أعلنت قوات الدعم السريع أنّها سيطرت على مدينة الفاشر في إقليم دارفور في السودان، الأمر الذي قال محللون إنّه قد يشكّل نقطة تحوّل في الحرب المستمرّة منذ عامين في البلاد، كما يثير مخاوف من تقسيم البلاد مجددا بعد عقد من استقلال جنوب السودان في العام 2011. والأحد، أعلنت قوات الدعم التي تخوض حربا مع الجيش منذ أبريل 2023، السيطرة الكاملة على المدينة بعد حصار استمر حوالي 18 شهرا. وفي حال تأكدت السيطرة، تكون قوات الدعم قد أحكمت قبضتها على كامل إقليم دارفور، حيث أنشأت إدارة موازية تتحدى سلطة قائد الجيش الفريق عبدالفتاح البرهان، الحاكم الفعلي للسودان منذ انقلاب العام 2021 والموجود في بورتسودان في شرق البلاد. ومن شأن السيطرة على الفاشر أن تعني احتفاظ الجيش بالسيطرة على المناطق الممتدة عل طول نهر النيل والبحر الأحمر في شمال البلاد وشرقها ووسطها، بينما تهيمن قوات الدعم السريع بقيادة حليفه السابق محمد حمدان دقلو على دارفور وأجزاء من الجنوب. والفاشر هي عاصمة ولاية شمال دارفور، وكانت آخر مدينة كبيرة في الإقليم الشاسع تحت سيطرة الجيش وحلفائه. وقال ألان بوسويل مدير مشروع القرن الإفريقي في مجموعة الأزمات الدولية، "هذه هي اللحظة التي يخشى كثيرون أن تؤدي إلى تقسيم واضح للسودان". وأضاف "سواء تحقق هذا السيناريو أو لا، فقد بات السودان بحكم المقسّم. وكلّما طال أمد هذه الحرب، من المرجّح أن يصبح هذا التقسيم أكثر رسوخا ومن الصعب الحؤول دونه". وأفادت مجموعة لمراقبة الانتهاكات خلال الحرب، عن وقوع مجازر واسعة النطاق في كردفان الغنية بالنفط، بما في ذلك خلال هذا الأسبوع في بارا الواقعة شمال كردفان، بعدما أعلنت قوات الدعم استعادة السيطرة على المدينة الاستراتيجية الواقعة عند تقاطع طرق بين الخرطوم ودارفور. كذلك، أفادت مجموعات ناشطة عن "تطهير عرقي" في الفاشر، منذ أعلنت قوات الدعم السيطرة على المدينة، بينما حذر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة فولكر تورك من تزايد خطر الانتهاكات والفظائع. وأعادت هذه الاتهامات والتحذيرات إحياء شبح العنف العرقي في دارفور قبل عقدين. وقال المحامي والمحلّل السوداني محمد النور المختص في مجال حقوق الإنسان، "بدأ الجحيم بالفعل"، مضيفا أنّ "هذا العنف متأصّل في جوهر الميليشيا". وأعلن رئيس مجلس السيادة في السودان، الفريق أول الركن عبدالفتاح البرهان الاثنين، أن القيادة الموجودة في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور بمافيها لجنة الأمن كان تقديرها بأنه يجب أن يغادروا المدينة نسبة لما تعرضت له من تدمير وقتل ممنهج للمدنيين وأنهم رأوا أن يغادروا. ونقلت وكالة السودان للأنباء (سونا) عن البرهان قوله في كلمة له مساء الاثنين، "وافقناهم على أن يغادروا المدينة ويذهبوا إلى مكان آمن حتى يجنبوا بقية المواطنين وبقية المدينة الدمار". وأضاف البرهان، "إن هذه محطة من محطات العمليات العسكرية التي فرضت على البلاد، مؤكدا أن القوات المسلحة ستنتصر لأنها مسنودة بالشعب ويقاتل معها كل أبناء الشعب السوداني، مبينًا ان هذه المعركة ستحسم لصالح الشعب السوداني". وأكد البرهان العزم على الاقتصاص لكل "الشهداء"، والعزم على الاقتصاص لما حدث للأهل في الفاشر، مضيفًا أن الجرائم التي ارتكبت الآن في الفاشر وارتكبت قبل ذلك في كل بقاع السودان كانت على مرأى ومسمع من العالم، ولكنها وُوْجِهَت بالصمت من المجتمع الدولي، مشيرًا إلى أنه الآن تتم الانتهاكات ولا أحد يتحدث عن ذلك ولا أحد يحاسب. كما دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى إجراء محادثات فورية لإنهاء القتال في السودان بعد أن سيطرت قوات الدعم على مدينة الفاشر يوم الاثنين. وحث غوتيريش كلا من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع على التواصل مع مبعوثه الخاص إلى السودان رمطان لعمامرة دون تأخير، و"اتخاذ خطوات سريعة وملموسة نحو تسوية تفاوضية"، وفق ما جاء في بيان للمتحدث باسمه ستيفان دوجاريك. وقال دوجاريك إن الأمين العام يشعر ب"قلق بالغ" من التصعيد الأخير في القتال، ويدين انتهاكات القانون الإنساني الدولي المبلغ عنها، مضيفا أن غوتيريش "يشعر بقلق عميق" إزاء استمرار تدفق الأسلحة والمقاتلين إلى السودان، وهو ما يزيد من تفاقم الوضع الإنساني المتدهور أصلا. وقالت شبكة أطباء السودان الاثنين، أن قوات الدعم قامت بتصفية 47 مواطنًا بينهم تسع نساء داخل منازلهم بمدينة بارا في شمال كردفان بوسط البلاد. وقالت شبكة أطباء السودان ، في بيان صحفي "ان الدعم السريع يتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الجرائم ضد الإنسانية"، مؤكدة أن "السكوت الدولي على هذه الانتهاكات شراكة في الجريمة".