مجلس الوزراء الموقر أبلى بلاء حسنا وهو كعادته دائما في قراراته الصائبة للحفاظ على المجتمع من آفة من اشد الآفات فتكا بالبشرية ألا وهي آفة التدخين عندما فرض عقوبة مائتي ريال ، في جلسته الأخيرة ، لكل من يدخن في المطارات . فالدول التي تصنعه هي أول من قامت ليس فحسب بمنع التدخين في الطائرات والمطارات والأماكن العامة بما فيها المطاعم والبقالات والمقاهي والمجمعات التجارية وسيارات الأجرة وغيرها بل وبفرض عقوبات مالية على المدخنين ومحاكماتهم وغيرها من العقوبات الرادعة . ولكن الذي يضبط المنع ويقويه ويدعمه هي : الغرامة أولا وتطبيقها بكل حزم ثانيا وإلا تصبح حبرا على ورق ، ثم تقديم للمحاكمة كل من يضبط مدخنا في الأماكن العامة كون العقوبة هي الآلية وبذلك فان مؤسسات إنفاذ القوانين في مجتمعنا عليها مسؤولية التطبيق بكل حزم بدون مجاملات أو واسطات . في مطاراتنا المسافر الذي يضبط مدخنا عليه أن يدفع الغرامة فورا أو يمنع من السفر ، هذا يجب أن يطبق لردع كل من يريد تلويث أجسامنا وبيئتنا لكي نرسل رسالة واضحة للجميع مواطنين ومقيمين أننا دولة عصرية نسن القوانين ونطبقها في الوقت ذاته . فئة الأنانيين من الناس من المدخنين وأبطال تلويث البيئة والروائح العفنة الكريهة ، الذين يريدون إنزال البلاء والأمراض في الناس يجب إيقافهم عند حدهم ، فمن ابتلي فعليه أن يستتر ويذهب ويدخن في أماكن مخصصة لذلك . منع التدخين في المطارات وفي الدوائر الحكومية ليس بجديد فهو مرسوم ملكي موجود من قديم ولكن ، مع الأسف، نظرا لغياب الآلية في التطبيق المتمثل بالعقوبة وتطبيقها بكل حزم جعلت هذا القانون عديم الفائدة في نظر المدخنين ، فمن ينظر إلى مطاراتنا الجميلة نجد أنها تم تشويهها بالكامل من قبل المدخنين الذين شوهوا أرضيات المطار وأثاثه بأعقاب السجائر ومخلفاتها من الرماد والروائح الكريهة . أبطال التدخين في المطارات هم ، مع الأسف مرة أخرى ، المدخنون السعوديون بما فيهم أطقم الطائرات من مضيفين وطيارين وملاحين بشكل عام والعاملين في المطارات من مدنيين وعسكريين ممن ابتلاهم الله بهذه العادة السيئة الممرضة ويأتي في المرتبة الثانية العمالة الوافدة الني ابتلينا فيها الذين يرون أننا كمواطنين أول من يكسر الأنظمة والقوانين ليس فحسب التدخين في الأماكن العامة بل وبكسر أنظمة وقوانين المرور وغيرها . في الخارج المواطن هو عين الرقيب وهو الحريص على بلده ومجتمعه فيحارب كل أعمال أو سلوكيات خاطئة تضر بالوطن والمواطنين والمقيمين أما في مجتمعنا فإننا نغمض أعيننا عن تلك السلوكيات الخاطئة بل القاتلة في بعض الأحيان من قبل البعض منا ، فنشاهد على سبيل المثال لا الحصر من يقطع إشارات المرور الموضوعة في الأصل لحمايتنا وسلامتنا من قبل السائقين المتهورين ولا نبلغ عنهم ، نشاهد المفحطين المهملين من قبل أسرهم يعيثون في الأرض فسادا ويهددون سلامة وأرواح الناس ونقف موقف المتفرج ولا نبلغ عنهم. نلحظ ونشاهد من يقف بسيارته على خط المشاة أو في المنعطفات من الجهة اليمنى ولا نبلغ عنه ، ونشاهد من يتجاوز من اليمين ولا نبلغ عنه ، ونشاهد من يتسابقون في الشوارع الرئيسية وبأقصى سرعة ولا نحرك ساكنا ، إنها بالفعل السلبية التي جبلنا عليها نظرا لغياب الآلية لتنفيذ الأنظمة والقوانين الموجودة لدينا في أنظمتنا المرورية . ولكي نبرهن على ذلك لنأخذ مملكة البحرين الشقيقة وهي التي لا تبعد عن محافظة الخبر إلا نصف ساعة بالسيارة نجد أن سائقينا أكثر احتراما للقوانين المرورية في البحرين والسبب يعود إلى الآلية في التنفيذ ووجود عقوبة رادعة تصل إلى خمسة آلاف ريال وأكثر وسجن عدة أشهر وبالتالي فان قيادة السيارات في البحرين أكثر أمانا والحوادث بأقل نسبة ممكنة . نعود للتدخين والمدخنين الذين ابتلينا فيهم ، ففي أمريكا من يريد أن يدخن فانه يعطى بضع دقائق من عمله لكي يخرج خارج البنايات ويدخن على زواياها في الشوارع كالمنبوذين ، فالرسالة واضحة إذا أنت مبتلى فلا تبتلي غيرك بهذه الآفة المسرطنة التي تقود إلى معظم الإمراض الخطيرة من سرطانات في الصدر والبلعوم والفم والمعدة والقرحات إلى تصلب لشرايين القلب وتعريضه للسكتات القلبية المفاجئة إلى غيرها من الأمراض والروائح الكريهة التي تنفر كل من يجلس أو يتحدث أو يعاشر هذا المدخن أو تلك المدخنة . شركات التبغ تعاني من عزلة ومحاكمات قضائية لتعويض ضحاياها بالملايين بل وبمئات الملايين من الدولارات في بلدانها ومازالت إلى الآن تتفنن في استخدام علم النفس الصناعي في تصميم أشكال العلب وألوانها وحجم السجائر من النحيفة إلى الإشارة إلى أن نسب النيكوتين متدنية؟!! وبخاصة أن التي ترسل للدول النامية والأقل نموا «زبالة التبغ الرديء جدا» ، فالسجائر المصنعة في الدول الأوروبية وأمريكا مختلفة جدا من حيث الجودة ولو أن الجودة في الأصل مفقودة في كلتا الحالتين . في مجتمعنا يجب أن تطبق الغرامة ليس فحسب في المطارات بل يجب أن تطول الدوائر الحكومية والخاصة والحدائق العامة والمطاعم والمقاهي ومنع الشيشة والمعسل الأشد خطرا من التدخين في المقاهي وحظر بيعها في المحلات التجارية . الأمراض الناتجة من التدخين والتي تهدد الصحة العامة وتلوث البيئة تكلف المجتمع بلايين الريالات إلى جانب تقصير أعمار المدخنين وبالتالي يخسرهم المجتمع الذي تعب عليهم ، فالمبالغ التي تصرف من قبل المجتمع على علاج الأمراض والسرطانات وغيرها التي يخلفها التدخين بالمليارات من الريالات وهذا ليس فيه مبالغة فالدراسات والأبحاث أثبتت التكاليف الباهظة التي يخسرها المجتمع على هذه الآفة الخطيرة . نحن ككتاب وإعلاميين ومتعلمين ومثقفين علينا مسؤولية تنوير المجتمع وتوعيته ليس فحسب في التدخين وويلاته ومصائبه بل بكل شيء نستطيع أن نوعي وننهض بمجتمعنا ، وتتضاعف المسؤولية عندما نكون متخصصين ومتعلمين تعليما عاليا، ولكن حتى تكون لنا مصداقية فانه ينبغي أن لا نطبق قول الشاعر : « لا تنه عن خلق وتأتي بمثله...... عار عليك إذا فعلت عظيم « ، بل علينا أن نبدأ بأنفسنا وأسرنا لأن كل شخص مسؤول عن أسرته وعليه إصلاحها وعندما نصلح أسرنا فان المجتمع بأسره سوف يصلح ، بعبارة أخرى أننا لا نمارس عادة التدخين والشيشة والمعسل وغيرها في منازلنا أمام أطفالنا وننهاهم عن التدخين وان لا نكتب في الصحف أعمدة ومقالات ونحن نمارس هذه العادة السيئة. نخلص إلى القول أننا نريد المزيد من القرارات من مجلس وزرائنا الموقر ليكون المنع والتطبيق والغرامة والعقوبة تطول كل إنسان يدخن في الأماكن العامة وليس المطارات فحسب حفاظا على صحة المواطنين والمقيمين وعلى الأموال التي يخسرها المجتمع لمعالجة من ابتلاه الله بالأمراض الفتاكة جراء التدخين ثم يحملنا كمجتمع مسؤولية معالجته وقديما قيل : «يا من شرى له من حلاله علة «.