تلعب الأندية الأدبية دوراً بارزاً في تنمية الوعي الثقافي لأبناء المجتمع ، وتوطيد أواصر الصلات بين الأدباء والمثقفين بما تطرحه من قضايا وحوارات تسهم في التواصل الأدبي والفكري والثقافي بين شرائح وأطياف متنوعة من أبناء المجتمع . واحتفالية اليوم الوطني في النادي الثقافي الأدبي بمكة المكرمة هي مناسبة غير عادية حيث أعلن عنها في بعض صحفنا المحلية وأنها برعاية صاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله آل سعود وزير التربية والتعليم ، وأن النادي سينظم بهذه المناسبة ندوة عن الشاعر المكي الغنائي / إبراهيم خفاجي/ مبدع النشيد الوطني السعودي، وستكون بمشاركة الفنان محمد عبده وورقة عمل للدكتور السريحي عن الشاعر المكي المحتفى به. وكل هذه معطيات تحفيزية للمشاركة والحضور ، وتجعل تهافت الجمهور التربوي والمثقف أمر له مبرراته ... هكذا دارت في خاطري الأفكار متسارعه تسابق المركبة التي كنت استحث السائق على الطيران بها خوفاً من أن لا أجد مقعداً مناسبا لي في مناسبة كهذه حيث ذكر الخبر أن هناك قاعة مخصصة للنساء وحينما وصلت للمقر ، وهو قاعات إدارة التربية والتعليم للبنات -وهو ما لم يذكره الخبر في الصحف -ودخلت قاعة النساء حتى أصبت بالذهول !! فالقاعة خالية إلا من عدد محدود جداً من سيدات المجتمع وهو عدد لا يتناسب مع حجم المناسبة في يوم وطني ثقافي أدبي !! . وبالفعل كانت أمسية ثقافية أدبية متميزة حلقت بالحضور في تاريخ الفن السعودي ونشأته وتطوره على أيدي الرواد الأوائل ومنهم الشاعر الوطني/إبراهيم خفاجي/ الذي استطاع وضع بصمة متميزة على الفن السعودي . وقد عرضت سيرته الذاتية التي قد لا يعرفها الكثير منا أو حتى من يعرفها قد نسيها في زمن صاخب بالتراكمات المعلوماتية. وقد احتفي بالضيف بمجسات حجازية ومداخلات متنوعة أثرت اللقاء . كما قدم الفنان محمد عبده ورقة تحكي تناغم الكلم مع الصوت الشجي وروابط المشاعر والأحاسيس التي تجعل البلبل يصدح في وادى النغم مبدعاً فنا ، تمايلت له القلوب والأجساد طرباً لأجيال متلاحقة خلدت إرثاً فنياً حتى يومنا هذا . ولكن أعود للنادي الأدبي والحضور النسائي المنكمش على نفسه ، فالقاعة المخصصة للرجال بها عدد كبير من رجالات الفكر والأدب والثقافة والإعلام وغيرهم – كما تظهر الدائرة التلفزيونية المغلقة ذلك . وأتساءل أين المجتمع النسائي عن المشاركة ؟ هل هو عزوف نسائي عن الأدب والثقافة ؟ أم هل كان الإعلام والإعلان عن المناسبة باهتاً وبصوت مبحوح فلم يصل الى الشرائح النسائية المثقفة ؟ أم أن استئثار الرجال في الدعوات كان له نصيب الأسد ولم يترك سوى الفتات للدعوات النسائية الخاصة ؟ أم هل هي سياسة ترشيد واستهلاك لمصروفات النادي على حساب تثقيف المجتمع النسائي ومشاركة مثقفاته وأديباته ؟؟ فإذا كان من أهم أهداف الأندية الثقافية الأدبية التي ذكرت في المادة الرابعة من اللائحة هو “ نشر الأدب والثقافة “ وكذلك “ تشجيع المواهب الشابة ورعايتها “ فكان من المفترض أن تكون هناك دعوات خاصة وبصورة واسعة لهذه الشرائح ومشاركتها في اللقاء . أظن أن معظم اللقاءات – وليس هذا اللقاء فقط – وفي معظم الأندية الأدبية في مناطق المملكة أن هناك ظاهرة تقلص الأعداد النسائية وعدم مشاركتها بصورة فاعلة تحقق الأهداف المرجوة من النوادي الأدبية . وفي ظل هذه التساؤلات الكبيرة اقترح على معالي وزير الثقافة والإعلام د. عبد العزيز خوجة إجراء تقييم لوضع الأندية الأدبية ودراسات وبحوث عن أسباب هذه الظاهرة وكيفية الوصول إلى حلول جذرية لتثقيف المرأة السعودية والاهتمام بمواهبها الإبداعية ومشاركتها الفاعلة على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي فأمة نصف وعيها الثقافي مغيب لن تملك التوازن للوصول إلى قمة المجد في عطائها الحضاري .