30 دولة تتنافس في أولمبياد الفيزياء الآسيوي بالسعودية    علاج أول حالة ارتفاع دهون نادرة في جازان    أمير منطقة تبوك يستقبل رئيس جمعية أصدقاء لاعبي كرة القدم    احتفالية ضخمة تنتظر الأهلي في موسم جدة    أمير منطقة تبوك يرعى حفل تخريج طلاب وطالبات جامعة فهد بن سلطان    1.2 مليون زائر لمعرض جسور في جاكرتا    علامات سعودية تُبحر بثقة في أول معرض امتياز عائم    محافظ صبيا يتفقد الاستعدادات لمهرجان المانجو والفواكه الاستوائية في نسخته ال21    ختام أول بطولة ملاكمة مفتوحة للأساتذة    جمعية أصدقاء البيئة تبرز جهودها في ملتقى "وطن أخضر.. غَدُهُ مستدام" بجامعة الإمام عبدالرحمن    مركز الملك سلمان للإغاثة ينتزع 1.839 لغمًا في اليمن خلال أسبوع    النفط ينخفض مع اتجاه أوبك+ لزيادة الإنتاج ومخاوف زيادة المعروض    وزير الشؤون الإسلامية يستقبل نائب رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا الاتحادية    وزير الرياضة يستقبل فريق الأهلي بعد تحقيقه اللقب الآسيوي    إنهاء معاناة طفل من جلطات دماغية متكررة بسبب مرض نادر    النصر ينضم لسباق كارلو أنشيلوتي    سعود بن نهار يستقبل رئيس غرفة الطائف    أمير منطقة الجوف يلتقي أهالي محافظة دومة الجندل    الملك وولي العهد يتلقيان دعوتين من أمير قطر لحضور القمة العالمية الثانية للتنمية الاجتماعية    أمير الجوف يرأس اجتماع لجنة الحج العليا بالمنطقة لعام 1446 ه    إيرادات السعودية تسجل 263.6 مليار ريال في الربع الأول 2025    دوري يلو.. مواجهات حاسمة في صراع "البطاقة الثانية"    منظمة التعاون الإسلامي تُدين الاعتداء على المرافق الحيوية والبنية التحتية في بورتسودان وكسلا بالسودان    القيادة تهنئ ملك مملكة هولندا بذكرى يوم التحرير لبلاده    مختص ل"الرياض": 85% من الوظائف المستقبلية ستكون قائمة على المهارات الاتصالية والتقنية    قوّات الاحتلال الإسرائيلي تنفّذ عمليات هدم    زوجان بنجلاديشيان .. رحلة من أمريكا إلى مكة المكرمة    إطلاق مبادرة المترجم الصغير بجمعية الصم وضعاف السمع    مستشفى النعيرية العام يحتفي باليوم العالمي للصحة والسلامة المهنية    من جيزان إلى الهند.. كيف صاغ البحر هوية أبناء جيزان وفرسان؟    محافظ الدرعية يرعى حفل تخريج طلاب جامعة المعرفة        عادة يومية ترفع معدل الوفاة بسرطان القولون    سوريا بين حرب أهلية ومشاريع تقسيم    قبل أن أعرفك أفروديت    سعد البريك    الأمير سعود بن جلوي يتفقد مركز ذهبان ويلتقي الأهالي    صناديق الاقتراع ورسائل الأمن.. مساران لترسيخ الشرعية والسيادة.. لبنان يطلق الانتخابات البلدية ويحكم قبضته على «صواريخ الجنوب»    بحضور شخصيات من سلطنة عمان.. عبدالحميد خوجه يحتفي بضيوف ديوانيته    القيادة الملهمة.. سرّ التميّز وصناعة الأثر    خلف كل بساطة عمق عظيم    العراق.. 10 أيام إضافية لتسجيل الكيانات الانتخابية    الرفيحي يحتفي بزواج عبدالعزيز    أسرة عصر وأرحامهم يستقبلون المعزين في مصطفى    التقى أمير المدينة والأهالي وأشاد بالتطور المتسارع للمنطقة.. وزير الداخلية يوجه بمضاعفة الجهود لراحة قاصدي المسجد النبوي    الداخلية: 100 ألف ريال غرامة لمن يؤوي حاملي تأشيرات الزيارة    خطة لتوزيع المساعدات تُشرعن التجويع والحصار .. إسرائيل تدير الموت في غزة بغطاء إنساني زائف    موجز    شيجياكي هينوهارا.. كنز اليابان الحي ورائد الطب الإنساني    "الغذاء" تسجل دراسة لعلاج حموضة البروبيونيك الوراثي    بلدية محافظة عنيزة تعزز الرقابة الميدانية بأكثر من 26 ألف جولة    الشاب خالد بن عايض بن عبدالله ال غرامه يحتفل بزواجه    المملكة تختتم مشاركتها في معرض مسقط الدولي للكتاب 2025    "الشؤون الإسلامية" تنفذ برامج التوعية لضيوف الرحمن    «حقوق الإنسان» تثمّن منجزات رؤية 2030    "المنافذ الجمركية" تسجل 3212 حالة ضبط    أمير جازان يستقبل مدير عام فرع وزارة العدل بالمنطقة    تخريج 331 طالبًا وطالبة من جامعة الأمير مقرن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الحياة فوق الضباب» تصنع الفارق الفكري في السرد
نشر في الرياض يوم 26 - 03 - 2021

حين يقول بلزاك إن الروائي مؤرخ للحياة اليومية فذلك يعني جرعة عظيمة من الواقعية في النص السردي، وفي رواية مهمة مثل «الحياة فوق الضباب» للراحل إحسان عبدالقدوس تبدو الأبعاد التأريخية لمشاهد الحياة اليومية مثيرة للاهتمام، وجديرة بأن تجعل النص مزيجاً من خيال الروائي مع التقاط تفاصيل شخوصه من تلك الحياة.
يتحرك عبدالقدوس بفكره من خلال منير غانم المنتمي للطبقة الفقيرة، ولكن تمنحه شخصيته قبولاً يمكّنه من اختراق الطبقة الغنية، دون وصولية أو تزلف، فهو ينساب بين الآخرين بسلاسة يمكن أن تغري بالاقتناع بها بسهولة، وهو في حقيقته شاب صادق مع نفسه، يتقاطع مع كمال الروزنامجي، الملحد ابن الطبقة الثرية، والذي لم يقرر إن كان سيكون وفدياً مثل والده أو مسلماً حتى.
يتقاطع منير كذلك مع عادل المانسترلي الماركسي العميق الذي يرفض الطبقة التي ينتمي إليها كمال، وفي زاوية أخرى حكايات دلبر شقيقة كمال والبحر والروزنامجي باشا، وفي مجملها محاورات منطقية تعكس جانباً من عبقرية الروائي في هذا العمل المهم.
اللافت في هذه الرواية هو ذلك العمق الفكري في حوارات منير غانم مع كمال الملحد نسبياً، والمانسترلي، وعضو جماعة الإخوان المسلمين منصور أحمدين، وهي الحوارات التي تحدث فيها المفارقات التي عليها جماعات الإسلام السياسي بصورة عامة، ومن خلال رؤية بانورامية فيما دار بين منير ومنصور حول وحدة التفسير للإسلام بين المسلمين تنمو الرؤية السردية والفكرية بما يعزز قيمة هذه الرواية الفارقة.
يقول منير غانم لمنصور أحمدين في أحد حواراتهما «الإسلام ليس مجرد دعوة.. ولكن الإسلام دين واقعي يشمل كل ما يواجه الإنسان مهما تطور إلى أن يحل يوم الدين.. والإسلام يدعو إلى مواجهة هذا الواقع مواجهة فعلية.. أي يفرض المسلمون إرادتهم المستمدة من الشريعة حتى في أدق التفاصيل.. أي إذا شقت الحكومة مثلاً، شارعاً في الزمالك أو أقامت قصراً من قصور الأمور بينما أحياء أغلبية المسلمين حواري قذرة، وأهلها يعيشون في العراء أو في عشش.. تحرك الإسلام ورفض شق الشارع أو إقامة هذا القصر حتى يحقق للمسلمين الواقع الذي يفرضه الإسلام.. فهل يستطيع الإخوان أن يحققوا ذلك؟!»
رغم أن أجواء الرواية وفضائها السردي يعود إلى أربعينات القرن الماضي إلا أن تأريخ الحياة اليومية يبدو حاضرًا بكثافة من خلال كثير من التفاصيل السياسية والاقتصادية والمجتمعية، وذلك ما يجعل روائياً يختلف عن آخر، بحيث يحدث تمايز فني وعبقري في الفكرة الكلية للسرد والعمل الروائي أو القصصي.
تكتسب حوارية منير غانم ومنصور أحمدين أهمية عن بقية الحوارات، مع استثناء نسبي لحوارات منير ودلبر، لأن الفكرة السياسية كانت نشطة للغاية في تلك الفترة، وجماعة الإخوان كانت حاضرة في المشهد الديني والاجتماعي بقوة، ولذلك فإن مرتكزات الرؤية الدينية قائمة على ما الذي يمكن أن تقدمه جماعات الإسلام السياسي وهي على افتراق في مناهجها وتبحث عن وحدة التفسير للإسلام دون فرصة لتلاقٍ حقيقي بينها.
ذلك الافتراق لم يُثرِ الحياة المجتمعية أو يعصم شباباً مثل كمال أو عادل من أن ينحو بفكرهم يساراً، لأن هناك فجوة في العقل الديني والاجتماعي لم تنجح تيارات الإسلام السياسي في ردمها أو التعامل معها بالصورة المنطقية التي تعزز وحدة التفسير، وطالما يوجد ملحدون فإن ذلك يعزز فرضية عدم الكفاية الفكرية لدى تلك الجماعات والتيارات.
لم ينجح منصور أحمدين في الرد على استخلاص منير حول إمكانية تحرك الإسلام ليمنح الفقراء الحياة العادلة بدلاً من أن تقودهم جماعات دينية في متاهات سياسية لا يتحسّن معها اقتصاد أو يتطور مجتمع، وليس منصفاً أن الروائي تعمد إضعاف منصور في الرد، لأنه ببساطة تناول ما يتحرك في ذهنية التيارات الإسلامية التي تتعامل مع الواقع بصورة غير واقعية.
تلك الرواية تمثل عزفاً منفرداً بين أعمال إحسان الكثيرة والمهمة، وتحتشد بما هو أكثر من موهبة السرد والثراء اللغوي، إذ من المهم أن يمارس الروائي تلك الحالة الفكرية وتسييلها في النص، صراحة أو تلميحا، بحيث يصنع الفارق في العمل ويعزز قيمته الإبداعية.
إحسان عبدالقدوس
د. عادل النيل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.