يشهد قطاع الأغذية في المملكة العربية السعودية نمواً مضطرداً، وخاصة في ظل الاهتمام المتزايد بأنماط الغذاء الصحية والممارسات المستدامة وقضايا الأمن الغذائي لدى شرائح واسعة من المستهلكين في المملكة والمنطقة ككل. وقد بدأت العديد من الشركات في أخذ هذه التوجهات بعين الاعتبار على مستوى الابتكار والإنتاج وسلاسل التوريد. وعلى هامش المعرض العالمي للأغذية الذي انعقد في الرياض التقينا رضوان أحمد، المدير التنفيذي لمجموعة إفكو العالمية، الذي حدثنا عن رؤيته لحاضر ومستقبل القطاع في السعودية والفرص الكامنة فيه والتحديات التي تواجهه، والجهود التي تبذلها الشركة على صعيد الابتكار والاستدامة وتعزيز عملياتها في المملكة. ما هي خططكم الاستراتيجية للتوسع في المملكة العربية السعودية؟ بحكم كونها أكبر اقتصاد على مستوى المنطقة، تعد المملكة العربية السعودية سوقاً رئيسية بالنسبة لنا في مجموعة أفكو العالمية، حيث نهدف إلى دعم رؤية السعودية 2030 من خلال الإسهام في تسريع جهود التحول في مجال الطاقة وتحقيق الأهداف المستدامة وجذب موجة جديدة من الاستثمارات إليها. وكما هو الحال مع العديد من الأسواق التي نعمل ضمنها، فإننا نرى قطاع الأغذية في المملكة العربية السعودية يواصل نموه باضطراد، وذلك بالتزامن مع تنامي الطلب على الحلول المبتكرة التي تلبي معايير الاستدامة والأذواق المختلفة للعملاء. وتتمحور استراتيجيتنا حول الاستفادة من خبراتنا الكبيرة وشراكاتنا الواسعة لتلبية الطلب المتنامي في المملكة وتوسيع نطاق عملياتنا فيها بما يتماشى مع حجم الطلب الكبير، بما في ذلك تنويع خطوط إنتاجنا لتتماشى مع مختلف تفضيلات العملاء وأذواقهم وأنظمتهم الغذائية، من خلال إطلاق منتجات مبتكرة مستوحاة من الثقافة المحلية. ونحن متحمسون للغاية للإعلان عن الافتتاح المرتقب لمصنعنا الجديد بمدينة الدمام، والذي سيتيح مجموعة واسعة من منتجاتنا ذات الجودة العالية التي تلبي احتياجات العملاء والمتخصصين في مجال الأغذية. يمثل هذا المصنع الجديد محطة جديدة في رحلة نجاحاتنا، حيث يتماشى مع التزامنا الراسخ بدعم شركائنا وعملائنا خلال العقد المقبل. كيف تُقيِّم التوجهات الناشئة للأغذية الصحية في المنطقة؟ وما هي الفرص الكامنة والتحديات التي تواجه القطاع في هذا الجانب؟ تعرف منطقة الشرق الأوسط إجمالاً بأنماطها الغذائية الصحية تاريخياً، والتي تركز على البروتينات الخالية من الدهون والفواكه والخضروات والحبوب الكاملة والبقوليات، ولكن التطور الذي شهده العالم أدى إلى تبني أنماط وعادات غذائية تركز على استهلاك الأطعمة المُصنعة والمأكولات السريعة. ورغم ذلك، فقد بدأ المستهلكون اليوم بتبني التوجهات الغذائية الصحية التي تساهم في تعزيز صحتهم ولياقتهم العقلية والبدنية. كما أن هنالك تركيزاً كبيراً على الأطعمة الصحية والعضوية بهدف ضمان سلامة الأغذية واستدامتها وشفافية المعلومات المذكورة على ملصقات المنتجات والمتعلقة بالمكونات الغذائية، إلى جانب تبني نهج "من المزرعة إلى المائدة" في الإنتاج، مع العلم بأن الطلب على خيارات المأكولات والأغذية الصحية يتيح العديد من الفرص للشركات التي تتركز أعمالها على هذه الخيارات. وتتمثل إحدى الفرص الكبيرة التي لاحظناها، في الطلب المتزايد على اللحوم النباتية التي تعد خياراً صحياً ومستداماً في ذات الوقت. كيف تُقيِّم مستوى الأمن الغذائي في المنطقة؟ وما هو الدور الذي تضطلع به مجموعة إفكو العالمية في هذا الجانب؟ يواجه الأمن الغذائي في العالم العديد من التحديات الكبرى، وهو ما تواجهه أيضاً منطقتنا التي تعتمد على الواردات لتغطية ما يقارب ثلثي احتياجاتها الغذائية. وتمتد هذه الاعتمادية لتشمل العديد من فئات الأغذية، مثل الأرز الذي يتم استيراده بالكامل من الخارج، ونحو 93% من الحبوب ونحو 62% من اللحوم و56% من الخضروات، وينجم عن هذه الاعتمادية على الواردات الغذائية حساسية بالغة لأسواق المنطقة المحلية تجاه تقلبات الأسعار ما يجعلها أيضاً عرضة للتأثر الكبير بالتحديات العالمية التي تواجه سلاسل التوريد العالمية. وفي هذا الشأن، تعمل مجموعة إفكو العالمية على معالجة هذه المشكلة والحد من مخاطرها من خلال الاهتمام بمسؤوليتنا تجاه عملائنا لضمان استقرار سلاسل التوريد العالمية التي تحمل منتجاتنا، كما أنشأنا هيكلية متينة لتعزيز عمليات سلاسل التوريد لدينا، من خلال تبنينا تقنيات مبتكرة مثل البلوكتشين التي مكنتنا من تقديم خدمات سلسة فيما يتعلق بتوريد الطلبات وتعزيز مرونتنا أمام التقلبات التي تشهدها الأسواق وسلاسل التوريد. هل لك أن تحدثنا عن أبرز مبادراتكم وجهودكم في تعزيز الاستدامة ضمن عملياتكم؟ تشارك مجموعة إفكو العالمية ضمن التزامها الراسخ بالاستدامة والمسؤولية المجتمعية، في العديد من المبادرات الرامية لتبني أفضل الممارسات الصديقة للبيئة في قطاع إنتاج الأغذية وسلاسل التوريد، فمن خلال تشديدنا على مبادئ الترشيد وإعادة الاستخدام وإعادة التدوير، واستثمارنا الكبير في مجال الابتكارات الخاصة بالتعبئة والتغليف المتماشية مع المعايير البيئية، فإننا نهدف إلى الحد من استنزاف الموارد وتقليل بصمتنا البيئية. وإلى جانب تخصيصنا مبلغ 77 مليون دولار أمريكي للمبادرات المستدامة والتزامنا الراسخ بالحصول على المواد الأولية من مصادر مسؤولة والحد من إزالة الغابات، خاصة ضمن المحاصيل الرئيسية التي تتضمن النخيل والصويا والقمح والذرة، فقد أثبتت المجموعة تفانيها الكبير في تبني الممارسات المستدامة في كافة مراحل عملياتها. كما تعكس مشاركة مجموعة إفكو العالمية في مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، إلى جانب إطلاقها علامة "ثرايڤ" التي أنشأت أول مصنع لحوم نباتية بالكامل على مستوى المنطقة، الدور الكبير الذي تضطلع به المجموعة في قيادة دفة التحول نحو تبني الحلول المستدامة والمساهمة في تحقيق أهداف المبادرات المختلفة، ومن بينها مبادرة "السعودية الخضراء"، الأمر الذي يعزز من الجهود المبذولة في مجال العمل المناخي وحماية البيئة على مستوى المنطقة. كما يمتد النهج المبتكر الذي تتبعه مجموعة إفكو العالمية إلى مجال تطوير المنتجات، حيث نركز على توفير منتجات تتماشى مع كافة الأنظمة والحميات الغذائية وفقاً لتفضيلات عملائنا وترسيخ مكانة البدائل الغذائية النباتية. وتعمل مجموعة إفكو العالمية على توسيع خطوط إنتاجها لتتماشى مع الخيارات المستدامة للعملاء من خلال إطلاق العديد من المنتجات الجديدة التي تشمل فابيلوس بوبس وقطع الدجاج النباتية المصنوعة من الفول، فضلاً عن منتجات زيت الزيتون محايدة الكربون وغيرها. كما يعكس تعاون المجموعة مع شركاء محليين في قطاع الأغذية " لإنتاج أطباق نباتية، التزام مجموعة إفكو العالمية بتوفير خيارات غذائية متماشية مع المعايير البيئية. ومن خلال انخراطنا بشكلٍ فاعلٍ مع الهيئات الحكومية المختصة في رسم السياسات الخاصة بدعم نمو قطاع المنتجات النباتية، فقد أثبتت المجموعة سعيها الدؤوب نحو إحداث تغيير جوهري يمهد الطريق نحو مستقبلٍ أكثر استدامة لقطاع الأغذية، وذلك بما يتناغم مع الأهداف البيئية الأوسع نطاقاً.