النفط يرتفع بدعم من قوة الطلب وبيانات التضخم الأمريكية    إطلاق جامعة طيبة لمعرض "مكين" الهندسي    سمو محافظ الطائف يرعى حفل افتتاح المجمع القرآني التعليمي النسائي    قمة عادية.. في ظرف استثنائي    الأهلي يتحدى الهلال والاتحاد يبحث عن «النصر»    الاتحاد في مأزق الخليج.. نقاط الأمان تشعل مواجهة الوحدة والرائد    «عكاظ» تنشر الترتيبات التنظيمية للهيئة السعودية للمياه    أمير تبوك يطلع على نسب إنجاز مبنى مجلس المنطقة    برعاية ولي العهد.. انطلاق الملتقى العربي لمكافحة الفساد والتحريات المالية    صفُّ الواهمين    «الصحة» تدعو حجاج الداخل لاستكمال جرعات التطعيمات    نريدها قمة القرارات لا التوصيات    مخاطر الألعاب الإلكترونية على الأمن المجتمعي    71 فناناً وفنانة في معرض «كروما» بجدة    حل وسط مع الوزراء !    محاولة يائسة لاغتيال الشخصية السعودية !    معاً لمستقبل عظيم !    أمير تبوك: ليالي الحصاد والتخرج من أسعد الليالي التي أحضرها لتخريج أبنائي وبناتي    «هاتريك» غريزمان تقود أتلتيكو مدريد للفوز على خيتافي في الدوري الإسباني    «الحر» يقتل 150 ألف شخص سنوياً    دعوة عربية لمجلس الأمن باتخاد إجراءات سريعة توقف العدوان الإسرائيلي    شتلات شارع الفن    خارطة طريق سعودية - أميركية للتعاون في مجال الطاقة    معرض"سيريدو العقاري"أحدث المشاريع السكنية للمواطنين    في قمة مواجهات الجولة 32 من «روشن».. ديربي الرياض بروفة نارية لنهائي كأس الملك    توثيق من نوع آخر    خطوة جادة نحو رؤية وزارة الرياضة    القيادة تهنئ رئيس الباراغواي ورئيس وزراء سنغافورة    «حلبة النار»… النزال الأهم في تاريخ الملاكمة    وزير الاستثمار: الاقتصاد السعودي الأسرع نموا وجاذبية    تعزيز التعاون العدلي مع فرنسا وأستراليا    باكوبن والدقيل يزفون المهندس محمد    عبدالملك الزهراني ينال البكالوريوس    طريق الأمير محمد بن سلمان.. أهم مسار لتنقل الحجاج    السفير الإيراني يزور «الرياض»    خادم الحرمين الشريفين يصدر عدداً من الأوامر الملكية.. إعفاءات وتعيينات جديدة في عدد من القطاعات    خادم الحرمين الشريفين يصدر عددا من الأوامر الملكية    إنتاج الصقور في الحدود الشمالية    "الدرعية" تُعزز شراكاتها الاقتصادية والسياحية    السلطات الفرنسية تطارد «الذبابة»    بوتين يصل إلى الصين في زيارة «دولة» تستمر يومين    رحالة فرنسي يقطع ثمانية آلاف كلم مشياً على الأقدام لأداء مناسك الحج    رعاية ضيوف الرحمن    سقيا الحاج    استمرار الجسر الجوي الإغاثي إلى غزة    « سعود الطبية»: زراعة PEEK لمريض عانى من كسور الجبهة    لقاح جديد ضد حمى الضنك    مختصون يدعون للحدّ من مخاطر المنصّات وتقوية الثقة في النفس.. المقارنة بمشاهيرالتواصل الاجتماعي معركة خاسرة    5 منافذ في الشرقية تستعد لاستقبال الحجاج    «نافس».. منافع لا تحصى لقياس الأداء التعليمي    المنتخب السعودي للعلوم والهندسة في سباق للمجد.. الجمعة    المزروع يشكر القيادة بمناسبة ترقيته للمرتبة 14    نائب أمير الشرقية يستقبل منتسبي "طويق"    رئيس جمهورية المالديف يُغادر جدة    وزير العدل يلتقي رئيس المجلس الدستوري في فرنسا    «النيابة»: باشرنا 15,500 قضية صلح جنائي أسري.. انتهاء 8 آلاف منها صلحاً    أمير تبوك يثمن للبروفيسور " العطوي " إهدائه لجامعة تبوك مكتبته الخاصة    وزير الحرس الوطني يرعى تخريج 2374 طالباً وطالبة من «كاساو»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هَذا مُرادي مِن إخفَاء تاريخ ميلادي!
نشر في المدينة يوم 15 - 12 - 2011

دَائمًا مَا أقَع في حَرج، حِين يَتسلَّط عَليَّ أحد الأصدقَاء -أو الأعدَاء- بالسُّؤال عَن تَاريخ مِيلادي، وآخرهم صَديق عَزيز أظهَر جديّة للاحتفَاء بتِلك الذِّكرىِ سَنويًّا، حتَّى بَعد مَماتي -هَداه الله-، لإحيَاء ذِكْرِي كَما يَزعم بمَحبّتي -جزَاه الله خَيرًا-، ولأنَّه يَعرف أنَّني لا أُخفي عَن القُرَّاء شَيئًا كهَذا، اشترَط عَدم ذِكر اسمه، حِرصًا مِنه ألَّا يَلومه أحَد عَلى فِكرته..!
المُهم أنَّ هَذا الصَّديق باغَتني بالسُّؤال قَائلاً: مَتى يَحتفي «المَندي المُنتظر» بذِكرى مِيلاده؟! فأمضينَا سَاعاتٍ وسَاعاتٍ ونَحنُ نُحاول فَكّ أحجية مُعقّدة، للوصول إلى تَاريخ تَقريبي، حتَّى أصَابه النّعاس، ومَلّ مِن التَّفاصيل، وفرّ هَاربًا مِن سوء مَا بُشّر بهِ..!
هَذا الصَّديق لَم يَكن الأوّل الذي يَدخل مَعي في دوّامة؛ بسَبب سُؤال يَتكوّن مِن ثَلاث كَلِمَات فَقط، حيثُ تَكرّرت مُعاناتي مَع أصدقَاء غَيره، سَألوا بحُسن نيّة رَغبة مِنهم في مُهادَاتي، لمَعرفتهم الكَبيرة بأنَّني عَاشِق للهدَايا، مُحِب للعَطَايا، وهَؤلاء الذين أُولي الاهتمام لأسئلتهم حَول تَاريخ مِيلادي..!
أمَّا إذَا كَان السَّائل مِن الأعدَاء، فإنَّني ألبس ثَوب النُّصح عَلى الفَور، قَائلاً لَه: (هَداك الله! أنَا لا أحتفل إلَّا بعيد الأضحَى، وعيد الفطر، أمَّا يَوم مِيلادي فليس يَومًا ثَامنًا ليَختلف عَن الأيَّام الأُخرى)..!
وأنَا طَبعًا لَستُ جَادًّا فِيما أقول، لَكنها حِيلة، أو «تَصريفة» للعدوّ، الذي يُريد فَقط أن يَكشف عُمري، ليَفضحني بَين النَّاس قَائلاً: شَاهدوا هَذا الرَّجُل الذي يَبدو بحَجم الفِيل، لَكن عَقله بحَجم عَقل العصفور..!
والحَقيقة أنَّ كَثرة أسئلة النَّاس عَن تَاريخ مِيلادي لَم تَكُن تَدخل في دَائرة الجدّ، حتَّى وَصلتُ للصَّف الثَّالث المتوسِّط، حِينها أجبَرتني إدَارة المَدرسَة عَلى استخرَاج حَفيظة نفوس، الأمر الذي يَتطلَّب إيجَاد شَهادة مِيلاد، لَم أحصل عَليها طَبعًا، لأنَّني وُلدت في مَنزل طِيني بَسيط، في وَسط بريدة، لذلك كَان لِزَامًا عَلى إدَارة الأحوَال المَدنيّة أن تَبحث لي عَن حَلّ، لتَحديد السَّنة التَّقريبيّة لمِيلادي عَلى الأقل..!
في تِلك الأيَّام بَدأتُ أُشمِّر عَن سَاعداي، وأبدأ رحلة البَحث الطَّويل عن تَاريخ مِيلاد طفل نَحيل، ضيّعه السِّجل وتَجاهله الدَّليل..!
سَألتُ وَالدتي -حَفظها الله- عَن يَوم مَولدي، فقَالت: كُنتُ مَشغولة بالآلام، ولا أتذكَّر اليَوم أو الشَّهر أو السَّنة مِن شِدّة الألم، لأنَّك أتيت إلى الدُّنيا «مربرَبًا»، ورَأسك الكَبير جَعل الولادة أشبَه مَا تَكون بولادة التَّوائِم..!
لَكنَّها أوصتني بالذّهاب إلى خَالتي مُنيرة -رَحمها الله-، فذَهبتُ إليها وكُلِّي أمَل بأنَّني سأقبض عَلى الدَّليل القَاطِع ليَوم مَولدي، ولَكن خَالتي ذَكرت لي سِنين وتَواريخ لا تُسمن ولا تُغني مِن جُوع، فقَد قَالت: أنتَ أكبَر مِن ابنتي فُلانة بثَلاث سَنوات..!
في تلك اللحظة تَركتُ تَاريخ مِيلادي لأبدأ البَحث عَن تَاريخ مِيلاد فُلانة، فسَألتها: ومَتى وُلدت فُلانة؟ فقَالت: بَعد سَنة الغَرقى بسبعِ سنوات، فقُلتُ: ومَتى كَانت سَنة الغَرقى؟ فقَالت: بَعد سَنة الجُدري بعشرِ سَنوات، فقُلتُ: ومَتَى كَانت سَنة الجُدري؟ فقَالت: بَعد وَفاة خَالك عبدالعزيز بأربَع سَنوات، فقُلتُ: ومَتى تَوفَّي خَالي عبدالعزيز؟ فقَالت: بَعد عَودة جدّك مِن العِراق في رحلة العقيلات بثلاثِ سَنوات، فقُلتُ: ومَتى عَاد جدّي مِن العِراق؟ فقَالت: بَعد سَنة وَفاة جدّتك حصّة بخمسِ سنوات..!
وهكَذا دَخلتُ في دَائرة كَبيرة مِن التَّواريخ والأسمَاء، حتَّى أدركني الصُّداع، واستبدّ بي الشّتات والضّياع، فمَا كَان مِن إدَارة الأحوَال في بريدة إلَّا إن أحَالتني إلى لَجنة التَّسنين في المُستشفى، وكَان ذَلك، حِين جَلستُ بَين طَبيبتين وطَبيب مِن مِصر، حيثُ مَدّ كُلّ مِنهم يَده إلى شفتي السُّفلى وأنزلها، ليَعرف تَاريخ مِيلادي مِن أسنَاني، كَما يُفعل ذَلك لأي خَروف، وقَد اختلف الأطبَّاء في تَاريخ مِيلادي في ثَلاث سنين، فاعتمدتْ الأحوَال السَّنة الوُسطى بَين هَذه السّنين، وتَم تَسجيل مِيلادي في 1/7/1384ه، مَع العِلْم أنَّ 1/7 هَذا مُسجّل لمُعظم أبنَاء جِيلي، والسرّ لا يَعلمه إلَّا الله ورَاء اختياره، وبالمُناسبة فقَد بَذل أحد أقَاربي جهُودًا مُضنية استمرّت سَنوات، ليُثبت فَقط أنَّني وُلدت في العَام 1387ه، مُعتمدًا عَلى الفَارق العُمري بَيني وبَينه، لَكن وجهة نَظره بَقيت حصرًا عَليه، ولَم يُؤكّدها أحد الأحيَاء، حتَّى تَاريخ كِتابة هَذا المَقال..!
حَسنًا.. مَاذا بَقي؟!
بَقي القَول: إنَّني مَحظوظ بهَذا التَّاريخ، لأنَّني ألعب عَلى أصدقَائي دَائمًا، فإذَا سَألوني: مَتى تَحل ذِكرى مِيلادك؟ أقول لَهم إنَّني مَجهول التَّاريخ، لذلك مِن المُمكن أن يَعتبروني أُولد كُلّ يَوم، وأستحق هديّة كُلّ يَوم، وأتقبّل التَّهاني أيضًا كُلّ يَوم، فهيّا أيُّها القُرّاء والقَارئات بَادروا بالخَير، فإن في كُلِّ كبدٍ رطبة أجرًا، ومَن أرَاد التَّأريخ لذِكرى مِيلادي مِن تَاريخ نَشر هَذا المَقال، فليُسجّل ذَلك في مُفكّرته الخَاصَّة، ليَتذكّر هديّتي كُلّ عَام في مِثل هَذا اليَوم..!!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.