تنمية جازان تفعل برنامجًا ترفيهيًا في جزر فرسان    الإيرادات تقفز بأرباح "تداول" 122%    رونالدو: لا أركض وراء الأرقام القياسية    أجواء "غائمة" على أجزاء من 5 مناطق    المملكة تعين وتروي المحتاجين حول العالم    "ميدياثون الحج والعمرة" يختتم أعماله    اللحوم والبقوليات تسبب "النقرس"    السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة منظمة التعاون الإسلامي وتطويرها    القبيلة.. وتعدد الهويات الوطنية    «الجمارك»: استيراد 93,199 سيارة في 2023    «السبع» تتخلى عن مصادرة أصول روسيا    بأمر خادم الحرمين.. تعيين 261 عضواً بمرتبة مُلازم تحقيق في النيابة العامة    «المظالم» يخفض مدد التقاضي و«التنفيذ» تتوعد المماطلين    الأرصاد: توقعات بهطول أمطار على أجزاء من منطقة الرياض    السعودية.. دور حيوي وتفكير إستراتيجي    «مهندس الكلمة» عاصر تحولات القصيدة وغيَّر أبعاد الأغنية    البدر «أنسن العاطفة» و«حلّق بالوطن» وحدّث الأغنية    يسله وجيسوس يحذران المهددين من «الإنذارات»    أنقذوا «سلة الحقيقة»    عضوية فلسطين بالأمم المتحدة.. طريق الاستقلال !    لا تظلموا التعصب    «كاكا» الصباغ صرخة سينمائية مقيمة    معالي الفاسد !    مجلس الشؤون الاقتصادية يشيد بالنمو المتسارع للاقتصاد الوطني    أبعاد تنموية    الهلال يستأنف تدريباته استعداداً لمواجهة الأهلي    الطائي يتعادل مع الخليج سلبياً في دوري روشن    بتنظيم وزارة الرياضة .. "الأحد" إقامة المؤتمر الدوري للقطاع الرياضي    القيادة تعزي رئيس الإمارات وتهنئ رئيس بولندا    مليون وظيفة في «السياحة» عام 2030    وفاة صاحب السمو الملكي الأمير بدر بن عبدالمحسن بن عبدالعزيز آل سعود    رعى حفل التخرج الجامعي.. أمير الرياض يدشن مشروعات تنموية في شقراء    تحت رعاية ولي العهد.. وزير الدفاع يفتتح مرافق كلية الملك فيصل ويشهد حفل التخرج    الذهب يتأرجح مع تزايد المخاوف بشأن أسعار الفائدة    موسكو: «الأطلسي» يستعد لصراع محتمل    منح تصاريح دخول العاصمة المقدسة    مفاوضات هدنة غزة.. ترقب لنتائج مختلفة    الأمم المتحدة تغلق ممر المساعدات إلى دارفور    مركز الملك سلمان يواصل مساعداته الإنسانية    تقدير الجهود السعودية لاستقرار السوق العالمية.. المملكة تعزز تعاونها مع أوزبكستان وأذربيجان في الطاقة    "زرقاء اليمامة".. أول أوبرا سعودية تقدم تفسيراً لإحدى أقدم الأساطير    ملتقى الصقارين ينطلق في الرياض بهدف استدامة هواية الصقارة    رئاسة وزراء ماليزيا ورابطة العالم الإسلامي تنظِّمان مؤتمرًا دوليًّا للقادة الدينيين.. الثلاثاء    70 % نسبة المدفوعات الإلكترونية بقطاع التجزئة    يجنبهم التعرض ل «التنمر».. مختصون: التدخل المبكر ينقذ «قصار القامة»    انطلاق فعاليات «شهر التصلب المتعدد» بمسيرة أرفى    سفير خادم الحرمين في الفلبين يستقبل التوءم السيامي وأسرتهما    طريقة عمل بسكويت النشا الناعم بحشو كريمة التوفي    النملة والهدهد    «ذبلت أنوار الشوارع.. وانطفى ضيّ الحروف»    لا توجد حسابات لأئمة الحرمين في مواقع التواصل... ولا صحة لما ينشر فيها    ضبط مواطن في حائل لترويجه مادة الإمفيتامين المخدر    أمير الجوف يعزي معرّف جماعة الشلهوب بوفاة شقيقه    وزير الخارجية: السعودية تؤكد ضرورة إعادة هيكلة «التعاون الإسلامي» وتطويرها    محمية عروق بني معارض.. لوحات طبيعية بألوان الحياة الفطرية    "الفقه الإسلامي" يُثمّن بيان كبار العلماء بشأن "الحج"    كيفية «حلب» الحبيب !    بيان صادر عن هيئة كبار العلماء بشأن عدم جواز الذهاب للحج دون تصريح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدكتور عبدالعزيز الخويطر: الوزير الحازم والأديب المؤلف الذي فقدناه (الجزء الثاني)
نشر في الجزيرة يوم 02 - 06 - 2014

أما كتاب (وسم على أديم الزمن) للدكتور عبدالعزيز الخويطر:
فإن الدكتور عبدالعزيز الخويطر عندما أصدر الجزء الأول من هذا الكتاب (وسم على أديم الزمن) كان له صدى عظيم وكنت من المعجبين به غاية الإعجاب لذلك كتبت بحثاً عنه نشرته في جريدة «الجزيرة».
ولم أكن أظن أنه سيصدر بعده إلا جزءاً ثانياً منه.
عنوانه: (وسم على أديم الزمن) وتفسير ذلك في جملة (لمحات من الذكريات) والوسم في الأصل هو وضع علامة خاصة على جلد الدابة توضح أنها مملوكة لجماعة معينة من الناس أو قبيلة تسم وسماً خاصاً بها لا يشاركها فيه غيرها.. وذلك بوضع الميسم وهو قضيب دقيق من الحديد على النار ثم كي جلد الدابة به لينطبع ذلك عليه فيكون العلامة المذكورة.
والوسم على الدابة يبقى حتى تموت إلا إذا كان على أذن العنز أو الشاة وكان الوسم مبالغاً فيه بحيث إذا خرق الجلد فإنه قد يتخرق ويذهب.
وكلمة أديم الزمن التي عنون بها الكتاب تعني جلد الزمن على الاستعارة، لأن الأديم هو الجلد.. فكأنما أراد الدكتور الأديب أن يشبه ما كتبه في كتابه بالوسم لكن ليس على جلد دابة يفنى بفنائها، بل على جلد الزمن الذي لا يعلم متى ينقضي إلا الله.
وهذا تعبير أدبي راقٍ واستعارة موفقة لأن الكتب تبقى في خزائن الكتب وفي بيوت الناس إلى ما شاء الله أن تبقى وقد تطبع طبعات جديدة تكون لها بمثابة العمر الجديد.
واشتهر الدكتور عبدالعزيز الخويطر بحرصه على مال الدولة وشدته في شراء ما يريد شراءه لها ومن ذلك الكتب التي تشتريها الوزارة لمكتبات المدارس.
أذكر شاهداً على ذلك وقع لي وهو أنني كتبت للدكتور عبدالعزيز الخويطر وقت أن كان وزيراً للمعارف عرضاً ًلشراء نسخ من كتابين من كتبي وهي من أوائل ما طبعته.
فكتب الدكتور على الطلب: (يُعفى من العرض على اللجنة) وهي لجنة فنية لتقويم الكتب، وبعد شهور قال لي الموظف المسؤول في الوزارة: إن الوزير أمرنا أن نعرض عليك أن توافق على أن يكون سعر الكتاب نصف السعر الذي تقدمت به أي أن أخفض للوزارة 50 % من قيمة الكتابين!
وافقت على ذلك لكن الوزير لم يوافق أيضاً.
هذا والجزء الأول من كتاب الدكتور عبدالعزيز الخويطر (وسم على أديم الزمن) وقع في 410 صفحات سيتلوه طبقاً لما ذكره جزءان هما الثاني والثالث.
والكتاب نفيس، بل غاية في النفاسة لأنه يحكي بصدق وعمق فترة من حياة أديب رقيق الإحساس، صادق التعبير عن فترة مهمة من فترات حياته ونحن في أمس الحاجة إلى معرفة كل ما يتعلق بأدبائنا والنابهين من بني قومنا والدكتور عبدالعزيز الخويطر في مقدمتهم بدون شك.
تحدت المؤلف الخويطر في أوله (من ص 3 إلى ص8) عن سبب تاليف هذا الكتاب وأهم ذلك ما ذكر أن مما يحس به الأديب، بل والإخباري النبيه من أسف على كونه لا يعرف حق المعرفة ما كان عليه أجداده وأسلافهم لكونهم لم يكتبوا تعريفاً بهم وهذا أمر يشعر به كل أديب أو مفكر من بني قومنا في الوقت الحاضر.
ونضيف إلى ذلك أسفاً آخر وهو أن الذين كانوا متعلمين منهم قادرين على الكتابة هم مع قلتهم كان بإمكانهم أن يكتبوا شيئاً مفيداً لنا عن ذلك، لكنهم لم يفعلوا لكونهم لم يدركوا أهمية ذلك في مستقبل الزمان.
إضافة إلى أن الناس كانوا في تلك العصور في فترة كسل فكري، أو لنقل: سببه الجهل بأهمية ما قد يكتبون، وعدم المعرفة بقيمة ذلك عند المتأخرين إذا كتبوه، والانشغال الكبير في طلب المعيشة والرزق.
ثم تحدث الدكتور عبدالعزيز الخويطر عن حياته في مدينة عنيزة ودخل في ذلك إلى الحديث عن والدته ثم عن خالته وعمته، وكل ذلك بأسلوب سلس، وعبارات مفصلة تذكر صغائر الأحداث فيحس القارئ أنها مهمة ويعلق المؤلف عليها حتى يفهم القارئ أهميتها ويغوص في أعماق الأخبار عن الأشخاص الذين ورد ذكرهم في الكتاب.
ثم انتقل إلى الحديث عن انتقاله من عنيزة إلى مكة المكرمة بعد أن بلغ عمره الثالثة عشرة وذلك في حديث واضح وبأسلوب يستهوي القارئ، ويشده إلى الكتاب حتى لا يستطيع أن يتركه حتى يقرأه كله.
وقد بلغ في ذلك إلى (ص58) من الكتاب حيث أشار إلى ذهابه مع بعثة الطلبة السعوديين إلى مصر وأن ذلك كان في عام 1365ه.
ومن مؤلفات الدكتور عبدالعزيز الخويطر:
بعد القول قول:
كتبت تقريظاً لهذا الكتاب في إحدى الجرائد السعودية:
صاحب المعالي الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله الخويطر شغل وظائف عامة رفيعة تتصل بالجمهور وتتعلق بمصالحه لمدة تقرب من خمسين سنة، إذ عين أول الأمر في وظيفة الأمين العام لجامعة الملك سعود في عام 1980م، وما زال حتى وفاته يشغل وظيفة وزارية هي (وزير دولة وعضو مجلس الوزراء)، وذلك امتداد لعمله في الوزارة الذي ابتدأ من تعيينه وزيراً للصحة في عام 1393ه وما يزال في العمل الوزاري من وزير (التربية والتعليم) إلى وزير دولة وعضو في مجلس الوزراء، وهي الوظيفة التي شغلها حتى وفاته.
ومعنى ذلك أنه بقي في منصب وزاري أكثر من أربعين سنة متصلة، وهو يواصل عمله، حتى توفاه الله، وهذه مدة طويلة للبقاء في المنصب الوزاري على مستوى العالم.
وليس ذلك فحسب، وإنما كان طيلة عمله في الوزارة يكلفه بعض الوزراء الذين يغيبون عن وزارتهم لأمر من الأمور المهمة ينيبونه في العمل عنهم فينهض بعملهم الوزاري إلى جانب عمله في وزارته الأصيلة.
وقد عرفنا أنه صار مرة بمثابة وزير أربع وزارات، واحدة هي وزارته الأصيلة والثلاث الأخريات نيابة عن الوزراء الآخرين.
كل هذا يستحق الذكر بداية ويستحق الذكر أيضاً ما رأينا الدكتور نهض به كما نهض بالعمل في وزارته، ألا وهو ميدان التأليف، فقد فاجأ الوسط الثقافي بالتآليف العديدة المفيدة التي ليس فيها حشو ولا منقولات عن الآخرين.
وإنما هي تجاربه ونظراته وذكرياته وما يتعلق بذلك، وكلها أو بعضها مما لم يكتب من قبل.
بمعنى أن الدكتور عبدالعزيز يسجله لأول مرة فيكون له قصب السبق في تسجيله.
كان الدكتور يتمتع بقوة عقلية نادرة وبحضور ذهني مدهش، والدليل على ذلك أنه رغم زحمة العمل في الوزارات التي تولاها مثل وزارة المعارف (وزارة التربية والتعليم الآن) ووزارة التعليم العالي كان ينوب عن الوزراء في وزارات أخرى إلى جانبه عمله.
فاستحق بذلك لقب (ذي الوزارات) وإن كان ذلك بالنيابة..
وله في هذه الوزارات التي شغلها بالنيابة أخبار يتناقلها الناس، منها أنه شغل مرة (وزارة المالية) بالنيابة حيث كان وزيرها آنذاك الأستاذ محمد بن علي أباالخيل، وكان الدكتور عبدالعزيز الخويطر قد أرسل قبل ذلك إلى وزير المالية طلباً باعتماد مبلغ من المال من أجل الإنفاق منه على شراء تذاكر لمدرسين مصريين - وكان الوقت آخر السنة الدراسية.
قالوا وعندما عرضت عليه المعاملة التي كان قد طلب من وزير المالية الموافقة عليها لم يوافق هو على ذلك.
وقد سألته بعد ذلك عن صحة ما ذكر فقال: الواقع أن الوزير (محمد أباالخيل) كتب عليها بعدم الموافقة، فلم أكن أنا النائب عنه أوافق على شيء لم يوافق عليه وهو الوزير الأصيل في تلك الوزارة.
ونياباته هي عن الوزراء الذين يغادرون وزاراتهم في الرياض في مهمات رسمية أو في إجازات، ويقتضي نظام مجلس الوزراء ألا ينوب عن الوزير إذا غاب إلا عضو في مجلس الوزراء، فكان عدد منهم إذا غاب أناب الدكتور عبدالعزيز الخويطر.
ويحدث في أحيان كثيرة أن تجتمع عنده نيابات عدة عن الوزراء فيقوم بعملها كلها إلى جانب عمله.
وقد رأيته أشار إلى ذلك بقوله:
نيابتي عن بعض الوزراء:
ينتهز بعض الإخوان الوزراء إجازة الأعياد، فيمددونها، بعد الإجازة، أسبوعاً أو أسبوعين، ولهذا اليوم الأربعاء تجمع عندي الإنابات التالية: وزارة الأشغال، وزارة المالية والاقتصاد الوطني، ووزارة التعليم العالي، ووزارة البترول والمعادن، وديوان المراقبة.
قال الدكتور عبدالعزيز الخويطر:
ومع هذا فالعمل لم يكن شاقاً، لأنه لا يكون شاقاً بعد الإجازات، لأن المعاملات تكون أثناءها شبه واقفة، وبعض كبار الموظفين في الوزارات، يمددون إجازاتهم أسوة برؤسائهم الوزراء، وبعض المعاملات تكون من صلاحيات موظفي الأقسام، فلا تمر بالوزير، وفي الغالب لا يغيب الوزير والوكيل في آن واحد، ولهذا فالوزير النائب يعتمد على وجود الوكيل الذي يعرف كل شيء في الوزارة.
وكأنما كان الدكتور عبدالعزيز يتكلم من حيث لا يقصد عن حالته في وزارته التي يعرف كل شيء فيها، وليس كما قيل عن بعض الوزراء الذين قد يعرف بعض الناس عن وزاراتهم، ما لم يعرفوه بأنفسهم.
فإذا أضيف إلى ذلك معرفة الدكتور الخويطر بأحوال الوزارات الأخرى التي يشغلها بالنيابة كان ذلك أمراً كثيراً قَلَّ أن يتصوره كثير من الناس.
كان الدكتور عبدالعزيز الخويطر من أفذاذ الرجال العاملين وكان نزيه اليد والجيب، بل واللسان، فكان يتجنب الألفاظ غير الراقية في كلامه وفي مؤلفاته، ويخاطب الجميع بأدب جم.
وكان الدكتور عبدالعزيز الخويطر يفتح بابه في يومين من أيام الأسبوع لجلسة عامة بعد المغرب من يومي الخميس والجمعة يأتي فيهما من يريد أن يأتي إليه، وقد يكون فيهم من يريد الثقافة أو يستفسر عما يهمه، إضافة إلى محبي الدكتور الخويطر ومريدي الاستفادة من تجاربه.
فهو ليس من الوزراء الذين يقبعون في بيوتهم متقوقعين لا يهمهم إلا الركون لما يحسون أنه يلائمهم لا ينفعون الناس أو لا يفكرون في ذلك.
رحم الله الدكتور عبدالعزيز الخويطر رحمة واسعة إنه سميع مجيب.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.