قاصة وروائية، تحمل في رصيدها الإبداعي العديد من المجموعات القصصية الصادرة لها، الكاتبة عقيلة محمد آل حريز تحدثنا معها حول انعكاس الكتابة على المجتمع والتحديات التي تواجهها والعلاقة بين الكتابة الإبداعية والصحافة وجوانب عديدة أخرى عبر هذا الحوار: * كيف يمكن للكتابة أن تؤثر في المجتمع وتغير وجهة نظر الأفراد، هل تعتقدين أن الصحافة يمكن أن تساهم في تغيير الصورة النمطية للمرأة في وسائل الإعلام؟ * تظل الكتابة حالة رائعة لها تأثيرها على نمط حياة الإنسان فهي مخزون العقل البشري وتطوره وأداة تدوين التجارب والأحداث منذ القدم، وساهمت في انسجام الإنسان مع نفسه من خلال التعبير عنها وإعطائه بدائل لإيصال المعنى وخروجه من نمطية التكرار، فالإبداع الذي تحرر من القيود والتقاليد البشرية والتهميش تطور معها بصورة واضحة، لذلك تبدو الكتابة جزءا من الفلسفة الحياتية التاريخية التي تطور بها الإنسان في شتى العلوم، ولا يخفى علينا الصورة النمطية التاريخية للمرأة على مدى العصور البشرية، وربما لولا الكتابة التي نقلت لنا هذه التدوينات لما شاهدنا موقعها التاريخي، ولولا التدوين التاريخي لما تابعنا الاعتدال الممنوح لها، فالكتابة تعني الوعي والتطور وبالتالي طبيعي أن تحصل نقلة صحيحة في حياة المرأة والفضل فيها يعود للكتابة والتدوين. وبرأيي أن الكتب الجيدة واضحة واستكشافها أمر يثري التجربة، والقراءة ضرورة طالما كانت محفزة للعقل لتكسبك معرفة وقدرة على الكتابة وتمنحك ملكة التحليل والنقد وتنمي خيالك وتطورك وتحسن ذاكرتك وتهذب سلوكك ونضجك. * كيف ترين دور التدوين والكتابة في الحفاظ على التراث الثقافي والتاريخي؟ وهل تعتقدين أن التدوين يمكن أن يساهم في نقل القصص والتجارب التقليدية إلى الأجيال الحديثة؟» * التدوين هو من حفظ لك تاريخ الشعوب وحضارتهم وثقافتهم ولولاه لما استطاعت البشرية أن تكون امتدادا لتجارب من سبقوها وبدونه لا يمكننا صنع عصارة ثقافتنا، ولا دليل أكبر عن مرويات أدب الشعوب في جميع الحضارات كبرهان على تدوينها وحتى لدينا في تراثنا العربي كثير من التدوينات التي نقلت لنا أمهات الكتب العربية والأدبية التي نعتز بها. * بعد هذه التجربة الثرية، ماذا عن الجديد لديك؟ * أصدرت عدة مجموعات قصصية وكتب مقالات ونصوص أدبية ومقطوعات، وما أزالت موجودة على الساحة أغيب وأحضر وأفكر واقرأ، لا أحمل نفسي جهد الإلزام المرهق، ولا أتملص منها لأني مقتنعة أنها شيء ذاتي نفسي وروحاني وهبة ربانية، إلا لو كانت مجهدة لصاحبها تحمله فوق قدرته، وباعتقادي الكتابة نزعة ذاتية عند الكاتب تظل تشغله وتشاكسه حتى يستجيب لها وإن احتاج للعزلة لينضج ويتحرر من بعض القيود النفسية المرهقة لعقله. آخر إصداراتي كان كتاب نصوص «بصوت خفيض» وكتاب «كيف حال قلبك»، ومؤخرا صدرت لي رواية «صالون» وهي رواية تتحدث عن الكتابة ورحلتها ومعاناة الكاتب فيها كثلاثية تجمع ما بين الحب والصداقة والثقافة. * ماذا عن أبرز التحديات التي تواجهينها ككاتبة وصحفية؟ * برأيي صارت التحديات أصعب عن ذي قبل رغم سهولة الوصول للجمهور وبوسائل متاحة، ذلك لأن كاتب اليوم يجب أن يكون مسلحا بالمعرفة والثقافة والمهارة والقدرة على مخاطبة الناس بشرائح عدة، وكذلك عليه أن يكون ذا علاقات واسعة وقدرة على الوصول للجمهور ومرونة في تقبل النقد وحركي في تعلم مهارات وأساليب جديدة. بالسابق قبل عشرين عاما تقريبا كانت قاعدة أن الكتاب الجيد يسوق لنفسه هي السائدة، لكن واقع اليوم يكشف عن كثير من الكتب المهملة والكثير من الكتاب الرائعين المغمورين والكثير من المكتبات الحقيقية التي داهمتها المنافسات التسويقية والتجارية فتراجعت وانحسر دورها للأسف، والمنافسة شديدة ما بين التكنلوجيا والميديا وأصحاب الأقلام الجيدة في زمن الجاهزية والتعليب الثقافي. * كيف ترين واقع الكتابة في المملكة، وما يقدمه مبدعونا؟ * لأننا نكتب بكثرة ولأن المجتمع يوفر المزيد من القوالب الجاهزة للوصول للجماهير ولأن الذائقة الأدبية مختلفة ما بين أدب جيد وأدب حقيقي وأدب تفريغي أو رديء، فطبيعي أن نجد اتساعا وفجوة في عملية الربط. سابقا الكتابة صعبة والوصول للنقاد أصعب وبالتالي إرضاء القراء والحصول على رضاهم شيء كبير، لذا يبذل الكاتب مزيدا من الاشتغال على نفسه ليكون لائقا بكونه كاتبا للجمهور. الآن كل الأمور متاحة حتى وجود النقاد أو ما يشبه النقاد، وكونك لك علاقاتك معهم فلن يقلقك الأمر لأنهم حاضرون وملبون لكل ارتجالات الكتابة لديك مهما كانت ضعيفة، ومع أن هناك أقلاما جيدة وكتابا مبدعين تظهر على الساحة السعودية ولها بصمتها الحقيقية، لكن لا أحد يعرفها بمكانتها الحقيقية إلا بمساحات محدودة، فالإعلام بعيد عنها ولكي تُعرف عليها أن تسافر عبر مكوك زمني لتوسع نطاق معرفة الناس والنقاد بها، وليس على الكاتب أن يتحمل جهدا إضافيا لاسترضاء هذا وتقريب هذا وملاحقة ذاك، فهذا أمر متعب للكاتب ومرهق لموهبته الكتابية ويدخله في أدوار ليست من تخصصاته. إصدارات عقيلة آل حريز