إن مبايعة الشعب السعودي لولي العهد الأمير محمد بن سلمان لها أبعاد سياسية واقتصادية عميقة لا يفهمها إلا من يعرف العلاقة بين الاستقرار السياسي والاقتصادي، والتي توفر بيئة خصبة تتكاثر فيه الاستثمارات ذات القيمة الاقتصادية المضافة التي توظف الموارد المالية والبشرية؛ وهذا ما زاد روح التفاؤل لدى المحللين بتسارع خطوى الزخم الاقتصادي وتنفيذ برامج ومبادرات رؤية 2030 وصولا إلى تحقيق أهدافها ذات المضاعف الاقتصادي بوتيرة مستمرة ومستدامة. إن من أهم متغيرات نموذج الاقتصاد الكلي هو متغير الاستقرار السياسي Proxy/Surrogate الذي يؤثر على نمو إجمالي الناتج المحلي، فكلما زاد الاستقرار السياسي كلما تحسن معدل النمو الاقتصادي بشكل متراكم مع تقلص معامل المخاطرة على المديين القصير والطويل، مما يحفز زيادة الاستثمارات وتوسع الشركات في مشروعاتها وتوظيف المزيد من رؤوس الاموال بدلا من ادخارها وتوظيف الايدي العامله بدلا من بطالتها. وهذا سوف يزيد القوة الشرائية التي تعكس قوة الطلب المحلي على السلع والخدمات ومن ثم ارتفاع الانتاج (المعروض) المحلي وتدفق الاستثمارات الاجنبية. فقد أوضحت العديد من البحوث العلمية هذا الترابط بين الاستقرار السياسي والنمو الاقتصادي ومنها بحث أرى و فرانسيسكو (Ari Aisen; Francisco José Veiga) بعنوان "كيف يؤثر عدم الاستقرار السياسي على معدل النمو" في 2011م، حيث شملت الدراسة 169 بلدا خلال الفترة 1960-2004، فكانت النتيجة ان عدم الاستقرار السياسي المرتفع يؤدي الى خفض معدلات نمو الناتج للفرد الواحد. كما ان الاستقرار السياسي والاجتماعي له تأثير كبير على استقرار واستمرارية انتاج النفط وسلوك المنتجين وهذا ما اوضحته في بحثي بعنوان "أثر الأحداث الاجتماعية والسياسية على استقرار حصة الاوبك السوقية" في 1990م (The Journal of Energy and Development, spring 1990, vol. 15, no. 2) خلال الفترة 1970-1988م، باستخدام نموذج قياسي على مستوى منظمة الاوبك والأعضاء، حيث أكد البحث ان السعودية مستقرة سياسيا، بينما إيران والعراق كانتا غير مستقرتان سياسيا، مما يمكن ترجمته إلى انعدام المرونة في قدراتها الإنتاجية النفطية. وكان من المتوقع أن يكون لعدم الاستقرار الاجتماعي-السياسي تأثير هام على بعض أعضاء الاوبك، لا سيما نيجيريا والجزائر وفنزويلا. فكانت تنبؤات هذا النموذج واقعية، حيث أدى عدم الاستقرار السياسي والاجتماعي الى استمرار تدهور انتاج هذه الدول غير المستقرة سياسيا، بينما بقيت السعودية مستمرة في انتاجها وبطاقة الاعلى عالميا. فان تنصيب الامير محمد بن سلمان وليا للعهد سوف يعزز الاستقرار الاجتماعي-السياسي والنمو الاقتصادي تزامنينا نحو مستقبلا افضل. فهنيئا لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده والشعب السعودي على الاستقرار والأمن وبشائر رؤية 2030.