14.4 مليار ريال إنفاق نقاط البيع بأسبوع    استعراض الأمن السيبراني السعودي أمام العالم    الاحتلال يتجاهل التحذيرات ويسيطر على معبر رفح    أوكرانيا تعلن إحباط مخطط روسي لاغتيال زيلينسكي    البحث عن المفقودين في ركام مبنى مميت جنوب أفريقيا    10 آلاف ريال عقوبة الحج دون تصريح    الشورى للأرصاد: تأكدوا من جاهزية البنية قبل "الاستمطار"    "إثراء" يدعم 15 فيلمًا سعوديًا    "ذهبية" لطالب سعودي لاختراع تبريد بطاريات الليثيوم    بدء التسجيل ب"زمالة الأطباء" في 4 دول أوروبية    الحوار الإستراتيجي الثاني للتنمية والمساعدات الإنسانية بين المملكة وبريطانيا يختتم أعماله    «سلمان للإغاثة» يوزع 6.500 سلة غذائية للمتضررين في قطاع غزة    29 ألف م3 مخلفات بناء برفحاء    600 متخصص و45 متحدثاً وخبيراً دوليّاً في المؤتمر الدولي للتدريب القضائي بالرياض    الخارجية: المملكة تدين اعتداء مستوطنين إسرائيليين على قافلة مساعدات متوجهة لغزة    ملك المغرب يستقبل الأمير تركي بن محمد بن فهد    الأول بارك يستقبل موقعة الأخضر والنشامى    اقتباس مسرحية وفيلم لخيوط المعازيب    القبض على 3 أشخاص بعسير لترويجهم 86 كجم "حشيش"    مدرب الهلال: الجانب البدني حسم مواجهة الأهلي    المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط: يجب إنهاء التوغل الإسرائيلي في رفح    إمهال المدن الترفيهية حتى 31 يوليو لتصحيح أوضاعها    الآسيوي يوقف لابورت ويحيى وكانتي وحمدالله    أمير تبوك يستقبل مدير الخدمات الصحية بوزارة الدفاع    ديميرال: لعبنا 60 دقيقة فقط أمام الهلال    انطلاق أعمال مؤتمر المنظمة الدولية للدفاع المدني 2024 بالرياض    أمير الرياض يقلد مدير جوازات المنطقة رتبته الجديدة    إطلاق خدمة "أجير الحج" للعمل الموسمي    الريال وبايرن ميونيخ.. صراع التأهل لنهائي الأبطال    العُلا تنعش سوق السفر العربي بشراكات وإعلانات    الرحيل الثقيل لرائد الشعر الحداثي    4.7 ألف طالب ينضمون ل"فصول موهبة"    مطار الملك خالد الدولي يدشّن مسارا جويا مباشرا إلى بكين بواقع 3 رحلات أسبوعية    أمير الشرقية يستقبل ضيوف الاثنينية و يدشن مقر الجمعية التعاونية الاستهلاكية    تطوير المدينة تستعرض مواقع التاريخ الإسلامي في معرض سوق السفر 2024    اهتمام عالمي بصعود القادسية إلى دوري روشن السعودي    تعليم الطائف يحقق المركز الأول في دوري الفيرست ليغو 2024    أمير تبوك يستقبل المواطنين في اللقآء الأسبوعي    الأمر بالمعروف في جازان تفعِّل المصلى المتنقل خلال مهرجان الحريد    ولي العهد يعزي رئيس الامارات بوفاة الشيخ طحنون    وزير الدفاع يرعى تخريج طلبة الدفاع الجوي    عقوبات مالية على منشآت بقطاع المياه    «الدون» في صدارة الهدافين    مؤتمر لمجمع الملك سلمان في كوريا حول «العربية وآدابها»    استقبل أمين عام مجلس جازان.. أمير تبوك: المرأة السعودية شاركت في دفع عجلة التنمية    لصان يسرقان مجوهرات امرأة بالتنويم المغناطيسي    هل تتلاشى فعالية لقاح الحصبة ؟    وزير الحرس الوطني يستقبل قائد القطاع الأوسط بالوزارة    اختتام "ميدياثون الحج والعمرة" وتكريم المشروعات الفائزة والجهات الشريكة    استمرار الإنفاق الحكومي    اكتشاف الرابط بين النظام الغذائي والسرطان    إنفاذًا لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد.. وصول التوأم السيامي الفلبيني «أكيزا وعائشة» إلى الرياض    بكتيريا التهابات الفم تنتقل عبر الدم .. إستشاري: أمراض اللثة بوابة للإصابة بالروماتويد    الحرب على غزة.. محدودية الاحتواء واحتمالات الاتساع    وحدة الأمن الفكري بالرئاسة العامة لهيئة "الأمر بالمعروف" تنفذ لقاءً علمياً    هيئة الأمر بالمعروف بنجران تفعّل حملة "الدين يسر" التوعوية    في نقد التدين والمتدين: التدين الحقيقي    100 مليون ريال لمشروعات صيانة وتشغيل «1332» مسجداً وجامعاً    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القرصنة للمرة الألف؟
نشر في المدينة يوم 09 - 08 - 2018

بعض الصدف تهزنا عميقًا، وتدفع بنا إلى طرح الأسئلة الكبيرة التي لا نملك حيالها الكثير.. تساءلت وأنا أقف أمام بسطة الكتب في أصيلا (شمال المغرب)، أقلب في رواياتي المعروضة للبيع، دون أن أفهم جيدًا ما كان يحدث أمامي؟ كتبي وليست كتبي؟ ماذا ينتابك وأنت ترى عددًا كبيرًا من رواياتك مقرصنة، تباع أمام عينيك بشكل غير قانوني. مجرد سؤال؟ لأن العملية ليست جديدة ولا بسيطة.. فقد رأيت ذلك في أمكنة كثيرة من العالم العربي، في القاهرة، في عمان، في فلسطين، في سوريا (كما أخبرني الكثير من الأحبة هناك)، في السودان، في بغداد، وفي غيرها، حتى أنك تضطر أحيانًا لتوقيعها لقارئة قصدتك وهي غير معنية بالقرصنة، يهمها الكتاب وتوقيعك، كما حدث معي في معرض عمان لدرجة أن أغضبت ناشري لأني وقعت رواية مقرصنة؟ لا أبحث هنا على أي مبرر للقراصنة، المسألة من الناحية الأخلاقية والقانونية، لا غبار عليها، القرصنة عمل مشين يستولي صاحبها علانية على جهد ليس له.. أفهم هذا جيداً.. لكن يظل السؤال معلقًا؟ هل تفرح لأن كتبك تباع بشكل واسع، ولها قراؤها من الفقراء الذين لا يمكنهم موضوعيًا تحمل سعرها الرسمي في الطبعات اللبنانية على وجه التحديد؟
قد تتخذ وقتها موقفًا حياديًا وكأن الأمر لا يخصك، ما دامت رواياتك تصل إلى قرائك.. ثم، لنكن صريحين قليلاً، من منا من لم يشتر قرصًا مضغوطًا به برمجيات الويندوز الجديد مثلاً؟ أو قرصًا غنائيًا.. كنا نجد المبررات الكافية لفعلتنا: من حق العالم الثالث أن يتثقف.. ومع ذلك، تظل المسألة الأخلاقية ماثلة مهما كانت المبررات والأسباب..
أليس حلم أي كاتب كائنًا من كان هو الوصول إلى قرائه في كل الأصقاع العربية، والعالمية إن أمكن؟ أم تحزن بعمق ولا تقبل بهذا الاحتيال والنصب والسرقة التي شرعنها السراق؟ لأن مال رواياتك المقرصنة ينتهي في جيوب القراصنة وليس لمن يستحقه، أَي الأطفال المرضى بالسرطان الذين يفترض أن يستفيدوا من ريع رواياتك؟، هي سرقة موصوفة تحتاج إلى صرامة قانونية.. في أوروبا، مثل هذه الممارسات تنتهي بأصحابها إلى السجن، وهي جريمة كغيرها من الجرائم التي يعاقب عليها القانون.. ماذا عليك أن تفعل في عالم عربي محكوم بالمزاج وليس بالقانون.
كل شيء بدأ هكذا.. كنت في زيارة ثقافية للمغرب الشقيق في طنجة.. وصادف أن كان عندي يوم راحة قبل بدء النشاط، فزرت الصديق الأعز معالي الوزير ورئيس منتدى أصيلة، محمد بن عيسى، والصديق الجميل الروائي الفلسطيني العربي، الكبير، يحيى يخلف، في موسم أصيلة. كنت سعيدًا بالزيارة بعد الغداء معهما وأصدقاء آخرين، خرجت أتجول في المدينة أنا وزوجتي الشاعرة والأكاديمية د. زينب.. مدينة أصيلة، مدينة صغيرة وقسمها القديم ساحر وجوهرة جميلة.. وأنا أستعد للعودة إلى طنجة، تأخرت سيارتي قليلاً، رأيت عند مدخل المدينة القديمة بسطة تعرض كتبًا كثيرة.. لم أملك قدرة المقاومة وتركت السائق الذي وصل، ينتظر.. صاحب البسطة شاب لطيف وجميل وخجول قليلاً.. عرفني وكان مبتهجًا.. تحدثنا عن الروايات الأكثر مبيعًا، ضحك وقادني من يدي وسحبني نحو بعض رواياتي المتوفرة لديه.. عرفت بسرعة أنها مقرصنة.. أغلفتها تغيرت ألوانها، وطارت الردات منها.. طوَّق الياسمين كانت بلون آخر، ونساء كازانوفا بلا ردتين وكأنها فراشة قص جناحاها، أصابع لوليتا لم تبق إلا نسخة بلا غلاف.. ورق كل الروايات أسمر، أقرب إلى ورق الصحف.. قلت له حبيبي هذه كلها نسخ مقرصنة.. سألته عن اسمه من باب الاستئناس فقط.. كان شاباً خجولاً.. شعرت ببعض الخوف يرتسم في عينيه.. عرف سر سؤالي.. قال أنا محمد يا أستاذ واسيني، كتبك لم تقرصن في المغرب، ولكنها أتية من مصر.. مستوردها للمغرب اليوم في السجن، لأن هناك من المكتبيين من تقدم ضده بشكوى.. قلت له لا عليك.. انا مجرد عابر ولست شرطيًا.. رأيت هذا في أمكنة عربية كثيرة زرتها.. ما هي نوعية جمهور قرائك؟ أجاب بمحبة وخجل كبيرين لدرجة شعرت فيها بحرج تجاهه: عمومًا هو جمهور البحارة، الذين بمجرد خروجهم من الشاطئ يأتي الكثير منهم لاقتناء كتاب أو كتابين.. جمهور طلابي وأساتذة الثانويات.. الجمهور الأضعف ماديًا.. الغريب أغلب قرائك من الحسيمة.. لا أعرف السر.. ثم أضاف: أنا سعيد جدًا أني رأيتك.. اشتريت من عنده نسخة مزورة من طوَّق الياسمين، للذكرى، وربما لأريحه بأني لن أرفع شكوى ضده.. رفض استلام حق الكتاب، لكني أصررت عليه.. لا ذنب له.. يعيش من البسطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.