تمثل إدارة العقل تقنية أو أسلوب الاقتراب من بنية ووظيفة العقل الواعي والعقل الباطن، والاستخدام الأمثل لقدراتهم الرائعة من أجل الوصول إلى أهداف محددة مسبقاً. بعبارة أخرى، توضح هذه المعرفة القوة الهائلة وغير العادية للعقل البشري في التكيُّف مع حقائق العالم الحقيقي بمساعدة أنماطه الداخلية الإيجابية المسجلة. وبالتالي، فإن قضايا يومية نعيشها مثل مفهوم وتفسير الأحداث، وتحديدها على أنها جيدة أو سيئة، صحيحة أو خاطئة، مفيدة أو غير مجدية، كل هذا يأتي من مصدر واحد وهو العقل، لأن هذا العقل مسؤول عن تحقيق الأهداف المحددة، ولا يمكن لأي حدث أن يؤثر علينا، من دون الموافقة النهائية التي تأتي من العقل. ومن أكثر طرق إدارة العقل شيوعاً هي «الخرائط الذهنية»، والخرائط الذهنية هي أداة تسمح بهيكلة المعلومات ومعالجتها بشكل فعّال وتطوير قدرات التفكير باستخدام كل إمكانات الموظف الإبداعية والفكرية. إن طريقة «الخرائط الذهنية» ليست موحّدة، لكن البساطة وإمكانية الوصول تجعلان من الممكن تطبيقها في أي مجال من مجالات النشاط الفكري، إذ إنه كما نعلم، فإن «الخرائط الذهنية» هي طريقة إضافية للتنبؤ بالبيئات الخارجية والداخلية للمؤسسة وتحليلها، وهذه هي الطريقة التي تكتسب بها الأشياء المعقدة البساطة الضرورية لإنجاز سهل يستطيع أن يصل إليه جميع الموظفين على اختلاف إمكاناتهم وقدراتهم وتنوعها. وإدارة العقل هو مفهوم إداري ناشئ، ويقوم على افتراضات متوافقة مع القيم الإنسانية المرتفعة، هذا العِلم يبحث عن جذور أي كفاءة وفعاليّة فرديّة في تطوّر الإنسان، ويعترف بقوة إرادة الإنسان كمصدر أصلي وعامل أساسي لأي تغيير نحو الأفضل، عندما يصبح الإنسان، من خلال معرفة إدارة العقل، قادراً على تدريب عقله الواعي، فيمكنه حينئذٍ التحكم في أفعاله وعواطفه وسلوكياته وجسده، ويكون لديه أيضاً الإرادة والشجاعة للاعتماد على قدراته ومعرفته وخبرته لمواجهة تحديات مختلفة في الحياة، وبالتالي يمكنه اختيار أفضل خيار متاح. ونظراً لأن النمط الفردي لكل مدير أو إداري يعتمد على شخصيته وطبيعته، فإنه يمكن لإدارة العقل أن تلعب دوراً مهماً في أي وظائف إدارية، مثل التخطيط والتنظيم، والتوظيف، والقيادة والتحكم، والتحفيز. وبالتالي، فإن الواجب الأول للمدير هو إدراك مدى استخدامه لإدارة العقل في أنشطته اليومية. لذلك، عندما يُعرَّف المدير بأنه ناجح، فإنه يبدأ الإدارة من نفسه، وبمساعدة إدارة العقل التي كانت دائماً أحد أسرار نجاح المديرين البارزين، لكن المشكلة هي أن معظم الناس، بسبب عدم وعيهم بأهمية إدارة العقل لا يجدون أهدافهم، وبدلاً من التركيز على رغباتهم ومعتقداتهم وأفكارهم الإيجابية، فإنهم يخضعون أنفسهم للتأثيرات السلبية للأحداث اليومية والتحديات التي من الطبيعي أنها لا تتوقف في حياة الإنسان. *دكتوراة في علم النفس الإداري