كنت ذات ليلة ساهراً أبحث عنك بين أروقة منزلي، أبحث عن كلماتك التي تؤنسني، كل شيء حولي يبحث عنك، أبعثر ما بداخلي، صراعات أعيشها مع ذاتي، لعلي أزيح الحزن عن كاهلي، فإذا القدر أمامي، طيفك يُلاحقني بكل تفاصيل حياتي.. بعفويتي.. بجنوني.. أفتش بين سطور كلماتك، وأتقلب فوق قراطيس ذكراك، لكن سرعان ما أتاني شعور الفرقة، فعدت أحتسي كأس آلامي وأحزاني.. استجدي ذكراك، وأبحث عمَّا يسلي روحي المتعطشة لتقبيل قدميك، أحاول أن أرمي زوبعة الأحزان بجانبي، وأقطع لسان الوجع الكامن بداخلي، وألقيه بجوف الصمت، لكن هيهات هيهات يا جدتي، فمن بين أحزاني استعدت ذكراك، وطيبة قلبك وشعارك الذي أثَّر علينا جميعاً هو (ابتسامتك وقت غضبك وفرحك). كان الصمت ديدنك، كنتِ كالقمر يتلألأ نورا، مرسلا أشعته الذهبية، وكأنها خيوط من ذهب، تضئ كل ما حولنا، تذكرت أحزاني وعدت أعزف عليها أنغام جراحي واختبر مدى قوتي، لكن ذبلت ملامحي، وعدت أنزف الدمع من شلالات أحزاني التي لن تنضب، أنادي وأتوجع: أهذا قدري؟ فأشواقي ذبلت، وأحلامي رحلت، كلماتك كانت تمرر البهجة إلى قلبي بهدوء، كأنها ترانيم أمواج البحر، جعلتني أعانق آفاق خواطرك الدافئة بعد أن حرمنا منك القدر فأثقلتنا الأحزان، زاد حزني على حزن، عندما أناظر جدي وقد أعياه فراقك، أصبحت عيناه شاخصتان يبحث عنك بين آهات السنين، كان يتمنى أن تعيشي كي يعيش، فعيناي تتفطر حزناً وهي تسبح في بحر عيناك المغادرة. فاللهم ارحم جدتي وأسكنها فسيح جناتك، وألطف بجدي وأحسن خاتمته. محمد بخيت الزهراني – جدة