في عيد الأضحى المبارك، أضيئوا ميادينكم وزيّنوها، البسوا أثوابكم وبذلكم الجديدة، احتفلوا مع أطفالكم في تلقي الهدايا، وأكل الحلوى، وذبح الخراف، وتبادل التهاني والقبلات، ولكن تذكروا أن عيد غزة ظلام في الليل، وجوع في الشتاء ومرضى، ولو تفضل أبناء الأمة العربية وبدون شعارات، وتقدم كل فرد بعلبة زبادي، وعلبة دواء، وأطنان من الأرز والقمح والسكر وكيلوغرام من لحوم الأضاحي والأفدية، وبرميل بترول لتدفئة العجائز والأطفال، وفائض الأغذية والملابس، والفُرش والبطانيات، وجعلنا الحجاج يعبرون قبل حرمانهم إتمام مراسم الفريضة بدون فلسفة الانشقاقات، وجعلنا عيد هذه المدينة التي جاهدت وقاومت وتمنى أحد زعامات إسرائيل، ألا يصبح، إلا وابتلعها البحر ليكون عيداً سعيداً لها ماذا ستكون النتيجة؟! أليس من العار أن يكون عيد غزة ومناسباتها مآتم، وجوعاً، ومآسي، و"يفزع" لها الأجانب، ليكسروا الحصار مثل الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر، وشخصيات من جنوب أفريقيا مرموقة، ويقوم عدة فئات عالمية باقتحام الحظر لينقلوا بباخرتهم الدواء والغذاء وهدايا الأطفال، وكل الأمة العربية، والعالم الإسلامي يتفرجان على المأساة بدون احتجاج أو مظاهرات، أو مقاطعات بضائع، والتعامل بالمثل مع ما تقوم به إسرائيل وتحويل مجلس الأمن والأمم المتحدة إلى شريكي جريمة في ما يجري يتحملان مسؤوليتها أخلاقياً وشرفياً؟ أعرف أن الشعب العربي، والمسلمين جميعاً لديهم رصيد هائل من التعاطف والإسهام من خلال أي دعوة تنقذ المواطنين الفلسطينيين، لكن العوائق السياسية هي لعنتنا الأبدية، التي إما زرعت بربرية التصرف، أو أعاقت المشاريع، وغزة بكل معاناتها هي التي تدفع الثمن من خلال نزاع فرقة بين الفصائل الفلسطينية، وحصار لا يهتم به العالم بما فيه أخوة الدم والأرومة، والعقيدة. العيد موسمٌ تتزاحم فيه الأفراح، وأحياناً نفتعلها لمجرد الشعور بالاحتفال وحتى لا تكون أعيادنا تكراراً، لا نرى فيها إلا مواسم مآسٍ لجناح من الأمة العربية، وأجنحة أخرى تتفرج ولا تتحرك، وغزة مثال صارخ بأننا أمة نَعءي وسلبية واحتجاج لا تصل إلى احترام العالم بما نفعله، والسبب أننا فاقدو الأهلية في التأثير على العالم، وأن إسرائيل صارت بملايينها الخمسة أو السبعة، وجغرافيتها التي لا توازي مدينة عربية، أكثر أهمية من دول المحيط إلى الخليج، وكل ملايينها التي تزيد على المائتين. لا نريد تكرار أن إسرائيل مدلّلة القوى العظمى، ولا أنها القوة التي لا تقهر، وهي أعذار حملناها مع المؤامرات والعداء، وإعاقة التنمية، والفصل بين العرب الذين لا يريدهم العالم أن يتقدموا، في حين لم نفتش داخل أدمغتنا بأننا السبب في كل حالات الإعاقة التي نعيشها، حتى إننا حوّلنا مناسباتنا وأعيادنا إلى ذكريات للموت والحصار، والكبرياء الزائفة، وأن كل عام يمرلا نرى فيه سنتيمترا، أو دقيقة من الأمل تنقلنا من حالتنا الراهنة إلى شيء من الأمل والفعل، وبهذه المناسبة عيّدوا على أحلامكم .. وكل عام وأنتم بخير..