تواصلت جهود ملوك هذه البلاد الطاهرة من بعده -يرحمه الله- في العناية بالحرم المكي الشريف، فأضيفت للحرم المكي ساحة أخرى في عهد الملك سعود -يرحمه الله-، وكانت تلك عمارة عظيمة لم يشهد الحرم المكي مثلها من قبل، حيث أمر -يرحمه الله- بفتح شارع وراء الصفا، وصرف مرور الناس والسيارات عن شارع المسعى. وفي سنة 1373ه أمر بتركيب مضخة لرفع مياه زمزم. وفي سنة 1374ه أنشأ بناية لسقيا زمزم أمام بئر زمزم. وفي سنة 1375ه تم استبدال الشمعدانات الستة بحجر إسماعيل عليه السلام بأضواء الكهرباء، كما أمر -رحمه الله- بتبليط أرض المسعى بالإسمنت. وفي السنة نفسها ألقى الملك سعود خطابه التاريخي بالشروع في توسعة الشاملة للمسجد الحرام وعمارته التي أمر بها والده الملك عبدالعزيز -رحمه الله-، وبدأ العمل في 4 ربيع الثاني عام 1375ه، وذلك بنزع ملكيات الدور والعقارات الواقعة في أرض التوسعة بعد تعويض أصحابها، وتضمنت هذه التوسعة ثلاث مراحل شملت إزالة المنشآت السكنية والتجارية التي كانت مجاورة للمسعى، وكذلك إزالة المباني التي كانت قريبة من المروة، وإنشاء طابق علوي للمسعى بارتفاع تسعة أمتار مع إقامة حائط طولي ذي اتجاهين، وتخصيص مسار مزدوج يستخدمه العجزة الذين يستعينون بالكراسي المتحركة في سعيهم مع إقامة حاجز في وسط المسعى يقسمه إلى قسمين لتيسير عملية السعي. كما أنشئ للحرم 16 بابًا في الجهة الشرقية (ناحية المسعى)، كما تم إنشاء درج ذي مسارين لكل من الصفا والمروة؛ خصص أحدهما للصعود والآخر للهبوط. كما أنشئ مجرى بعرض خمسة أمتار وارتفاع يتراوح ما بين أربعة وستة أمتار لتحويل مجرى السيل الذي كان يخترق المسعى ويتسرب إلى داخل الحرم، كما تم توسعة منطقة المطاف على النحو الذي هو عليه الآن، كما أقيمت السلالم الحالية لبئر زمزم. وكان المطاف بشكله البيضاوي يبدو وكأنه عنق زجاجة؛ الأمر الذي كان سببًا في تزاحم الطائفين حول الكعبة المشرفة، وقد زال هذا الوضع بعد إجراء توسعة المطاف، كذلك جرت وفق هذه التوسعة إزالة قبة زمزم التي كان يستخدمها المؤذنون الذين أنشئ لهم مبنى خاص على حدود المطاف إضافة لبعض التطويرات العديدة، وأصبحت مساحة مسطحات المسجد الحرام بعد هذه التوسعة 193000 متر مربع بعد أن كانت 29127 مترًا مربعًا؛ أي بزيادة قدرها 131041 مترًا مربعًا. وأصبح الحرم المكي يتسع لنحو 400000 مصلٍ، وشملت هذه التوسعة ترميم الكعبة المشرفة وتوسعة المطاف وتجديد مقام إبراهيم عليه السلام. أ. محمد بن عبدالملك الدهيش – باحث ومؤلف