لا شك أن موافقة المقام السامي الكريم مؤخراً على مشروع نظام حقوق كبار السن ورعايتهم يعد إضافة لمنظومة التشريعات الحقوقية في وطن العز والإنسانية، ويظهر في الوقت ذاته اهتمام القيادة الرشيدة -حفظها الله- بالإنسان السعودي في جميع مراحله العمرية بما يتوافق مع قيم ومنهج شريعتنا الاسلامية، حيث يهدف هذا القرار الحكيم إلى رفع سقف التوعية المجتمعية وتوضيح حقوق المسنين من أجل احترامهم وتوقيرهم وتوفير بيانات دقيقة ومعلومات إحصائية عن كبار السن بما يساهم في وضع الخطط اللازمة وصياغة البرامج التوعوية وإقامة المشروعات الوقائية والأعمال التطوعية التي تعزز من مهارتهم وقدراتهم وممارسة هواياتهم وإشباع احتياجاتهم، فضلاً عن اندماجهم في المجتمع وتشجيعهم على العمل واستثمار خبراتهم المتراكمة عبر السنين. ولا مناص أن مشروع نظام حقوق كبار السن ورعايتهم الذي يشمل على عقوبات قانونية على منتهكي النظام سيسهم في تحقيق الخصوصية بما يشمل حقهم في اتخاذ القرارات الخاصة والحماية من التعرض للعنف والإساءة والإهمال وتعزيز الاستفادة من قدراتهم ومهارتهم وإدماجهم مع المجتمع بكافة فئاته العمرية إلى جانب الاهتمام الصحي من خلال توفير الرعاية الصحية والوقائية لهم. وكذلك الحفاظ على سرية معلوماتهم وبياناتهم، وعدم الإفصاح عنها إلا وفقاً للنظام. والأكيد أن من آثار هذا القرار الناجع أيضاً أنه سيساهم في بناء ثقافة مجتمعية بصفة عامة تراعي احترام المسنين في المجتمع، وبالتالي تتيح لهم العيش الكريم وتقدم لهم الخدمات الاجتماعية والصحية اللازمة مما ينعكس على صحتهم البدنية والاجتماعية والنفسية والعاطفية كما سيشجع أهم مؤسسات التنشئة الاجتماعية (الأسرة) والنهوض بدورها في رعاية مسنيها، وفي ذات السياق حث القطاع الخاص ورجال الأعمال والمؤسسات الأهلية على رعاية كبار السن من خلال إقامة مراكز خاصة وأندية اجتماعية وثقافية، والعمل على تمكين كبار السن من العيش في بيئة صحية آمنة تحفظ حقوقهم وتصون كرامتهم وتزيل عن حياتهم المكدرات والهموم والأحزان، خاصة وأن من تعاليم ديننا الإسلامي القويم في حق كبير السن توقيره وإكرامه وحفظ خصوصيته واستقلاليته وأن يكون له مكانة في النفوس ومنزلة في القلوب. وقد أوجب نبي الرحمة صلى الله وعليه وسلم احترام كبار السن والسعي على خدمتهم كما قال معاذ بن جبل رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله وعليه وسلم قال: (إذا أتاكم كبير قوم فأكرموه). والجميل في حق هذه الفئة الغالية علينا جميعاً أن العالم في كل عام يحتفل بهم حيث وضع لليوم العالمي لكبار السن شعار «الاحتفال بحقوق كبار السن» في كل عام ليتم التأكيد على أن لكبار السن حقوقا على المجتمعات والمؤسسات والأفراد جميعاً، ويعيد التذكير بأهمية حسن التعامل معهم وتأمين الرعاية الوقائية والعلاجية لهم؛ وتوفير المرافق اللازمة لتلبية احتياجاتهم؛ وتعزيز تمتعهم بحقوقهم كاملة وتوفير الحياة الكريمة لهم وذلك من منطلق أخلاقي وحضاري وإنساني. * باحث متخصص خالد الدوس