بيتر ترن فنان تشكيلي بلجيكي عالمي مستقر في المكسيك، ويعيش حياته على الفن التشكيلي، الذي يجد فيه «المتعة». كما يعتبره «مورد رزق». ويرى أن سر الفن التشكيلي في «الروح المنبثقة عنه»، موضحاً أن فنه ينبع من «عواطف النساء وقصص كبار السن»، وأن صدق عاطفته في الرسم هو سبب «الأثر غير المتوقع من وجهة نظر الآخرين حول الفن الذي يقدمه». مؤكداً أن الفن في الخليج العربي «يسير بخطى متسارعة ومنافسة لصالات العرض العالمية»... «الحياة» التقته فكان هذا الحوار حول تجربته ومواضيع أخرى.. - ما سر الفن التشكيلي؟ - السر يكمن في التأثير العاطفي الذي يتركه في من لا يتوقعه، إنها القدرة التي تجعلنا نشعر، ونفكر، ونتغير، ونجرب. الفن لغة عالمية المشاعر، والتواصل، والعواطف، والظروف، والحياة. إنها أداة جميلة. - من المرأة التي تلهمك في أعمالك؟ - لا توجد امرأة ما بعينها تلهمني. الإلهام يأتيني من وجوه عدة. أنا التقي، وأتحدث مع الآخر، وتجذبني العاطفة التي هي جوهر ما يصل إلى الناس، وهذا ما يدفعني إلى محاولة إيصال العاطفة، من خلال طلاء «اكريلك»، على قماش بالسكاكين «البليت». - لماذا تسيطر المرأة على غالبية لوحاتك؟ - المرأة مثل الطفل، تظهر عواطفها، وتعبّر عنها بحرية. تلك العاطفة تجتذبني لالتقاطها في عملي. لكنني أيضاً مفتون بتعابير كبار السن. وكثيراً ما أجلس معهم، وأستمع إلى قصصهم. ومرات عدة أجد في وجوههم ملايين القصص التي تسحرني. - أيهما أهم: الموهبة، أم الإحساس؟ - العيون هي نافدة الروح، وهو جانب مهم جداً. ومع ذلك، فجوهر التأثير العاطفي هو ما يواجهني مع الآخر، حينما يشاهدون أعمالي. وهي من النوع غير المرئي. ولاحظت مع مرور الزمن أن آراء الناس ومشاعرهم تختلف كثيراً عما كان يدور في خلدي. وكل شخص يشعر وينظر إلى العمل بطريقته الخاصة. والفن هو كل شيء بالنسبة إليّ. - كيف تنظر إلى الفن التشكيلي في الخليج؟ - أنا مندهش كيف أصبحت دول الخليج لاعباً أساسياً في الفن التشكيلي. ويمكن للمعارض الخاصة التنافس مع أكبر المعارض العالمية. إنها لم تعد في نيويورك أو باريس فحسب. وهذا التغيير لا يعود بالفائدة على الفنانين فحسب، إنما على رجل الشارع البسيط، والطلاب، وعشاق الفن، ممن لا يتسنى لهم السفر إلى الخارج. ويمكن المشي في صالات الفن، والالتقاء مع رموزه العالميين. وقرأت أخيراً عن معرض الفضاء للخطوط الجوية القطرية، وكان عرضهم أكثر من رائع. وأستطيع أن أقول إنني لم أشاهد الكثير من هذا النوع من المعارض في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية. - هل يعجبك مستوى الفن في الخليج حقاً؟ - مستوى الفن التشكيلي في الخليج يسير في تصاعد. وأخيراً احتلت الكويت والبحرين والإمارات جزءاً من «بينالي البندقية» في العام 2013. وأدهشني إلهام الغرافيك السعودية بسمة فلمبان. وعمل مثير للغاية للفنان عبدالناصر غارم. وأتطلع يوماً ما لزيارة المعارض الفنية في الخليج. وأتمنى لو أعرض أعمالي في المنطقة وتلقى قبول الناس. - ما الصعوبات التي يواجهها التشكيل في بلجيكا؟ - الصعوبات لا تقتصر على بلجيكا. ومن الصعب على الفنان الجديد الاعتراف به في عالم الفن. بعض المعارض تتردد في منح فرصة للفنان الشاب لأسباب عدة. بالنسبة إليّ لم أعد قلقاً في الحصول على ذلك، إذ عشت مرحلة كبيرة من الضغط وذلك يكفي. وفتحت باب الأستوديو الخاص بي لأعرض أعمالي في الشوارع، أخذت ألاحظ الأمر ببطء، وأجد أن ذلك هو المتداول به أخيراً. - كيف تستشرف الفن التشكيلي بعد 5 أعوام من الآن؟ - أرى تغييراً كبيراً بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، و«آنستغرام»، و«فيسبوك»، و«تويتر»، وفتحت هذه المواقع باب التواصل مع جمهور دولي في لحظة، وهو ما سيرغم بعض المؤسسات على التغيير، وأنا متحمس جداً لأكون أحد أجزاء هذا الاتجاه الجديد. - كم بلغ سعر أغلى لوحة بعتها؟ - أسعار الأعمال الأصلية تراوح بين 3 آلاف و 13 ألف دولار. لكنها تختلف بحسب الموضوع والحجم والتفاصيل والوقت. - هل حقاً يدر الفن التشكيلي الكثير من المال؟ - أنا محظوظ، لأنني أعيش على فني، والفن ينال جل وقتي. وهو ليس هواية فحسب. وأعتبر شغفي بالفن نعمة، لأنني لا أشعر بأنني أعمل، بل أستمتع بالعمل في الأستوديو الخاص بي في المكسيك. - عالمياً؛ ما البلد الذي يولي التشكيل اهتماماً بالغاً؟ - في السابق كانت فرنسا، وثمة تغير حصل في الآونة الأخيرة. والآن لا أعتقد أن هناك دولة ما تحتكر الفن التشكيلي، فالمشهد الفني الآن ينبض في مختلف أنحاء العالم، كما أن دول الخليج بدأت تلعب دوراً مهماً في الفن التشكيلي، وعلينا أن نلتفت إلى التشكيل في الصين، مع وجود فنانين رائعين أمثال أي ويوي، ومنجيون، هؤلاء يضعون بصماتهم على الساحة في شكل لافت. - ماذا تعرف عن السعودية؟ - أتطلع إلى زيارة السعودية يوماً ما والتعرف على شعبها وتقاليدها في الغذاء والفن التشكيلي. وليس لديّ انطباع خاص، لكنني أجد قبولاً من مختلف الشعوب، من خلال متابعيّ. وهذا يسعدني حقاً.