وزير الحرس الوطني يرعى تخريج دورة تأهيل الضباط الجامعيين ال (36) والدفعة ال (41) من طلبة كلية الملك خالد العسكرية    المملكة تعزز الاستثمار في القطاع غير الربحي لتحقيق الفائدة الاجتماعية وفق رؤية 2030    اللواء المربع يقف على سير العمل بجوازات منفذ الوديعة    أمير المدينة: مهتمون بمتابعة المشاريع ورصد التحديات لمعالجتها    2367 ريالاً إنفاق الفرد على التأمين    يفتتح مكتباً لشركة تابعة في باريس.. «السيادي السعودي» يرسخ شراكاته الاستثمارية العالمية    طريق أملج الوجه يحتاج وقفة    أدانت بشدة تصعيد الاحتلال وتوسعه شمال وجنوب غزة.. السعودية تحذر من استمرار الانتهاكات الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني    "الرئاسي" يتحرّك لاحتواء التصعيد.. عصيان مدني واسع في طرابلس    عون يؤكد أهمية تأمين عودة النازحين لبلادهم بشكل آمن.. بيروت تعيد رسم خطوط التواصل مع دمشق    في انطلاق الجولة ال 33 قبل الأخيرة من دوري روشن.. الاتحاد في ضيافة الشباب.. والقادسية يواجه العروبة    في" البلاي أوف" بالدرجة الأولى.. صراع شرس على البطاقة الثالثة لدوري الكبار    وزير الخارجية ونظيرته النمساوية يبحثان المستجدات الإقليمية والدولية    النصر يكشف عن شعاره الجديد.. ويستعيد رونالدو    سالم يواصل ارتداء شعار الزعيم حتى 2027    طرفا نهائي كأس اليد يتحددان اليوم    أشادوا بالخدمات المقدمة عبر "الوديعة".. حجاج يمنيون: المملكة حريصة على راحة ضيوف الرحمن    "الداخلية" تدعو للإبلاغ عن من ينقل مخالفي أنظمة الحج    حرس الحدود ينقذ (10) مقيمين " من غدر البحر"    " برنامج تطوع " يعزز مكتسبات رؤية المملكة 2030    ضوء صغير    الاستثمار في العقول    كورال روح الشرق يختتم بينالي الفنون الإسلامية 2025    الدكتور قزاز: توظيف الدراسات واستخدام "التفاعلية" مع تطوير المحتوى وقياس التأثير يحقق النجاح لإعلام الحج    حكاية طفل الأنابيب (5)    الاعتراف رسمياً بالسكري من النوع الخامس    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على ارتفاع طفيف    سيراليون تسجل زيادة في إصابات جدري القردة بنسبة 71% خلال أسبوع    سعود بن نايف يطلق برنامج "تطوع الشرقية"    برعاية نائب أمير الرياض.. بحث مستجدات مجالات الميتاجينوم والميكروبيوم    وكيل وزارة التعليم: في "آيسف" أبهرنا العالم    تجاوز مستفيدي مبادرة طريق مكة «مليون حاج»    الشؤون الإسلامية تُكمل استعداداتها في منافذ الشرقية لاستقبال الحجاج    وزير الحرس الوطني يرعى حفل خريجي كلية الملك عبدالله للقيادة والأركان    تفعيل اقتصاد المناطق    نائب أمير الشرقية يطّلع على تقرير "نور"    أمير تبوك يستقبل نادي نيوم ويبارك لهم تتويجهم بلقب دوري يلو والصعود الى دوري روشن    جمعية مالك للخدمات الإنسانية بالمحالة في زيارة ل "بر أبها"    الرئيس العام لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يؤكِّد على تسخير كافة الوسائل التقنية ووسائل الذكاء الاصطناعي في تقديم خدمات الرئاسة العامة في حج هذا العام    الداخلية تصدر قرارات إدارية بحق 12 وافدا و8 مواطنين لنقلهم 60 مخالفا لا يحملون تصاريح لأداء الحج    المملكة.. إخراج سورية من عزلتها    «الدعم» تقصف مخيم نازحين وتوقع 14 قتيلاً بدارفور    حرس الحدود ينقذ 10 مصريين بعد جنوح واسطتهم البحرية    إيران: شروط واشنطن ستُفشل المحادثات النووية    تواصل سعودي نمساوي    الخارجية الفلسطينية تطالب بتحرك دولي عاجل لوقف العدوان الإسرائيلي    نائب ترمب: الولايات المتحدة قد تنسحب من حرب أوكرانيا    "الصحة العالمية": نواجه عجزا بنحو 1.7 مليار دولار خلال العامين المقبلين    محافظ أبو عريش يرأس لجنة السلامة المرورية الفرعية    مجموعة فقيه للرعاية الصحية تحصل على اعتماد JCI للمؤسسات كأول مجموعة صحية خاصة في المملكة    حلول واقعية لمعالجة التحديات المعاصرة التربوية    لمسة وفاء.. الشيخ محمد بن عبدالله آل علي    محمد.. هل أنت تنام ليلاً ؟    الشؤون الإسلامية تختتم الدورة التأصيلية الأولى في سريلانكا    9.5% تراجعا في تمويل واردات القطاع الخاص    قصائد فيصل بن تركي المغناة تتصدر الأكثر مشاهدة    النفط يتعافى مع مؤشرات بتراجع التوترات الجيوسياسية    رئيس جمعية «مرفأ» الصفحي يهنئ أمير جازان ونائبه على الثقة الملكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التيارات الإسلامية تهيمن على المشهد فى دول الربيع.. لماذا؟

في البدء رأى رئيس تحرير صحيفة الغد الأردنية سابقًا الدكتور موسى برهومة، أنّ صعود الإسلاميين في العالم العربي يأتي كنتيجة لهزيمة الخطابات السياسية القومية واليسارية والتي وعدت الناس بأفكار والتزامات كبيرة لكنها لم تف بوعودها، فلم يكن من هذه الشعوب إلى اللجوء لتجريب خطاب الإسلاميين لأنّهم كانوا في السابق يفتقدون لمثل هذا الخطاب والذي تعرض للتهميش والإبعاد عن دائرة الحكم وبالتالي عمل على اختياره في إشارة منهم على أنّ هذا الخطاب هو الأقدر والأجدر على تجسيد تطلعات وآمال المجتمع العربي في هذه المرحلة، منوهًا على أنّ الرهان يكمن في أن يستطيع التيار الإسلامي قيادة دفة البلاد وحمل تطلعات الشعوب العربية حيث كان بعيدًا لعقود طويلة عن العمل السياسي العملي، هذا هو الرهان الحقيقي في أن يبينوا للناس مصداقية خطاباتهم، معتبرًا في نفس السياق أنّ هذا هو المأزق الحقيقي الذي ينتظر خطاب جماعات الإسلام السياسي في مجريات العمل السياسي وفي إطار تسلم مؤسسات الدولة، فهل هي قادرة على أنّ تحافظ على خطاباتها الإسلامية وتقود مؤسسات الدولة في نفس الوقت هنا يكن السؤال.
السرية والعلنية
وحول مظاهر التعدد والاختلاف بين أطروحات الإسلاميين في كيفية إدارة الحكم في تلك البلدان اعتبر أنّ هذا التناقض عائد إلى تحول الخطاب الإسلامي من السرية إلى العلنية الناتج عن المتغيرات السياسية وآخرها تسلمهم دفة الحكم، فربما نجد هذا التناغم في الخطابات السياسية وفي قضايا الحكم تحديدًا، لكن البرنامج السياسي وطبيعته هو الأهم، فالشعوب التي خاضت الثورة تريد أن تتحرر من الاستبداد التي كانت تعيش فيه، وإذا ما استبدل استبداد زين العابدين على سبيل المثال باستبداد آخر يحمل الثوب الإسلامي فإنّ هذا يعني أنّ الإسلاميين قد خذلوا الشارع، وعلى أثر ذلك يرى برهومة بوجوب احترام إرادة الناس وخياراتهم السياسية في العملية الانتخابية، وأن نعرف بأنّ درب الديمقراطية درب طويل فما علينا إلاّ الصبر وانتظار النتائج على أرض الواقع لنعرف مصداقية هؤلاء في الشارع وعدم الاستعجال في الحكم على تجربتهم في الفترة الحالية.
الصحوة الإسلامية
وبدوره أرجع المحلل السياسي الأستاذ ياسر الزعاترة السبب الأول في صعود التيار الإسلامي في دول الربيع العربي إلى الصحوة الإسلامية المنتشرة في العالم العربي والتي ساهمت في دفعه ورفعه ولم تأت إلا نتيجة النضال السياسي الذي مارسه هذا التيار في العقود الأخيرة حيث رافقها تعذيب وسجن واضطهاد، إضافة إلى أنّ الإسلاميين كانوا يواجهون الهجمات الشرسة المختلفة على الأمة إلى جانب مواجهة الاستبداد السياسي، فمن باب الوفاء لهذه النضالات التي قام بها الإسلاميون انتخبت الشعوب هؤلاء وأوصلوهم إلى سدة الحكم، منوهًا بأنّ فشل التيارات الأخرى المنافسة على الساحة وتحالفها مع الأنظمة من اليساريين والعلمانيين أدى أيضًا إلى رفع شعبية التيار الإسلامي وتصدره على الساحة، مؤكدًا بأنّ المعركة التي يخوضها هذا التيار كبيرة لا سيما فيما يتعلق بالموضوع الداخلي، فهناك صراع موجود في داخل بلدان الربيع العربي ويتمثل في بقايا الأنظمة السابقة التي لن تسمح للإسلاميين بسهولة الوصول إلى السلطة لأنّ المؤسسة الأمنية هي الأقوى حتى هذه اللحظة، فالساحة السياسية في الفترة الحالية تشهد صراعًا محتدمًا على الصلاحيات سواء كان ذلك في ليبيا أو مصر أو تونس، مشددًا على أهمية أن يتحرك الإسلاميون على المستوى الداخلي وبالتأكيد هي لن تكون مثل الأنظمة السابقة التي لم تقدم الكثير للشعوب العربية والتي جاءت بتوجيهات خارجية على كل الأصعدة السياسية والاقتصادية، حيث سيطرح الإسلاميون نماذج اقتصادية وسوف يتقاطعون في ذلك مع الشرفاء من التيارات الأخرى، فالمعركة ستكون قائمة في ظل قوى الهيمنة الخارجية والتي لم تترك الإسلاميين وهم يمارسون العمل السياسي من دون ممارسة الضغوط عليهم.
وحول تعاطي الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة مع تلك النخب الإسلامية والجديدة للمجتمعات العربية أكد أنّ الغرب يحدد علاقاته مع التيارات السياسية بناء على مصالحه والمتمثلة في النفط وتحديد العلاقات مع الكيان الصهيوني ومكافحة الإرهاب، فبناء على هذه الأمور الثلاثة سيعمل الغرب على تحديد علاقاته مع هذه التيارات
إخفاق الآخر
من ناحيته أكد مدير مركز القدس للدراسات السياسية الأستاذ عريب الرنتاوي وجود جملة من الأسباب قادت إلى تصدر التيار الإسلامي للمشهد السياسي في دول الربيع العربي، من ضمنها فشل التيارات العربية الأخرى مثل: الليبرالية والقومية والاشتراكية، وفي مصر تحديدًا لم تقدم تلك التيارات إصلاحيات سياسية جذرية، ولم تمارس دورًا واضحًا تجاه القضية الفلسطينية، إضافة إلى أنّ وجود مؤسسات خيرية وتعليمية ومجتمعية ذات نفوذ واضح للإسلاميين في العديد من الدول العربية، فكل هذه العوامل أدت إلى تسيد التيار الإسلامي المشهد السياسي في هذه الدول، وبدأت التيارات الإسلامية بالصعود وبالتحديد التيار السلفي وبدرجة أقل التيار الإخواني، مشيرًا إلى أنّ عامل الثورة الإيرانية أدى إلى موجة صعود الإسلاميين على الساحة السياسية، وبرز هناك صراع قائم ومعلن بين التيارات السنية والشيعية في ظل وجود أنظمة مستبدة لم تسمح للتيار الإسلامي بالظهور العلني والواضح، لكن ربيع الثورات العربية أطاحت بتلك الأنظمة، وبرزت حاجة ملحة لظهور قوى جديدة لقيادة الشارع متمثلًا ذلك في التيار الإسلامي.
انطباعات مسبقة
وأشار إلى أهمية عدم إصدار أحكام مسبقة على الإسلاميين باستثناء تجربة حماس التي كانت خاضعة لعوامل سياسية خاصة، لكنهم سيواجهون في دول الربيع العربي خيارات سياسية صعبة، من خلال قدرتهم على التكيف مع معطيات الاقتصاد والسياسة والتشابكات الإقليمية الحاضرة في المعادلة السياسية، مؤكدًا أنّهم إن تمكنوا من ذلك فإنّهم بإمكانهم التكيف مع مجتمع مدني وإن لم يكونوا قادرين على التكيف مع هذه المعطيات فإنّهم سيواجهون صعوبة في الاستمرارية، فهنا يكمن الرهان على نجاحهم، فالتعاطف الشعبي مع الإسلاميين بسبب أنّهم كانوا أشد التيارات قمعًا سينتهي هذا كله فور تسلمهم الحكم، مشيرًا إلى أهمية إيجاد برامج اقتصادية وسياسية واجتماعية في فترة الحكم السياسي للإسلاميين، فإن نجحوا في ذلك فسوف يستمروا وإن فشلوا فإنّ الشعوب سوف تلفظهم مثل ما لفظت غيرهم، وفي نهاية هذا العقد سيكون الإسلاميون أمام خيارين إما أن يحددوا الاستمرار في المعترك السياسي وكسب مصداقية الشارع من خلال نجاحهم في مهمتهم أو أن يسيروا في ركب إنتاج أنظمة شمولية مستبدة كما هو الحال مع سابقها.
موجة جديدة
وفي سياق متصل اعتبر الصحفي والمتخصص في شؤون الحركات الإسلامية الدكتور كمال حبيب أنّ هناك موجة جديدة في العالم العربي تتمثل في صعود الإسلاميين للمشهد السياسي وانتقالهم من حالة المعارضة إلى الحكم، كما هو حاصل في دول الربيع العربي، وبالتالي فإنّ الشعوب العربية أمام ظاهرة جديدة تتمثل في انتقال الإسلاميين من المعارضة إلى الحكم وتختلف من بلد إلى آخر، والتأثير الفاعل لهذا التيار هو الثورات سواء كانت في ذلك في تونس أو مصر أو ليبيا أو اليمن، منوهًا على أنّ الجماهير تريد أن تجرب هذا التيار فهي لم تجربه من قبل، وتعطيه الفرصة لترى خياراته المتمثلة في الإسلام، فهذا التيار يعدّ قريبًا من روح الجماهير، وبالتالي تريد أن تعطيه فرصة وترى مدى مصداقيته وها هو الحاصل في تونس ومصر ومن قبل في المغرب ممثلًا ذلك بحزب العدالة والتنمية، مشيرًا إلى أنّ هذا التيار بات يعبر عن نفسه بشكل ناجح في مختلف المجالات الدينية والاجتماعية والتربوية، وكذلك السياسية، خصوصًا بعد وجود فراغ سياسي يتمثل في سقوط الأنظمة العربية وبدأ التيار الإسلامي يملأ هذا الفراغ.
المعارضة والحكم
وحول قدرة الإسلاميين على تحقيق تطلعات الشعوب العربية وقيادة دفة البلاد قال: الإسلاميون نجحوا في المعارضة لكن مسألة الانتقال للحكم وقدرتهم على أن يقودوا دفة بلادهم نحو مشروع إسلاموي نهضوي، وتحسين المستوى الاقتصادي والمعيشي للشعوب هنا يكمن التحدي الرئيسي، وهل لديها القدرة في طرح البرامج لحل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية حيث لم تأخذ اهتمامًا كبيرًا بقدر ما أخذت القضايا الفكرية والثقافية ومسائل تطبيق الشريعة والهوية الإسلامية.
تحصيل حاصل
من جانبه أكد عضو الهيئة العليا للدعوة والإرشاد والفتوى لأهل السنة والجماعة بالعراق الدكتور علي النعيمي أنّ هذا الصعود الحالي للإسلاميين هو تحصيل حاصل ونتيجة للعوامل الحزبية المضطربة بين الأحزاب العلمانية والإسلامية ولاضطهاد الحكومات وقمعها للأحزاب الإسلامية وبخاصة الإخوان المسلمين وتحمل الإسلاميين غير الحزبيين ودفعهم ثمن الأحزاب، والتي ساهمت بشكل واسع لنقل صورة عن القمع الذي يصيب كل من يلبس ثوب الدين سواء تحزب أم لم يتحزب، مشيرًا إلى أنّ التيار عمومًا يمثل الاضطهاد الذي أصاب الجماعات الإسلامية ثمّ إنّ حالات المجتمع تختلف من بلد إلى آخر فمثلًا في مصر تختلف عن ليبيا وعن سوريا باعتبار أنّ المصريين رغم الضغوطات لكن كانت الدعوة السلفية تعمل على قدم وساق وكذلك الإخوان، ونتج عن ذلك كله تهيئة مجتمع لديه أرضية كبيرة إسلامية على أرض الواقع، معتبرًا بأنّ العلماء والدعاة السلفيين كانوا سببًا في تقليل الأخطاء وسببًا رئيسيًا في تخفيف العداوة بين الشعب وبين قوى الجيش فكانوا قد أعطوا الجيش وكل مفاصل الحكومة الأمن والطمأنينة حتى لا تستثير فيهم روح الانتقام والخوف عما سيحصل بهم باعتبارهم يتبع النظام يتهمهم بالظلم والاستبداد، وأما الحالة في سوريا فهي مغايرة تمامًا للواقع، ومشيرًا إلى أنّ الصوفية هم الذين يسيطرون على البلد بنسبة تزيد على 80% وليس للسلفية أي دور والإخوان كعادتهم يتلونون عندهم ونفس القابلية في بقيه البلدان في مسألة الاختراق وليس للعقيدة عندهم اهتمام لذلك فإنّ الأرضية الدعوية في المجتمع السوري متوقفة وتحتاج إلى انضباط وعلى الجماعة السلفية الظهور على المجتمع بثوب الحاضن وليس العدائي.
المنهج والعقيدة
وحول قدرة الإسلاميين على قيادة دفة البلاد وتحسين الوضع الاقتصادي والسياسي، رأى أنّ أرضية الدعوة في مصر قوية وستشهد دورًا كبيرًا وتستطيع إنجاز ما لم تنجزه كل الحكومات السابقة، فإذا ما تمت الاستقامة على المنهج والعقيدة والتروض في مسائل البناء والإصلاح فسيؤدي ذلك إلى انعكاس كبير في حياة المجتمع المصري المسلم المتدين، أما في ليبيا فإنّ النعيمي يشير إلى أنّ ما أخذ بطرق غير شرعية لا يمكن استقامته، بل الواجب على الجماعات الإسلامية في ليبيا العمل على إبعاد هؤلاء الذين تترتب عليهم ذمم الأبرياء والذين قتلوا على يد الناتو وكذلك وقوفهم على أبواب الغرب الكافرين.
ليست حديثة
من جانبه رأى المفكر الإسلامي الدكتور محمد الأحمري، أنّ التيارات الإسلامية موجودة دائمًا، وليست حديثة ولا عارضة على المنطقة وما يدور فيها، ولكنها لم تجد مكانًا من قبل لأسباب خارجية وداخلية في الدول العربية، وحول أسباب صعود الإسلاميين فلأنّهم بحسب الأحمري أصحاب عمل مكثف وقديم، ولأنّهم يمثلون المجتمع إلى حد كبير ثقافة وتطلعات، ولأنّ المجتمع يرى فيهم حلًا لمشكلاته بسبب الدين لا بسبب المتدينين، وقد ينقذون أو يخذلون مجتمعاتهم لا أحد يعلم، أما عن المؤثر الخارجي فهو أن الخارج رفع يده عن مواجهتهم واختصاصهم بالعداوة، كما فعل ذات يوم مع توجهات أخرى أيضًا، ويبدو العالم اليوم متفهمًا لهذه التحولات، مشيرًا إلى أنّ قبول الوجوه الجديدة في المنطقة من قبل الغرب مقدر لشعبيتهم التي ستوفر استقرارًا للبلاد وبهذا أيضًا يتوفر استقرار للمصالح الغربية أيضًا، قائلًا: «لا أحد يدري إن كانوا قادرين أم لا ولكن الشرعية الشعبية والتوسع الأفقي والنوعي إذا توفر لهم فإن هذا يجعلهم أقرب أن يكونوا قادرين على معالجة الكثير من المشكلات، وهي شروط للنجاح إلى جانب غيرها مما لا يجعل للقائل أن يقول بإمكان نجاحهم بسهولة، مؤكدًا أنّ الجماهير تبحث عن إنقاذ شامل في الشريعة أو غيرها والاستبداد كرّههم في كل ما كان يمثله سابقًا.
أسباب ذاتية
على الصعيد نفسه اعتبر الكاتب والمحلل السياسي الدكتور أسامة عثمان أنّ صعود التيار الإسلامي عائد، في المقام الأول، إلى أسباب ذاتية تُعزى إلى الفكرة الإسلامية، وما تنطوي عليه من جاذبية وعدالة في نظر شريحة واسعة من المسلمين العرب؛ ذلك أنّ الحس الديني راسخ في وجدان الأمة، وهو يدعو إلى البحث عن حلول للمشكلات اليومية في الشريعة الإسلامية، مشيرًا إلى وجود اطرادا متزايدا منذ عقد من الزمان، أو يزيد في كثرة الاستفتاء، في مجمل القضايا اليومية والحياتية، ولا سيما، بعد انتشار الفضائيات الدينية، وغيرها، وبعد انتشار «الإنترنت» وهذا مؤشر على زيادة الاهتمام بالحلال والحرام، كما هو دالٌ على تنامي الثقة بالمرجعيات الدينية والفقهية، وقد توسعت الأسئلة، حتى شملت أمور المال والاجتماع والسياسة، ففي مثل هذه البيئة الخصبة تستطيع الحركات الإسلامية أن تحصد مزيدًا من النجاح، وأن تكون مظهرًا من مظاهر هذه القناعات والتوجهات، منوهًا على أنّ لتراجع التيارات الفكرية والسياسية الأخرى، كالماركسية والعلمانية والقومية، أثرًا في هذا الصعود ولا بد أن يُملأ الفراغ، إضافة إلى أنّ ازدياد العدوان الصهيوني في فلسطين والمنطقة، وتوجُّه اليهود في فلسطين إلى مزيد من التدين والعنصرية؛ فكان التدين وتسييس الدين، بنسبة من النسب، وعند شريحة من المسلمين، ردةَ فعل على تدين في الطرف النقيض، زِدْ على ذلك بروز «المحافظين الجدد» في الولايات المتحدة الذين كانوا أكثر توظيفا للدين، حتى أعلنها بوش الابن حربًا صليبية، وكان العراق مسرحًا وباعثًا لتنامي التوجه الديني الإسلامي في الصراع والتحرير، كما أنّه وعلى المستوى المحلي كان هناك إخفاق كثير من النظم الحاكمة في حل مشكلات شعوبها، وتحقيق التنمية المرجوة، واستبدادها في نفس السياق باعثًا للبحث عن بديل لم يُجرَّب من قبل، ولم تُتح له فرصة حقيقية للحكم.
الحركات المعتدلة
وحول تعاطي الغرب وعلى رأسهم الولايات المتحدة مع تلك النخب السياسية الجديدة للمجتمعات العربية أكد أنّ الولايات المتحدة أعلنت أنّ ما يهمها هو الأعمال والبرامج، أكثر من الأسماء، كما صرحت بقبولها للحركات المعتدلة كالإخوان المسلمين، وغيرهم، ممن لا ينتهجون العنف، ويقبلون التعددية السياسية، ويحافظون على «حقوق الإنسان» و«الأقليات» و«حقوق المرأة» وكذلك الموقف الأوروبي، مشيرًا إلى أنّ أمريكا والغرب ربما اضطرتا إلى التسليم بقوة هذه الحركات والقوى، وأنَّ القبول بالتحول الديمقراطي لا يتناسب وإقصائها، ما دامت تتعهد بالتزامها قواعدَ اللعبة الديمقراطية، وتتعهد بالالتزام بالاتفاقات والالتزامات الخارجية، ومن ضمنها العلاقة ب «إسرائيل» كما في مصر، مثلًا، مضيفًا بأنّ الولايات المتحدة والغرب يدركون أن طُفُوَّ هذه القوى على السطح أفضل من بقائها في السر، أو كبتها؛ لأنّ ذلك قد يدفعها إلى «التطرف» أو يقوِّي الحركات «المتطرفة» عليها، حينها تتعزز دعاويها بأنَّ الغرب لا يعاملنا إلا بالكره والعدوان؛ فلا بدَّ من مقابلته بالمثل.
نضال سياسي
وفي السياق ذاته أكد نائب الأمين العام للهيئة العليا للدعوة والإرشاد والفتوى لأهل السنة والجماعة بالعراق الدكتور فخري القيسي أنّ الصعود كان نتيجة نضال دام لأكثر من 50 عامًا، وقال: الناس يئست من الأطروحات القومية وخرجت بنتائج عكسية حولها، مشيرًا إلى أنّه مبدأ إيزنهاور يقول بأنّ احتفاظ شعوب الشرق أوسطية بإسلامها يبعد كل البعد السوفييت والصين عن المياه الدافئة، أما النفط فسيضمن تدفقه عند احترام الإسلام، مستشهدًا بقول ابن خلدون والمتمثل في أنّ أقوى عصبية لإقامة الحكم هو العصبية الدينية وخصوصًا عند العرب لأنّهم حملة الرسالة بقدر الله المقدر، معتبرًا أنّ هناك ربًا لا شك فيه وله إرادة رضا وهي دينه الذي ارتضاها لخلقه فزرع الفطرة فيك شئت أم أبيت فهي مزروعة فيك تنادي ليل نهار بأن لا خيار لك إلاّ ما اختاره الله لك وهو العليم الحكيم.
مغازلة الأنظمة
بدوره اعتبر رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط والباحث المتخصص في الإسلام السياسي الدكتور عمار علي حسن إن التيارات الإسلامية على مدار العقود الماضية كانت دائما قادرة على مغازلة الأنظمة، وقال: يشهد على ذلك التاريخ، حيث تعاون الاخوان في مصر مع ثورة يوليو ثم السادات، ولم يحدث صدام مع مبارك، وهذا كان سلوكهم في اغلب دول العالم العربي واستغلت هذا في ترسيخ وجودها في التربة الاجتماعية لهذه الدول. وعلى التوازي كانت الأنظمة تشجع تمدد واستمرار الجماعات الدعوية التي لا تمتلك مشروعات سياسية بحيث تضيف لأنظمتها جيوشًا جديدة من الأتباع والأنصار، ونظرا لإخفاق هذه الأنظمة في النهوض بدولها التي عانت شعوبها المرض والفقر، يصبح من الطبيعي ان تتطلع هذه الشعوب إلى العودة للدين وهذه ظاهرة عالمية والعالم العربي ليس ببعيد عنها بل يقع في قلبها، باعتبار ان الدين مكون رئيسي من الهوية الوطنية والثقافة العربية.
نسيج الوطن
ومن ناحيته رأى الكاتب والخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والمرشح لعضوية البرلمان المصري عمرو الشوبكي أن المجمعات العربية تعد تاريخيًَا متصالحة مع التيارات الإسلامية المعتدلة، فهي جزء من نسيج الوطن وليست مستوردة من الخارج لذا فالمهم في هذه الحركات التي تحولت إلى أحزاب ان تحترم قواعد الديمقراطية والدولة الحديثة والدستور والقانون، وأضاف أن المجتمع الغربي مضطر للتعامل مع هذه التيارات المعتدلة التي أصبحت أمرًا واقعًا وتمتلك زخما جماهيريا كبيرا، خاصة بعد أن برهنت النظم الدكتاتورية التي حكمت لسنوات طويلة انها غير قادرة على إصلاح نفسها وغير قادرة على الحد من الحركات الإسلامية المتشددة.
السلطة للشعوب
في السياق ذاته أجاب خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور سعيد اللاوندي على نفس التساؤلات بالقول: إن الاشتراكية أخفقت والرأسمالية أصابت العالم بالأزمات ولم يعد يبقى غير الطريق الإسلامي، وبخاصة ان المؤشرات تقول إن الأحزاب الأكثر تنظيما هي الأحزاب الإسلامية، وأضاف إننا امام موجة من التيارات الإسلامية الصاعدة، وبخاصة ان السلطة أصبحت للشعوب التي صحت مجددا، فهي التي تقرر وليست الأنظمة، وأضاف انه لا مبرر في التشكيك في وطنية هذه الأحزاب فهناك لكل منها أيديولوجيات وليس أجندات كما يتقول البعض، فحزب الوسط أكثر تفتحا واعتدالا من الإخوان، والإخوان أكثر اعتدالا من السلفيين، وهكذا، كما ان فوز هذه الأحزاب بالأغلبية يعني أنها تمثل تطلعات الشعوب العربية الإسلامية، وان الحكم النهائي سيكون الوقت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.