يعد تكريس ثقافة الامتثال للقانون بين أفراد المجتمع كافة باختلاف شرائح مكوناته وتنوع حجم كياناته وسيلة لغاية أسمى، وهي أن يكون هناك نوع من الرقابة الذاتية والمهنية والمجتمعية على بعضهم البعض بشأن الامتثال لخطابه، وبالتالي يصبح احترام النظام نابعاً من القناعة الشخصية والالتزام المهني والممارسات السليمة ومكونا أساسيا له أهميته سواء في التعامل السلوكي وأداء المهام، أو العلاقات والتعاملات والمعاملات التجارية البينية، وبالتالي جزءاً من نسيج الحياة اليومية والقيم المجتمعية والممارسات الطبيعية. نحن اليوم وفي خضم ما نعيشه من مشروع طموح للتحول الاستراتيجي للمكونات والقطاعات الوطنية المختلفة، نحتاج لجهد جماعي ومنظم من قبل الجهات المعنية، توحّد وتكثّف فيه المبادرات والبرامج المبذولة لنشر الثقافة القانونية بما في ذلك غرس ثقافة الامتثال للقوانين اختيارياً بشكل وهدف مهني ووطني، كي نحظى بمجتمع ليس فقط على قدر مقنع من هذه الثقافة، بل ويعرف التزاماته القانونية ويعي تبعات تصرفاته والنتائج المترتبة عليهما؛ فالجهود المبذولة من قبل كثير من الجهات الحكومية في سبيل توعية مكونات المجتمع وكياناته بثقافة الامتثال للقوانين مازالت متواضعة ودون المأمول، وذلك لأنها غالباً تؤدى على اعتبار أنها من قبيل أداء الواجب التنظيمي أو الوجاهة الإعلامية العابرة، كما أن الخطاب في هذه الجهود موجه للكبار دون الصغار، وبالتالي تكون أغفلت حق النشء باعتبارهم عماد المستقبل ومرتكز الثروة الاقتصادية القادمة والأمل بعد الله في كل ما نتطلع إليه إيجابيا عند الحديث عن إخفاقاتنا، كما أنها أي تلك الجهود المبذولة من ناحية أخرى يشوبها قدر من النقص؛ لأنها تنفذ غالباً بشكل أكثر في المدن الكبيرة دون الأخرى. ولهذا نقول تبرز أهمية التواصل المباشر مع كافة شرائح المجتمع الطبيعية على كافة المستويات السنية والوظيفية بما في ذلك الكيانات التجارية للارتقاء بدرجة ثقافتها ووعيها والتزامها القانوني لإيجاد جيل ومؤسسات واعية تعتز بانتمائها لهذا الوطن وتدرك مسؤولياتها تجاهه وتجاه مجتمعها بالمحافظة على سمعته وإبراز قيمه الأصيلة من خلال احترام القوانين والابتعاد عن مواطن الشبهة والمساءلة والمسؤولية، وفوق كل شيء تعميق ثقافة الخوف من الله سبحانه وتعالى، ومن ثم العيب من المجتمع قبل العقاب، وإبراز الوطن بالشكل والصورة التي تليق به، ويكون ذلك عبر تنفيذ برامج توعوية وتثقيفية للمواطنين بكافة مستوياتهم وأعمارهم وللكيانات التجارية بكافة أحجامها لترسيخ ثقافة الامتثال للقوانين، من خلال التأسيس لمنهجية ورسم مسار لعمل استراتيجي تشارك فيه المؤسسات الدينية والأمنية والتعليمية والإعلامية والرياضية ومؤسسات المجتمع المدني، وأن يكون هناك مبادرة لتكريم الممارسات الإيجابية وتعميمها والاحتفاء بها ونشرها إعلامياً على مستوى الوطن حتى يكون ذلك حافزاً ومثالاً للجميع للاحتذاء بها. Your browser does not support the video tag.