لا شك أن أزمة كورونا ألقت بظلالها العاصفة على كل المسارات وفرضت واقعاً جديداً ونمط حياة مختلفاً. ولعل تزامن الجائحة مع موسم السياحة والإجازة الماضية جعل الأمر أمام واقع جديد وغير مألوف فحدود البلاد موصدة أمام الداخل والخارج. هذا يعني أن البديل هو استكشاف معالم السياحة الداخلية والاستمتاع بها. لكن قبل أن أعرج على واقع السياحة الداخلية في ظل أزمة كورونا سأستعرض بعض الإحصائيات عن السياح السعوديين والسياحة الداخلية. وفقاً لوكالة الأنباء السعودية فقد أنفقت الأسر السعودية نحو 30 مليار ريال على السياحة الخارجية خلال فترة الصيف لعام 2018 في المقابل بلغ إيراد السياحة الوافدة للسعودية بحسب مركز المعلومات والأبحاث السياحية ماس أكثر من 8 مليارات ريال. وبحسب واس أيضاً، في عام 2018 بلغ عدد المنشآت السياحية 72.389 وبلغت نسبة السعودة في القطاع السياحي 22.3 ٪. أما عدد الوظائف المباشرة في القطاع فقد بلغت 552.556 وظيفة. أما على الصعيد الدولي وما تشكله نسبة السعودية كوجهة سياحية، فقد بلغ عدد السياح في الشرق الأوسط 63 مليوناً عام 2018، 24 ٪ منهم كانت السعودية وجهتهم وفق مركز المعلومات والأبحاث السياحية. هذه الأرقام تضعنا أمام قطاع عريض له حيويته وأهميته. تكمن أهميته في حجم المردود الاقتصادي العائد من هذا القطاع وما يشكله من نسبة توظيف وبعده الثقافي كقوة ناعمة تستهدف السياح. عوداً على ما استهللت به هذه الأسطر فقد كان وقت الجائحة منحة رغم المحنة لاستكشاف ما يزخر به الوطن من معالم سياحية متنوعة تستحق الزيارة وقضاء وقت ماتع فيها. وقد شاهدنا تلك الحشود الضخمة وهي تتقاطر على تلك المعالم وتشارك العالم جمال اللحظة. لكن في المقابل كشفت لنا هذه الأزمة جانباً من التحديات التي تجعلنا أمام صمود أكبر لتجاوزها على المدى القريب والعمل لمزيد من التجهيزات والاستعدادات لمثل هذه المواسم. ومن أهمها قضايا السكن والإقامة للسائح من وفرة وخدمة وضبط للأسعار بما يتوافق مع مقاييس الفندقة والسكن العالمية إذا افترضنا ازدياد عدد السائحين الأجانب إلى المملكة أيضاً، بل هذا ما شاهدناه خلال الفترة الماضية مع القفزة التنموية التي تشهدها بلادنا الزاخرة، وهذا الأمر يعطينا الدلالة على وجود فرص استثمارية واعدة في قطاع الفندقة والإسكان وتحتاج لمبادرة من الغرف التجارية والجهات المعنية الأخرى للتسويق لتلك الفرص وجلب المستثمرين لها.. كما أن على وزارة السياحة - رغم جهودها المتسارعة المشكورة - مسؤولية عظيمة في رسم خريطة سياحية تبين تلك المعالم الرائعة وتسوق لها داخلياً وخارجياً، وهذا كفيل بتنشيط الحركة السياحية في تلك الأماكن، فقد تبين لنا خلال الصيف الماضي - مثلاً - ما يزخر به جنوب المملكة من مواطن الجمال والطبيعة الخلابة والأودية العتيقة وموارد زراعية لم نعرفها من قبل فضلاً عن القيمة الثقافية والاجتماعية لإنسان تلك المناطق، وجزماً أن لكل مناطق المملكة عبقها الثقافي المذهل والمختلف عن الآخر، وما تصريح معالي وزير السياحة الأستاذ أحمد الخطيب الذي قال: إنه مؤمن بأن السياحة الداخلية ستكون الدخل الثاني بعد النفط إلا دلالة فأل بأننا نسير نحو تحقيق هدف عظيم منتظر. الآمال تزداد والطموحات لهذا القطاع عريضة، وعلى قدر هذه الآمال والطموحات يكون قدر النتائج، وجزماً أن القادم أفضل إذا سددنا ثغرات الماضي.