يعد الفساد المالي والإداري آفة الدول والمجتمعات المعاصرة وقد زاد انتشاره في الآونة الأخيرة وهو ظاهرة عالمية ولا يقتصر على دولة دون أخرى كونه ظاهرة مختلفة الأبعاد الاقتصادية والثقافية وحتى السياسية، وله أسبابه وجذوره الأساسية مثل ضعف الوازع الديني والضمير الإنساني وضعف تفعيل الأنظمة وضعف الرقابة والحزم وعدم تشديد العقوبات وغياب الشفافية وتعقيد بعض الإجراءات الرسمية وغيرها، ولهذا كان لا بد من مكافحة هذه الظاهرة والآفة الضارة بالمجتمعات والأوطان على كافة الأصعدة. إن الهدف الأسمى من مكافحة الفساد هو حماية النزاهة وتعزيز مبدأ الشفافية ومكافحة الفساد المالي والإداري بشتى صوره ومظاهره وأساليبه عن طريق التحري عن أوجه الفساد المالي والإداري في عقود الاشغال العامة وعقود التشغيل والصيانة والمناقصات الحكومية ومقاولي الباطن والرشاوى والمحسوبيات والمحاباة وإقصاء الكفاءات المؤهلة واستغلال الممتلكات العامة للمصالح الخاصة وغيرها من العقود المتعلقة بالشأن العام ومصالح الوطن والمواطن واتخاذ الإجراءات النظامية اللازمة في شأن أي عقد يتبين أنه ينطوي على شبهة مالية أو فساد أو يجرى تنفيذه بأساليب ملتوية ومخالفة لأحكام الأنظمة واللوائح وإحالة المخالف منها عند كشفها إلى الجهات الرقابية أو جهات التحقيق. إن صدور الأمر الملكي الكريم حول مكافحة الفساد وبتشكيل لجنة عليا لذلك هو نهج الدولة في تعزيز النزاهة والمضي في الإصلاح الذي دأبت عليه الدولة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد -حفظهما الله- حرصاً منهما على حماية المال العام واجتثاث الفساد الذي يعد أداة هدم للاقتصاد والمجتمع وهو مطلب ديني ووطني لتحقيق العدالة الاجتماعية وتوطيد النزاهة والعدل والمساواة في المجتمع وتسريع وتيرة الإصلاح والتطور لنهضة البلاد في كافة المجالات، ويعد خطوة مهمة في تنفيذ سياسة المملكة الهادفة للحفاظ على المال العام ومحاسبة المقصرين والفاسدين وكل من يعمل على استغلال السلطة والمنصب لمصالحه الخاصة وسن الأنظمة والتشريعات وتشديد العقوبات وتخصيص المكافآت المالية لمن يقوم بالإبلاغ عن حالات الفساد في الجهات الحكومية لوضع عقوبات تناسب كل نوع من أنواع الفساد ضماناً لعدم تكراره وإعادة الأموال المنهوبة بغير وجه حق للاستفادة منها في مشروعات التنمية والبناء والتوظيف ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب وردع كل من تسول له نفسه استغلال المال العام.