في نهج مختلف عن رواياتها السابقة ، تطل الروائية السعودية شهد الغلاوين عبر روايتها الوليدة " الأعرج " والصادرة حديثا عن دار تشكيل ، على عوالم جديدة ومختلفة تماما عن كل تجاربها السابقة ,فهي تقول : لأول مرة يرهقني البطل رغم يقيني أنه مجرد كاركتر من خلق مخيلتي إلا إنني بكيت مع الأعرج في مشاهد كثيرة ، ومع هذا لم أتعاطف معه ولم أكن في صف الظروف التي شكلت شخصيته. وحول ذلك توضح " شهد" قائلة : ربما الحكاية وطبيعة الشخصية بعيدة كل البعد عن ما عشته من تجارب وربما خلق شخصية جديدة لم تمرني في الواقع أبدا هو التحدي بالنسبة لي، فأنا أميل في الكتابة للمرأة وذلك لأن تقمص شخصية المرأة بكل ظروفها والحديث بعاطفتها أسهل بكثير من تقمص شخصية الرجل الوعرة وعاطفته الغامضة. وفي سؤال للرياض عن القواسم والفواصل المشتركة بين رواياتها ( فتاة سيئة ) و( نشوق ) و( الأعرج ) تشير " شهد" إلى أن كل رواية لها ظروفها ومناخها الذي ولدت به، حيث لا يمكن أن المقارنة بين تجربتها الأولى ( فتاة سيئة ) عام 2012 وتجربتها الحالية لأن الظروف تغيرت -كما تقول- وكذلك الأفكار وحتى اللغة في تصورها تبدلت. مضيفة :لا يمكن أن أكون على وتيرة واحدة ورأي ثابت لأن ما مررت به خلال سنوات غير شخصيتي وتبدلت مع الأيام رؤيتي لأشياء كثيرة . أنا تبع اللحظة الراهنة ولا يمكن أن أبقى على ذات الشخصية التي ولدت بها. مؤكدة أن طبيعة الانسان متغيرة حسب الظروف التي وجد بها، وأنها تميل إلى الافكار المتجددة. وكشفت الغلاوين انها حين تكتب لا يمكنها أن تستمر في الكتابة دون أن يرجف قلبها لوقع الأحداث التي تكتبها, ودون أن يكون لحرفها صوت تسمع زلزلته بعاطفتها, وهي بذلك تثبت ما عرف عنها من قفز للأسوار الشاهقة وتعمد كسر النوافذ المغلقة ولم يحدث أن طرقت باباً في الكتابة دون أن تخلعه. تروي الغلاوين تفاصيل روايتها الجديدة قائلة: في الحقيقة أرهقني الأعرج بكل مخاوفه، عُقده، تناقضاته، عاطفته، اضطراب مشاعره وظلامه لدرجة لم يخنق روحي عمل مثلما فعل الأعرج لدرجة لم أشعر بالحياة إلا حين تخلصت من فصول الرواية ..لأنه يتحدث عن مأساة حقيقية وهو الشعور بفقدان الأم وهي مازالت على قيد الحياة . وتقول أن يكون خصمك في الدنيا أمك هذا أبشع شعور ولا يمكن أن يتعايش معه الانسان دون أن يفقد رغبته بالحياة. والأعرج لم يكن سوى شخصية ظلامية صنعتها الظروف التي ضربت وجهه لدرجة لم يعد له القدرة على التكيف مع ذاته ، فكيف به يتعايش مع الآخر في حياة لم تكن حياته بل فُرضت عليه ظروفها وتنقل بين مراحلها دون أن يتقبلها. وبرغم من سوداوية شخصية الرواية ,هل دار في مخيلة "شهد" ان يتعاطف معها القارئ أو يتواءم معها؟, تبين أنه لا يمكن أن يضع الكاتب في حساباته مشاعر المتلقي لأنه لو فكر بالطرف الذي يقرأ له يقينا لن يكتب حرفاً واحداً. مضيفة:وأنا حين أكتب أغيب عن مخيلتي كل وجه حتى وجه أمي,لأكتب حقيقة بكل تجرد. ولأنني في اللحظة التي أفكر فيها بمن سيقرأ روايتي يقينا لن أتجاوز حدود المسموح به في حال بالغت في الحب أو الكراهية أو حتى تقمصت دوراً لا يناسبني كامرأة وسط مجتمع محافظ، فالكتابة نقل للواقع كما هو حين تشاهد من يحاول التستر عليها! لذا تجدني فيما أكتب أنقل الصورة كما هي، حتى لو كانت صادمة .