تدخل الأسر منذ نهاية شهر رمضان المبارك حالة من الاضطراب الحقيقي في نومها وغذائها، فتجد أن وقت نوم الأبناء والبنات يختلف عن الأبوين، وينعكس ذلك سلباً على كل تفاصيل الحياة اليومية وحركة الأسرة، والأمر ربما لا يقتصر على الأبناء فحتى رب الأسرة سيعاني من اختلال نومه وغذائه ووقت دوامه الذي يذهب إليه صباحاً وهو يعاني الإرهاق لعدم كفاية النوم، ويعاني الأبوان من إشكاليات حل ذلك الاضطراب وسببه ربما عدم تقبل بعض الأبناء لمطالب الأبوين متعذرين بكونهم لا يزالون في إجازة طويلة، إلا من الأهمية بمكان التنبه إلى أن الاضطراب في النوم والغذاء يترك آثاراً كبيرة آنية كانت أو مستقبلية على نشاط وصحة الجميع. اضطراب النوم د. وليد بن أحمد البديوي -استشاري طب الاسرة بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالرياض- أشار إلى أنه وعلى الرغم من كون عدم انتظام النوم خلال وبعد شهر رمضان ظاهرة منتشرة وعامة فإنها تختلف من شخص الى آخر، ويعود سببه إلى اضطراب هرمون الميلاتونين المسؤول عن تنظيم الساعة البيولوجية للإنسان. واستعرض علامات اضطراب النوم ومنها عدم القدرة على النوم رغم الشعور بالإجهاد، الاستيقاظ بصورة متكررة خلال فترة النوم مساء، وصعوبة العودة للنوم بعد انقطاعه ليلاً، وعدم الشعور بالنشاط بعد الاستيقاظ من النوم (النوم المُرهِق)، التعب والتوتر وفقدان التركيز خلال اليوم. وينصح د.البديوي للتغلب على آثار اضطراب النوم بعد رمضان واستعادة النشاط للأسرة بكافة افرادها باتباع جملة من الخطوات منها تناول الحليب الدافئ لاحتوائه على أحماض أمينية تساعد على تنظيم النوم، والتعرض لضوء الشمس بشكل كافي قبل وقت الظهر، تناول الطعام الصحي كالفواكه والخضار، وتجنب او التقليل من المنبهات والتدخين، النوم في غرفة جيدة التهوية مع عدم ممارسة اي أنشطة تحتاج تركيزاً عالياً في غرفة النوم، النوم على فراش معتدل الصلابة او الضغط، والقيام ببعض التمارين مثل المشي وبخاصة السريع خلال اليوم، ولا مانع من أخذ غفوات خلال اليوم مثل غفوة قصيرة قبل العصر، والابتعاد عن المزعجات داخل غرفة النوم مثل الضوء الصادر عن بعض الأجهزة، والمشي ولو لمسافة قصيرة قبل النوم. كسر الرتابة ويشير الى ان من يعاني الرتابة والكسل في حياته ويرغب في التخلص منها فعليه بممارسة وتعلم أمور جديدة، ومراجعة الخطط والممارسات الحياتية وتغييرها حسب ما يلزم، لافتاً الى جدولة الأهداف الحياتية، والسفر الى أماكن جديدة محلية أو دولية، ممارسة التغييرات الممكنة حتى في مكان العمل، والبحث عن مشاريع عمل جديدة، والتواصل مع أشخاص يحملون اهتمامات مشابهة، وكذلك صلة الأقارب، والتثقف من الآخرين، الاستمتاع بالبحث عن مصادر التعليم، وتنويع مصادر القراءة، والكتابة، والاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي. ويوضح د.عبدالله مهدي الرمضان -استشاري طب أسرة- أن تغير أوقات النوم من النهار إلى الليل يؤدي الى نشوء ظاهرة مشابهة لما يسمى بظاهرة ال"جيت لاق" -Jet Lag- وهي ظاهرة طبيعية تصيب المسافرين الناجم عن عدم التناغم بين الساعة البيولوجية للجسم-Circadian clock- والتوقيت المحلي للبلد جراء اضطراب الساعة البيولوجية، مبيناً أن إعادة ضبط الساعة البيولوجية يكون بطيئاً ويستغرق ما يقارب الأربعة أيام، وقد ينجم عن ذلك شعور بالإرهاق أو الأرق والتعب و تقلب المزاج. خطوات للعلاج دعا د.عبدالله الرمضان إلى جملة من الخطوات للتغلب على اضطرابات النوم ومنها التعرض لأشعة الشمس خلال النهار وتجنب المكان المظلم، وفتح ستائر الغرف والخروج المتكرر في الأوقات المناسبة في الصباح الباكر، وإعادة جدولة وقت النوم بطرقة تدريجية عن طريق تأخير وقت نوم النهار ساعة أو ساعتين يوميا، تناول المنبهات بكميات محدودة في النهار، وأشار إلى الاضطرابات في الحياة اليومية بعد رمضان هي أعراض شائعة ومزعجة ولكنها مؤقتة. تجنب الوجبات الدسمة ولفت د.محمد العيثان -استشاري طب أسرة- ان صيام شهر رمضان في شهر الصيف كان له أثر على الجهاز الهضمي ومراكز النوم في الجهاز العصبي، لذا أصبح من الضروري علينا الآن التماشي لضمان إعادة تأهيل الجسم عضويا ونفسياً ليتكيف من جديد مع الحياة الطبيعية ومنها عدم تناول الوجبات الثقيلة والدسمة خصوصاً في فترة النهار، لأن الجهاز الهضمي قد تعود على الحرمان من الأكل خلال هذه الفترة من شهر رمضان، فمباغتته بكمية كبيرة من الأطعمة الدسمة يتسبب في نشوء اضطرابات في الجهاز الهضمي وارتفاع سكر الدم وعسر الهضم، فينعكس سالباً على نشاط الجسم والنوم والمزاج والنشاطات اليومية، ويظهر تأثير ذلك بصورة أوضح على مرضى القلب والشرايين والسكري وقرحة المعدة والقولون العصبي. نوم الأطفال والصرامة وتؤكد د.فيفيان محمد وهبي -أخصائية تغذية علاجية- أهمية الصّرامة في تنظيم نوم الاطفال، مشددة على عدم الاستجابة لهم بالسهر وتركهم لوحدهم، معتبرة أن طول السهر فيه ضرر على الصغار، مذكرة أن السهر قد يؤثر على هرمونات النمو، ونصحت الأهل بتقليل ساعات السهر يومياً حتى يتسنى لهم تنظيم أوقات النوم، كما حثت الأمهات على منع نوم أطفالهم في النهار والاكتفاء بنوم الليل. وأشارت الى أن تنظيم النوم في الليل هو العامل الأساس لإعطاء النشاط للجسم، إضافة لإعطاء النشاط والحيوية في الصباح عبر ممارسة الرياضة، لافتة إلى أن تنويع النشاطات اليومية يؤدي إلى التغلب على الرتابة في الحياة، كما أن اندماج الأهل مع أبنائهم في نشاطات أسبوعية وممارسة هوايات جديدة بعيدة عن الأجهزة الذكية يسهم بقدر كبير في البعد عن الرتابة. الرحلات والنشاط البدني ويرى سعيد بن محمد الرمضان -إعلامي- أن معالجة حالة الإرباك في نظامنا الغذائي وفي نومنا وإعادة الحياة إلى طبيعتها تتمثل في عدم جعل فترة الصباح فترة نوم وشغلها بأي برنامج أو زيارة أو حتى لو كان ذلك تناول الإفطار لجميع الأسرة، كما أن القيام برحلة قصيرة تعيد الأبناء لبرمجة حياتهم اليومية بشكل صحيح، كما أن استعادة القوة والنشاط بعد فترة الخمول تتم عبر ممارسة الرياضة كالمشي أو السباحة، وعلى الأب مساعدة أبنائه للقيام بهذه المهمة وتشجيعهم لاختيار المناسب من الأنشطة لشغل أوقات فراغهم في الاجازات. أما أحمد العامر فيعتقد ان إلحاق الأبناء في معاهد أو أندية صيفية شيء يعيد الحياة الطبيعية أهميتها مع اقتراب وقت الدراسة فهذا مهم يمكن بإشغالهم بنشاط يحبونه يلهيهم عن نومهم نهاراً كالخروج في نزهة لمزرعة أو البحر أو زيارة أقارب ثم تدريجياً سيعودون للنوم ليلاً. أفصل النت ويلفت علي السلطان أنه وبسلاسة يمكن استعادة الحياة لطبيعتها للأبناء عبر تعويدهم العودة للمنزل مبكراً ليلاً، وإيقاف خدمة "الإنترنت" قبل الساعة الواحدة صباحاً بالاتفاق معهم، محاولة الاستيقاظ من النوم قبل الظهر تدريجياً، والخروج من المنزل برفقة الأسرة والتواصل مع المجتمع من خلال الجلسات والمناسبات. ممارسة الرياضة للأبناء في النهار يقيهم السهر ويصح أجسادهم