لن نكون مبالغين إذا ما بادرنا بتهنئة الجيل الجديد ممن لا يزالون تحت سن الثلاثين، فهم أبناء الرؤية وأعضاؤها الفاعلون، سينالون تجارب عريضة ودروسا مفيدة، بل سيكون بمقدورهم استشراف المستقبل بموضوعية مناسبة.. يعلمون تفاصيل مستقبلهم، ويدركون الخطوات التي عليهم أن يخطوها كي يبلغوا ما يريدون وما رسمته لهم الرؤية. ومع الحبور بما هو عليه جيلنا الجديد.. نقول إن الأجيال الثلاثة التي سبقت الجيل الجديد وإن كانت ساهمت في البناء والارتقاء وعززت اللحمة الوطنية، إلا أننا لن نخجل من أن نقول إنها عانت من الاندفاع، تحررا أو التزاما دينيا حد التزمت، وفي كليهما من الانغماس بالتسلية، أو الاندفاع الفكري حتى ناسبه وصف جيل البحث عن الربح السريع، وبما قاده إلى مغبة الخسائر الفادحة إما فكرا كما هم أصحاب الأجندات، أو أموالاً خاصة أصحاب الارتباط المتسرع تجارة وصداقة وحتى عملاً.. ولن نبالغ إذا ما قلنا حياةً اجتماعية.. وعلى عكس الجديد الذي سيكون قادراً على مواجهة الصعاب بعدما أفنى الجيل الذي سبقه نفسه في الضياع والجري وراء الأوهام، فلا أسهم قد بلغت به شأناً ولا عقار قد كفه عن الدين. كثير ممن هم في العقد الرابع أو الخامس، وحتى السادس من العمر رأوا أن هناك سهولة في الرزق وعليهم أن يستغلوها، ولا بأس إن دفعوا ثمناً لها كل ما يملكون، ونزيد عليها بديون البنوك.. سهولة ليست مرتبطة بالعقار والأسهم فقط وإن كانت هي أساسياتها، بل حتى مرتبطة بالترفيه والترويح والسفر، حتى أن كثيرا منهم لما تلفت حوله لم يجد شيئاً. الجيل الجديد، وأعني به كما ذكرت أعلاه الثلاثيني ومن هو أقل منه عمراً، يملك التجربة التي تلقاها من جراء اندفاع وتسرع من سبقوه، ومن فرط ما أعيوا حالهم وحال أهلهم ترفاً ومبالغة ورغبة ملحة لنيل كل ما هو مفيد حالاً ودون تأخير، هو يملك ذلك، لكنه لكي يملك الأموال عليه أن يعمل بجهد أكبر مما كان عليه سابقوه، يملك الترفيه الجيد، وفي بلاده وبما يغنيه عن البلاد الأخرى، يملك التطلع المبني على استراتيجيات حقيقية، لكن هو سيكون أكثر سعادة، لأنه سيكون أقل تعاملاً مع البنوك المدينة، وأكثر بعداً في النظر، سيجد في جيل السابقين متسعاً لتدارس الأمر، لكن وفي النهاية لا بد أن يكسب، لأن عهد الربح السريع والبحث عن الترفيه والملذات على حساب الوقت والعمل لا بد أن يولي إلى غير رجعة. الخلاصة أن هذا الجيل الجديد الواعي المدرك بما يحدث حوله، لا بد أن يقرأ جيدا تاريخ الأجيال التي سبقته، كي ينطلق قوياً سليم التفكير والتوجه، لا.. تركه دون ماضٍ يتعلم من دروسه، لأنه إزاء مستقبل واعد مختلف له ولبلاده لا بد أن يخوض غماره متسلحا بكل تجربة وكل علم جديد.