شكلت بداية الثمانينيات الميلادية منعطفاً مهماً في مجال صناعة الغذاء في المملكة العربية السعودية، فقد شهد تلك الفترة تأسيس شركات وطنية تُعنى بالأمن الغذائي في البلاد.. في عام 1982م كان مستثمرون قد حددوا الموقع الذي ستقام عليه مزرعة ألبان العزيزية لتنضم لشركتين سبقتاها في البلاد، معززة بدورها سوق الألبان ومشتقاتها في السوق السعودي. كانت البدايات متواضعة بالنظر إلى ما وصلت إليه الشركة اليوم، بالرغم من العزيمة والإصرار اللذين وضعهما أصحاب المشروع نصب أعينهم.. يؤكد مدير عام الشركة الأستاذ محمد أنور جان في هذا الاتجاه أن البداية كانت ضمن خطط تقضي بأن تكون الشركة إحدى روافد الأمن الغذائي في المملكة، كما أنهم كانوا يتوقون إلى أن تتوسع الشركة في مستقبلها القريب لتأخذ مكانها في سوق الألبان ومشتقاتها.. وقال :لقد كان حجم القطيع في المزرعة آنذاك لا يتجاوز الألفي رأس، وكان أحد أهداف المؤسسين للشركة إلى جانب الهدف الربحي هدف آخر يتمثل في المساهمة في الأمن الغذائي الوطني من خلال تقديم منتج حيوي يتمثل في الألبان ومشتقاتها.. وقد اقتصر الإنتاج في البدايات على الحليب واللبن فقط، ثم تطور الإنتاج بعد ذلك ليشمل منتجات متعددة من الألبان ومشتقاتها، وقد تطور الإنتاج بشكل ملحوظ، وتعددت المنتجات بشكل متتالٍ حتى أنه في فترة من الفترات كان لدينا في شركة ألبان العزيزية منتج جديد كل عام.. رافق هذا تطور في مرافق المزرعة وتوسع في إنتاجيتها، فقد ارتفع عدد القطيع ليصل إلى حوالي 6500 رأس مما انعكس على مستوى الإنتاج حيث تضاعف الإنتاج في السنوات الأخيرة، التوسع في عدد القطيع كان توسعاً من خلال النمو الطبيعي للقطيع في المزرعة من خلال تكاثر القطعان داخلياً وليس عن طريق إضافة قطعان من الخارج.. تطور الإنتاج في السنوات الأخيرة لدى أغلب مزارع الألبان بشكل عام، فقد كان متوسط إنتاج البقرة لا يتجاوز 5000 لتر في العام، بينما لدينا الآن في العزيزية إنتاج البقرة الواحدة يتجاوز العشرة آلاف لتر سنوياً.. كما أن المزرعة كبقية مزارع الألبان استعانت في البدايات بالخبرات الأجنبية، لكنها اليوم تقوم على خبرات محلية مؤهلة وقادرة على الابتكار والاستمرار في النجاح.. اليوم وخلال هذه المسيرة نحن نقدم منتجا عالميا يتمتع بكفاءة عالية من حيث الجودة والمأمونية، ومن حيث كثافة الإنتاج.. في السنوات الأولى كنا نعاني من ارتفاع التكاليف بحكم قلة الإنتاج وقلة الخبرة، ومع الوقت تجاوزت معظم شركات الألبان الصعوبات التي واجهتها في البداية، وأصبح مصنعو الألبان اليوم في المملكة يقدمون منتجات تضاهي المنتجات العالمية في هذا المجال من حيث الكم والجودة. فقد أثمرت الثلاثون عاماً الأخيرة عن تقديم صناعة حقيقية في مجال صناعة الألبان ومشتقاتها تضاهي مثيلاتها في أكثر دول العالم تقدماً في هذا المجال. ولمزيد من تسليط الضوء على الشركة كان لنا لقاء مع مدير عام الشركة الأستاذ محمد أنور جان وكان الحوار التالي: * بدأت العزيزية في مرحلة سبقتها شركات كبرى في نفس المجال.. كيف كانت المنافسة؟ - نحن في شركة العزيزية دخلنا هذا السوق آنذاك بالرغم من وجود شركتين كبيرتين سبقتانا، ومع ذلك كان السوق يتسع لأكثر من لاعب، وكانت كل المؤشرات تتجه نحو تنامي الطلب على منتجات هذا القطاع بشكل عام.. نحن منذ البداية كنا نخطط أن يكون توسعنا معتمداً على التوسع الذاتي الطبيعي ضمن سياق زمني معين، ولم نكن نخطط أن نلجأ للتوسع في القطعان من الخارج كما فعلت شركات سبقتنا ولجأت إلى هذا الخيار مما أدى إلى زيادة إنتاجها في فترة من الفترات.. نحن اليوم نحافظ على حصتنا السوقية، ونسير وفق استراتيجية رسمتها الشركة لنفسها منذ وقت مبكر، ونتوقع أن حجم المنافسة الكبير في هذا السوق هو في نهاية الأمر لصالح جميع الشركات ولصالح المستهلك، لأن هذه المنافسة في نهاية المطاف سوف تقدم منتجا عالي الجودة بسعر منافس. * منذ 1982م استطاعت الشركة أن ترسخ منتجاتها في أذهان المستهلكين.. كيف نجحت في ذلك؟ - دائماً أي منتج إذا ما تمتع بالجودة، فإنه سيحظى بتقبل واحترام المستهلك.. هذه حقيقة لا يمكن تجاهلها.. لكن يبقى تطوير المنتج وخدمته أمراً مهماً أيضاً من أجل المحافظة على المستهلك.. كذلك من الناحية التسويقية يجب رعاية المنتج وتطويره من حيث تجديد هوية المنتج وشكل العبوات التي يعبأ فيها المنتج، والبرامج الترويجية التي تعزز مكانته في السوق بين المنتجات المنافسة، كل ذلك سينعكس بشكل ايجابي من خلال المحافظة على العميل، وإضافة مستهلكين جدد لهذا المنتج.. كما أن الشركة الحيوية هي التي تخدم منتجها من خلال معرفة تامة باحتياجات ورغبات المستهلك.. نحن اليوم على تواصل مستمر مع المستهلك من خلال استبيانات نستشف من خلالها موقف المستهلك من المنتج، ورغباته حيال المنتج، مما يمكننا من رصد ملاحظات المستهلك وتطلعاته نحو هذا المنتج الذي يفضله.. في هذا السياق ونتيجة للجهود المبذولة في هذا الصدد من أجل الحرص على متابعة المنتج وتعزيز الجودة، استطاعت شركة ألبان العزيزية أن تحصل على علامة الجودة حيث تعتبر ثاني شركة وطنية تحصل على هذه العلامة محلياً، كما أنها من أوائل شركات الألبان التي حصلت على شهادة الآيزو، وهي شهادة عالمية معروفة ولا تمنح إلا لمنتج يتمتع بجودة عالية.. ونحن الآن أكملنا عامنا الرابع ونحن نحصل على هذه الشهادة العالمية. * سلامة الغذاء هاجس يسيطر على المستهلك.. ما هي الضمانات بسلامة منتجات الألبان؟ - نحن في شركة العزيزية لدينا معايير داخلية صارمة في مسألة سلامة الغذاء سواء في المزرعة أو في المصنع.. هذه المعايير لا تهاون في تطبيقها من أجل الحفاظ على سلامة المنتج.. هذه المعايير في جلها هي معايير موضوعة من قبل هيئة المواصفات والمقاييس والتي تهدف بشكل أساسي إلى الحفاظ على سلامة المنتج الغذائي وأن يتمتع بجودة عالية.. ويتم تطبيقها بشكل تام، وتتم عملية مراقبة تطبيقها كذلك بشكل صارم.. وبالرغم من أن هناك جهات رسمية تراقب تطبيق معايير الجودة من أجل سلامة الغذاء، فإن لدينا رقابة داخلية صارمة في هذا الصدد من خلال ما تقوم به إدارة الجودة لدينا والتي تعنى بهذا الشأن.. وأنا أحب هنا أن أطمئن المستهلك على سلامة منتجات الألبان في المملكة.. فخلافاً للرقابة الذاتية الداخلية للشركات من أجل جودة وسلامة منتجاتها، هناك جهات رسمية تعمل على مراقبة الجودة وسلامة المنتج، وتقوم بزيارات مفاجئة للمزارع والمصانع من أجل التأكد من سلامة تلك المنتجات. أولى هذه الجهات هي هيئة المواصفات والمقاييس.. والتي تقوم بزيارات مفاجأة خاصة للشركات الحاصلة على علامة الجودة، وتأخذ عينات من المنتجات لفحصها، وكذلك فحص الحظائر والمحالب وفحص العمالة كذلك للتأكد من سلامتهم.. بعد ذلك تأتي البلديات والتي تقوم هي الأخرى بزيارات تفتيشية مفاجأة للمزارع والمصانع من أجل أخذ عينات لفحصها والتأكد من سلامتها.. كذلك وزارة التجارة لها زيارات دورية لمراقبة الجودة وحماية المستهلك، الجهة الرابعة هي وزارة الزراعة التي تتابع سلامة الأبقار من حيث النظافة والأمراض التي قد تصيبها.. كذلك الجهات الخارجية، فنحن كشركة حاصلة على شهادة الآيزو تأتي الشركة العالمية في زيارات مفاجأة من أجل التأكد من تطبيق معايير الجودة وبالتالي أحقية الشركة في حمل شهادة الآيزو. * تنوع المنتجات سياسة تنتهجها بعض الشركات.. إلى ماذا كنتم ترمون حين أدخلتم التمور في منتجاتكم؟ - الشركة قبل تسع سنوات فكرت في الاستفادة من بعض الأراضي غير المستغلة والتابعة للمزرعة.. لذلك كانت فكرة زراعة النخيل في هذه المساحات هي الخيار الأقرب بحكم طبيعة المجتمع السعودي والطلب المستمر على هذا المنتج الغذائي والأصيل.. فاخترنا نوعيات جديدة من النحيل الصقعي والخلاص ونبوت السيف وغيرها، ومؤخراً بدأنا في السكري، وكانت الخطة تقضي زراعة 15.000 نخلة، وبفضل الله تم تحقيق هذا الهدف، واليوم منتجات العزيزية للتمور تتميز بميزة استثنائية كونها اتبعت طريقة الزراعة بالطريقة العضوية، بمعنى أن تمور العزيزية هي تمور عضوية 100% مما يكسبها ميزة عالية جداً، كونها لا تستخدم في رعايتها أي أسمدة كيماوية أو مبيدات كيماوية، وقد حصلنا قبل حوالي ثلاث سنوات على شهادة الزراعة العضوية، وهذا العام حصلنا على شهادة ال (GAP) والتي تعني الممارسة الزراعية الجيدة.. وهي تمنح من قبل منظمة عالمية لديها معايير ذات سقف عالٍ وصارم لجميع العمليات الزراعية وهي جزء متمم ومهم للزراعة العضوية.