أعرفه رجلاً مستقيماً وفاضلاً ولكنه عصبي جداً، وكان غضوباً إذا رأى أي شيء يعتقد أنه غلط أو غير سوي توسعت حدقتا عينيه وبانت عروقه وفقد صوابه، وقد ناقشته ذات مرة فاشتكى لي وقال أنا أعاني من هذا المرض. وكان ينصحني ويقول لي: لا تغضب لأن الغضب مرض خطير قد يقودك إلى نهاية تعيسة أما بمصيبة أو كارثة.. ولو تسأل من هم خلف القضبان في السجون لقالوا إن بداية الأمر كانت كلمة بسيطة وتفاقمت وغضب أحدهم ورد الآخر وصار كذا وكذا وانتهت بمأساة منهم من ينتظر القصاص والآخر المؤبد عافانا الله وإياكم لنتأمل حديث النبي صلى الله عليه وسلم عندما أتاه رجل وقال (أوصني يا رسول الله قال: لا تغضب.. قال أوصني قال: لا تغضب.. قال: أوصني.. قال: لا تغضب..) أي الأمر ليس بالبسيط حاول أن تتطبع بالحلم وتدرِّب نفسك على ألا تغضب وأن تضبط أعصابك وهنا المواقف هي المقياس والتي تثبت ما إذا أنت حليم أم مندفع.. وأخبرني صديق بقصة أن شيخ علم يقود سيارته ومعه طلبته وحدث أن اندفعت سيارة الشيخ على أحد السائقين بأن انحنى تجاهه بالسيارة وقدَّر الله أن نجا وسلم بأعجوبة فأتى بجوار الشيخ وانزل النافذة وقال للشيخ: أنت ما تشوف أنت حمار؟ فرد الشيخ وقال : لا.. ومضى كل في طريقة فطاش غضب الطلاب وقالوا قف يا شيخ نؤدبه على ألفاظه القذرة.. فقال الشيخ بأدب وحلم أنا غلطت عليه وسألني قال أنت حمار فرددت على السؤال: لا.. أنا لست حماراً وانتهت القضية وابتسم الشيخ في وجه الطلبة!! الله.. الله على الأسلوب الرائع والتربية شيء جميل.. وأختم هنا بقصة جميلة.. قصة ل(رناش النورس) يقول: كان هنالك ولد عصبي وكان يفقد صوابه بشكل مستمر فأحضر له والده كيساً مملوءاً بالمسامير وقال له يا بني أريدك أن تدقَّ مسماراً في سياج حديقتنا الخشبي كلما اجتاحتك موجة غضب وفقدت أعصابك.. وهكذا بدأ الولد بتنفيذ نصيحة والده فدقَّ في اليوم الأول 37 مسماراً ولكن إدخال المسمار في السياج لم يكن سهلاً فبدأ يحاول تمالك نفسه عند الغضب وبعدها.. وبعد مرور أيام كان يدق مسامير أقل بأسابيع تمكن من ضبط نفسه.. وتوقف عن الغضب وعن دقّ المسامير فجاء إلى والده وأخبره بإنجازه ففرح الأب بهذا التحول وقال له ولكن عليك الآن يا بني باستخراج مسمار لكل يوم يمر عليك لم تغضب به وبدأ الولد من جديد بخلع المسامير في اليوم الذي لا يغضب فيه حتى انتهى من المسامير في السياج فجاء إلى والده وأخبره بإنجازه مرة أخرى فأخذه والده إلى السياج وقال له يا بني إنك حسناً صنعت، ولكن انظر الآن إلى تلك الثقوب في السياج هذا السياج لن يكون كما كان أبداً، وأضاف عندما تقول أشياء في حالة الغضب فإنها تترك آثاراً مثل هذه الثقوب في نفوس الآخرين، تستطيع أن تطعن الإنسان وتخرج السكين ولكن لن يهم كم مرة تقول أنا آسف لأن الجرح سيظل هناك. [email protected]