كنت قد شاركت بورقة عمل في معرض الرباط الدولي للكتاب ضمن الوفد السعودي المرشح للمشاركة من قبل هيئة الأدب والنشر والترجمة، تناولت الورقة: «الرواية السعودية من النص المكتوب إلى الشاشة الكبيرة» في الرابع والعشرين من إبريل الماضي، وقد تطرقت الورقة إلى الإمكانيات الغنية التي تتيحها الرواية السعودية للتحويل إلى أفلام سينمائية، مستعرضاً تجارب واقعية وأساليب عملية لتحقيق ذلك. والتحولات النوعية التي شهدتها الرواية السعودية خلال العقود الأخيرة، من حيث تنوعها المكاني والثقافي وتناولها قضايا إنسانية عميقة مثل الهوية والتحولات الاجتماعية، مما يجعلها مادة خصبة للسينما. وأضيف في هذا المقال أن الرواية السعودية قد شهدت خلال العقود الأخيرة تطوراً ملحوظاً من حيث التنوع الموضوعي، والنضج الفني، وعمق التجربة الإنسانية، ومع تزايد الاهتمام بالسينما السعودية، يبرز سؤال مهم: هل يمكن تحويل الرواية السعودية إلى أفلام سينمائية؟ وإذا كان الجواب نعم، فما الطرق والأساليب التي تسهم في إنجاح هذا التحويل؟ يمكن تلخيص هذا الأمر في نقاط تتركز في التالي: الرواية السعودية: مادة خام غنية للسينما، فنجد أن الروايات السعودية تتمتع بعدة خصائص تجعلها مناسبة للتحويل والإنتاج السينمائي، من أبرزها: التنوع المكاني: تتنقل الرواية السعودية بين الحجاز، نجد، الجنوب، الشرقية، مما يقدم بيئات تصويرية بصرية متنوعة. القضايا الإنسانية والاجتماعية: مثل قضايا الهوية، التحولات الاجتماعية، مكانة المرأة، والصراعات الداخلية، وهذه مواضيع تجذب جمهور السينما إلى مشاهدتها. الرمزية والواقعية: كثير من الروايات السعودية تمزج بين الرمزية الشعرية والواقعية الحياتية، وهو مزيج يفتح المجال أمام معالجات سينمائية مبتكرة. أساليب تحويل الرواية إلى سيناريو سينمائي: فمن أجل تحويل الرواية إلى فيلم يمكن له أن يحقق النجاح، لا بد من اعتماد تقنيات وأساليب مدروسة، والتي منها: الاقتباس الإبداعي: تحويل الرواية إلى سيناريو لا يعني نقلها حرفياً، بل إعادة صياغتها بصرياً مع الحفاظ على روحها ومضامينها الجوهرية. الاختزال والتركيز: الرواية قد تحتوي على أحداث وشخصيات كثيرة، لذا يحتاج السيناريو لاختزال الشخصيات، وهناك نماذج لروايات سعودية حققت نجاحا بعد تحويلها إلى أفلام سينمائية سعودية، والتي نورد منها: رواية «بنات الرياض» لرجاء الصانع – في عام 2008، أعرب المخرج الأمريكي تيود نمز عن رغبته في تحويل الرواية إلى فيلم سينمائي، وكان يسعى للحصول على تمويل من شركات إنتاج سعودية. ومع ذلك، لم يتم الإعلان عن أي تقدم في هذا المشروع منذ ذلك الحين. لكنه تم تحويل الرواية إلى مسلسل إذاعي مكوّن من خمس حلقات بُثّ على إذاعة BBC Radio 4 في عام 2020. الرواية أثارت جدلاً واسعاً وقت صدورها لأنها قدمت صورة جريئة عن حياة الفتيات السعوديات في الرياض. رواية «الموت عمل شاق» لعبدالله الزهراني (مستوحاة جزئياً، لم تذكر بالاسم ولكن تُعد مرجعاً في بعض الأفلام القصيرة)، الرواية التي تتناول الرحلة عبر جغرافيا مليئة بالصراعات العائلية والفكرية ألهمت بعض المخرجين السعوديين لصنع أفلام قصيرة تلامس نفس الفكرة، مثل فيلم «سيدة البحر» (2019) للمخرجة شهد أمين، التي اعتمد بها على الرمزية والخيال الشعبي المستمد من الثقافة السعودية. رواية « ترمي بشرر» لعبده خال: تمت الاستفادة من أجواء الرواية في أعمال درامية وأفلام قصيرة، كما فُكر بتحويلها لفيلم سينمائي كامل. الرواية حائزة على جائزة البوكر العربية، وهي تصور حياة المهمشين في جدة. ثيماتها الإنسانية والاجتماعية العميقة ألهمت صناع سينما لتقديم أعمال مستوحاة من أجوائها. وأعرب الكاتب عبده خال عن رغبته في تحويل رواياته إلى أعمال سينمائية، مشيرا إلى أن الانفتاح الثقافي في السعودية قد يتيح فرصا مستقبلية لذلك. لكنه أكد أنه يرفض أي اقتباس لا يحترم النص الأصلي أو يخضع لرقابة تحد من حرية التعبير. وهناك عدة روايات سعودية تتحضر للتحويل إلى أفلام سينمائية، ضمن موجة الاهتمام المتزايد في السعودية بصناعة المحتوى المحلي، وبدعم من جهات مثل هيئة الأدب والنشر والترجمة، وMBC Studios، وهيئة الأفلام السعودية. وختاماً، إن نجاح تحويل الرواية إلى فيلم يتطلب اقتباساً إبداعياً يراعي حس المشاهد، ويحترم في ذات الوقت العمل الروائي بما يتضمنه من جوانب إبداعية مهمة. فيلم سعودي بمهرجان لندن السينمائي