3 آلاف ريال غرامة التخييم في الغابات والمتنزهات بدون ترخيص    NHC تعلن بدء بيع المرحلة الثانية في مشروعي وهج ورحاب الأصالة بالرياض بعد اكتمال المرحلة الأولى    المملكة تشارك في مؤتمر رابطة مكافحة الفساد (IAACA) واجتماع اللجنة التنفيذية للرابطة بدولة قطر    "الربط الكهربائي الخليجي" ووزارة الكهرباء العراقية تبحثان بدء التشغيل الفعلي لمشروع الربط بينهما    تنمية الشباب.. الفرص والتحديات من منظور حقوق الإنسان    هطول أمطار رعدية على مناطق المملكة من يوم غدٍ الأحد حتى الخميس المقبل    لوحة «أ ب ل 1447» توثق رمزية مهرجان الإبل في معرض وزارة الداخلية    أمير الشرقية يرعى حفل تكريم الفائزين بجائزة الأحساء للتميز في نسختها الثالثة الاثنين القادم    شاشات مضيئة في معرض وزارة الداخلية بمهرجان الإبل تبرز جهود رجال الأمن في مختلف المهام    برعاية محافظ الخرج... انطلاق المؤتمر العلمي ال21 للجمعية السعودية التاريخية    رسالة من كانسيلو تثير الغضب    ثنائي منتخب السعودية ضمن التشكيلة المثالية لربع نهائي كأس العرب 2025    الأردن يعلن إصابة النعيمات بقطع في الرباط الصليبي    فريق قوة عطاء التطوعي يحتفي باليوم العالمي للتطوّع ويكرّم أعضاءه    ضبط (19576) مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود خلال أسبوع    ورشة عمل في فندق كراون بلازا تحت إشراف جمعية القلب السعودية ضمن حملة 55 قلبك بخير    أمطار رعدية ورياح نشطة على أجزاء من الرياض والشرقية وجازان وعسير    كشف السلطة في محل الفول: قراءة من منظور فوكو    سماء المنطقة العربية تشهد زخة قوية من الشهب هذه الليلة    المهارات الوظيفية بين اليقظة والغفوة والسبات    الذرة تنعش أسواق جازان    وزراء دفاع الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا يبحثون اتفاقية "أوكوس"    مدرب الجزائر: محبطون للخروج من كأس العرب.. خسرنا بركلات الحظ    المأساة في غزة تتفاقم... الخيام تغرق والنازحين معرضين للخطر    أمسية شعرية وطنية في معرض جدة للكتاب 2025    القادسية يختتم معسكره في الإمارات بالفوز على الظفرة    الأردني يزن النعيمات يصاب بقطع في الرباط الصليبي    الاتحاد السعودي للتسلق والهايكنج ينفّذ فعالية هايكنج اليوم الدولي للجبال بالباحة    الأردن يكسب العراق ويواجه الأخضر السعودي في نصف نهائي كأس العرب    تأجيل مباريات الجولة العاشرة من دوري روشن    تصوير الحوادث ظاهرة سلبية ومخالفة تستوجب الغرامة 1000 ريال    رئيس دولة إريتريا يصل إلى جدة    جلسة حوارية حول اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة نظمتها جمعية سنابل الخير والعطاء بعسير    تحت شعار "جدة تقرأ" هيئة الأدب والنشر والترجمة تُطلِق معرض جدة للكتاب 2025    الطائف تحتضن حدثًا يسرع الابتكار ويعزز بيئة ريادية تقنيه واعدة في CIT3    إمام وخطيب المسجد النبوي: رحمة الله تسع العاصي والجاهل والمنكر    إمام الحرم: بعض أدوات التواصل الاجتماعي تُغرق في السطحيات وتُفسد الذوق    أمير منطقة جازان يشرّف الأمسية الشعرية للشاعر حسن أبوعَلة    محافظ جدة يطّلع على مبادرات جمعية "ابتسم"    الجريمة والعنف والهجرة تتصدر مخاوف العالم في 2025    نائب أمير الرياض يعزي أبناء علي بن عبدالرحمن البرغش في وفاة والدهم    مدينون للمرأة بحياتنا كلها    نائب أمير جازان يستقبل الدكتور الملا    روضة إكرام تختتم دورتها النسائية المتخصصة بالأحكام الشرعية لإجراءات الجنائز    طرق ذكية لاستخدام ChatGPT    أمير المدينة المنورة يستقبل تنفيذي حقوق الإنسان في منظمة التعاون الإسلامي    مستشفى الملك فهد الجامعي يعزّز التأهيل السمعي للبالغين    «طبية الداخلية» تقيم ورشتي عمل حول الرعاية الصحية    زواج يوسف    القيادة تعزّي ملك المغرب في ضحايا انهيار مبنيين متجاورين في مدينة فاس    غرفة إسكندراني تعج بالمحبين    أسفرت عن استشهاد 386 فلسطينيًا.. 738 خرقاً لوقف النار من قوات الاحتلال    ترفض الإجراءات الأحادية للمجلس الانتقالي الجنوبي.. السعودية تكثف مساعيها لتهدئة حضرموت    وسط ضغوط الحرب الأوكرانية.. موسكو تنفي تجنيد إيرانيين وتهاجم أوروبا    دراسة تكشف دور «الحب» في الحماية من السمنة    ضمن المشاريع الإستراتيجية لتعزيز الجاهزية القتالية للقوات الملكية.. ولي العهد يرعى حفل افتتاح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    طيور مائية    ولي العهد يفتتح مرافق قاعدة الملك سلمان الجوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البطالة بين الشباب السعودي.. الثغرة المفتوحة..
نشر في الرياض يوم 03 - 05 - 2008

لا أجد توقيتاً أفضل من هذه الأيام للكتابة عن ظاهرة البطالة في المجتمع السعودي، كيف لا، وقد انعقدت في الأسبوع المنصرم فعاليات الحوار الوطني (الفكري)، في منطقة القصيم، تحت عنوان عريض كانت البطالة والسعودة وهمومها تطِّل برأسها في كل مداخلة، وبأجواء لا تخلو من الصراحة، وربما الإحباط.
وقبله صدر تقرير منشور، وزعته مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات، في وزارة الاقتصاد والتخطيط، أوضح في ثناياه مؤشرات القوى العاملة للنصف الثاني من العام الماضي.
واستوقفتني معلومة رقمية واحدة في منتهى الأهمية في ذلك التقرير، وهي أن عدد العاطلين السعوديين قد بلغ (453.994) فرداً، في النصف الثاني من عام 1428ه، وبزيادة (2%) عن النصف الثاني من ذات العام.. أي قرابة نصف مليون عاطل سعودي عن العمل عن العمل في يومنا هذا!
هذه أرقام تنذر بخطر كارثة اجتماعية، فإذا كان هذا الوضع اليوم، ونحن نعيش حالة رخاء مادية، وأجواء انفتاح اقتصادي واستثماري، ومشروعات كبرى من الوزن الثقيل، وتوجهاً متسارعاً نحو التخلص من كثير من المعوقات التي تقف عقبة أمام عجلة الاقتصاد، وقطاره المندفع في كل اتجاه.. إذاً، ماذا سوف يكون حال أبنائنا، لو كنا نعيش مرحلة شد البطون، وربط الأحزمة!
وليس السياق - هنا - هو رمي الاتهامات وتوزيعها، فلدينا وفرة من هذه وتلك، لكل من يتابع - ولو لماماً - ما يُنشر ويُكتب ويُتحدّث به، على وسائل الإعلام بشتى أنواعها، أو في المجالس العامة والخاصة، أو في المنتديات والمحاضرات والندوات، بعضها واقعي، وبعضها خيالي ومثالي.
قيل إن شلال الاستقدام هو المتهم، وقيل إن مخرجات التعليم والتدريب هي السبب، وقيل إن الشباب السعودي لا يرغب إلا في الوظيفة العامة، وقيل إن الإشكال هو انعدام أخلاقيات العمل بين أوساط الشباب.. وقيل وقيل.. وقد يكون هذا صحيحاً إلى حد كبير.. ولكن ما العمل؟ وكيف السبيل؟
بدأنا بحملة وطنية تسجل أسماء طلاب العمل، ويقابلها قوائم أخرى لما هو متاح من فرص العمل.. ولكن هذه الحملة لم تؤت أُكلها بالنتائج المرجوة، فما زال لدينا نصف مليون عاطل عن العمل، وحتى يومنا هذا!
ثم جاء دور إقفال صنابير الاستقدام، ولكن هذه - أيضاً - لقيت ما لقيت من مقاومة عنيفة، حملت الكثير، من المسؤولين في وزارة العمل، على التشاؤم من مستقبل برامج السعودة والتوظيف.
ثم عرّجنا على برامج التعليم ومخرجاته، ولكن ما زال رحم الجامعات يدفع - كل عام - بعشرات الآلاف من حملة التخصصات النظرية، التي (ما توكّل عيش)!
نعم، الجهات المعنية بالأمر: (وزارة العمل، والمؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب التقني، وزارة التعليم العالي، وزارة الخدمة المدنية، وبرامج التوظيف لأمراء المناطق، والمؤسسات الخاصة، ورجال الأعمال، وصندوق المئوية، والصندوق الوطني الخيري، وبرامج محمد عبداللطيف جميل لخدمة المجتمع) وغيرها، تبذل جهوداً بعضها متميز، وبعضها دون ذلك.. ولكن ما زال (الشق أكبر من الرقعة).. ولا أملك حلاً سحرياً، ولكن بدا واضحاً أن ما نقوم به من جهود ليس كافياً.
وفي تقديري المتواضع أن ما زلنا لم ننعتق من إسار (المألوف) في التعامل مع هذه القضية الحساسة، والتي سوف تزداد حساسية وخطورة وتفجراً، ما لم نتوفر على شيء أكثر مما هو مطروح على أهميته وضرورته، ولكنه بدا أنه ليس كافياً.
أرى أن الثغرة المفتوحة في جهود مكافحة البطالة والسعودة وتشغيل السعوديين هي حاجتنا إلى بيئة عمل منظمة وجاذبة وداعمة ومبدعة.
هذا الجانب لم ينل نصيبه - حتى الآن - من النقاش والحوار وابتداع الآليات.. وإذا كان ما يدور - حالياً - من نقاش يقول بأن الشريحة (الكبرى) من العاطلين من السعوديين هم فئة عديمي الخبرة والتدريب من حملة الثانوية العامة، فلماذا لا تكون البداية بهم تحديداً؟
إن هذه الشريحة من الشباب هي التي تتردد على مكاتب العمل، وعلى أجهزة الدولة، وعلى أبواب القطاع الخاص، ولكن - غالباً - تُرّد خائبة منكسرة، بسبب عدم وجود فرص وظيفية مناسبة لهم ولمهاراتهم وطموحاتهم.
لقد أصبح في حكم الحقيقة المؤكدة أن القطاع الحكومي ليس بإمكانه استيعاب هؤلاء فهو مشبع، وفي حكم المؤكد - أيضاً - أن القطاع الخاص هو الأمل والمجال الوحيد لهؤلاء.
والواضح - أيضاً - أن القطاع الخدمي هو الأكبر والأوسع في الاقتصاد السعودي، ومعظم نشاطاته لا تتطلب مهارات عالية، ولكن ما ينقصه حقيقة هو تنظيمه، وإيجاد أوعية تشغيلية مناسبة، وبدعم سخي من الدولة، لاستيعاب هؤلاء الشباب.
خذ - مثلاً - موضوع (تحديد ساعات العمل) في القطاع الخاص، فليس من المتصور أن يقبل الشباب على قطاع خدمي، وساعات عمله تمتد من صلاة الفجر حتى منتصف الليل، سبعة أيام في الأسبوع!
والأنكى - كذلك - أن هذا القطاع غير منظم، فلا أعتقد أن يوجد بلد في العالم غيرنا لديه هذا العدد من الدكاكين والحوانيت، حتى في ماليزيا والأزقة والشوارع السكنية، لدرجة انطباق مقولة (ما بين كل دكان ودكان دكان).
لدى غيرنا افتتاح المحلات الخدمية يخضع لضوابط وشروط، وحتى موافقة من أصحاب الصنعة أنفسهم، أو ما يسمى أهل (الكار).. فلكل أصحاب صنعة (منظمة) مسؤولة عن الترخيص لهم، طبقاً لمؤهلات وشروط وحتى أعداد معينة لا يمكن تجاوزها، وذلك للمحافظة على حد أدنى من ضمان ربحية نشاطاتهم.
هذان مثالان - فقط - على غياب البيئة التنظيمية لسوق العمل.. هذه الأمور لا علاقة لها بإشكالية الاستقدام أو التدريب، التي - دائماً - نرى أنها السبب المعطل لجهود السعودة.
الشاب السعودي مهما كان حظه من التعليم والتدريب يستطيع أن يعمل في هذا القطاع الخدمي، سواء لحساب نفسه أو لحساب غيره، لو وجد بيئة تنظيمية تضمن له عدداً معقولاً من ساعات العمل، وقدراً معقولاً من المنافسة وليس المزاحمة! ووجد آليات منظمة، من جهة موحدة، تقدم له الدعم والتمويل والحماية والتشجيع حتى يشتد عوده.
وليست وزارة العمل هي الجهة الوحيدة المسؤولة عن هذا الأمر، فهذا جهد تشترك فيه وزارة التجارة والصناعة، والأمانات والبلديات، ومجلس الشورى في إقرار التشريعات اللازمة لإيجاد بيئة تنظيمية تساعد الشباب من قليلي الخبرة والمال للانخراط والاشتغال في هذا السوق الخدمي، الذي يمثل (80%) من القطاع الخاص.
لماذا لا نفكر في إنشاء كيانات صغيرة، تدعمها الدولة عبر صندوق الموارد البشرية، أو غيره ك (الفرانشيز)، ويشترط لها أن يكون جميع العاملين بها من هؤلاء الشباب، إما لحساب أنفسهم أو غيرهم، ويقتصر العمل فيها على السعوديين، وكذلك عبرها ما يسمى ب (الملكية المتناقصة)، ويكون لهذه الكيانات حق (احتكار) بعض الأنشطة والأسواق والمواقع، بحيث لا يزاحمهم أحد عليها من الوافدين أو غيرهم.
صفوة القول، إن إيجاد البيئة التنظيمية الجاذبة والداعمة والمشجعة لهذه الشريحة العاطلة من شبابنا هي السبيل الوحيد لتشغيلها، دون الحاجة لانتظار إيقاف شلال الاستقدام، أو برامج التدريب الطويلة.. والأمثلة العالمية لهذه التجارب ناجحة جداً، وسهل تطبيقها متى ما وُجدت هذه البيئة.. فلماذا لا نجرب نحن.. إننا في ثقافة مجتمع لا تقتنع ولا تندفع إلا عندما ترى قصص النجاح، فلماذا لا نقدم ولو تجربة واحدة ناجحة تكون أنموذجاً للشباب، على مستوى الوطن، نستطيع الإشارة إليها كلما تحدثنا عن بطالة الشباب؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.