الذهب يحقق مكاسبه الأسبوعية الخامسة عقب أول خفض لسعر الفائدة    ولي العهد والرئيس الفرنسي يستعرضان «حل الدولتين»    قصف وتفجير روبوتات مفخخة في غزة وسط تعتيم كامل وصمت دولي    المملكة تقدم دعماً اقتصادياً جديداً لليمن بمبلغ 1.38 مليار ريال    النصر يسحق الرياض بخماسية.. الاتحاد يتجاوز النجمة.. تعادل الحزم والفتح    أخضر البادل يختتم الخليجية ب(برونزيتين)    إنزاغي.. مذنب أم ضحية؟!    خدمة رقمية لإيصال المياه للمشاريع    ولي العهد.. نجم السعد    حائل: وكيل وزارة البلديات يطلع على «إتمام»    "الهيئة الملكية للرياض" تعالج الازدحام المروري    صيني يدفع المال لابنته مقابل «رسالة»    رغم قرب التوصل لاتفاق.. إسرائيل تتوغل بريف القنيطرة    الأمم المتحدة تحذر من (دمار).. غوتيريش: يجب أن لا يخشى العالم إسرائيل    انتخاب المملكة لعضوية مجلس محافظي «الطاقة الذرية»    15 مليار ريال سوق الأمن السيبراني    تداول يواصل هبوطه الأسبوعي    جيسوس يساند لاعبه وسط الانتقادات    ولي العهد يهنئ إيدي راما بأدائه اليمين رئيساً لوزراء ألبانيا    تعادل الحزم والفتح سلبياً    ابن زيدان يفاجئ والده ويحمي عرين الجزائر    أخضر الناشئين يكسب البحرين برباعية في كأس الخليج    بحضور أمراء ورجال أعمال .. بن داوود والعبدلي يحتفلان بعقد قران عبدالعزيز    16 مليون شخص يتابعون « الشمس المكسوفة»    آل العطار يزفون أحمد ويوسف    مبادرة كنوز السعودية بوزارة الإعلام تطلق المسلسل الكرتوني "الرهيبين"    إعلان الفائزين بجوائز«صناعة الأفلام»    مي كساب:«اللعبة 5» موسم مختلف    40 فعالية في احتفالات اليوم الوطني بمركز«إثراء»    395 مليون ريال لتنفيذ مشروعات تطويرية لمساجد المدينة المنورة    فعاليات في جامعة الملك خالد عن سلامة المرضى    استخدام تقنية دقيقة ومتقدمة تسهم بإنقاذ مريض مصاب في حادث سير    اليمامة الصحفية تنظم فعالية التطعيم ضد الأنفلونزا الموسمية    الصحة: 96% من مرضى العناية لم يتلقوا «اللقاح»    قلة النوم ترفع الضغط وتزيد مخاطر السكتات    69% تراجع بقضايا المزادات العقارية    خطيب المسجد الحرام: استحضروا عظمة الله وقدرته في كل الأحوال    إمام المسجد النبوي: من أراد الهداية فعليه بالقرآن    اليوم الوطني المجيد والمرونة التي تحفظ الوطن وتعزز أمنه    نائب أمير منطقة القصيم يستقبل محافظ الأسياح وفريق أبا الورود التطوعي    المملكة تُخفّف معاناة المحتاجين    نائب أمير الشرقية يرأس اجتماع مجلس هيئة تطوير الأحساء    نائب أمير تبوك يكرّم الفائزين بجائزة صيتة    شرطة الرياض تقبض على (3) أشخاص لاعتدائهم على آخر    كسوف جزئي نادر غير مرئي عربيا    201 مبتعث ومبتعثة في نخبة جامعات كندا    ضمان الزواج    ولي العهد والرئيس الفرنسي يناقشان نتائج مؤتمر حل الدولتين وتفعيل الجهود الدولية    1.380 ميار ريال دعم سعودي جديد لليمن    جائزة اليونسكو الفوزان الدولية تعلن عن أسماء الفائزين في النسخة الثانية    «الداخلية»: العلم السعودي .. مجدٌ متين .. وعهدٌ أمين    الجدية في طلب العلم النهوض وميزان الحضارة    واجبات ومحظورات استخدام علم المملكة    أثر الحوار في تعزيز المشاركة لدى طلاب الثانوي    الرويلي يشهد حفل تخريج دورة التأهيل العسكري للأطباء الجامعيين ال 12 من طلبة كلية الأمير سلطان العسكرية للعلوم الصحية بالظهران    نائب أمير تبوك يكرم تجمع تبوك الصحي لحصوله على جائزة أداء الصحة في نسختها السابعة    أمير جازان يرأس اجتماع اللجنة الإشرافية العليا للاحتفاء باليوم الوطني ال95 بالمنطقة    إطلاق مبادرة تصحيح أوضاع الصقور بالسعودية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلاّمة والفقيه النسّابة الشيخ محمّد بن عبدالله بن مانع (1)
بقلم : عبدالله بن بسام البسيمي*
نشر في الجزيرة يوم 05 - 02 - 2006

نسبه وأسرته: هو الشيخ العالم العلامة محمد بن عبدالله بن محمد بن إبراهيم بن مانع بن إبراهيم بن حمدان بن محمد بن مانع بن شبرمة الوهيبي الحنظلي التميمي نسباً، الأشيقري ثم العنيزي بلداً.
قال الشيخ عبدالله البسام: (آل مانع أسرة كبيرة يرجع نسبهم إلى شبرمة ثم هم من آل محمد بن علوي بن وهيب ، فهم من الوهبة من بني حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم).
وقد برز من أفراد هذه الأسرة قبل المترجم وبعده عدد من العلماء نذكر منهم:
1 - الشيخ محمد بن مانع بن شبرمة - الجد الأعلى لأسرة المترجم - من علماء القرن العاشر الهجري، وهو شيخ إسماعيل بن رميح قاضي القارة بسدير.
2 - الشيخ عبدالله بن مانع، من علماء القرن الحادي عشر الهجري.
3 - الشيخ أحمد بن مانع بن إبراهيم بن مانع (ت 1186 ه).
مولده ونشأته:
ولد في بلدة أشيقر موطن عشيرته الوهبة في حدود سنة 1210ه ونشأ نشأة حسنة في الديانة والنزاهة والعفاف.
طلبه للعلم ومشايخه:
حفظ القرآن عن ظهر قلب في صغره وشرع في طلب العلم على علماء أشيقر حتى أدرك، ثم رحل إلى بلدة شقراء وغيرها للأخذ عن العلماء، فكان من مشايخه الكبار:
1- الشيخ الورع الزاهد عبدالعزيز بن عبدالله الحصيّن (ت 1237ه) قاضي بلاد الوشم.
2- وأخذ كذلك عن الشيخ أحمد بن حسن بن رشيد العفالقي الأحسائي (ت 1257ه)، وقد أجاز المترجم له بالإجازة التالية: (بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله مجيب السائلين ومجير الوافدين والصلاة والسلام على من أوصى بالطالبين للعلم من الغرباء وأهل الدين وبعد فهذا عوض ما تلف من إجازة المذكور بخير المسمى محمد بن عبدالله بن مانع النجدي الحنبلي وذلك أني أجزته بجميع ما تجوز لي روايته وأجازني به مشايخي الأحسائيين والبغداديين والشاميين والمدنيين والمجاورين والقاطنين والمكيين والمغربيين وغيرهم من أهل الأقطار من جميع العلوم النقلية والعقلية، خصوصاً العلوم التفسيرية والحديثية وأصليهما وفقه المذاهب الأربعة خصوصاً الطائفة الحنبلية هذا ما تيسر في حال المرض وغيره إن سمح الزمان وصح الأجل فلنا فيه أمل وإلا ففيه غاية. قال ذلك وأملاه فقير ربه العلي أحمد بن حسن بن رشيد الحنبلي وكتبه محمد بن إبراهيم بن سيف من إملاء الشيخ أحمد المذكور وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم).
3- الشيخ العلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبا بطين (ت 1282ه) حينما عاد مرة أخرى إلى شقراء إماماً فيها وقاضياً في بلدان الوشم عام 1239ه، فلازمه المترجَم ملازمة تامة فقرأ عليه واستفاد منه وتزوج ابنته فقويت أواصر المحبة بينهما وصار لا يفارقه إلا وقت النوم واختص به كأنه أحد أبنائه. وفي عام 1251ه انتقل شيخه أبا بطين إلى عنيزة قاضياً فانتقل المترجَم معه بأهله وأولاده، ونزل في عنيزة واتخذها له بلداً إلى أن توفي فيها. وقد قرأ على شيخه كثيراً من كتب التفسير والحديث والتوحيد والفقه وأصول الفقه، والنحو حتى شارك في كل هذه العلوم ومهر.
وبعدما عاد شيخه المذكور إلى شقراء قاضياً مرة أخرى سنة 1270ه لم ينقطع عن طلب العلم عليه فكان يراسله فيما أشكل عليه من المسائل، وقد ورد في (مجموع الرسائل والمسائل النجدية - الجزء الثاني) تسع رسائل من المترجَم والجواب عليها من شيخه المذكور.
شمائله وثناء العلماء عليه:
كان ذا خلق جم أثنى عليه علماء عصره ومن بعدهم ثناء عاطراً، قال الشيخ محمد بن حميد (ت 1295ه) عنه: (نزل عنيزة وأحبه أهلها وأكرموه إكراماً لم يعهد لغيره من الغرباء لحسن أخلاقه وملاطفته وتحببه إلى الخاص والعام ، ومسايرته للناس على اختلاف مآربهم وتباين مشاربهم، فما كان يغضب إلا نادراً، ولا يؤاخذ بالجفوة، ولا يعاتب على الهفوة، وكان ذكياً زكياً أديباً أريباً عاقلاً فاضلاً، مكرماً للغرباء مؤنساً لهم، خصوصاً طلبة العلم منهم، فقل أن يرد عنيزة غريب أريب إلا ويستدعيه إلى بيته ويضيفه، ويتحفه بشيء ويجبر خاطره، فيصدرون شاكرين له مثنين عليه وصار له بسبب هذا في غالب جزيرة العرب وما والاها ذكر حسن وثناء شائع).
وقال في موضع آخر: (الشيخ الفاضل والسابق إلى المكرمات والفضائل)، وقال أيضاً في رسالة خاصة: (الشيخ الأجل والأمجد الأنبل). قال الشيخ محمد الفنتوخ (ت 1322ه): (الشيخ الفقيه محمد بن عبدالله بن مانع رحمه الله تعالى). وقال عنه المؤرخ الشيخ إبراهيم بن صالح بن عيسى (ت 1343ه): (الشيخ العالم الفاضل). وقال عنه محمد حسني العامري المصري: (العالم العامل صاحب اليد الطولى بكل فن).
وقال تلميذه الشيخ مبارك بن مساعد:
كذا العالم الفرد الذي قد أناله
إله البرايا سؤدد العلم والمجد
محمد المانع عن الجهل نفسه
ومنهلها صبراً وشكراً لذي الحمد
وقال تلميذه الشيخ محمد بن عبدالكريم بن شبل في إجازته للعلامة الكويتي الشيخ عبدالله بن خلف الدحيان المؤرخة سنة 1325 ه: (واشتغلت كثيراً على شيخنا الورع الشيخ محمد بن عبدالله بن مانع). وقال عنه الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن جاسر (ت 1401ه): (الشيخ العالم النحرير)، وقال عنه أيضاً: (الشيخ الفاضل والمحقق المدقق الكامل). وقال عنه الشيخ إبراهيم بن عبيد: (الشيخ العالم العلامة الفاضل)، وقال عنه أيضاً: (ناهيك برجل شيخه أبو بطين علماً وورعاً وزكاء وذكاء). وقال عنه الشيخ صالح بن سليمان العمري: (العلامة أبو العلماء وجدهم).
اهتمامه بالتاريخ والأنساب:
المترجم علاّمة في التاريخ والأنساب وله فيهما اطلاع واسع، وهو من العلماء الثقات الأمناء لذا اعتمد على مدوناته في الأنساب بعض العلماء وأثنوا عليه، فمن ذلك ما قاله عنه الشيخ محمد بن حميد: (وكان مطلعاً في عِلْمِي على التاريخ والأنساب، القريبة والبعيدة، ومنه فيهما استفدت وعلى نقله اعتمدت). كما أفاد منه الشيخ النسابة إبراهيم بن صالح بن عيسى كما صرح بذلك مراراً في مدوناته. وقال الشيخ عبدالله البسام: (المترجم هذا علامة بالأنساب).
وقال عنه الدكتور عبدالرحمن العثيمين: (الشيخ المترجم علامة في معرفة الأنساب لا سيما أنساب عشيرته الوهبة من تميم).
مؤلفاته:
قال الدكتور العثيمين في مقدمة تحقيقه ل(السحب الوابلة) عن المترجم: (لم يؤثر عنه تأليفاً، شأن كثير من علماء نجد - رحمهم الله - يؤثرون التدريس والوعظ والإفتاء على التأليف).
قلت: ومع ذلك فللمترجَم جهود في التأليف نذكر من ذلك:
1 - اختصر مجموع المنقور الفقهي المعروف باسم (الفواكه العديدة في المسائل المفيدة)، وتوجد لمختصره نسخة مخطوطة في دارة الملك عبدالعزيز.
2 - اطلع على سلاسل أنساب علماء الوهبة المتقدمين من الأصول القديمة التي بخطوطهم في الوثائق التي كتبوها والكتب التي نسخوها والمخطوطات التي همشوا عليها، والتي وصلوا نسبهم فيها بعقبة بن سنيع بن نهشل بن شداد بن زهير بن شهاب بن ربيعة بن أبي سود بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم. ونقل منها ولم يكتف بذلك بل قام بتوثيق هذه النقول. ومما نقله نسب الشيخ محمد بن أحمد القاضي، ونسب الشيخ سليمان بن علي بن مشرف، ونسب الشيخ أحمد بن إبراهيم بن مشرف، وابنه الشيخ عبدالعزيز، ونسب آل فيروز، وغيرهم.
3 - تقييدات في التاريخ والأنساب، استفاد منها الشيخ محمد بن حميد، ونقل عنها الشيخ المؤرخ إبراهيم بن عيسى، والشيخ عبدالله الجاسر، والشيخ عبدالله البسام، وغيرهم.
4 - رد مختصر قوي على معاصره الشيخ عثمان بن منصور عندما أخطأ في نسب الوهبة وتقول على علمائهم ما لم يقولوه، وقد طبع ضمن أنساب الوهبة الملحق بآخر (تاريخ بعض الحوادث الواقعة في نجد). وتوجد له عدة نسخ مخطوطة.
5 - تهميشات وتعليقات بخطه على العديد من الكتب التي نسخها أو تملكها أو قرأها، لو جُمعت مع ما هو متناثر من فوائده لحصل منها علم جم غزير.
من آثاره وأعماله:
(1) - لما حاصر إبراهيم باشا بلدة شقراء عام 1233ه كان المترجَم إماماً وخطيباً لجامعها. مع وجود كبار العلماء فيها أمثال الشيخ الحصيّن.
(2) - كان مولعاً بكتب الشيخين ابن تيمية وابن القيم. وكان حافظاً لنونية ابن القيم وله معرفة جيدة بمعانيها.
(3) - نسخ بخطه عدداً من الكتب منها كتاب (بيان السنة والجماعة) المعروف بالعقيدة الطحاوية، نسخها سنة 1226ه، وكذلك نسخ (بدائع الفوائد )، لابن القيم، و(ذيل طبقات الحنابلة)، لابن رجب وغيرها. كما أن له تملكات بخطه على عدد من الكتب اطلعت منها على: (مختصر جمهرة النسب)، لابن الكلبي، و(مرشدة الطالب إلى أسنى المطالب) لابن الهائم، وكذلك منسك الشيخ سليمان بن علي، وغيرها.
(4) - كان من عادته - رحمه الله - التهميش على ما يطلع عليه من مخطوطات، قال عنه الشيخ محمد بن حميد: (وكان حسن الخط مضبوطة، كثير التصحيح والتحرير والضبط والتهميش غالب مقروءاته مهمشة بخطه محررة بضبطه).
فمن ذلك نسخة من متن (الإقناع) لموسى الحجاوي عليها حواشي كثيرة كتبها المترجَم وفي نهايتها ما يلي: (بقلم محمد بن عبدالله بن محمد بن إبراهيم بن مانع الوهيبي التميمي النجدي الحنبلي السلفي اعتقاداً على شيخنا العلامة عبدالله بن عبدالرحمن أبا بطين أمتعنا الله بحياته وذلك في مجالس كان آخرها يوم الاثنين الأول من شهر ذي الحجة عام 1258).
وقد اطلعت على الجزء الثالث من (كشاف القناع شرح الإقناع) لمنصور البهوتي، كتب المترجَم على صفحة العنوان أنه وقف على طلبة العلم من الحنابلة كما يوجد على بعض هوامشها تعليقات بخطه، كما اطلعت على تعليقات في الهوامش بخطه على منسك الشيخ سليمان بن علي. ورأيت بخط الشيخ محمد الفنتوخ مسائل فقهية على هامش نسخة مخطوطة من كتاب: (دليل الطالب) قال الشيخ الفنتوخ في آخر الهامش: (انتهى من خط الشيخ الفقيه محمد بن عبدالله بن مانع رحمه الله تعالى).
(5) - عُرض عليه تولي منصب القضاء فأبى تورعاً، قال الشيخ عبدالله البسام: (وقد عُرض عليه قضاء عنيزة لما تركه شيخه عبدالله أبا بطين فرفضه).
(6) - اطلعت على وثائق بخطه كتبها في كل من أشيقر وشقراء وعنيزة في موضوعات مختلفة كالمبايعات والوصايا والشهادات والمراسلات وغيرها.
(7) - له تواصل وعلاقات قوية مع عدد من العلماء وطلبة العلم، فمنها العلاقة القوية والصداقة الحميمة بينه وبين إمام جامع أشيقر الشيخ محمد بن عبداللطيف الباهلي (ت 1278ه) فالكل منهما نشأ في بلدة أشيقر. وقد اطلعت على عدد من الوثائق في أشيقر اشترك في كتابتها كلا الشيخين حيث يكتب أحدهما بينما الآخر يعلق عليه، والعكس كذلك، كما رأيت عدداً من الوثائق يكونان شاهدين فيها مع بعضهما.
ومن ذلك أيضاً صداقته مع الشيخ أحمد بن علي بن دعيج قاضي بلدة مرات (ت 1268ه) تبين ذلك في الرسالة الأدبية البليغة التي أرسلها له حيث جاء فيها: (بسم الله الرحمن الرحيم: أهدي سلاماً يفوح شذاه الأعطر وثناء يفوق المسك الأذفر وتحيات تتعطر الأرجاء من طيب شذاها وإجلالات تنير الآفاق من ضوء سناها إلى من تضلع من زمزم العلوم والآداب بأطيبها وأمراها وارتضع من أفاويق درها فأعرض عن الأدناس وحماها المتحلي بحلل الفضائل والمتخلي في طلب العلا عن الشواغل المتحلي كلامه بقلايد العقيان ونظامه ببلاغة قس وفصاحة سحبان ذي الخصال الحميدة المرضية والفايز بالوراثة المحمدية الأخ الصفي والخل الوفي الحبيب النفيس والحسيب الأنيس الشيخ المكرم أحمد بن علي بن دعيج لازالت همته العالية تكتسب الفوايد وعزيمته السامية تقتنص الشوارد متمسكاً من طاعة الله بالسبب الأقوى محروساً بعين الله من كل سوء وبلوى وبعد... إلى أن قال: (لا زلت موفقاً محروساً ولا برح محلك بهجاً آهلاً مانوساً والسلام عايد كما بدا ورحمة الله وبركاته. المحب الداعي محمد بن عبدالله بن مانع).
(8) - له قدرات واضحة في التفاوض وحل المشكلات، ولذا يعتمد عليه بعض أئمة الدولة السعودية وكبار علمائها، فمنها سفره إلى مدينة (بوشهر) في إيران، للتفاوض مع المقيم السياسي البريطاني في الخليج نيابة عن الإمام عبدالله الفيصل الذي أرسله للقيام بهذه المهمة، وقد أدلى الشيخ محمد بن مانع بتصريح في 5-12- 1282ه ذكر فيه أنه يؤكد للحكومة البريطانية نيابة عن الإمام عبدالله الفيصل أن الإمام لن يتعرض لأي من الرعايا البريطانيين الذين يقيمون على الأراضي الواقعة تحت سيادته، ولن يهاجم أراضي القبائل العربية المتحالفة مع الحكومة البريطانية وخاصة في مملكة مسقط فيما عدا تحصيل الزكاة حسبما جرت العادة به. كما شارك في لجنة النظر في أوقاف مسجد الجبري في الهفوف والتي شكلت عام 1283ه بأمر الإمام عبدالله الفيصل والعلامة عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ (ت 1285ه).
أولاده:
له عدد من الأبناء منهم ثلاثة صاروا علماء قضاة، ولذلك قال الشيخ عبدالله البسام: (يصلح أن يطلق عليه أبو الفقهاء). وهم:
أ) الشيخ عبدالرحمن: قاضي القطيف، توفي في حياة والده سنة 1287ه.
ب) الشيخ عبدالعزيز: ولد سنة 1263 ه، وتولى قضاء عنيزة، وتوفي سنة 1307ه، له من الولد الشيخ محمد المتوفى سنة 1385ه الذي تولى منصب مدير المعارف وله عقب.
ج) الشيخ عبدالله: ولد سنة 1284ه، وتولى قضاء عنيزة، وتوفي سنة 1360ه، وله عقب.
د) يوسف: وهو شاعر له ديوان شعري، وقتل في معركة المليدا سنة 1308ه.
تلاميذه:
أخذ عنه العلم بالإضافة إلى أبنائه، الشيخ صالح بن عبد الله البسام (ت 1307ه)، والشيخ مبارك بن مساعد آل مبارك (1316ه تقريباً)، والشيخ محمد بن عبدالله بن ناصر (ت 1340ه)، والشيخ محمد بن عبدالكريم بن شبل (ت 1343ه)، وغيرهم.
قال الشيخ عبدالله البسام عن المترجَم: (كان له حلقة كبيرة يدرس فيها العلوم الشرعية والعربية، وانتفع به خلق كثير).
وفاته:
توفي في عنيزة ليلة الأحد التاسع عشر من جمادى الآخرة سنة 1291ه ودفن في مقبرة الطعيمية. رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته، ولقد أسف الناس لفقده ورثوه فكان ممن رثاه تلميذه الشيخ صالح بن عبدالله البسام بقصيدة منها:
أيا قلب دع تذكار سعدى فما يجدى وأيام أنس سالفات بذى الرند
وممّا شجاني أن قضى حتف انفه
محمّد المحمود في العلم والزهد
عنيت به الحبر الجليل ابن مانع
ومن هو في دنياه عاش على الحمد
لقد كان بحراً للعلوم وعارفاً
وفي علمه يهدي إلى منهج الرّشد
وقد كان في أمر العبادة يحتذي
مسالك للأسلاف كانوا على قصد
وقد كان لي شيخاً نصوحاً بعلمه
صدوقاً لفعل الخير يهدي ويستهدي
ولازمته منذ سنين عديدة
فلم أره إلاّ على سالف العهد
ولست بناس ما حييت لصاحب
صفوح عن الزّلاّت خال من الحقد
سأبكيه ما جاء الحديث بذكره
بكاء محبّ للحبيب على فقد
ويبكيه أهل العلم قاطبة لدى
مباحث علم عن غوامضها يبدي
جزاه إله العالمين برحمة
ينال بها المطلوب في جنّة الخلد
الهوامش:
(1) يراجع في ترجمته: (السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة : 3/954)، (عقد الدرر فيما وقع في نجد من الحوادث: 72)، (تذكرة أولى النهى والعرفان: 1/210)، (علماء آل سليم وتلامذتهم وعلماء القصيم: 2/484)، (مشاهير علماء نجد وغيرهم :240)، (علماء نجد خلال ثمانية قرون: 6/212)، (تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق: 154)، (تسهيل السابلة لمريد معرفة الحنابلة: 3 / 1711)، (أعلام تميم: 496)، (نزهة الألباب في تاريخ مصر وشعراء العصر ومراسلات الأحباب: 144) ط 1314 ه وغيرها.
ولهوامش الترجمة والاطلاع على نماذج أخرى من خط المترجم راجع (العلماء والكتاب في أشيقر: 2/3-28) لكاتب هذه الترجمة، وقد أضفت هنا معلومات عديدة استجدت بعد طبع الكتاب، وأخرى فاتني ذكرها هناك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.