مَعَ إِشْرَاقَة عَامْ جَدِيدْ

وَدعنا قَبل أيَام عَاما مَضى وأنقضَى مِن عُمر الزَمن وعُمرنا الذِي لَا يتجَاوز عُقودا معدُودة ، عَام كامِل تصَرمت أيَامه وتفَرقت أوصَاله ، وقَد حَوى بَين جنبَيه حِكماً وعبراً وأحداثاً وعِظات ، عَام رَحل بمَا فِيه مِن أفرَاح وأحزَان سَتبقى ذِكرى فِي حَياتنا لَن تَرحل لما لهَا مِن الأثَر الكبِير فِي نُفوسنا ، وسَيكون شَاهداً لنَا أوْ عَلينا ، وأستَقبلنا عَاما جدِيدا بصَفحة بَيضاء مُكملا لمسِيرة أعوَام رحَلت ، بِالأمل والتفاؤل أستقبَلناه ، وبنَبض القَلب المحِب لأيَام الحيَاة أحتضنَاه ، ولَا نَدري مَا كتَب الله لنَا فِي عامنَا الحَاضر ، وكُلنا أمَل بِأن يَكون عامنَا الهِجري 1434 عَاما مَليئا بِكل مَا نتمنَاه ، وهَذا رجاؤنَا الذِي نَرجو مِن الله العَلي القدِير أنْ يمُن بِه علينَا ، وبهَذا التودِيع والإستقبَال نَكون قَد بعِدنا عَن القَريب ، وقربنَا مِن البعِيد ، فَكل يَوم يمُر بنَا يُباعد عِن الدُنيا ويُقرب إلَى الآخرة ، يُباعد مِن دَار العَمل ، ويُقرب مِن دَار الجزَاء ، قَال الخلِيفة عَلي بِن أبِي طَالب رَضي الله عَنه - أرتحَلت الدُنيا مُدبرة ، وأرتحَلت الآخرة مقْبلة ، ولِكل منهمَا بنُون ، فَكونوا مِن أبنَاء الآخرة ، ولَا تَكونوا مِن أبنَاء الدُنيا ، فَإن اليَوم عمَل وَلا حِساب ، وغداً حِساب وَلا عمَل - فعامنَا الجدِيد أقبَل وَبه 360 يَوما عَلينا أنْ نستثمِر وقتهَا بِكل مُفيد ، ونُكثر من الباقيَات الصَالحات ، وأنْ نؤدِي مَا خُلقنا لأجْله عَلى الوَجه الأكمَل دُون تقصِير ، فَاليوم الذِي ينقضِي لنْ يعُود ، قَال الحسَن البصْري رَحمه الله - مَا مِن يَوم ينشَق فَجره وتَشرق شمسُه إلَا نَادى منادٍ مِن قبَل الحقْ: يَا إبنْ آدم , أنَا خَلق جدِيد , وعَلى عمَلك شهِيد ، فتزَود مِني بعمَل صَالح , فَإني لَا أعُود إلى يَوم القِيامة – ففِي الحيَاة ميادِين فسِيحه لصَالح الأعمَال فَليكن حَظك مِنها الوفِير ، فالسَعيد مَن طالْ عُمره ، وحَسن عَمله ، فلنَجعل عامَنا هَذا هِجرة لنَا مِن كُل مَا هُو غَير محمُود مِن أمُور حيَاتنا بَلا إستثنَاء ، اللهُم أجعَله عَام خَير وبَركة ، وأهِله علينَا بالأمنْ والإيمَان والسَلامة والتوفِيق لما تحُبه وتَرضى .. كل عام وأنتم بخير
نبيه مراد العطرجي-مكة المكرمة
--