ولدت اليزابث في إنجلترا سنة 1821م وهاجرت مع والدها إلى العالم الجديد سنة 1832م كما يسمونها الولاياتالمتحدة آنذاك وكانت النساء عبدات رقيقات تحت سيطرة رجالهن وسلطانهم، وفي ظل القانون الروماني القديم كان بوسع الزوج أن يقتل زوجته والأب ابنته، وفي فرنسا في القرن الثامن عشر كان المفكر الكبير جان روسو هو القائل النساء خلقن لإرضاء الرجال وكانت النساء اللواتي يرفعن أصواتهن أمام الجماهير في المجتمع الأمريكي يعاقبن بالغرامات المالية أو بالسجن ولم يعترف الرجال بأن النساء يساوينهم إلا بعد قرن ونصف القرن من الزمن وفي سنة 1844م تقدمت اليزابث بعدة طلبات لكليات الطب الرئيسية في الولاياتالمتحدة لطلب الالتحاق بها وكان ذلك أمراً غريباً واستولت الدهشة على عمداء الكليات ورفضوا طلب انضمامها بحجة أنه ليس ثمة أي سابقة، ورأى الكثيرون أن الطب مهنة خاصة بالرجال، ولا دخل للنساء بها وكانت نقطة التحول الكبرى في حياتها بعد أن قررت عمادة الكليات بعد التداول الدقيق إنه ليس ثمة سبب مشروع يحول دون السماح لفتاة أكملت الدراسة الثانوية بدخول كلية الطب وتخرجت أول امرأة طبيبة في العالم سنة 1849م وقامت برحلة إلى أوروبا ولكنها منعت من دخول مستشفياتها وعندما سئلت مرة لماذا لا ترتدين ملابس الرجال لمزاولة الطب أجابت إن ما تقوم به ليس من أجلي بقدر ما هو من أجل بنات جنسي وعلى ذلك ينبغي أن أقوم بعملي بصفتي امرأة أو أن أتخلى عنه كليا، وفي سنة 1857م أسست في مدينة نيويورك في الولاياتالمتحدة مستشفى للنساء والأطفال وفي عام 1910م رحلت عن العالم وقالت وهي تصارع الموت: لم تنفعني مهارتي الطبية في درء الموت عني أو تأخير ساعته. لهذه القصة الواقعية عدة أوجه الأولى نظرة الغرب الدولية للمرأة إلى درجة الاحتقار. وتجريدها من صفة الإنسان الذي كرمه الإسلام وأوصى بالنساء في مواضع كثيرة من القرآن والسنة ثانيا تفيدنا قصة هذه الطبيبة الإنسانة الفذة أن المجتمعات محكومة بعادات وتقاليد لها حكم التشريع وسلطانه الذي يجرم من يخرج عليه أو يخالفه. وثالثا تشرح لنا سيرتها مراحل كفاح هذه الطبيبة العظيمة بدلالة أن قبول المجتمعات للمستجدات والأفكار غير المألوفة الخارجة عن قوانينها وأعرافها لا يمكن تجاوزها بسهولة إلا بعد مراحل زمنية تصحح المفاهيم القديمة الجامدة وتثبت سلامة وصحة النظريات الحديثة وما تقدمه للإنسان من منافع تبرهن له أن نفوره مما يجهله هو عدم معرفة حقيقته والناس أعداء ما يجهلون. سعود عايد الدبيسي – مكة المكرمة