هناك تجارب ومنجزات محلية تستحق أن يسلط عليها الضوء وأن يشاد بها فكرة ومضموناً ونتيجة، ولعل بعض هذه التجارب لم يسبقنا أحد إلى مثلها، كحساب إبراء الذمة الذي يديره ويشرف عليه البنك السعودي للتسليف والادخار. تم فتح هذا الحساب عام 2006 ليستقبل إيداعات من أراد إبراء ذمته من الأموال العامة التي اكتسبها من دون وجه حق، نتيجة لتقصيره في العمل أو لأي سبب آخر. كذلك يستقبل هذا الحساب أموال الهبات أو الأوقاف بمختلف أنواعها، ثم يُعاد تدويرها من خلال إقراضها لذوي الدخل المحدود عبر برنامج القروض الاجتماعية التي يقدمها بنك التسليف. لقي هذا الحساب وفكرته المباركة الكثير من الإشادة والثناء، وخاصة من خارج المملكة، فقد أشاد به مؤخراً وكيل هيئة الرقابة الإدارية المصرية أثناء حضوره للمؤتمر الدولي لمكافحة الفساد الذي عقد في الرياض في شهر مارس الماضي. التصريحات التي تصدر عن المسؤولين عن هذا الحساب تؤكد نجاح فكرة هذا الحساب، فوفقاً لآخر إحصائية عنه، وصلت قيمة الإيداعات فيه منذ افتتاحه وحتى نهاية شهر يناير الماضي إلى 284 مليون ريال، من خلال 36 ألف عملية إيداع، وسط نمو متزايد في عدد عمليات الإيداع من فترة لأخرى. النقد الذي من الممكن أن يطال هذه التجربة هو حصر هذا الحساب في بنك واحد فقط، فما المانع أن يُفتح في جميع البنوك، لتكون عملية التحويل أيسر وأسرع وأوفر على الذين لا توجد لديهم حسابات في البنك الذي يوجد فيه هذا الحساب حالياً. كما أن هناك ثمة اعتقاد خاطئ بأن أغراض الإيداع في هذا الحساب تنحصر في غرض واحد هو إبراء الذمة مما علق بها من المال العام، وهو غير صحيح، فالمجال متاح أيضاً للراغبين بالتبرع، إما من خلال الهبة أو عبر تقديم الأوقاف، وأتصور أن مرد هذا قصور في الإعلان والترويج عن هذا الحساب وأغراضه المتنوعة.