الإعلام في اللغة مشتق من الفعل أعلم يعلم إعلاماً، أي قام بالإخبار لغيره، تقول العرب أعلم فلاناً الخبر، أي أخبره به، والإعلام في اللغة يأتي بمعنى التبليغ والإيصال والتبيين، فأبلغ وأوصل وبيّن الخبر أي أشاعه ونشره بين الناس. والإعلام من جهة الوسائل المستخدمة فإنه صاحب ظهور الإنسان منذ نشأته، ومنذ أن بدأت البشرية تتعرف فيما بينها، وتتبادل الأفكار والمعلومات، ومع مرور الزمن والتطور الذي شهده الفكر الإنساني تطور الإعلام وتطورت وسائله، فتحولت من وسائل بدائية (النار والدخان) إلى وسائل متطورة تولَّدت عن الثورة العلمية والصناعية التي شهدها العالم، الجدير بالذكر أن ممارسة الإعلام تعزَّزت منذ ظهور الأديان السماوية ومحاولة دعوة وإقناع الناس من خلال وسائل وأساليب مختلفة. ورغم بدائية وسائل الاتصال والتواصل بين الناس في عهد النبوَّة إلا النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم استخدموا وسائل ومراكز إعلامية كثيرة ومتعددة في تبليغ رسالة الإسلام، ودعوة الناس لدين الحق، فلم يترك النبي صلى الله عليه وسلم وسيلة للتواصل إلا استخدمها، ولم يفوت فرصة سانحة إلا استغلها، استقبل الوفود، وتحدث في المجالس، وخاطب الناس سراً وعلانية، في السراء والضراء، في الشدة والرخاء، ودعاهم لدعوة الحق لإخراجهم من الظلمات إلى النور. اتسمت دعوته صلى الله عليه وسلم بعدة مراحل إعلامية، فبدأ بدعوة أهل بيته رضوان الله عليهم، ثم الأقرب فالأقرب، وممن آمن به في هذه المرحلة خديجة بنت خويلد، وعلي بن أبي طالب، وأبو بكر الصديق، رضي الله عنهم جميعاً. ولأن هذه المرحلة تقتضي أخذ الكثير من الحيطة والحذر من الناحية الإعلامية في نشر أي دين جديد، بحكم تعصب الناس لعبادة الأصنام من جهة، وجبروت سادة قريش في تلك الفترة من جهة أخرى، فقد اتخذ -صلى الله عليه وسلم- من دار الأرقم بن أبي الأرقم مركزاً إعلامياً سرياً، ينشر منه دعوة الإسلام، ويعلِّم فيه من آمن به من الصحابة رضي الله عنهم الدين، طيلة مدة تقارب ثلاث سنوات قبل الجهر بالدعوة. بعد الجهر بالدعوة، والهجرة النبوية إلى المدينةالمنورة، بدأت الدولة الإسلامية تثبِّت أركانها، وترسي أسسها، فبرزت وسائل إعلامية أخرى عديدة، كالوفود الخارجية والداخلية، وكتبه -صلى الله عليه وسلم- إلى الملوك وسادة القبائل، وصلح الحديبية، ورسله وبعوثه وولاته صلى الله عليه وسلم قبل وبعد فتح مكةالمكرمة، وحجة الوداع... إلى غير ذلك من مظاهر ممارسة الإعلام بوسائل متنوعة. وفي دور وجهد إعلامي بارز بذل الصحابة والصحابيات رضوان الله عليهم الغالي والنفيس لإيصال دعوة الإسلام إلى الناس، وبيان مبادئ الإسلام، وأحكامه، وآدابه، فكانوا يسمعون من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يفوتون مجلساً من مجالسه، فيبلغون ذويهم بما سمعوا، ومنهم من كان يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم صباحاً ويعود مساء إلى أهله فيعلمهم ما تعلم. كما برزت مراكز إعلامية كثيرة أيضاً، ومن أهم هذه المراكز الإعلامية عاصمة الدولة الإسلامية المدينةالمنورة، إضافة إلى مكةالمكرمة، والبصرة، والكوفة، والشام، ومصر، إضافة إلى الأماكن التي وصل إليها الصحابة رضوان الله عليهم، كاليمن، والأندلس، والمغرب، وخراسان، وقروين وغيرهم كثير، ويعتبر الصحابة الذين هاجروا إلى أرض الحبشة إبَّان عهد النبوَّة بإذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أول وفد إعلامي خارج الجزيرة العربية. الإعلام لم يظهر من مرحلة الجرائد والصحف والمجلات والتلفاز والمواقع الإلكترونية وصولاً إلى مواقع التواصل الاجتماعي اليوم، بل هو قديم قدم الإنسان ظهوراً وممارسة ووسائل ومراكز، ولكنه تطور مع تطور حياة الإنسان نفسه.