على الرغم من أنه لم يعد خافياً على المتابع أن تلك الأرقام الصادمة التي تعلنها "التأمينات الاجتماعية بين فينة وأخرى حول رواتب السعوديين المتدنية في القطاع الخاص هي نتاج التفاف غالبية منشآت القطاع على مشروع التوطين برمته، وخلق سوق عمل ثانوية يتقاضى بها المواطنون رواتب تدفع جلها الحكومة من خلال صندوق تنمية الموارد البشرية، ولا يعمل متقاضو تلك الرواتب في تلك المنشآت، ضمن ما يسمى بالسعودة الوهمية، رغم كل هذا لا تبدو الجهات المعنية بقادرة على تصحيح مسار سوق العمل على الرغم من النتائج الكارثية لتمرد القطاع الخاص على سياسات التوطين في البلاد، والتي جعلت أكثر من 860 الف سعودي يتقاضون رواتب تقل عن 3500 ريال. وفي وقت يرى مراقبون أن توجه وزارة العمل لتوطين قطاعات تجارية وحصر العمل بها على المواطنين كما حدث في سوق الاتصالات هو أحد الحلول التي تدفع بالسعوديين من طالبي عمل إلى رواد أعمال، رأى آخرون أن ذلك بمثابة استسلام وزارة العمل أمام تمرد القطاع الخاص ونفوره من التوطين سراً وجهاراً. وتزداد الصورة تعقيداً في ظل فلتان وظائف القطاع الخاص من ايدي المواطنين كل عام، فقد كشفت "المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية" السعودية عن أن مجموع المشتركين على رأس العمل المشمولين في نظام التأمينات الاجتماعية بلغ 10.5 ملايين مشترك بنهاية عام 1437 ه، بزيادة قدرها 4% مقارنة بالعام الذي سبقه. وبينت المؤسسة في تقريرها السنوي لعام 1437ه، الذي نقلته "ارقام" أمس أن عدد المشتركين على رأس العمل في القطاع الحكومي بلغ حوالي 221 ألف مشترك ما يعادل 2.1% من إجمالي المسجلين لديها. وفي المقابل بلغ عدد المشتركين على رأس العمل المسجلين في القطاع الخاص 10.3 ملايين مشترك ما يمثل 97.9% من إجمالي المسجلين. ووفقا للتقرير، بلغت نسبة المشتركين السعوديين خلال عام 1437 ه نحو 17.9% مايعادل 1.87 مليون مشترك من إجمالي المشتركين، بينما بلغت نسبة غير السعوديين 82.1% ما يقدر ب8.61 مليون مشترك. ووفقا لتقرير المؤسسة، فإن عدد المشتركين على رأس العمل المسجلين في نظام التأمينات الاجتماعية في منطقة الرياض بلغ 3.7 ملايين مواطن ومواطنة بنهاية عام 1437ه، ما يمثل 35% من إجمالي المشتركين، منهم 98% مسجل في القطاع الخاص. وحسب البيانات، يمثل عدد المشتركين بالمكاتب الرئيسية الثلاثة (الرياضوجدة والشرقية) ما نسبته 67% من إجمالي المشتركين، بينما تتوزع باقي النسب على المكاتب الأخرى والبالغ عددها 19 مكتبا. وفيما يخص توزيع المشتركين حسب سلم الأجور، أظهر التقرير ارتفاع أعداد المشتركين على رأس العمل في جميع فئات الأجر خلال عام 1437ھ مقارنة بعام 1436ھ، باستثناء فئات الأجور مابين (500-999) و(3000-3499). ولفت التقرير إلى أن نصف المشتركين على رأس العمل بنهاية العام الماضي تركزوا في فئات الأجر الأقل من 1000 ريال، حيث يمثلون ما نسبته 47.5 %. وفيما يخص المشتركين السعوديين فبحسب التقرير، بلغ عدد الذين تقل رواتبهم عن 3500 ريال نحو 909 آلاف موظف وهو ما يمثل 48 % من إجمالي السعوديين على رأس العمل بنهاية العام الماضي. وفي المقابل، بلغ عدد السعوديين الذي يحصلون على رواتب بين 5 آلاف ريال شهريا وأقل من 10 آلاف نحو 388 ألف موظف، فيما بلغ عدد الموظفين الذين يتجاوز رواتبهم 10 آلاف ريال شهريا 279 ألف موظف.