جيشان الخطاب الإعلامي العربي في كثير من مصادره بعد سقوط النظام التونسي السابق , أفقده أحيانا الموضوعية الموثقة , وعموما أثناء الثورات تكون الحمم مرتفعة ومشوشة ,حتى لو كانت ثورة رقيقة (كالياسمين) , لكن الخطاب الانفعالي المتشنج قد سيطر على الطرح الإعلامي حتى طال زوجة الرئيس السابق بن علي الكثير من السهام فتبدت للعالم كأنها أحد رموز الفساد ومحركاته هي وأفراد أسرتها , و نبشت الكثير من المواقع الإلكترونية تاريخها وماضيها وفتحت الملفات التي تظهرها فتاة قادمة من خلفية اجتماعية بسيطة ولكنها ذات جمال خلاب وطموح عارم. وغاوية الجمال والسلطة لطالما نسجت قصصا تقترب من الخيال ولطالما لعب الدهاء والفتنة دورا في كواليس السلطة, وكم من امرأة مدت نفوذها عبر حضوتها عند صاحب السلطة , ولم ننس أميلدا ماركوس صاحبة الأحذية الشهيرة التي يقال بأنها كانت تمتلك 4آلاف حذاء (لا أدري من عدهم) ؟بينما أطفال الفلبين حفاة في الشوارع . وهناك إيفا بيرون زوجة الجنرال بيرون حاكم الأرجنتين والتي كانت عارضة أزياء حسناء استطاعت أن تصل عبر نفوذها على الجنرال بيرون إلى كرسي الرئاسة هناك بعد وفاته, لتتحول لاحقا إلى أيقونة أسطورية بالنسبة للشعب الأرجنتيني إلى الدرجة التي كتب عن قصة حياتها العديد من المؤلفات , ومثلت العديد من الأفلام واشتهرت عبر العالم أغنية (لاتبكي من أجلي يا أرجنتين ) والتي تحكي قصة حياتها مع بيرون وشعب الأرجنتين . والخليفة يزيد بن عبدالملك تدله بجاريته (حبابة )وهجر شؤون الدولة ومتطلبات الحكم وبقي بجوارها , وكانت لها نفوذ كبيرة عليه بحيث كانت تأمره فيطيعها , وكانت لها من القدرة عليه إلى الدرجة التي تمكنها من أن تقطع موكبه وهو متجه ليصلي الجمعة بعموم المسلمين وتأمره أن يتبعها إلى قصرها, فيرضخ لمطلبها ويوكل إلى أخيه هشام بن عبدالملك الصلاة بالمسلمين , ولكن ذلك العشق المتدفق تكفن بنهاية مأساوية بعد أن شرقت (حبابة) بحبة رمان وماتت ويقال أن الخليفة يزيد بن عبدالملك مات كمدا عليها وذات مرة تمّلك اعتماد (زوجة الخليفة الأندلسي المعتمد ) حزن شديد حين رأت نساء من العامة يغصن بأقدامهن في الوحل مرحات وهن يعددنه لصنع قوالب من الطوب, وقالت لزوجها متحسرة:" إني تعسة, أعيش مسجونة في هذا القصر ولا أستطيع أن أغوص بأقدامي العارية في الوحل كهؤلاء النسوة" وضحك زوجها عاليا وأمر بإحضار كمية كبيرة من القرفة والمسك والطيب ورش عليها ماء الورد ثم عاد الى زوجته ليخبرها ان العجينة تنتظرها لتغوص فيها بأقدامها العارية عابثة. المؤسي في تتبع هذا التاريخ أن المرأة عبر التاريخ كانت تمتلك النفوذ والسلطة من الكواليس , وعبر المخدع , وأساليب المكر والدهاء الأنثوي فقط , ولم تعتد أن تصل عبر طرق ودروب تسطع فيها الشمس والضوء , أو عبر قدرات ومواهب شخصية في القيادة بعيدا عن اللعب على وتر الغرائز وتوظيفها كسبيل أوحد للوصول .