ظل مصطلح "الدكان" متداولاً على ألسنة الناس فيما مضى منذ عقود من الزمن للباحثين عن الشراء لما يرغبون من سلع مختلفة، حيث يعني "الدكان" مكان عرض السلع على اختلاف أنواعها، فعندما تتوجه إلى سوق البلدة القديمة تجد دكاكين ربما لا يتجاوز عددها عدد أصابع اليد الواحدة، وتكاد تكون متشابهة فيما تعرضه من سلع محلية الصنع أو الإنتاج، وذلك لقلة ما يعرض فيها من سلع، والتي غالباً ما تكون من الأساسيات التي لا يمكن لأي بيت الاستغناء عنها، مثل المأكولات بأصنافها المحدودة كالقهوة والهيل والقمح والتمر والدقيق والسمن وقليل جداً من السكر والشاي فقط، بالإضافة إلى عدد من الكماليات كالملابس التي ليست جاهزة، فمعظمها مجرد قماش يتم تفصيله وخياطته يدوياً في البيوت من قبل ربة المنزل، إلاّ شيئاً يسيراً من العبايات والطرح و"بشوت" الرجال، ومن الكماليات أيضاً بعض المصنوعات اليدوية الخشبية كالمكانس والحبال والليف وبعض الأواني البسيطة المصنوعة من النحاس وأغلبها صناعته يدوية، وقد كانت محال زمان تجمع كل الأصناف لبساطتها تحت سقف واحد، فلم يكن هناك محال متخصصة كما هي عليه الحال اليوم، وذلك قبل أن يتم فتح باب الاستيراد على مصراعيه مع تحسن الحالة الاقتصادية للبلاد بعد توحيد هذا الكيان على يد المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز –طيب الله ثراه– والبدء في تصدير النفط بكميات تجارية بعد اكتشافه، حيث توسعت البلدات وباتت مدناً كبرى وانتشرت المحال التجارية على مختلف أنواعها وباتت هناك العديد من المحال المتخصصة في بيع كل سلع متقاربة، فهناك محال تجارية للتموينات الغذائية التي كانت تسمى في الماضي القريب "بقالة" ويباع فيها كل ما يتعلق بالأطعمة والمشروبات وبعضاً من الكماليات البسيطة، ثم أصبحت "تموينات" وأسواقاً مركزية، ثم تطورت إلى "سوبر ماركت". تخصيص وتعدد وفي عصرنا الحاضر فقد تخصصت عدد من المحال التجارية في تقديم بعض من الأطعمة كمحال الحلويات التي باتت تعرض فقط الحلويات والبسكويتات على اختلاف أنواعها وصناعتها والمرطبات، وكذلك محال العطارة التي تعرض أنواع القهوة والهيل والزعفران والشاي والمكسرات وأنواع البهارات والتوابل، وكذلك الحال للمطاعم التي كانت في السابق تقدم جميع الأكلات، أمّا مطاعم اليوم فقد باتت مخصصة لأنواع محددة من المأكولات، كمأكولات الدول مثل: الصينية والهندية والإيطالية واللبنانية والتركية وغيرها من الدول، وكذلك تخصصت عدد من المطاعم في طبخ أكلات معينة مثل: مطاعم المأكولات البحرية، ومطاعم الشاورما، ومطاعم الوجبات السريعة، ومطاعم المكرونة وغيرها من الأكلات، وتعيش بلادنا -ولله الحمد- في حالة اقتصادية منتعشة تعكس مدى التقدم والرفاهية التي ينعم بها الجميع، وباتت محال التموينات التي تبيع كافة الأطعمة وما يحتاجه البيت من كماليات خلال اليوم منتشرة في كل شارع وحي في كافة مدن وقرى بلادنا والتي يرتادها الجميع يومياً للتبضع، وفي المدن الكبرى بات هناك أسواق كبرى تقدم كافة أصناف الأطعمة والخضروات والفواكه المحلية والمستوردة وكافة الكماليات التي يحتاجها المنزل، وتقوم هذه الأسواق بعمل تخفيضات على مدار العام لكسب المزيد من المتسوقين. ذكرى جميلة وباتت مفردة "الدكان" اليوم غير مستخدمة، والبعض منهم قد لا يعرف معناها أساساً، بينما كبار السن ما زالوا يستخدمونها حيث تعيد إليهم ذكرى جميلة عاشوها في زمن البساطة، حيث كان الدكان بالنسبة لهم مكان تجمع، يلتقون فيشترون بعضاً من الحلوى والبسكويت والمرطبات والعصيرات و"الآيسكريم" الذي يقوم بإعداده صاحب الدكان في البيت، ويحلو للشباب التجمع بجانب الدكان والتلذذ بأكل وشرب ما يشترونه، وخصوصاً في وقت الظهيرة، وغالباً ما يحصل بينهم رهان على ما يتم شراؤه من الدكان وذلك بمزاولة لعبة "سلاقيط" والتي تتطلب استخدام "مفك براغي"، حيث يتم وضع ما يتم اختياره من معروضات الدكان كالبسكويت أو العلك ووضعه على الأرض ومن ثم يقف أحد اللاعبين ويسقط "مفك البراغي" عليه فإن اخترقه وحمله بيده إلى مستوى رأسه فإنه يكون من نصيبه ويدفع اللاعب الآخر قيمته، وإن لم يستطع ذلك فيقوم هو بدفع الحساب، وتشتد المنافسة أكثر إذا كان عدد المتفرجين كثيراً وقد يستخدم في اللعبة المعلبات كالجبن أو العصيرات وغيرها، بينما تبدو السعادة على محيا صاحب الدكان الذي يكسب من هذه المنافسات الشيء الكثير، وقد ورد ذكر "الدكان" في أشعار جيل الأمس وأغانيهم، فها هي قصيدة الشاعر فهد العلوش -رحمه الله– التي غناها الفنان سلامة العبدالله -رحمه الله- وهو من أروع الفنانين الشعبين صوتاً وكلمات وألحاناً الذي جعله مميزاً ومحبوباً عند الكثير، فيقول في أغنيته الشهيرة التي مطلعها: السد باح وبيح السد غالين ذكرتني يا زين وقت مضالي سيد المها واسمه ببعض الدكاكين أغلى قماش بالدكاكين غالي ومن ذلك أيضاً قصيدة الشاعر علي القحطاني والتي يقول في مطلعها: قابلتها صدفة على باب دكان في سكة بين البيوت القديمة في حارة ماكن حي بها كان ما باقي إلا آثارها مستقيمة تقنية حديثة وبعد أن تطورت كافة مناحي الحياة وبات ما كان بالأمس مستحيلاً أو ضرباً من خيال سهلاً وميسراً في عالم اليوم فقد تطورت محال البيع وأصبحت منتشرة في كل مكان، وباتت تتخصص في بيع سلع محددة، كما أن تجشم البحث عن السلعة والدوران على المحال التجارية من أجل ذلك ولى زمانه عند من يملكون التعامل مع التقنية الحديثة واستخدام التطبيقات الذكية في التبضع من خلال عالم الإنترنت، فيحصلون على ما يريدون بضغطة زر وسداد إلكتروني مباشر بالخصم من الحساب البنكي، وما هي إلاّ سويعات والسلعة تصل إلى باب الدار، فلم يكن يدر بخلد أي إنسان فيما مضى أن يحصل على ما يريد من مشتريات وهو جالس في بيته، إذ كان الأمر في السابق يتطلب الذهاب إلى أماكن التبضع من أجل انتقاء الحاجيات التي يرغب الحصول عليها، ومن ثم العودة إلى المنزل وهو يحملها بين يديه، وقد يستغرق ذلك وقتاً طويلاً بحسب الزحام. خدمة التوصيل وفي بادرة جديدة بدأت منذ عقود المحال التجارية والمطاعم بتقديم خدمة التوصيل، ولعل أول المحال التي بدأت بتقديم تلك الخدمة المطابخ الشعبية التي تعد طعام الغداء والعشاء، وذلك بأن يحضر الزبون ذبيحة أو أكثر بحسب ما يكفي الضيوف، ويطلب من المطبخ أن يجهزها طعاماً للغداء أو العشاء، ويتفق على وقت معين يحدده بالساعة والدقيقة، بحيث يقوم صاحب المطبخ بإيصال الطعام إليه في الوقت المتفق عليه، بعد ذلك بدأت محال التموينات الغذائية بمهمة التوصيل إلى المنازل، والذي كان في بداياته بمقابل، أو يشترط على الزبون أن يبلغ قيمة مشترياته حداً معيناً ليتم التوصيل مجاناً، ثم غدا بعد المنافسة الشديدة بين المحال مجاناً، وكانت خدمة التوصيل في بداياتها تواجه العديد من المشكلات، وعلى رأسها الوصول إلى العنوان الصحيح، إذ كانت عملية التواصل عن طريق الهاتف الثابت حيث يقوم طالب خدمة التوصيل بوصف مكان إقامته بذكر الحي، وأقرب معلم بارز كمسجد جامع أو مدرسة أو حديقة وهكذا، وكان الأمر يتطلب وقتاً كبيراً من أجل وصول الطلب إلى صاحبه، وقد يحدث في أحايين كثيرة خطأ غير مقصود، وذلك بإيصال بعض المشتريات إلى غير أهلها، أو أن تكون هذه المشتريات ناقصة أو فيها زيادة غير مقصودة، وكحل لهذه المعضلة قامت الجهات التجارية التي تقدم خدمة التوصيل بوضع ملصقات على البيوت مرقمة وكل رقم يسجل فيه موقع المنزل حتى يسهل على سائق التوصيل إيصال المشتريات بسرعة من دون السؤال عن موقع المنزل. تحديد اللوكيشن وبعد أن تقدمت التطبيقات الذكية التي يستطيع مقتنوها من تحديد موقعه عن طريق خدمة تحديد المواقع عبر محرك البحث "غوغل ماب"، ومن ثم تحديد موقعه "اللوكيشن" وإرساله إلى المحل الذي يريد الشراء منه ليقوم على الفور بالوصول إلى عنوانه الصحيح عن طريق استخدام التطبيق من دون عناء البحث والاجتهاد والسؤال، وبعد تقدم الزمن وفي خضم المنافسة المحمومة بين التجار والشركات والمسوقين للحصول على أكبر حصة من المتسوقين فقد ظهر ما يعرف بالتسوق الإلكتروني أو التسوق عبر الإنترنت، وهو شكل التجارة الإلكترونية التي تسمح للمستهلكين بشراء السلع أو الخدمات مباشرة من البائع عبر الإنترنت باستخدام متصفح الويب، إذ يجد المستهلكون منتجاً للاهتمام من خلال زيارة الموقع الإلكتروني لمتاجر التجزئة مباشرة، أو من خلال البحث بين البائعين البديلين باستخدام محرك بحث للتسوق، والذي يعرض توفر المنتج نفسه والتسعيرة في مختلف تجار التجزئة الإلكترونية، ويمكن للعملاء التسوق عبر الإنترنت باستخدام مجموعة من أجهزة الكمبيوتر والأجهزة المختلفة، بما في ذلك أجهزة الكمبيوتر المكتبية، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، وأجهزة الكمبيوتر اللوحي والهواتف الذكية. سلع بقالة الماضي دكاكين الماضي اتسمت بالبساطة التسوق الإلكتروني سهّل عملية الشراء على المستهلك توصيل الطلبات أغنى عن الذهاب للتسوق السوبر ماركت أتى بعد البقالات والتموينات