في هذه الزاوية سيأخذنا ياسر عبد الحافظ روائي وصحفي ورئيس تحرير جريدة «أخبار الأدب» رئيس تحرير سلسلة كتاب اليوم صدر له ثلاث روايات: «بمناسبة الحياة»، «كتاب الأمان»، «رماد العابرين» إلى عوالم القراءة من خلال ما اطلع عليه مؤخراً ويوصي بقراءتها. «التأملات» لماركوس أوريليوس. ترجمة: د. عادل مصطفى أحد الكتب التي لا تفارقني لأنه قبل سنوات قدم لي طريقًا للخروج من مأزق فشلت الطرق الأخرى في التعامل معه، ماركوس أوريليوس إمبراطور روماني وفيلسوف وعمله هذا فريد من نوعه، حيث يمثل سجلًا شخصيًا لأفكاره وتأملاته الروحية والأخلاقية. و»التأملات» يعد النص الرواقي الأكثر تأثيرًا ووصولًا إلينا مباشرة من أحد ممارسيه الكبار، والكتاب ليس فلسفة نظرية بل دليل عملي للحياة الفاضلة يحتل الكتاب موقعًا مركزيًا في الفلسفة الرواقية المتأخرة، ويجسد مبادئها الأساسية مثل قبول القدر، والتمييز بين ما يقع تحت سيطرتنا (أفكارنا وأفعالنا) وما لا يقع تحتها (الأحداث الخارجية)، والتركيز على الفضيلة باعتبارها أسمى الخيرات. في تقديري أن قراءة «التأملات» اليوم ضرورية إذ يقدم العمل حلولاً عملية للتعامل مع تحديات الحياة الحديثة وما تسببه من قلق، ويُعلِّم القارئ كيف يجد الهدوء الداخلي والقوة الأخلاقية في عالمنا المضطرب، في الرواقية بشكل عام، وهذا الكتاب بشكل خاص، لا يحتاج الإنسان حقًا من الحياة سوى ورقة وقلم، هذا ما كان يفعله ماركوس بعدما ينتهي من روتين يوم حكمه، ينزوي بنفسه في غرفة متقشفة، مبعدًا نفسه عن مباهج النساء والغلمان والخمر، ليكتب، والكتابة هنا فعل مراقبة وتوجيه للذات. في ظل حضارة مبدؤها الأساسي قائم على الاستهلاك فنحن في حاجة لعمل كهذا ليس لنتحول إلى الزهد بل لنجد نقطة التوازن. الخوف والبؤس برتولت برشت. ترجمة: سمير جريس وريم نجمي. الكتاب يضم مسرحيتين لبرشت «بنادق السيدة كرار» و»99 في المئة» والتي تغير عنوانها فيما بعد إلى «الخوف والبؤس في الرايخ الثالث». «بنادق السيدة كرار»، كما هو معروف، تدور في إسبانيا خلال الحرب الأهلية وتناقش مسألة الموقف من الظلم والطغيان بمفهوم مبدئي أن الحياد في أوقات كتلك يعد انتصاراً للظلم. أما «الخوف والبؤس في الرايخ الثالث» فتكشف عن شكل الحياة اليومية تحت سلطة النازية في ألمانيا خلال ثلاثينات القرن العشرين عبر مجموعة من المشاهد القصيرة تنقل لقارئها أجواء الخوف، والرعب، والشك المتبادل الذي اخترق نسيج المجتمع الألماني. يكشف برشت من خلال قصص الناس العاديين كيف تُحوّل الأنظمة القمعية البشر إلى كائنات خاضعة، ويفضح زيف الدعاية النازية وسخرية الانتخابات المزورة. المادة والعقل ماريو بونجي. ترجمة: صلاح إسماعيل كتاب ضخم يزيد على ال700 صفحة ويحتاج إلى صبر لقراءته واستيعاب أفكار صعبة حول الانبثاق والمستويات، أو التفرقة بين أنواع المادية، أو بين العلم والعلم الزائف، ثم بالطبع تحديد مشكلة العقل والجسم. المؤلف يتصدى في هذا العمل للمشكلة القديمة والمعقدة ألا وهي العلاقة بين المادة والعقل، ونظريته الأساسية تقوم على استدلالات علمية ترفض فصل العقل عن الجسد أو اختزال العقل إلى مجرد مادة، وبهذا فهو يدخل في سجالات حدية مع معظم الفلسفات. بالنسبة لي فإن أهمية الكتاب تتصل بقدرة بونجى على إثارة النقاش والجدل حول الفلاسفة والمفكرين الذين نلهث في الإحاطة بتصوراتهم الغامضة في كثير من الأحيان، فحسب سيرة حياته فقد عاش بونجى مائة عام كرس أغلبها لفضح الفلسفات الزائفة من وجهة نظره، مثل: نيتشه وهايدجر ودريدا. كما أنه انتقد فلاسفة الوجودية والنسوية والنظرية النقدية وما بعد الحداثة مؤكداً على أن مقولاتهم إما عبثية أو تافهة. أرشح هذا الكتاب للقراءة لأنه فضلاً عن موضوعه المهم فإنه مفيد في رؤية المناهج النقدية والفلاسفة من وجهة نظر أخرى، وهو ما يمكن القارئ من إيجاد مسافة ملائمة يستطيع بها تكوين آراء عنها وعدم الخضوع لأحكامها التأويلية بشكل مطلق. فخ الحضارة ثورة الذكاء الاصطناعي. المؤلف: د. محمد سليم شوشة أحد الكتب المهمة التي صدرت مؤخرًا حيث يناقش المؤلف تأثير الذكاء الاصطناعي، على الثقافة والهوية واللغة العربية محذرًا من أن التطور التكنولوجي الهائل قد يكون فخاً يهدد بقاء من لا يستعد له من الأمم والثقافات، وهو يركز على التهديدات التي تواجه اللغة العربية وأولها ضعف الدراسات والأبحاث المتعلقة بها ما يهدد بتفكيك السرديات والتراث، وأيضاً التهديد بخروج اللغة ذاتها من النطاق التكنولوجي وتحول المستخدمين بشكل كامل إلى لغات أجنبية كالإنجليزية. والكتاب دعوة للتفكير الجاد والعمل على إيجاد نموذج ذكاء اصطناعي مشتغل باللغة العربية مع تجديد مناهج دراسة اللغة بحيث تتواءم مع التطورات التكنولوجية. في الشعر الجاهلي طه حسين أعيد قراءة هذا الكتاب في مناسبة اقتراب مرور 100 عام على صدوره (1926- 2026) وهي ليست قراءة للكتاب فقط بل محاولة للإحاطة بالظروف التي صدر خلالها والأثر الذي تركه حينها، مع السعي لتحديد موقع الكتاب اليوم في الثقافة العربية، والأثر الذي تركه على الثقافة وعلى المجتمعات، إلى أين مضينا في عملية التنوير والنقد العقلاني؟