سجل معرض الرياض الدولي للكتاب الذي أقيمت نسخته الحالية 2025 في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن في شهر أكتوبر الجاري، تحت شعار "الرياض تقرأ"، دوره كمحرك فعال للاقتصاد الثقافي معززا بذلك تحقيق مساعي وزارة الثقافة الهادفة لرفع المساهمة الاقتصادية للقطاع الثقافي بنسبة تصل إلى 3 % من الناتجِ المحلي الإجمالي للمملكة بحلول عام 2030، وأظهرت هذه النسخة التي تعد وسيلة مؤثرة ضمن حملة "السعودية تقرأ" التي أطلقتها هيئة الأدب والنشر والترجمة لتعزيز شغف القراءة وبناء مجتمعٍ معرفي متفاعل مع الإبداع العالمي، تنامي إسهامات معرض الرياض الدولي للكتاب في دعم قطاعات اقتصادية عديدة أخرى، كقطاع السياحة والترفيه، وقطاعات الضيافة والفنادق، والمأكولات والمشروبات، والمواصلات والنقل وغيرها، إضافة إلى تعاظم دوره في تدعيم ريادة المملكة في صناعة النشر والكتاب بدلالة مشاركة أكثر من 2000 دار نشر ووكالة من أكثر من 25 دولة في هذه الدورة التي تصاحبها أكثر من 200 فعالية متنوعة بين ندوات وجلسات حوارية وأمسيات شعرية وورش عمل وتنشط الأعمال بها وتتوسع الشراكات عبر أكثر من 30 جهة لتمكين صناعة النشر وتعزيز حقوق المؤلف. أنشطة المعارض ودورها الاقتصادي تابعت هيئة الأدب والنشر والترجمة التي تم تأسيسها في فبراير للعام 2020م ضمن مهامها المتمثلة في إدارة قطاعات الأدب والنشر والترجمة وتنظيمها بوصفها المرجع الرسمي لها في المملكة، العمل بجد واجتهاد لتحقيق تطلعات رؤية 2030 والاستراتيجية الوطنية للثقافة بدء بجعل الثقافة نمطاً لحياة الفرد، وتفعيل دورها في النمو الاقتصادي، وتمكينها من تعزيز مكانة المملكة الدولية فعملت على تطوير الإمكانات وتحفيز الممارسين وخدمة المستفيدين منها، للارتقاء بالنتاج الأدبي وصناعة النشر والنشاط الترجمي السعودي، وتحسين البيئة التشريعية والمُمكّنات الأساسية التي تنهض بمقومات الأدب والنشر والترجمة فشجعت وفعلت دور القطاع غير الربحي، وكان لمعارض الكتب وعلى رأسها معرض الرياض الدولي للكتاب نصيباً وافراً من اهتمام الهيئة إذ تعد معارض الكتاب من الأعمدة الأساسية في الثقافة بالمملكة، كما أنها تلعب في دعم السياحة الثقافية الدولية والأثر الاقتصادي المصاحب لها، إضافةً إلى أهميتها في تعزيز البعد الثقافي والقوة الناعمة للدول، فعملت كل ما يلزم لاستمرار ريادة معرض الرياض الدولي للكتاب الذي يعد أحد أهم وأكبر حدث ثقافي سنوي في الوطنِ العربي يخاطب الفئات العمرية كافة، ويعزز جهود هيئة الأدب والنشر والترجمة في نشر ثقافة القراءة، وسخرت التقنيات الحديثة، لخدمة الزوار، وتحسين تجربتهم خلال وجودهم وتفقدهم أجنحة المعرض، وكان النجاح حليفا للهيئة في توجهها ذلك بدلالة تنامي أنشطة المعروض ودوره الإقتصادي إذ سجلت نسخة المعرض في العام 2024 نموا بنسبة 12 % مقارنة بنسخة العام الذي سبقه بحضور أكثر من مليون زائر من مختلف الجنسيات، كما حظيت تلك النسخة بمشاركة أكثر من 2000 دار نشر ووكالة، من أكثر من 30 دولة، توزعت على 800 جناح، وتم تقديم أكثر 200 فعالية شملت العديد من الندوات والجلسات الحوارية، والمحاضرات والأمسيات الشعرية وورش العمل.وعرضت عشرات الآلاف من عناوين الكتب والإصدارات الجديدة، مما انعكس إيجابًا على إيرادات دور النشر المشاركة في المعرض، حيث حققت مبيعات تجاوزت 28 مليون ريال،و أسهم المعرض حينها في إنعاش سوق الطباعة وحركة النشر العربية، كما عزز قدرات الناشرين السعوديين وتنافسيتهم،وساهم المعرض في دعم قطاعات اقتصادية أخرى، وعمل على إنعاش قطاعات الضيافة والفنادق، والمأكولات والمشروبات ونسبة الإشغال في فنادق الرياض خلال مدة تنظيمه إلى مستويات كبيرة، كما عمل على تنشيط عموم وسائل النقل المختلفة وزاد في الطلب على السلع والخدمات المحلية واسهم في خلق الكثير من الفرص الوظيفية التي استفاد منها الكثير من الشبان والشابات وكان له دور مهم في دعم المنتجات التقليدية المحلية عبر إشراك الحرفيين ورواد الأعمال في عدد من الفعاليات المصاحبة. تسويق الفرص الاستثمارية ولا يقتصر النشاط الاقتصادي المباشر لمعرض الرياض الدولي للكتاب على إنعاش سوق الطباعة وحركة النشر ولكنه يمتد بشكل بارز إلى قطاع السياحة والترفيه كونه يعد ضمن الأدوات العاملة على ترسيخ مكانة المملكة كوجهة سياحية عالمية رائدة، حيث يتم تنظيم زيارات للمشاركين والزوار القادمين من خارج المملكة إلى مختلف المعالم الأثرية والتاريخية والطبيعية والمشروعات الاقتصادية والثقافية في الرياض وفي العديد من المواقع والمناطق السياحية التي تزخر بها المملكة،حيث يتم إطلاعهم على المواقع السياحية، وتعريفهم بمختلف الفرص الاستثمارية الواعدة في المملكة، مما يسهم في الترويج السياحي للمملكة خارجيًّا، وإنعاش قطاع السياحة الذي يعول عليه ليكون مصدرًا مهمًّا من مصادر تنويع مصادر الاقتصاد ودور في تشجيع المستثمرين على استكشاف فرص الاستثمار في مختلف القطاعات، كما تسهم تلك الزيارات والجولات في دعم نمو المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ذات العلاقة بمثل هذه النوعية من النشاط كما تعد تلك الجولات والزيارة وسيلة ملائمة لدعم الحرفيين والأسر المنتجة لعرض منتجاتهم الحرفية، مما يساهم في تنمية هذه الصناعات وإحياء التراث السعودي وتحويله إلى صناعة اقتصادية مستدامة، ويعد معرض الرياض الدولي وغيره من معارض الكتاب التي تقام بالمملكة أدوات مساهمة في ترسيخ مكانة المملكة كوجهة سياحية عالمية رائدة وفي نجاحات قطاع السياحة السعودي وتحقيقه لأرقام قياسية غير مسبوقة حيث استقبلت المملكة أكثر من 32 مليون سائح خلال موسم صيف 2025، ما يمثل نموًا بنسبة 26 % مقارنة بصيف 2024. تمكين صناعة النشر ويعد معرض الرياض الدولي للكتاب مكانا وموقعا مثاليا لتمكين صناعة النشر وتعزيز شراكاتها، وتجمع الوكالات الأدبية التي تدير حقوق المؤلفين وعقودهم، وتقدم خدماتها للناشرين، ونقطة للتواصل المباشر مع مختلف الجهات الحكومية والتمويلية والريادية في قطاع النشر محليًا ودوليًا، حيث يوفر المعرض برنامج متنوع يضم جلسات حوارية وورش عمل متخصصة في مجالات ريادة الأعمال وحقوق النشر والتراخيص وغيرها من الموضوعات المرتبطة بصناعة الكتاب، كما يعد استحداث منطقة أعمال متخصّصة مصاحبة لمعرض الرياض الدولي للكتاب نقلة كبيرة تتيح لمختلف الوكالات الأدبية التي تدير أعمال المؤلّفين وعقودهم، والمطابع المحلّية التي تُشارك في معارض الكتب المحلّية، لتقدّيم خدماتها للناشرين، فرصًا استثمارية استثنائية، إذ تسهل منطقة الأعمال التقارب والتلاقي وتسهم في توقيع عدد من الاتفاقيات بين الوكالات الأدبية والمؤلفين، مما يدعم صناعة النشر في المملكة، ويساعد المؤلفين السعوديين ويدعم إنعاش سوق الطباعة وحركة النشر العربية، ومن الأمثلة على ذلك تواجد الصندوق الثقافي، عبر جناحه في معرض الرياض الدولي للكتاب 2024 لاطلاع زوار المعرض على خدماته المالية "التمويل الثقافي" الذي يعد الأول من نوعه في المملكة العربية السعودية، ويهدف المشروع إلى دعم نمو المشروعات الثقافية للمنشآت عبر حلول تمويلية مرنة، وذات مزايا تنافسية تمكنها من بدء أعمالها وتوسع نموها باستدامة وربحية وأمان، ويسعى الصندوق الثقافي من خلال التمويل الثقافي إلى توفير حلول تمويلية بمزايا تنافسية؛ لتمكين المنشآت العاملة في القطاع الثقافي بما يدعم توسعها ونموها، إضافة إلى تحفيز مساهمة القطاع المصرفي في تنمية القطاع الثقافي اقتصاديًّا، والاستفادة من الفرص التي يقدمها، ودعم استدامة نمو القطاع الثقافي لينعكس أثره على المجتمع.