مجلس الأمن يمدد مهمة "يونيفل" في لبنان حتى نهاية 2026    فرنسا وألمانيا وبريطانيا تفعل آلية إعادة فرض العقوبات الأممية على إيران    نائب أمير حائل يشارك في حملة ولي العهد للتبرع بالدم    القبض على مصري في عسير لتهريبه 41 كجم "قات"    الهلال يخسر خدمات ثيو هيرنانديز أمام الرياض    الشباب يضم همام الهمامي    أهالي قطاع غزة يُعبرون عن شكرهم للمملكة على المساعدات الإنسانية والإغاثية المقدمة لهم    خادم الحرمين الشريفين يصل إلى الرياض قادمًا من جدة    الخريف يرأس اجتماع الطاولة المستديرة لتعزيز الشراكة السعودية-الأمريكية في قطاعي الصناعة والتعدين    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (10732) نقطة    توقيع اتفاقية و6 مذكرات تفاهم في مجالات الطاقة المختلفة بين شركات سعودية ووزارة الطاقة السورية    الإطاحة بمقيم اختلس كهرباء مسجد بجازان لتشغيل منزله.. و«الشؤون الإسلامية» تتوعد المتجاوزين    فهد الطبية تُطلق العيادة المشتركة لعلاج اضطرابات التنفس والهضم لدى الأطفال    نائب أمير منطقة جازان يُطلق فعاليات ملتقى الكفاءة والتميز الفني بجازان    "الرياض آرت" يعلن عن فتح التقديم في ملتقى طويق للنحت 2026    إلهام أبوطالب: من طفولة الوادي إلى منصات الفن التشكيلة    الفتح يستعير ماجد قشيش من النصر لموسم واحد    "التخصصي" يشهد تفاعلًا واسعًا من المتبرعين ضمن الحملة الوطنية للتبرع بالدم    مُحافظ الطائف يستقبل قائد منطقة الطائف العسكرية المكلّف    أمانة حائل تضيف لمسات جمالية على الطرق    استشهاد خمسة فلسطينيين من منتظري المساعدات وسط غزة    بدء تسجيل 65,217 قطعة عقارية في منطقة مكة المكرمة    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يتفقد فرع الرئاسة العامة بمنطقة مكة المكرمة    جمعية التوعية بأضرار المخدرات تطلق معرض " سفراء المستقبل " في كادي بارك بجازان        قوات مسلحة سعودية تشارك في تمرين «النجم الساطع» بمصر    معرض الصين والدول العربية يشهد اجتماعا لتعزيز التعاون السياحي بين الجانبين    إبراهيم العسكر في ذمة الله والصلاة عليه عصر اليوم في جامع الراجحي    مستشفي حقل يحقق انجازاً طبياً في عمليات العيون    بناءً على دراسة دقيقة لأولويات التنمية في الرياض.. البلديات: خرائط جغرافية لرسوم الأراضي البيضاء    أردني يبيع هواء مدينته في عبوات بلاستيكية    «المرور»: 6 تعليمات لحماية الطلاب في الحافلات المدرسية    الزهراني يحتفل بزواج عبدالجبار    بكالوريوس الطب لزبيدة    موجز    العبيكان يتماثل للشفاء    الحزم يعيد عمر السومة إلى الدوري السعودي    جريمسبي يفجر المفاجأة ويقصي مانشستر يونايتد مبكرا من كأس الرابطة الإنجليزية    9 أفلام سعودية قصيرة في مهرجان «البندقية»    الزهراني يهدي لوحة لمتحف الفيان    في ديوانيته الأسبوعية.. خوجه يحتفي بترقية الغامدي    أوروبا تترقب قرعة دوري الأبطال ويوروبا ليغ    الإثارة تعود مع انطلاقة دوري روشن.. الأهلي يواجه نيوم والنصر ضيفًا على التعاون    تقدمت بها شخصيات سياسية لوقف الفتنة.. لبنان: شكوى جزائية ضد الأمين العام لحزب الله    في ظل استمرار التوترات الأوكرانية.. الكرملين يستبعد لقاءً قريباً بين بوتين وزيلينسكي    الملايين يوقعون عريضة لإنقاذ «السائق القاتل»    موجات الحر تسرع الشيخوخة البيولوجية    جامعة جازان تطلق برنامج التهيئة لطلبة الدراسات العليا    نائب أمير الشرقية يثمن إنجازات مكافحة المخدرات في حماية الشباب    فهد بن سعد يطلع على إنجازات "أحوال القصيم"    برعاية سمو أمير مكة.. إقامة الحفل السنوي للحلقات والمقارئ لرئاسة الشؤون الدينية بالمسجد الحرام    مستشفى الولادة والأطفال بالدمام يرفع طاقته الإستيعابية للطلب المتزايد لخدماته    بلدية بقيق تطلق مشروع جمع ونقل النفايات    نائب وزير الحرس الوطني يزور مركز القيادة الرئيسي بالوزارة    أبواب المسجد الحرام.. تسهيل الدخول والخروج    القدوة الحسنة في مفهوم القيادة السعودية    رحيل العميد بني الدوسري.. قامة إنسانية وذاكرة من التواضع والنقاء    إستراتيجية جديد ل«هيئة التخصصات».. تمكين ممارسين صحيين منافسين عالمياً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كتاب الاختلاف للحسني يحرّك العقل التأويليّ النقدي
نشر في الرياض يوم 29 - 09 - 2023

في كتاب «الاختلاف أفسد للود قضية» الصادر حديثاً عن «مجموعة تكوين المتحدة للطباعة والنشر والتوزيع»، للكاتب المثقّف السعودي الكبير المبدع عبدالله الحسني، مجموعة حوارات ثقافية شيّقة ومتنوّعة منتقاة، وقد أجراها على امتداد مسيرة عمله المؤثّر في الصحافة الثقافية. تجدر الإشارة إلى أنّ مفهوم «الحوار» يستبطن أيضاً النقاش و»الديالكتيك»- الجدلية، علماً أنّ الحوار يُعَدّ بذاته أداةً ناجعة ذات امتيازٍ لبناءٍ مشترك للتفاعل المعرفي والثقافي والحضاري، وللمعنى.
الحوار هَهُنا هو أحد المراكز الصحّية والحيوية للكلمة الضرورية والمطلوبة التي تُسهم جزئياً ونسبياً في تشييد التوافق أحياناً بين «الأنا» و»الآخَر» أو حيث تُطرح مسائل وإشكاليّات ديناميّة تهمّ المشهد الثقافي والإنسان العربي، وحيث تُطرح قضايا في عددٍ من فروع المعرفة بالتوازي. وبالتالي فإنّ هذه الحوارات في غالبيّتها تُسهم برفعةٍ في إغناء الثقافة العربية والإنسانية وميادين البحث غير التقليديّ وغير النمطيّ المؤطَّر الجامد وغير الأكاديميّ الذي يرتكز أحياناً في منطقتنا خصوصاً على الإسقاطات النظرية التي تَنْتَأ أو تبرز ضمن فجوةٍ مع حركة الواقع. يبرز تَجلّي المُحاوِر في ثنايا الحوارات، لا سيّما في الأسئلة القديمة المتجدّدة المشرَّعة على الرحابة الثقافية، وفي تلك الجديدة المتّقدة شغفاً معرفياً وحفراً محفِّزاً في الدلالات والمشهد عموماً والنتاج الثقافي في تشعّباته، وفي الحضّ من خلال الأسئلة اللمّاحة على التفكير ومحاولة التوصّل بنِسَب متفاوتة إلى إجاباتٍ وخلاصاتٍ واستنتاجاتٍ وإضافاتٍ مستحدَثة تُثري أفقَ التراكم المعرفي، بتناغماتها، وتقاطعاتها حيناً وتضادّاتها أحياناً، وبإلتماعاتها وانزياحاتها ومغالطاتها ربما، ومفارقاتها وإشراقاتها، فالمحاوَرون أصحاب وجهات نظرٍ ورؤى قد تلتقي أو تتباين وتتعارض بوضوح. الأهمّ أنّ المُحاوِر لم يدَّعِ امتلاك الحقيقة المطلَقة وقد فتح بانفتاحٍ وحنكة أبواب القول الحرّ أمام المحاوَرين ليعبّروا عن أنفسهم، وقد ترجَّحَت أقوال معظمهم بين تدرّجات الذاتية تارةً والموضوعية تارةً أخرى، ما يُعَدُّ طبيعياً جدّاً في مضامير الثقافة والأدب التي ينتسبون إليها.
أسماءٌ كثيرة لوّنت مروحة الحوارات العميقة، وقد افتتحها عبدالله الحسني بالناقد محمد العباس «بصرامته المعهودة في حديثه»، حيث تميّز الحسني بسؤالٍ شديد الأهمّية عن سَيْكولوجيا النقد في البناء النقدي الحقيقي لأيّ نص أو تجربة إبداعية، وعن مدى إسهام النقد في التأثير على الكتّاب والنتاج الأدبي، وسواها من الأسئلة الغارزة في الخلفيات والأبعاد... وقد حاور الشاعرة ثريا العريّض، والشاعر والناقد محمد الحرز، والشاعر جاسم الصحيح، والقاص فهد المصبح، والقاصّة ليلى الأحيدب، والأديبة هيفاء اليافي، والقاص عبد الحفيظ الشمري، والقاص حسن الشيخ، والناقد د. علي القرشي، مروراً بالشاعرة سوزان عليوان، وصولاً إلى القاص والروائي يوسف المحيميد والشاعر هنري زغيب، وسواهم.
لمعظم هذه الحوارات صهواتها وإيقاعاتها المسترسلة وزخم نبضها في المدّ الجامع. تنأى عن البارد والمتبلّد والمكرور والممجوج لتشعل الفضول المعرفيّ لدى القارىء في مواصلته تلقّي صفحات الكتاب بتشوّقٍ وحماسة، مندرجةً في صميم النقاشات المبتغاة في الساحة الثقافية. تُزعزع الجمود وتعصف به عبر أسئلةٍ لا تخلو أحياناً من جنوحها الثقافيّ الطليعيّ الثقيل المحبَّب، وتتلافى الكلاسيكيّ السائد والرائج الخفيف العابر غير المتبحّر، لتلِجَ الأغوار وتحرّض على توليد إجاباتٍ وردودٍ مغايرة نوعيّاً، وعلى إيقاظ طاقة نشاط ذهني إضافي وإنتاجية في القول، في تنقيبٍ عن ما وراء الظاهر وما خلف المعروف والجاهز والمتحدِّد النهائيّ، فيصبح المعنى مفتوحاً على المزيد من البلورة والإيضاح والرفد والاستتمام، أحياناً على نحوٍ يحثّ على الذهول أمام أمواج الردود والتعقيبات التفاعلية، وهذا فنٌّ لا تتقنه سوى قلّة نادرة، فالمحاوَرة نوعٌ من أنواع الفنّ. هكذا يستنطق عبدالله الحسني المعاني، محرّكاً العقل التأويلي النقدي للتوسّع في تصوّراته.
كتاب عبدالله الحسني يبقى من التاريخ للتاريخ. هذا علماً أنّ التاريخ ليس الماضي فحسب، بل يُعَدّ لدى الدارسين والباحثين والمثقفين أداةً لفهم الحاضر واستشراف المستقبل، على الأقلّ على مستوى جزءٍ لا يُستهان بأهمّيته من المشهد الثقافي وقضاياه وتطلّعاته وإشكاليّاته الممتدّة من الأمس إلى الغد، عبر أصواتِ عددٍ من وجوهه التي تعكس جانباً من صورته.
*شاعرة وكاتبة لبنانية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.