نائب أمير منطقة مكة المكرمة: "لاحج بلا تصريح" وستطبق الأنظمة بكل حزم    تفاقم الأزمة مع تل أبيب.. ومصر تلغي اجتماعاً عسكرياً مع إسرائيل    بمشاركة 6 فرق تضم 60 لاعباً .. جدة تحتضن بطولة الهوكي    القبض على شخص بمنطقة تبوك لترويجه 10 كيلوغرامات من مادة الحشيش    الشورى يطالب بسكك حديدية تربط مناطق المملكة بالحرمين    الدكتوراه الفخرية العيسى    توفير دائرة البحث لمستخدمي iPhone    مسؤولون يخشون انسحاب فوفشانسك وسط هجوم روسي    235 ألف ممرض مسجل في السعودية خلال 2030    أمير المدينة يتفقد مركز الترحيب واستقبال الحجاج    17 عرضا ومضاعفات لمرضى السكري    17.5 ألف قرار إداري ل"الجوازات" في شوال    أوراكل لتوفير ضيافة رقمية بمنتجعات البحر الأحمر    تعزيز حضور الأفلام السعودية بالمحافل العالمية    القنصل العام في لوس أنجلوس والملحق الثقافي في أمريكا يزوران الطلبة المشاركين في آيسف    مساجد وجوامع تحاكي هويّة مناطق المملكة    واجهات تجارية ل6 مطارات سعودية    الفريق اليحيى: تدشين صالة مبادرة "طريق مكة" بمطار جناح الدولي في باكستان لإنهاء إجراءات المستفيدين بيسر وسهولة    الحضور شرط تجديد الجواز قبل 6 أشهر من انتهائه    محمد نور: غاياردو طرد لاعب الاتحاد    أمير جازان يرعى مراسم اتفاقية تعاون بين مديرية السجون وجمعية التوعية بأضرار المخدرات بالمنطقة    صراع الفوز باللقب يتواصل في الدوري الإنجليزي حتى الجولة الأخيرة    «التجارة»: بعض أصوات ناخبي غرفة الرياض «غير نظامية»    ناشئو الطائرة للآسيوية بالعلامة الكاملة    وزير الدولة للشؤون الخارجية يستقبل سفير كازاخستان المعين لدى المملكة    استكمال السوق العربية المشتركة للكهرباء خلال 13 عاما بعد موافقة 22 دولة    يوليو المقبل.. إطلاق خدمة حماية الأجور لرواتب العمالة المنزلية    أمير تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    أمير تبوك يترأس اجتماع لجنة الحج بالمنطقة    وزير الصحة يلتقي سفير جمهورية جيبوتي لدى المملكة    تخصيص خطبة الجمعة للتوعية بأنظمة وإرشادات الحج    الجمعية الخيرية لرعاية الأيتام بنجران توقّع مذكرة تفاهم مع جامعة نجران    الغيلاني وطاشكندي يحوزان جائزة أمين مدني للبحث في تاريخ الجزيرة العربية    النيابة: إيقاف مواطن احتال على ضحاياه بالاستيلاء على مجوهراتهم    القبض على 3 أشخاص لنشرهم إعلانات حملات حج وهمية    وفاة أول رجل خضع لعملية زراعة كلية من خنزير    النفط والذهب يتراجعان    سمو محافظ الخرج يستقبل رئيس جامعة الأمير سطام بن عبدالعزيز    محافظ الأحساء يستقبل سفير باكستان لدى المملكة    الشؤون الدينية تعزز من خططها الاستباقية لموسم حج 1445ه    غيابات الهلال أمام النصر في ديربي الرياض    سيفول رحمات: مبادرة طريق مكة سهلت رحلة الحاج    تحت رعاية ولي العهد«سدايا» تنظم القمة العالمية للذكاء الاصطناعي سبتمبر المقبل    بنك التصدير والاستيراد السعودي يوقّع اتفاقيتين لتمكين الصادرات السعودية غير النفطية    مساعدات طبية وغذائية ل3 دول من "سلمان للإغاثة"    السعودية.. وخدمة ضيوف الرحمن    السعودية و31 دولة تشارك في تمرين «الأسد المتأهب»    رابطة العالم الإسلامي ترحب بقرار الأمم المتحدة تبني قرار عضوية فلسطين    «الزعيم » لا يكل ولا يمل    «البلدية»: إيقاف وسحب «المايونيز» من أسواق المملكة    جامعة الملك سعود تتوّج ببطولة الرياضات الإلكترونية للجامعات    إبادة بيئية    استقبل محافظ دومة الجندل.. أمير الجوف يشيد بجهود الأجهزة الأمنية والعسكرية    كبسولة السعادة .. ذكرى ميلادي الرابعة والأربعون    تنمية المواهب في صناعة الأزياء محلياً    لؤلؤ فرسان .. ثراء الجزيرة وتراثها القديم    روتين الانضباط وانقاذ الوقت    المراكز الصحية وخدماتها المميّزة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المملكة وألمانيا.. 94 عاماً من التعاون والصداقة
نشر في الرياض يوم 04 - 07 - 2023

أكد السفير الألماني لدى المملكة ديتر لامليه، في حوار خاص ل «الرياض» أن العلاقات السعودية - الألمانية، تتمتع بروابط وثيقة، وشراكة ممتدة منذ عقود، وزيارات مستمرة ومنتظمة رفيعة المستوى، بهدف توسيع التعاون بين البلدين في مجالات الاقتصاد والثقافة والتعليم والرياضة، وغيرها.
ولفت إلى أن الحوار السياسي بين القيادتين مستمر وبثبات، وأن هناك تواصلاً دائما بين المسؤولين في البلدين، وشدد على أن هناك مواضيع دائما ما تكون حاضرة على جدول الأعمال، أبرزها الجهود المشتركة لإحلال السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، واستكشاف مزيد من فرص التعاون الاقتصادي وفرص المستقبل.
وأعرب ديتر لاملي، عن امتنان الحكومة الألمانية للمملكة العربية السعودية، للدور الذي لعبته في توفير الملاذ الآمن للمواطنين الألمان في بداية الأزمة السودانية، ولجميع الرعايا من مختلف أنحاء العالم، الذين تم إجلاؤهم إلى جدة.
وأضاف: «أن السعودية لها استثمارات ومشاريع مهمة في ألمانيا، ونحن نرغب بمزيد من هذه الاستثمارات، ونرى أن هذه واحدة من مزايا الشراكة بيننا.
وقال: قيمة الاستثمارات المباشرة من ألمانيا إلى المملكة في عام 2020م ملياري يورو، مقابل 336 مليون يورو من الاستثمارات السعودية المباشرة في ألمانيا. وفي عام 2021م بلغت قيمة الصادرات الألمانية إلى المملكة 5.6 مليارات يورو، في حين بلغت قيمة واردات المملكة إلى ألمانيا 1.1 مليار يورو.
وأعتبر أن ألمانيا والمملكة، قوى سياسية مهمة على الساحة الدولية، وأن الجانبين يجتمعان في الرغبة الأكيدة لتحقيق السلام والتعاون والانفتاح على بعضهما، والاستفادة المتبادلة والكسب المشترك.
وأشار إلى أن الطلبة السعوديين الذين درسوا في ألمانيا خلال السنوات الماضية، كانوا جسرًا مهمًّا لتطوير العلاقات الألمانية السعودية نحو مستقبل أفضل.
كما تطرق لامليه، إلى العديد من الموضوعات والشراكات الهامة بين البلدين، نتناولها في الحوار التالي:
ألف شركة ألمانية تشارك في مشروعات ضخمة منها نيوم والقدية والبحر الأحمر
* العلاقات السعودية - الألمانية، علاقات صداقة وتعاون تاريخية، ارتبطت بالكثير من المصالح المشتركة والمواقف السياسية.. ما تقييمك للمستوى الحالي للعلاقات بين البلدين؟ وكيف ترى مستقبل هذه العلاقات الثنائية؟
* تتمتع ألمانيا والمملكة العربية السعودية بعلاقات دبلوماسية تعود لعام 1929م، وتتميز بالصداقة والثقة الوطيدة والعلاقات التجارية القوية، لدينا أيضاً مصالح مشتركة، بما في ذلك الالتزام بحماية المناخ وتحول الطاقة ومكافحة الإرهاب على الصعيد الدولي.
واللقاءات الثنائية بين البلدين كانت مستمرة وواسعة النطاق. فبناء على زيارة المستشار الألماني أولاف شولتس في سبتمبر 2022م، أجرت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بربوك زيارة إلى المملكة الشهر الماضي، وتؤكد الزيارات العديدة الرفيعة المستوى التي حصلت بين اللقاءين على قوة علاقاتنا الثنائية، مثل الزيارة الأخيرة لنائب وزير الخارجية، السيد توبياس ليندنر، إلى المملكة، وكذلك زيارة المبعوثة الخاصة لسياسات المناخ لدى وزارة الخارجية، السيدة جينيفر مورغان في فبراير. والجدير بالذكر أن عددًا من الوزراء السعوديين رفيعي المستوى قد زاروا ألمانيا خلال الأشهر الأخيرة؛ مثل وزير الاستثمار، معالي المهندس خالد الفالح، ووزير السياحة، معالي الأستاذ أحمد بن عقيل الخطيب، ووزير الطاقة، صاحب السمو الملكي الأمير عبد العزيز بن سلمان آل سعود، ووزير الثقافة، صاحب السموالأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، ووزير الصناعة والثروة المعدنية، معالي الأستاذ بندر الخريف، الأمر الذي يدل على ما يولونه من اهتمام بالغ بتعزيز التعاون بين البلدين.
وخلال الأزمة السودانية الحالية، تجلّت قوة العلاقات بين البلدين، حينما وفرت المملكة العربية السعودية ملاذاً آمناً للمواطنين الألمان، ولجميع المواطنين من مختلف أنحاء العالم، الذين تم إجلاؤهم من السودان. فنحن ممتنون بصدق لكل هذا الدعم.
* كيف ترون نتائج وأهمية الزيارات الرسمية المتبادلة بين الرياض وبرلين، وأثرها على العلاقات بين البلدين؟
* الزيارات المتبادلة بين الرياض وبرلين هي علامة على العلاقة القوية والمتنامية بين البلدين. وتعكس التزاماً مشتركاً بتعميق التعاون وتعزيز الروابط بين البلدين.
وقد أتت نتائج هذه الزيارات إيجابية للغاية، ونتج عنها إحراز تقدم في المشاركة الدبلوماسية والتعاون الاقتصادي، من خلال استكشاف وتوسيع التعاون في عدة قطاعات مثل: الاستثمار والطاقة والثقافة والتعاون الأمني، والدعم الإنساني.
وفي الآونة الأخيرة، وقعت المملكة العربية السعودية وألمانيا 7 اتفاقيات، عقب مشاركة وزير الاستثمار خالد الفالح في منتدى الاستثمار الألماني السعودي، منها مذكرات تفاهم لتعزيز التعاون في مجال الكيماويات، وإدارة النفايات والطاقة المتجددة والهندسة والصناعات المتقدمة والسيارات والتكنولوجيا.. وفي الأسبوع الماضي، وقعت شركة "شنايدر إلكتريك" (Schneider Electric) الألمانية مذكرة تفاهم مع الهيئة الملكية لمحافظة العلا، لتوفير ما تم وصفه ب «أحدث التقنيات» في العلا، وبالتالي ستصبح الشركة المذكورة مساهماً رئيسياً في تطوير العلا.
* تمر المنطقة العربية حاليا بعدة أزمات.. ما طبيعة الدور الذي يمكن أن تلعبه ألمانيا؟ خاصة أنها عضو نشط ومؤثر في الاتحاد الأوروبي.
* يكمن دور ألمانيا في معالجة الأزمات بالمنطقة العربية، في التزامها بفهم شامل للاستقرار، وكذلك التعاون مع الشركاء على أساس القيم المشتركة، وأيضًا المشاركة الفعالة في التحالفات والمنظمات الدولية. وهذا يقودنا إلى استراتيجية الأمن القومي (NSS) للحكومة الاتحادية الألمانية، التي تم تبنيها مؤخرًا والتي يمكن أن توفر إطارًا للنهج الألماني.
إن هذه الاستراتيجية، قد صاغت برنامجًا متكاملاً للسياسة الأمنية تحت شعار "التحصين والصمود والاستدامة". علمًا بأن هذه الاستراتيجية منبثقة من الاتجاه المتنامي نحو تعدد الأقطاب، وزيادة المنافسة في العلاقات الدولية، كما تهدف إلى تعزيز السلام العالمي ضمن إطار أوروبا موحدة.
إن أحد الركائز الأساسية لهذه الاستراتيجية هو الأمن، بالتعاون مع الشركاء. حيث تدعو ألمانيا إلى نظام دولي قائم على ميثاق الأمم المتحدة، وحقوق الإنسان العالمية والقانون الدولي. ونحن نسعى إلى تعزيز أواصر التعاون مع الحلفاء والشركاء، الذين يشاركوننا قيمنا ومصالحنا. فضلاً عن ذلك، فإننا نهدف إلى إقامة أو تعزيز الشراكات مع الدول التي تدعم أيضاً نظاماً دولياً يقوم على القانون الدولي، حتَّى وإن لم تشاركنا تلك الدول كلَّ قيمنا. إن الأمن المتكامل لا يقتصرعلى الأمن العسكري فحسب، بل يمتد ليشمل أيضاً الأمن الاقتصادي والأمن البيئي والأمن الاجتماعي. وفي هذا السياق، تؤكد الاستراتيجية الأمنية على الحاجة إلى أن نصبح أكثر مرونة وقابلية للتكيف. على سبيل المثال، استجابت ألمانيا بسرعة لمحاولة روسيا استخدام الطاقة كسلاح، وذلك من خلال الإنهاء التام لواردات الوقود الأحفوري من روسيا.
من خلال هذه الاستراتيجية، والتزامنا الراسخ تجاه شركائنا في مجال الأمن، لا سيّما حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، نهدف إلى المساهمة في الاستقرار الإقليمي، وتعزيز نظام دولي قائم على القانون الدولي وحقوق الإنسان.
* ما حجم التبادل الاقتصادي والاستثماري بين المملكة وألمانيا؟
* وفقًا لأحدث الأرقام المتاحة، فقد بلغت قيمة الاستثمارات المباشرة من ألمانيا إلى المملكة العربية السعودية في عام 2020م ملياري يورو، مقابل 336 مليون يورو من الاستثمارات السعودية المباشرة في ألمانيا. وفي عام 2021م بلغت قيمة الصادرات الألمانية إلى المملكة العربية السعودية 5.6 مليار يورو، في حين بلغت قيمة واردات المملكة إلى ألمانيا 1.1 مليار يورو.
* ما مستجدات التعاون الثقافي والتعليمي بين البلدين؟
* زار وزير الثقافة، الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، برلين مؤخراً، والتقى وزيرة الدولة الألمانية للشؤون الثقافية، السيدة كلاوديا روث. وستوقع المملكة العربية السعودية وألمانيا قريباً مذكرة تفاهم في مجال التعاون الثقافي. كما وقعت وزارة التعليم السعودية مؤخراً 17 اتفاقية بهدف تدريب المزيد من الأطباء السعوديين في الخارج، حيث سيتم تدريب 130 طبيباً في ألمانيا، من أصل 255 طبيب. فحتى الآن، يوجد هناك برنامج ناجح للغاية بالتعاون مع مستشفى "شاريتيه" (Charité) الجامعي الشهير في برلين، وذلك لتدريب الأطباء السعوديين ليصبحوا أطباء متخصصين. كذلك خضع ما يقرب من ألفي طالب لاختبار اللغة الألمانية في معهد جوته خلال عام 2022م. كما أصبح من الممكن الآن تعلم اللغة الألمانية، كلغة أجنبية في العديد من المدارس الخاصة بالمملكة، إذ يقوم معهد جوته بتعزيز التبادل الثقافي بين ألمانيا والمملكة في مختلف المجالات الثقافية. فضلاً عن ذلك، هناك مُحاضِرَتان تأخذان على عاتقهما مهمة تعليم اللغة الألمانية كلغة أجنبية في جامعة الفيصل بالرياض، وجامعة عفت بجدة، كما تقدمان المشورة للطلاب حول كيفية الانتساب إلى الجامعات الألمانية. علاوة على ذلك، لا يمكننا أن نغفل دور جامعة الملك سعود، التي توفّر مسارًا لتخصص الترجمة من وإلى اللغة الألمانية. وإذا كنت ترغب في الالتحاق بمدرسة ألمانية مناسبة، فإن المدرسة الألمانية العالمية في الرياض تسعد بقبول الطلاب، مع اعتقادي أن هناك قائمة انتظار لدى المدرسة للعام المقبل. ومن جانبنا، فإننا فخورون على وجه خاص بالمعهد الألماني للآثار، والذي يواصل العمل في العديد من المواقع التاريخية بالمملكة، وذلك جنباً إلى جنب مع شريكهم الدائم الهيئة الملكية لمحافظة العلا.
* هل هناك خطط لفتح المزيد من أقسام اللغة الألمانية في الجامعات والمدارس السعودية؟ وكم عدد الطلاب السعوديين في ألمانيا؟
* بالطبع، نحن نعمل حاليًا على اقتراح لإدخال قسم آخر للغة الألمانية هنا في المملكة. وكما ذكرت سابقاً، ويوجد بالفعل قسم للغة الألمانية في جامعة الملك سعود، ويمكن دراسة اللغة الألمانية في جامعة الفيصل بالرياض وجامعة عفت بجدة.
للأسف، ليس لدينا عدد دقيق للطلاب، لكن يمكنني أن أخبرك بأن قسمي التأشيرات في الرياض وجدة منهمكان في إصدار تأشيرات دراسية.
* كيف ترون الحركة الثقافية والاجتماعية التي شهدتها المملكة في السنوات الأخيرة تزامناً مع رؤية 2030؟ وهل هناك نية لإقامة فعاليات ألمانية في المملكة؟
* كان من الرائع مشاهدة التغير الهائل الذي حدث في المملكة إبّان السنوات القليلة، منذ وصولي إلى هنا. إن فئة الشباب بالمملكة تجسد ثروةً هائلةً في إطار إحداث نقلة في الدولة، وبناء مستقبل للأجيال القادمة. وأود أن أعود إلى المملكة العربية السعودية في عام 2030م لأشاهد "رؤية 2030 " تتحول إلى حقيقة. كما تستضيف كل من السفارة في الرياض والقنصلية في جدة، ومعهد جوته باستمرار موسيقيين وفنانين ألمان هنا، من أجل تعزيز التبادل الثقافي. كما أننا ندعم البرامج التي تجمع الفنانين السعوديين والألمان معاً، مع التركيز بشكل خاص على فئة الشباب منهم.
* هل ستكون هناك زيارات رسمية قريبا بين الجانبين؟
* يخطط الجانبان حاليًا لمزيد من الزيارات المتبادلة، مما سيعزز العلاقات الثنائية بين البلدين. وقد ناقش صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن فرحان، ووزيرة خارجيتنا السيدة أنالينا بيربوك، إمكانية إقامة حوار ثنائي هيكلي، منتظم، ورفيع المستوى يشمل السياسات الخارجية والأمنية، مع تركيز خاص على البعد المناخي والبيئي.
* ما أبرز مجالات التعاون بين البلدين في مسألة مكافحة الإرهاب؟
* نحن نعمل عن كثب مع السلطات السعودية في إطار جهودنا المشتركة، في مواجهة تنظيم داعش والقاعدة، هذا التعاون مثمر للغاية لكلا الطرفين، وهو مبني على الثقة المتبادلة والعلاقات الشخصية.
* كيف يمكن لألمانيا أن تساهم في معالجة ظاهرة الخوف من الإسلام في أوروبا (الإسلاموفوبيا) وتخفيف مشاعر الكراهية ضد العرب والمسلمين؟
* ألمانيا هي موطن لعدد كبير من المسلمين. يعيش في ألمانيا حوالي 5.5 ملايين مسلم يمثلون 7 ٪ من إجمالي السكان. وشكّلت ألمانيا إحدى الوجهات الرئيسية للاجئين المسلمين الهاربين من الصراعات والاضطهاد. واستقبلنا حوالي 1.3 مليون لاجئ أتى معظمهم من سورية، وأفغانستان أو إيران.
وقد أثرى المسلمون المجتمعَ الألماني بتقاليدهم المميزة وطعامهم وموسيقاهم، كما ساهموا في تنمية الاقتصاد والنسيج الاجتماعي الألماني بطريقة بالغة الأهمية. فقد جلب هؤلاء معهم تاريخًا ثريًا، وإحساسًا عميقًا بالانتماء المجتمعي. وفي المقابل، رحبت الغالبية العظمى من الألمان بالمسلمين في مجتمعاتهم بأذرع مفتوحة، وقد نجحت هذه المجتمعات معاً في بناء جسور التفاهم والتعاون.
بينما يعيش معظم المسلمين في ألمانيا بسعادة ويندمجون في المجتمع، يواجه بعضهم تحديات كبيرة، وأحياناً أيضًا تهديدات في حياتهم المهنية أو الخاصة. وفي هذا الصدد، تدين الحكومة الألمانية بشدة جميع أشكال التمييز وكراهية الإسلام. ومن ثم فإنّ مسألة محاربة التطرف اليميني والعنصرية في ألمانيا، تُعتبر ذات أهمية قصوى بالنسبة للحكومة الألمانية.
يتمتع كل من البرنامجين التابعين للحكومة الاتحادية "العيش في ديمقراطية، مناهضة التطرف اليميني والعنف والكراهية" و"الاندماج من خلال المشاركة"- إضافةً إلى الخدمات والتدابير التي تقدمها وتتخدها الوكالة الاتحادية للتربية المدنية والمنظمات الأخرى - بأهمية مركزية لدى الحكومة الألمانية، وذلك في إطار ما تبذله الحكومة من جهود، في سبيل الحد من التطرف وتعزيز الديمقراطية. حيث أن الحكومة الألمانية ملتزمةٌ خلال الفترة الممتدة من 2021م وحتى 2024م بإنفاق ما يزيد مجموعه عن مليار يورو، في سبيل مكافحة العنصرية والتطرف اليميني.
في عام 2006م، أي منذ 17 عامًا، أطلقنا مؤتمر الإسلام الألماني، وكان بمثابة أول منتدى للحوار بين السلطات الحكومية والمحلية والمسلمين في ألمانيا. منذ ذلك الحين ينعقد مؤتمر الإسلام الألماني كل عام، لمعالجة المشاكل القائمة بهدف بناء الثقة المتبادلة والتفاهم المشترك وضمان التعايش.
هذا وعلى الرغم من التحديات التي لا تزال موجودة، فإنّ التعايش بين المسلمين والمسيحيين واليهود وأتباع الأديان الأخرى، يشكّل مصدراً للأمل والإلهام. كما يُظهر أنه برغم الاختلافات الحاصلة في الثقافة واللغة والدين، فإنّ هذا التنوّع بمثابة قوةٍ جديرةٍ بالإشادة والثناء، ولا تستدعي الخوف منها.
* هناك تعاون كبير بين المملكة وألمانيا في مجالات الطاقة. هل هناك اتفاقيات مبرمة في مجال المشاريع الخضراء والحفاظ على البيئة، خاصة وأن العالم يسير الآن بسرعة نحو هذا النوع من المشاريع؟
* إن محور التعاون بين البلدين في مجال الطاقة، يتمثل في الحوار القائم بين الوزارة الاتحادية للاقتصاد ووزارة الطاقة السعودية، والذي انطلق في ديسمبر 2019م. وقد تمت إضافة مذكرة تفاهم بشأن التعاون السعودي الألماني في مجال الهيدروجين في مارس 2021م إلى هذا الحوار. ففي إطار حوار الطاقة، الذي تَعزّز بشكل كبير خلال السنوات الماضية، تلتقي مجموعات العمل الفنية والتنظيمية والتجارية بصورة منتظمة لمناقشة التفاصيل العملية لإنشاء سلسلة إمداد متكاملة للهيدروجين.
وقد كان من بين أبرز الأحداث الأخيرة تحت مظلة حوار الطاقة الثنائي مؤتمرُ "يوم الطاقة السعودي-الألماني" الذي أقيم للمرة الثانية على التوالي في يومي 2 و 3 مايو في مدينة برلين، وضمَّ ممثلين حكوميين رفيعي المستوى وشركات ألمانية وسعودية كبرى.
إن الفعاليات الخاصة بربط المشترين بالمنتجين، والتي تهدف إلى ربط القدرات الانتاجية للهيدروجين بالمشترين المحتملين، تتم أيضًا تحت مظلة حوار الطاقة الثنائي بين البلدين. فعلى سبيل المثال، قام وفد من وزارة الطاقة السعودية – بالتعاون مع مكتب الاتصال الألماني السعودي للشؤون الاقتصادية "جيزالو" (GESALO) – بزيارة إلى ألمانيا في شهر فبراير الماضي، وذلك للقاء المشترين المحتملين للهيدروجين هناك.
تجدر الإشارة، إلى أن الهيدروجين يلعب دورًا حاسمًا في موضوع تحول الطاقة في ألمانيا، حيث من المقرر أن تتم تغطية حوالي 2 / 3 من احتياجاتنا المتوقعة بحلول عام 2023م، والتي تتراوح ما بين 95 إلى 130 تيراواط للساعة سنويًا، عن طريق الواردات القادمة من البلدان التي تتمتع بظروف مناسبة لإنتاج الهيدروجين النظيف. كذلك تنشط الشركات الألمانية في العديد من مشاريع الطاقة القائمة في المملكة، مثل مرافق الهيدروجين في نيوم، ومركز جديد لاستخلاص الكربون في المنطقة الشرقية.
وإدراكًا لأهمية المملكة العربية السعودية في اقتصاد الهيدروجين الناشئ، أنشأت وزارة الخارجية الألمانية مكتبًا لدبلوماسية الهيدروجين في إطار مشروع H2-Diplo في الرياض، والذي يهدف بشكل أساسي إلى الدخول في حوار مع أصحاب المصلحة، حول التبعات الجيوسياسية والاقتصادية، لتكثيف إنتاج الهيدروجين العالمي واستخدامه. علمًا بأن هناك فقط أربعة مكاتب للهيدروجين في جميع أنحاء العالم.
* كيف تقيمون جهود المملكة في استقرار أسعار الطاقة، واستمرار إمدادات النفط للأسواق العالمية؟
* النفط هو سلعة استراتيجية لعمل سلاسل التوريد والصناعات الحديثة. وبالتالي، فإن الإمداد الآمن بأسعار معقولة، يُمْكن التنبؤ بها، هو عامل مهم لاستدامة الاقتصاد المعولم.
* ما حجم التعاون السياحي بين المملكة وألمانيا؟
* مع أنه لا يمكن مقارنة الأرقام الإجمالية بالمواقع السياحية العالمية الرئيسية، نظرًا لدخول المملكة بقوة حديثاً إلى مجال السياحة، إلا أن السياح الألمان يكتشفون بشكل متزايد المملكة كوجهة سياحية، وسيزداد عددهم بالتأكيد مع التطور المستمر لقطاع السياحة المحلي. كما يسعدني أن أرى ألمانيا وجهة بارزة للسعوديين.
* هل هناك خطط لزيادة التعاون في المجال الطبي بين البلدين؟
* يوفر القطاع الطبي وما يشهده من تحول كبير ومتواصل، فرصًا متعددة للشركات الألمانية المتخصصة، والتي أنشأ العديد منها مكاتب دائمًة، واستثمروا في تدريب الموظفين وفي التقنيات الحديثة، بهدف خدمة قطاع الرعاية الصحية السعودي بشكل أفضل.
* أخبرنا عن مكتب الاتصال الألماني السعودي للشؤون الاقتصادية (GESALO) وكيف سيساهم في دعم التعاون بين البلدين؟
* مكتب الاتصال الألماني السعودي للشؤون الاقتصادية (GESALO) هو الممثل الرسمي للصناعة الألمانية، كما يعد بمثابة بوابة رسمية للشركات الألمانية إلى السوق السعودية. تشمل الخدمات الرئيسية التي يقدمها المكتب دخول الأسواق، وتنظيم زيارات للوفود من وإلى ألمانيا، إضافةً إلى التمثيل العادل التجاري، وتأمين فرص التواصل.
مكتب الاتصال الألماني السعودي، هو جزء من شبكة عالمية لغرف التجارة الألمانية بالخارج (AHK) والتي تنتشر في 140 موقعًا في 92 دولة. تأسس المكتب عام 1978م، ويحتفل حاليًا بمرور 45 عامًا على تأسيسه في المملكة. الجدير بالذكر أن المكتب يحظى بدعم كل من الوزارة الاتحادية للاقتصاد وحماية المناخ، وقطاع الصناعة في ألمانيا.
إلى جانب حوار الطاقة، تشارك الشركات الألمانية في قطاعات مختلفة من رؤية 2030 بدعم من المكتب المذكور، على سبيل المثال: السيارات، الطب، النفط، الغاز والبتروكيماويات، الصناعة، اللوجستيات، الأغذية والترفيه. علاوة على ذلك، يُسهِّل المكتب زيارات الوفود من وإلى ألمانيا، حيث قام المكتب بدعم زيارات وزارة الطاقة ووزارة الاستثمار، وكذلك زيارة وفد برنامج تطوير الصناعة الوطنية، والخدمات اللوجستية إلى ألمانيا هذا العام.
* بماذا تحتفل ألمانيا في الثالث من أكتوبر؟
* في الثالث من أكتوبر من هذا العام، سنحتفل بالذكرى الثالثة والثلاثين ليوم الوحدة الألمانية.
حيث أسفرت الحرب العالمية الثانية عن تقسيم ألمانيا إلى جزئين، شرقي وغربي. في عام 1961م أمر الاتحاد السوفيتي وحكومة ألمانيا الشرقية، ببناء حاجز خرساني خاضع للحراسة الأمنية لمنع هروب مواطني ألمانيا الشرقية إلى ألمانيا الغربية. علمًا بأن هذا الحاجز والمُسمَّى ب"جدار برلين" قد فصل شرق ألمانيا عن غربها، حتى شهر نوفمبر من عام 1989م. وفي الثالث من أكتوبر من عام 1990م، أُعيد توحيد ألمانيا رسميًّا. وكانت إعادة توحيد ألمانيا ناجحة بفضل حلفائنا الغربيين، وبفضل الشعب الألماني، الذي عقد العزم على اغتنام فرصة العيش بحرية، واستخدم الوسائل السلمية لتحقيق أهدافه. مثل هذه اللحظات، كسقوط جدار برلين، تصنع التاريخ، وتمدنا بالأمل والقوة، اللذين نحتاجهما اليوم وفي المستقبل. لهذا نحتفل بالثالث من أكتوبر المعروف ب"يوم الوحدة الألمانية"، وهو واحد من أسعد الأيام في تاريخ ألمانيا.
* كم عدد الشركات الألمانية العاملة في المملكة؟ ما هي أبرز المشاريع التي قامت بتنفيذها؟
* هناك ما يقارب من 200 شركة ألمانية، لها مكاتب دائمة في المملكة، وحوالي 800 شركة ألمانية تقوم بأعمال تجارية منتظمة مع المملكة العربية السعودية. يشمل نطاق عمل الشركات الألمانية مجموعة واسعة من الصناعات والمشاريع. ومن المشاريع الضخمة التي شاركت فيها، القدية، نيوم، مشروع البحر الأحمر، وروشن، بالإضافة إلى دعم قطاعي الترفيه والسياحة المتناميين. كما أن هناك أيضاً مجموعة كبيرة من الشركات الألمانية التي أقامت علاقات طويلة الأمد مع قطاع الطاقة والبتروكيماويات في المنطقة الشرقية، لتقديم خدمات تصنيع متخصصة.
* كم عدد الألمان المقيمين في المملكة العربية السعودية؟ ما أبرز الوظائف التي يعملون بها؟
* يقيم ما يقرب من 2500 ألماني بشكل دائم في المملكة العربية السعودية، وهذا العدد آخذ في الارتفاع. كما أن هناك عدد كبير من الألمان الذين يسافرون إلى المملكة بشكل منتظم، بواسطة تأشيرات عمل. علمًا بأن القطاعات الرئيسية التي يعملون فيها هي البناء والنفط والقطاع المالي. هذا وتعد السيدة مونيكا شتاب، مديرة المنتخب الوطني السعودي لكرة القدم للسيدات، واحدةً من أبرز المواطنين الألمان المقيمين في المملكة.
* كيف تصفون طبيعة العلاقة بين الشعبين السعودي والألماني؟
* العلاقة بين الشعبين السعودي والألماني إيجابية للغاية، ومتنامية باستمرار، هناك اهتمام متزايد في كلا البلدين بمعرفة المزيد عن ثقافة ومجتمعات بعضهما البعض، وهناك رغبة قوية لدى كلا الجانبين في بناء علاقة أقوى، طويلة الأمد.
وكما قلنا سلفًا، هناك العديد من الطلاب السعوديين في ألمانيا، كما أن هناك العديد من المغتربين الألمان، الذين يعيشون ويعملون في المملكة، وهذا يساهم في تعزيز الروابط بين الأشخاص وفهم ثقافة الآخر. علاوة على ذلك، يمكننا رؤية هذا التقارب متجسدًّا في التفاعلات المتزايدة بين الفنانين والموسيقيين السعوديين والألمان، والتي تُعد مثالًا إيجابيًا على مدى قدرة كل من الموسيقى والثقافة على الجمع بين الأشخاص.
والآن مع حدوث المزيد والمزيد من التعاون القادم في مجالي التعليم والثقافة، أتوقع أن تزدهر هذه العلاقة بصورة أكبر.
* كلمة أخيرة من سعادتك..
* قضيت سنتين مليئتين بالإثارة في المملكة العربية السعودية، فقد كانت السنتان الماضيتان شاهدتين على قوة وتطلعات وتفاني الشعب السعودي، كما أن التغيرات السريعة والبعيدة المدى التي حدثت داخل المملكة كانت آسرة ومُلهِمة. ومن هنا فإني حريص على العودة إلى المملكة في عام 2030م لأشاهد الإنجازات العظيمة، التي سوف تشهدها المملكة.
وعلى الصعيد الشخصي: أود أن أشكر الشعب السعودي من صميم قلبي، على مشاعر الصداقة واللطف التي قابلني بها، فمنذ يومي الأول في المملكة تم الترحيب بي بأذرع مفتوحة، فقد كنت محظوظًا بما يكفي للسفر إلى كل ركن من أركان البلاد تقريبًا، وذلك لاكتشاف جمال المملكة وكرم شعبها.. شكراً للمملكة العربية السعودية.
السفير ديتر لامليه يشرح ل«الرياض» أحد معالم برلين التاريخية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.