أوراق تاريخية من ماضي ديربي العملاقين الهلال والنصر

اثنان من شرفيي النصر يزوران مقر «الزعيم» بعد المباراة للتهنئة بالفوز
تحمل أوراق ماضي مواجهات العملاقين الهلال والنصر الكثير من الأحداث المثيرة والمواقف العالقة في الأذهان على مدى ستة عقود تمثل عمر المنافسة التقليدية بين الغريمين الكبيرين. وعندما يتحدث التاريخ الرياضي بلغة أخرى يقول إن الهلال يتفوق على جاره النصر في كونه الطرف الأقدم والثابت في المنافسة التقليدية على مستوى أندية العاصمة.
إذ سبق ذلك أن نادي الشباب كان المنافس التقليدي للهلال في المنطقة الوسطى منذ تأسيس الأخير عام 1377ه - 1957م، واستمرت المنافسة بين "شيخ الأندية" و"الزعيم" لفترة امتدت سبع سنوات وانتهت بصعود نادي النصر من أندية الدرجة الثانية إلى مصاف أندية الدرجة الأولى عام 1383ه - 1963م، وكان أول ديربي جمعه بالهلال في تصفيات دوري كأس الملك عام 1384ه - 1964م وانتهى بتعادلهما (1/1) أحرزهما لاعب الهلال مبروك المتعب (الدبلي) ولاعب النصر أحمد الدنيني -رحمهما الله-، ودخل هذان النجمان التاريخ في ذلك العام بهذين الهدفين في أول مواجهة لفريقيهما، وفي ذلك الموسم توج الهلال بطلاً لكأس الملك بعد فوزه على الاتحاد في المباراة النهائية بملعب الصائغ في الرياض (3/1).
مواجهتان في 96 ساعة
ومن المفارقات التاريخية التي شهدها هذا الملعب بعد تسعة أعوام مواجهتان ساخنتان بين الهلال والنصر خلال أربعة أيام فقط في مسابقتين مختلفتين استمتع بأحداثهما الدراماتيكية جماهير الكرة في المنطقة الوسطى، وعاش الهلاليون فرحة الانتصار في المواجهة الأولى وعاش النصراويون فرحة النصر في المواجهة الثانيهة، وسجلت فيهما تسعة أهداف أسعدت جماهير الناديين في تلك المباراتين الخالدتين في تاريخ الغريمين التقليديين.
الهلال ينقذ الدوري
تفاصيل مجريات المواجهتين كما نشرتهما صفحات (دنيا الرياضة) نتناول جانباً منها في الأسطر التالية:
أقيمت المواجهة الأولى عصر يوم الخميس 12 /11 /1393ه ضمن مباريات دوري المناطق وانتهت لصالح الهلال بنتيجة (3/1)، وكتب تعليقها الأستاذ محمد الجحلان -رحمه الله- وكان عنوان الصفحة الرئيس (الهلال ينقذ الدوري بعد فوزه على النصر ب 3/1) وكتب في مقدمته: «كاد دوري هذا العام أن يموت في وقت مبكر رغم كثافه مبارياته والتي بلغت نسبة لم تحصل منذ تاريخ الرياضة في المملكة، ولكن الهلال أنقذ الدوري برمته عندما فاز على الفريق النصراوي بثلاثة أهداف لهدف واحد. أما سبب الموت الذي أعنيه فهو في حالة فوز النصر فمعناه ابتعاده عن الأندية الأخرى وسهولة اصطياده للبطولة في وقت مبكر أيضاً، أما الآن وبعد فوز الهلال فإننا نتوقع أيضاً مفاجآت أخرى من الاتفاق والنهضة لما لمسناه من تجدد في المستويات وإحراج للأندية المتنافسة على البطولة وقد يؤدي ذلك الانفجار إلى ابتعاد بطلي المنافسة الهلال والنصر.
وجمهور الوسطى محظوظ من بين أندية المملكة والسبب أنه يستمتع في العام الواحد بلقائين أو ثلاثة تفتقر إليها حتى مباريات البطولة، وما كثافة الجماهير التي احتشدت في ملعب الصائغ في وقت مبكر إلا دليل على ما ذكرناه، ولم يسبق لهذا الملعب أن احتضن مثل هذا العدد الهائل الذي زحف لمشاهدة هذا اللقاء. ويكفي أن الجماهير الأخرى التي لم تستطع الدخول كانت لا تقل نسبتها عن المشاهدة.
محسن بخيت نجم المواجهة التاريخية
والهلال هو النادي الوحيد من بين أندية المملكة لهذا العام الذي لم ينهزم في درجاته الثلاث: الأشبال والناشئين والدرجة الأولى حتى الآن.
أهداف المباراة سجلها للهلال نجم المواجهة الأول الكابتن محسن بخيت الذي أحرز الهدف الأول في بداية الشوط الثاني بعدما راوغ ثلاثة من مدافعي النصر: عيد الصغير ومحمد الهدياني وسعود أبو حيدر، وانفرد ليخرج إليه مبروك وأتبعه محسن بزملائه ويضع الهدف الأول بكل هدوء. وأضاف محسن الهدف الثاني بعد سبع دقائق من تمريرة تبادلها سلطان مناحي والطعيمي وناجي ومنه للنور الذي حولها لمحسن المتمركز فلعبها بكل سهولة من على رأس الحارس مبروك.
ثم أحرز النصر هدفه الوحيد من كرة لعبها خالد التركي إلى يعقوب مرسال الذي اتجه بها لمرمى الحارس ضاري وأودعها المرمى وارتفعت وتيرة المباراة لكن الهلال نجح في إخمادها بهدفه الثالث قبل النهاية بعشر دقائق من كرة استلمها محسن من سلطان مناحي وتخطى عيد الصغير وعرّضها للنور ومنه لحسين العليان الذي هيأها لناجي عبدالمطلوب وحولها الأخير سريعة داخل المرمى النصراوي.
مواجهة الموسم فنياً وجماهيرياً
واختتم الجحلان تعليقه بالقول: «تعتبر هذه المواجهة مباراة الموسم بحق وجمعت بين الإقبال الجماهيري الكبير والإبداع الكروي الشيق إلا أن كفة الهلال كانت أرجح وهذا لا يعني أن النصر لم يلعب بل قاسم زميله الهلال معظم فترات المباراة ولكن العوامل التي أكسبت الهلال لم تتهيأ للنصر فخسر.
وأدار المباراة طاقم حكام مكون من الدوليين غازي كيال وعبدالرحمن الموزان ومنيع الخليوي.
تهاني نصراوية للهلال
ومن الصور الجميلة للروح الرياضية العالية بين كبار رموز وشخصيات الناديين قيام عضوي الشرف بنادي النصر الأمير سعود بن ناصر بن عبدالعزيز وأخيه الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز بعد المباراة بزيارة مقر نادي الهلال لتهنئه إداراته ولاعبيه مما يجسد الروح الرياضية وأن مبدأ التنافس الشريف يسود العلاقة بين الناديين الكبيرين.
محسن انتحر أمام النصر
وعلق الناقد الرياضي الأستاذ محمد الوعيل -رحمه الله- في مقال جانبي نشرته (دنيا الرياضة) على مباراة القمة قائلاً:
«لعلي لا أكون مغالياً إذا قلت في هذه الوقفة القصيرة أن مباراة الخميس الماضي بين الهلال العملاق دائماً.. والنصر البطل كانت قمة في مستواها.. وجمهورها وكل ما دار في ساحة ملعب الصائغ في ذلك اليوم. ولكي لا أكون بعيداً من الواقعية أؤكد أن لقاء الخميس لم يسبق أن شهدت الرياض مثله منذ أعوام رغم كثرة المباريات الختامية.. فقد ظهر هذا اللقاء بصورة مبدعة جداً غسلنا به أفكارنا من تلك المستويات المهزوزة التي شاهدناها خلال الأشهر الماضية وما قبلها بقليل.
فأكثر من صورة استشعرت بها وأنا أخرج من الملعب أولهما إصرار الوسط الهلالي الرائع على تغيير مسار فريقه وترويض كافة الصفوف، فالطعيمي وسلطان مناحي كانا أكثر من رائعين واللاعب المبدع محسن بخيت الذي انتحر كثيراً ليضع أكثر من كرة رائعة ويسجل هدفين رائعين.. وناجي عبد المطلوب كان نجماً، وبشير الذي وقف كالصخرة، وكل الركب الهلالي بدون استثناء كان موفقاً جداً، استطاع أن يلعب مباراة كبيرة.. ومجموعة النصر هي الأخرى كانت في مستوى جيد تقاسمت المباراة مع الهلال، ومنها استطاع الفريقان أن يرفعا مستوى المباراة لتكون قمة في عروضها.. وأهدافها.. وكل أحداثها كما توقعنا، وصورة أخرى شدتني تلك في الحشود الجماهيرية التي كانت منذ الصباح الباكر تتزاحم على الملعب.. كما ظهرت هذه الجموع بمظهر مشرف في تشجيعها ومتابعتها للكرة.. وكأن لا كرة في الرياض قبل الخميس. ومن بين تلك الصور الرائعة ما ظهر به أفراد الفريقين بعد المباراة من حسن أخلاق ومعاملة إذ تبادلا التحايا».
مباراة فوز النفس الأخير
المواجهه الثانية بين النصر والهلال جاءت بعد أربعة أيام من المباراة الأولى وتحديداً في 16/11/ 1393ه - 1973م، وكانت في دور ال16 لكأس ولي العهد، وانتهت لصالح النصر بنتيجة (3/2) في الوقت الإضافي بعد تعادلهما (2/2) في الوقت الأصلي، وكتب تعليق هذه المباراة الأستاذ تركي عبدالله السديري -رحمه الله- وكان عنوان (دنيا الرياضة) الرئيس: (في مباراة فوز النفس الأخير.. والهزيمة المشرفة النصر يكسب الهلال 3/2)، وكتب الأستاذ تركي في مقدمة تعليقه:
«المنتصر يوم أمس كان جمهور المنطقة الوسطى وليس النصر وحده، هذا الجمهور محظوظ جداً لأنه يملك النصر والهلال، له في العام الواحد أكثر من موسم، فنيات وإثارة وتشويق تحفل بها دائماً لقاءات الهلال والنصر.. عملاقان لهما من الأصالة والندية والتكافؤ ما يجعل مبارياتهما دائماً محط الأنظار ومنبع الإعجاب. كل الذين يريدون مشاهدة كرة قدم رائعة وجيدة الأداء حتى من خارج مدينة الرياض يتجهون إلى حيث تكون لقاءات النصر والهلال.
وأضاف «بذل اللاعبون جهداً لياقياً كبيراً رغم ضخامته لم يؤثر على نشاطهم حتى في الوقت الإضافي إلا أنه بدأ أثره عليهم بعد الصافرة الأخيرة للحكم، وهذا ما جعلني أتوقع أن تنتهي المباراة بالتعادل وأن يلجأ الحكم إلى ضربات الجزاء لحسم نتيجة الفوز لولا أن النصر تولى عملية الحسم بنفسه في الدقيقتين الأخيرتين من عمر المباراة.
لقد انتزع النصر عن جدارة، إذ لم تلعب الصدف أثراً في ذلك وهو يمضي في طريق بطولة ليس بغريب عليها بل هو منافس تقليدي فيها، وخرج الهلال مهزوماً بالنتيجة وجيداً في مستواه وتمكن مع منافسه من تقديم مباراة كبيرة وذات إثارة بالغة جداً جداً».
خمسة أهداف مثيرة
أهداف المباراة استهلها النصر في وقت مبكر إثر كرة ملعوبة من رمية ركنية كسبها يعقوب مرسال وسجل منها الهدف بسبب خطأ في توقيت خروج الحارس ضاري. ورد الهلال بهدف التعادل سريعاً إثر استفادة بشير الغول من رميه ركنية وضعها في مرمى مبروك، وفي شوط المباراة الإضافي الأول حقق ناصر الجوهر هدف النصر الثاني من تمريرة زميله خالد التركي وبنفس السرعة في التسابق على الأهداف حقق النور موسى هدف التعادل للهلال من كرة زميله محمد الطعيمي.
هدف الفوز للنصر –الثالث– سجله الأمير ممدوح بن سعود قبل نهاية الوقت الإضافي للمباراة بدقيقتين إثر تمريرة من محمد سعد رغم وجود المدافع أبو حطبة في مركز تغطية جيد إلا أنه لم يفعل أي شيء.
فريق النصر الذي أقصى الهلال من كأس ولي العهد في موسم 1393ه
كابتن الهلال محسن بخيت يصافح كابتن النصر ناصر الجوهر قبل مباراتهما موسم 1395ه
ضوئية لتغطية (دنيا الرياضة) فوز الهلال بالمواجهة الأولى (14 /11 /1393ه)
ضوئية لتغطية (دنيا الرياضة) فوز النصر بالمواجهة الثانية (17 /11 /1393ه)
الأمير ممدوح بن سعود أقصى الهلال من الكأس بهدف قاتل
تركي السديري «رحمه الله»
محمد الجحلان «رحمه الله»
محمد الوعيل «رحمه الله»