتراثها الشعوبي. لقد قالوها جميعا وفعلوها إنها الفرصة الوحيدة التي يمكن استثمارها لاجتثاث عروبة العراق والتخلص منها باعتبارها العدو اللدود ولا يمكن أن يتحقق لها ما تريد إلا من خلال أولا إضعاف العراق وتدمير بناه المجتمعية وإعادة تشكيلها من جديد بما يؤمن تحقيق أهدافهم والثاني فرض فيدرالية تؤسس لتقسيم العراق لدويلات طائفية وقومية تقضي على كل أمل في إعادة الحياة لعروبته.
هذا المشروع التدميري الاجرامي الذي تكاتفت عليه كل الجهود المعادية يراد تكريسه في الدستور الجديد وبالصيغ العدائية التي تم التوصل إليها لحد الآن ولا يعتقد بأن هناك جهة من بين الجهات المتحاورة تستطيع تغيير ما تم اتخاذ قراربشأنه من قبل دولة الاحتلال أو بمباركتها.
٭ ضمن العراق منذ عام 1970 تقريبا الحقوق الثقافية واللغوية للاكراد، وفي هذه الأيام يتمسك الأكراد بالفدرالية التي تمنحهم امتيازات قد تصل إلى حد الانفصال، وطالب بعض الشيعة بفدرالية في الجنوب، فهل سيكرس هذا الدستور مبدأ انقسام الدولة أم ايجاد دجولة عراقية هشة تحت مسمى اللامركزية؟
- بالرغم من كل ما استطاع الأكراد الحصول عليه في العراق من حقوق ثقافية وسياسية منذ عشرات السنين مقارنة بعدم حصولهم على أية حقوق من أية طبيعة كانت في الدول الأخرى التي يعيشون فيها فإن العلاقة بين قياداتهم السياسية وحكومات العراق على مر السنين لم تكن سلمية دائما . إلا أنه من المعروف أيضا وجود علاقات متميزة بين القيادات الكردية وجميع القوى والدول التي تعادي العراق ابتداء من إسرائيل مرورا بإيران وبعض الدول العربية وصولا إلى الاتحاد السوفييتي سابقا وجميع الدول الاوربية وأخيرا استقر بهم المطاف مع الولايات المتحدة الامريكية باعتبارها المنقذ والحامي الذي يمكن أن يؤمن لهم دولة كردية في العراق ومن يدري يمكن أن تتسع لتشمل أقاليم الأكراد في كل من تركيا وإيران وسوريا . ولذلك قدم أكراد العراق جميع التسهيلات الاستخبارية والقواعد العسكرية وقوات البيشمركة للولايات المتحدة وقواتها التي غزت العراق مرتين في عام1991 و2003 مقابل الحماية التي تمتعوا بها في فترة ما بين الحربين كما تعتبر اليوم مركزاً استخباريا متقدما للموساد الاسرائيلي في العراق. لقد التقت مصالح الولايات المتحدة الاستراتيجية في العراق مع المصالح الكردية في ضرورة اضعاف السلطة المركزية في العراق تمهيدا لتجزئته إلى ثلاث دول إحداها دولة كردستان بحدود واسعة جدا وخارطة جديدة تتجاوز اقليم كردستان المعروف بمحافظاته الثلاث . ويبدو أن صفقة سرية قد عقدت مع الولايات المتحدة الامريكية أعطت للقيادات الكردية السياسية دعما غير اعتيادي بحيث أصبحت تتصرف وكأنها دولة احتلال وليس جزءاً من اقليم دولة محتلة.
نحن نرى أن مستقبل العلاقات العربية الكردية في حالة بقاء الظروف على حالها ستسيرمن سيئ إلى أسوأ تصل إلى حد انفصال منطقة كردستان العراق بأسرع ما هو متوقع إذا ما تقرر ذلك أمريكيا . وكثيرا ما سمعنا هذه الأيام بعض القيادات السياسية الكردية المتنفذة تهدد بالانفصال. والغريب في الأمر أن هذه القيادات باتت تحرض بعض القوى السياسية الانتهازية أو المرتبطة بإيران للمطالبة بالفيدرالية الأمر الذي دعا قيادات طائفية متنفذة إلى المطالبة بانشاء أقليم يضم المنطقة الوسطى والجنوبية اي الانفصال مستقبلا وبذلك لاتكون القيادات الكردية القوة السياسية الوحيدةالتي تطالب بالفيدرالية والانفصال وتقسيم العراق.
٭ لماذا يصر أكراد العراق على ضم كركوك رغم أن وثائق حكومية عراقية افادت بأن الغالبية من سكان المدينة كانوا دائما من العرب؟
- تمسك الأكراد بحقهم في مدينة كركوك سببه في الاساس أن الدولة الكردية التي يريدونها لا يمكن أن يكتب لها الحياة اقتصاديا من دون نفط كركوك وإلا لماتم تهويل الأمر بهذه الصورة ولو لم يكن الأكراد انفصاليين لطالبوا بحصة في كل نفط العراق وهذا من أبسط حقوقهم كمواطنين عراقيين. أما بشأن كون مدينة كركرك جزءاً من أقليم كردستان العراق فهو أمر غير محسوم بسبب اعتبار التركمان والعرب لها كونها لا تتبع لا تاريخيا ولاجغرافيا لإقليم كردستان.
اقتسام النفط
٭ تم تقسيم موارد العراق بشكل يكرس تهميش المركز لصالح الاقاليم، فماذا يترتب على ذلك خاصة وان النفط العراقي مادة رئيسية لاعادة اعمار أدوات الدولة السيادية وليس فقط سد احتياجات الشعب اليومية، فهل سيكرس هذا الدستور السيادة الناقصة للحكومة المركزية في بغداد؟
- توجد حساسية خاصة لكل ما يتعلق بالثروة الوطنية التي يجري نهبها ولا أحد يعرف أين تذهب عوائدها خاصة وانها تحت قبضة الاحتلال يتصرف فيها دونما رقيب وطني أو دولي في ظل غياب السلطة الوطنية التي تدافع عن مصالح الشعب ومستقبله.
إن موضوع عوائد الثروة الوطنية يجب أن لايعالج على أساس رد الفعل واستغلال الفرصة المتاحة بسبب الاحتلال بالقيام بتوزيعها عل المحافظات أو الاقاليم حسب عدد السكان وكأننا أمام شركة مساهمة توزع أرباحها على المساهمين. إن مفهوم الدولة يختلف تماما عن مفهوم الشركة بحكم طبيعة المهمات الملقاة على عاتق كل منهما فالمفروض أن يستفيد المجتمع من ثرواته بالتساوي ولكن ليس عن طريق التوزيع حسب عدد السكان بل عن طريق خطط التنمية الشاملة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية التي يجب ان تغطي العراق من أقصاه إلى أقصاه دونما اقصاء لأي شبر منه لاسباب سياسية أولاعتبارات قومية أو طائفية .كما أن التنمية الشاملة لأي منطقة يجب أن تنعكس أثارها على المجتمع برمته لذلك لابد من خطط تنموية علمية مدروسة بعيدة كل البعد عن الانحيازوالتمييز بين أبناء المجتمع الواحد.ومن هنا يأتي خطر الفيدرالية، على بلد موحد مثل العراق على مر العصور،كونها ستقسم البلاد إلى أقاليم شبه مستقلة، وستميز بين أقليم غني وإقليم فقير بين منطقة فيها نفط وأخرى فيها فوسفات وغاز وأخرى تتوفر فيها الزراعة والمياه وأخرى فقيرة محرومة من اي مصدر للثروة. ان ثروة العراق ملك لجميع العراقيين ويجب أن يتم تعظيمها واستثمارها وبما ينعكس على رفاهية العراقيين جميعا دون تمييز وهذا لا يمكن ان يتم بوجود حكومة منحازة أو حكومة طائفية او عنصرية ولا يوجد طريق أخر غير النظام الديمقراطي الذي يؤمن انتخاب حكومة وحدة وطنية ودستورا يضمن العدالة وحكم القانون والمساواة . وهذا أمر لا يمكن أن يؤمنه دستور احتلال .
٭ لماذا يُصر البعض على جواز ازدواجية الجنسية في العراق، فهل هذا عائد إلى ان هناك العديدين من اصحاب المناصب السياسية في العراق حاليا يحملون أكثر من جنسية، رغم أن معظم دول العالم ترفض ان يتسلم أحد أبنائها منصبا رفيعا في الدولة اذا ما كان يحمل جنسية بلد آخر؟
- موضوع ازدواج الجنسية ، من المعروف أن مواقف الدول مختلفة لكنها تتطور باتجاه ازدواجية الجنسية لكن هناك دولاً عديدة لا تأخذ بهذا الاتجاه والخلاف يزداد حدة بشأن امكانية تولي من يحمل جنسية ثانية غير جنسيته الأصلية مناصب سياسية وزارية أو تشريعية وينطبق الأمر على الرؤساء. وبشأن العراق يزداد اختلاف الرأي خاصة وأن العديد ممن عينهم المحتل لا بل معظمهم والذين جاؤوا عل ظهر دبابته يحملون جنسيته أو جنسيات أوروبية وكذلك الذين قدموا من إيران من قيادات الاحزاب الطائفية الشيعية يحملون الجنسية الايرانية، هؤلاء جميعا يطالبون بإدخال نص دستوري يسمح لهم بتسلم مناصب رفيعة في الدولة العراقية وهذا أمر لا يروق لاطراف أخرى ممن لهم موقف قانوني أو سياسي من الموضوع كما ان من بيده الحل والربط في عراق اليوم وأقصد به دولة الاحتلال والمتحالفين معها يريدون مكافأة من تعاون معهم وساعدهم على احتلال بلدهم لتبوّء المراكز المؤثرة لضمان انجاز برامج الاحتلال وتحقيق وحماية مصالحه في الامدين القصير والبعيد. وفي كل الأحوال فإن معظم دول العالم لا تسمح لمن يحمل جنسية أخرى غير جنسية بلده بتبوّء مناصب سياسية كبرى ولكن في العراق المحتل بما أن الموضوع هو موضوع جني أرباح فلنتوقع أمورا أخطر واخطر لكن ذلك لا يمكن أن يدوم فدوام الحال من المحال.
٭ هذا الدستور حول النظام السياسي في العراقي من المختلط الذي يعطي صلاحيات أوسع لرئيس الدولة كما النظام السياسي الفرنسي، إلى النظام البرلماني الذي يمنح هذه الصلاحيات إلى رئيس الحكومة، وهذا كان معمولاً به في قانون ادارة الدولة العراقية، فما هي الاسباب التي دعت إلى هذا التحول؟
-لا أعتقد بأن هناك اختيارا كبيرا أمام لجنة كتابة الدستور في تحديد صلاحيات واختصاصات رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء هذا دستور أعدته الولايات المتحدة الامريكية وفقا لمصالحها دونما اعتبار للعراقيين الذين لا يملكون من أمرهم شيئا فهم لا يملكون ثقافة دستورية عالية تميز بين مزايا كل من هذه الانظمة فلكل رؤيته وفلسفته وتاريخه الذي يستمد منه نظامه الدستوري .الوضع اليوم في العراق في ظل الفوضى العارمة وفي ظل تقييدات وتحديدات الوقت التي فرضتها دولة الاحتلال فلا أعتقد بأن حوارا أونقاشا قانونيا أوفكريا أوفلسفيا قد تم بين من أوكلت اليهم مهمة تدوين مسودة الدستور التي جاءت جاهزة من أحد مراكز البحوث القانونية في الولايات المتحدة الامريكية كما هو شأن قانون ادارة الدولة العراقية الذي فرض على العراقيين والذي يعتبر أساسا يرجع اليه في المناقشات الدائرة حول مشروع الدستور اليوم مع بعض التغييرات. أما عن أسباب هذه التغييرات فلا يمكن التعرف عليها الآن ونعتقد بأن الرؤية أمريكية ولها علاقة بالمشروع الذي تريده للمنطقة مستقبلا في حالة نجاح مشروعها المشكوك فيه في العراق.
مستقبل العلاقات العراقية - العربية
٭ في حال اقرار هذا الدستور ما مصير العراق كدولة عربية اسلامية، وهل المقصود بهذا الدستور أن يحدد سقفا مستقبليا لسياسات العلاقات ودورها الاقليمي؟
- الدستور الجديد الذي يخرج من عباءة الاحتلال لا يمكن ان يعول عليه في موضوع تكريس انتماء العراق كدولة عربية على العكس سيعمل كل أعداء العر اق والأمة وممثليهم في صياغة ما يسمى بالدستور المعد سلفا على زرع بذرة القطرية والطائفية وكل ما من شأنه إخراج العراق من بيئته ومحيطه العروبي . ولذلك سيكون «الدستور» باهت اللون ذا سقف منخفض جدا بقدر كل ما تعلق الأمر بعلاقات العراق مع عموم الدول العربية عدا عن بعضها التي تتناغم مع المشروع الامريكي الصهيوني. وقد بدأت بوادر هذا التوجه مبكرا قبل احتلال العراق وقد عكستها المؤتمرات السياسية لما يسمي في حينه المعارضة العراقية برعاية أمريكية بريطانية من خلال طرح موضوع تسمية العراق والفيدرالية وعلم العراق وانتماء العراق الذي بدأ التشكيك به من قبل القوى السياسية الكردية والطائفية السياسية الدينية ألتي أطلقت قوات الاحتلال لها العنان في محاولات عزل العراق عن امته الذي كان يشكل أحد اعمدتها الرئيسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.